تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ]سوقُ المال راح الأمين.. عاش الأمين



شمعة الحب
15-05-2006, 07:59 PM
سوقُ المال راح الأمين.. عاش الأمين
نجيب الزامل - 17/04/1427هـ
najeeb@sahara.com

.. غادر السحيمي، وجاء التويجري، وكلاهما بقرار ملكي سامٍ. وأقول شيئا بخاطري من زمن، وبخاطر الكثيرين أيضا، وهو متى نرى تقليدا في بلدنا اسمه "نبل الانسحاب"؟ إن المنسحبَ النبيلَ يخرج مرفوعَ الرأسِ، واثق الخطى، مشفوعاً بالاحترام والتفهم والتقدير.. تقليدٌ كان سيعفينا من القرارات الجراحية، ويضع أمام المسؤول حارسا يفوق كل أجهزة رقابة الأداء.. حارس الضمير والكرامة. و لهذا نظرة أيضا..

هذه النظرة، هي أن المنسحبَ النبيل يتحسس دواعي الانسحاب متى كان أداء جهازه الذي يرأسه- ولا أقول بالضرورة يقوده- منحدرا، أو منتـَقـَداً بشكل جارف، أو وقع عليه نيزك ( قدرا)، أو سبب زلزالا (خطأ أو عمدا).. فقد يكون المنسحب النبيل أسهم في تسبيب الخطأ، ورممه بانسحابه – فيما يخصه- نهائيا، وقد لا يكون مخطئا أبدا، ولكن الظروف تستدعي أن ينسحب، لأن الأرض التي يقف عليها تغيرت، والعواطف حوله انشحنت، وكمية الهواء قلت، والضغوط اشتدت.. فيستشعر وسائلَ الانسحاب، ولو كان أفضل من يملك خبرات المكان- المنصب. وجماز السحيمي مثل ممتاز، فهو واحد من أرقى الخبرات المالية في البلاد – وهي حقيقة وإن رميته بحجر الانتقاد ورميتني معه- ولكن صار خطأ زلزالي، وكان وقتها موائمة أمام السيد جماز السحيمي لينسحب، لأن الظروف تحكم. لا يعلم إلا الله إن دارت في رأسه الفكرة أم لا، كما لا نعلم إن كان وراء الانسحاب من المناصب العليا محاذير فوق تقديراتنا، ولكن الانسحاب النبيل تقليد نفقده ونحتاج إليه جدا، بسبب أن المجتمع المخدوم هو الذي يملك المنصب، وليس من يملأه، وهذه أيضا ثقافة مفقودة، ولكن ليس الآن وقتها. وسيبقى دورُ السيد جماز محفوظا في تاريخ سوق المال السعودي، وهو اجتهد كثيرا، وبنى الكثير، ولكن - كما قلنا ـ الظروفُ تحكم. ويبقى السحيمي أصلاً ثميناً، وعقلاً خبيراً، وسيكون له دورٌ آخر ومكانٌ آخر لخدمة الأمة، هذا أكيد.

ويأتي الأمينُ الجديد، ومع أوضاع موروثة، وهذا يتطلب وقتا للدراسة ومراجعة خط الإجراءات من أول خطوة، وإن لم تتم المراجعة من أول خطوة إلى آخر خطوة، فإن فقدان متابعة خطوة ضمن عشرات الخطوات قد تعطي مؤشرا يغشاه الضباب، فتأتي قراراتٌ مستقاة من رؤية لم تتم وضوحا. وهذا يتطلب وقتا بلا شك، ولكن أمامنا معضلة كأداء، وهي أن الناس تريد حلا، وهذا الحلُّ تريده في الأمس قبل اليوم، وأنا أرى اللون الأخضر الذي طغى صبيحة التعيين الجديد مؤشرا لا يؤكد حالة السوق تنظيميا وواقعيا وعلميا، وإنما يؤكد رؤيتي بأن سوقنا مثل أي سوق مالي آخر يتجاوب إيجابا وسلبا بمؤثرات نفسية، على أن نسبة المؤثر النفسي في سوقنا عالية أصلا، وفي أوقات الأزمة تحتد وتيرة المؤثر النفسي، ونحن بكل المقاييس في أزمة. هل ينتظر السوق أو بالأحرى الناس؟ هل سيكون الانتظار أداة غير واردة أمام الأمين الجديد، لأن الحالة النفسية تغلي كالحمم؟ أم يتحرى وسيلة ذكية تجعل السوق ينتظر بلا توثب ولا احتقان؟ أو أنه سيكون مجبرا بقوة ميكانيكا السوق ليتابع تدفق التيار، وارتداد الفعل؟.

الذي نعلمه كحقيقة منطقية أن القادمَ الجديد يأتى ليصلح، أو ليضيف، وفي كلتا الحالتين يحتاج إلى وقت للدراسة والمراجعة قبل أول قرار.. ولا أجد أن قرارات سريعة ستغير نمطا قائما، بلا تأمل دقيق في أداء الماضي.

شيء مهم كتبته في مقال عن السيد السحيمي، ونقوله عن أي مسؤول، وهو أن أمين السوق – أو المسؤول الأول عن أي قطاع- ليس حركة ساكنة منزوعة من عوامل حركية متفاعلة أخرى، الحركة في المنطق الرياضي تقاس في حالة السكون نظريا لوضع مؤشر القياس وليس للقياس ذاته، فعند القياس يدخلون في الحركة مؤثرات الجو الخارجي مثل حساب قوة الريح مثلا. من أول مرة، أو أول ركزة ، أقترح وأراه ضروريا، أن يسعى الأمينُ الجديدُ للتوضيح للناس كافة أنه ليس مؤدّياً وحيداً وبيده جميع الحبال، ولكن الواقع أنه مرتبط عضويا بحركات تماثله أو أقل منه، أو أقوى منه، كلها تؤثر عضويا، كمثل أن أمرا عقليا بالسير لن يتم إن لم تكن هناك قدم تنقذ عضليا عملية المشي.. فهيئة المال مرتبطة عضويا بإدارات ومناشط وقرارات خارج دائرتها، ولا تملك عليها ذرة تحكم واحدة ولكنها تؤثر مباشرة في أداء السوق، وأعطيك بغير حصر وشمول: الارتباط عضوي مع مؤسسة النقد، ووزارة المالية، ومع البنوك، ومع وزارة التجارة.. وعامل مهم جدا، قرارات المساهم ذاته لأنه.. سيد قراره.

وهناك الشائعة، اللاعبُ الأكبرُ الخفية أحيانا، والواضحة أحيانا، أنها كرة من نار أزلية في كل مجتمع وفي كل مكان، وبالتالي لو نصحنا الدنيا عن اقتراف الشائعة أو السماع لها لما بقي بعد كل النصح وكل الوعظ، إلا الدنيا والشائعة!.. قوة هائلة تنتزع الغريزة، ولا تستلهم العقل، وستكون ندا أكبر ضد هيئة المال، وفي أي موضوعٍ حساسٍ بإطلاقه.. وأنجع الحلول إنشاء مركز لرصد الشائعات والحد من آثارها.. تماما، كما أن هناك مراكز لظواهر الطبيعة، نعلم أنها لا تمنعها ولكن الجهد يصبُّ إما في إعادة توجيهها، وإما التخفيف من حِدّة آثارها..

كما نخشى في سوقٍ متأزم أن يُهرع إلى اتخاذ قراراتٍ شعبيةٍ مهدئة، وخوفنا كبير لأن الدافعَ الإغرائي للقرار الشعبي يبقى عاصرا بلا سكون ولا هدوء.. على أن تنفيس هذا العصر لو لبرهة سيزيده تأزما بالموقع ذاته أو غيره.

وعلى السيد التويجري، وعلينا، أن نسألَ اللهَ التوفيق.
قراءة


تعليقات الزوار
17/04/1427هـ ساعة 11:49 صباحاً (السعودية)

لا فوض فوك أخي نجيب

جزاك الله خير
--------------------------------------------------------------------------------

- المنامة - البحرين 17/04/1427هـ ساعة 2:59 مساءً (البحرين)

اليوم استدعانا مدير الاستثمار في البنك الذي اعمل فيه وهو من البحرينيين الممتازين وأصحاب الخبرة الطويلة في إدارة المحافظ والسندات وفي كل صبحا يعطينا (تاسك) لنعطي رأينا حوله في اجتماع الغد، وكان الموضوع اليوم صورة مسحوبة من مقال الاستاذ نجيب الزامل، وقال بالحرف الواحد أن هذا مقال مهم جدا ولن أقول لكم لماذا وأريد أن تضعوا مرقما الأفكار المهمة في إدارة الأزمات
وقرأت المقالة مرة ومرتين واكثر
ولاكن الذي شتت أفكاري اولا غنى المقالة بالأفكار العميقة والتشبيهات التي لم اتعود عليها في المقالات العربية واللغة الجميلة مما جعلني لا اركز من القراءة الأولى
وسأقول لمديري أن أهم فكرة هي كل المقالة

والسلا م