تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قبل مغيب الشمس (6) ... طنطاويات بانامل رمادية



رمادي
06-08-2011, 12:52 PM
http://img105.herosh.com/2011/08/06/137100998.jpg (http://www.herosh.com)



من كتاب الشيخ ذكريات ننقل له مقالته عن الام


إني أكتب اليوم عن أمي ، ولكن كل واحد منكم سيقرأ فيه الحديث عن أمه هو .

ألم يقل سبنسر : إن الجميع يبكون في المآتم ولكن كلا يبكي على ميته ؟

فمن قعد يقرأ هذه الحلقة وله أم فليتدارك ما بقي من أيامها لئلا يصبح يوماً فلا يجدها ولا يجد ما يعوضه عنها .

وإن كانت عجوزاً أوكانت مريضة أو كانت مزعجة بكثرة طلباتها فاذكر أنها إن احتاجت إليك اليوم فلقد كنت يوماً أحوج إليها ، وإن طالبتك أن تقدم لها من مالك فقد قدمت لك من نفسها ومن جسدها ، وأنها حملتك في بطنها فكنت عضواً من أعضائها يتغذى من دمها ، ثم وضعتك كرهاً عنها ، انتزعت منها انتزاع روحها .

أما أبصرت يوماً حاملاً في شهرها التاسع بطنها إلى حلقها لا تستطيع أن تمشي من ثقل حملها ولا تستطيع أن تنام ؟

وإن لم تر بعينك امرأة تلد أفما سمعت صراخها من ألمها ؟

ألم يبلغك ما تقاسي وما تتعذب ؟

لوسبب لك إنسان عشر هذا العذاب لأعرضت عنه ولهجرته هذا إن أنت رفقت به فما انتقمت منه ولا آذيته ولكن الأم تنسى بعد لحظات من خروج الولد ألمها ثم تضمه إلى صدرها فتحس كأن روحها التي كادت تفارقها قد ردت إليها ، وتلقمه ثديها ليمتص حياتها فيقوى بضعفها ويسمن بهزالها أو يمدها الله بقوة من عنده فلا تضعف ولا تهزل ويقوى هو ويسمن .

وإن ضقت بطول حياة أمك ، تخفي ذلك في أعماق نفسك وتنكره بلسانك فقد كانت ترى فيك حياتها ، إن تبسمت أحست أن الدنيا تبسم لها والأماني قد واتتها ، وإن بكيت بكى قلبها واسود نهارها ، وإن مرضت هجرت منامها ونسيت طعامها ، ترعاك ساهرة حتى تصبح ، فإن أصبحت ظلت ترعاك حتى تمسي .

إنك لو أحببتها بقلبك كله لم توفها إلا واحداً بالمئة مما أولتك هي من حبها .

وإن كان لك أب شيخ كبير محتاج إليك ، فاذكر أنه طالما تعب لتستريح أنت وشقي لتسعد ، ماجمع المال إلا لك وما خسر ماضيه إلا ليضمن مستقبلك ، وأنه كان يعود من عمله محطماً مكدوداً فتثب إلى حجره وتقول له : بابا ، وتمد يديدك الصغيرتين لتعانقه ، فينسى بك التعب والنصب ، ويرى المسرات كلها قد جمعت له والمتاعب كلها قد نأت عنه .

واذكر أنه مازاد من عمرك يوم حتى نقص من عمريهما مثله ، ولا بلغت شبابك حتى ذهب شبابهما ، ولا نلت هذه القوة حتى نالهما الضعف .

أفئن بلغت مبلغ الرجال كان جزاؤهما منك الصدود والنكران !

إن الإنسان يربي كلباً فيفي له ، وحماراً فلا يرفسه ، ويطعم القط فلا يعضه ، بل إن من الناس من يتألف صغار الأسود والنمور وأنواع الوحش فتأنس به وتأوي إليه وتلحس يده ـ.

ويفني الوالدان نفسيهما في الولد فينسى فضلهما ويجحد يدهما ؟

يا عجــــبـــا ً ! !

أيكون الكلب والحمار والقط والنمر أوفى من الإنسان ؟ !

وقد تجد في الناس من يظهر لك من حبه أكثر مما تظهر الأم ويظهر الأب ، ولكن منهم من يحبك لمالك أو لجمالك أو لجاهك وصلاح حالك ، فإن ساءت الحال أو ذهب الجمال أو قل المال أعرض عنك ولم يعد يعرفك .

أما الذي يحبك لذاتك ويبقى على حبك مهما تبدلت الحال بك فهو أمك وأبوك ، لاتجد مثلهما .

فمن كانت له أم أو كان له أب فقد فتح له باب الجنة ، فمن الذي يمر بباب الجنة مفتوحاً فلا يدخلها ؟ !

إني أكتب اليوم عن موت أمي ، وقد كتبت من قبل عن موت أبي ، وإن كنت أتمنى أن أخسر تسعة أعشار ما أملك من مال أقتنيته وكتب ألفتها ، وشهرة نلتها ومناصب تقلدتها ، وأن تكون بقيت لي أمي وبقي لي أبي )

يوم وفاة امي

يتبع

رمادي
06-08-2011, 01:24 PM
http://img105.herosh.com/2011/08/06/537121014.jpg (http://www.herosh.com)


يوم ماتت أمي


” وجاء اليوم الأسود .. وكان يوم أربعاء أذكره تماماً

وكان في الثاني والعشرين من صفر سنة 1350 هـ

عدت إلى الدار فوجدت أمي معصوبة القدم ،

وإذا هي تسر في أذني أن في رجلها جرحاً صغيراً من مقص سقط عليها .

فهممت أن آتي بالطبيب فقالت : لا .

لم ترد أن أتعب أن بدعوة الطبيب ولم تحب أن تزعج إخوتي بمعرفة الخبر ،

وهوّنَت من أمره فرأيته هيناً ..

وأصبحت فأوهمتني أن الجرح قد برئ ..

ولم أعلم أنها أمضت كل الليل ساهرة لأن الألم لم يكن ليدعها تنام .

فلما اشتد الوجع إلى اليوم الثالث واشتد ولم تعد تستطيع احتماله خبرتني ..

ذهبت بها لدكتور في عيادة .. فشق الجلد لينظف الجرح من غير أن يطهر المشرط ،

فوضع هو أسباب الداء من حيث كنا نرجو على يديه الشفاء .

وأعدتها إلى الدار فإذا الألم يزيد ولا ينقص ،

كان في القدم فارتفع إلى الساق

فذهبنا بها إلى المستشفى .. فأدخلوها مباشرة إلى غرفة العمليات

وخرج الدكتور يقول : لابد من بتر الساق .. فاكتب هنا أنك موافق .

ولم يدع لي وقتاً للتفكير .. فالأمر لا يحتمل التأخير

فكتبت وأخذ الورقة ودخل ،

ولبثت مثل المشدوه أفكر كيف تدخل بساقين وتخرج بساق واحدة .

وكبر علي الأمر ونسيت أن بعض الشر أهون من بعض وأن الإنسان يتمنى المصيبة إذا واجه أكبر منها

لقد تمنيت بتر الساق حين فُتح الباب وظهر الدكتور ..

ينطق وجهه قبل أن ينطق لسانه ، يخبر أن أمي لن تخرج بساق ولا بساقين ،

لن تخرج إلا محمولة الأعناق .

لقد ماتت أمي ! “



بعد وفاة والدته – رحمها الله – ورحم الله شيخنا علي الطنطاوي

ثم اضاف بعد ذلك ::

كانت في سوريا وفي أغلب الدول العربية بدعة قد أصبحت عادة

وهي أن بعد وفاة الشخص يجتمعون في بيت المتوفى

ويقرأون القرآن ويلبسون السود ( للنساء )

فبعد وفاة والدة الطنطاوي .. أصرت عليه عمته وخالته بفعل هذه العادة

فأبى وقال يتحدث عن نفسه :

“أفئن فقدت أمي فهل أفقد معها ديني وعقلي ورجولتي ؟

لا .. وقلت لخالتي وعمتي : لا ! “

ثم أخذ إخوته وأغلق الباب وحمل معه المفتاح واتجه للوادي .. يقول ما نصه :

“ وما نمت حتى تلقيت طعنة مفاجئة من خنجر حاد ،

حين أقبلنا نفرش الفرش لننام فسألني أخي الصغير سعيد :


وأين ستنام أمي ؟ ”


http://img105.herosh.com/2011/08/06/481899171.jpg (http://www.herosh.com)



لنا معكم لقاء اخر

رمادي
06-08-2011, 09:22 PM
ومن كلام الشيخ في كتاب حديث النفس عن امه



أحببت كثيرا وتألمت أكثر مما أحببت ولكن الحب الحقيقي الواحد الذي انطوى عليه قلبي والألم الفرد الصادق الذي عرفه، هو حبي أمي، وألمي لموتها، وكل ما عداهما حب كاذب وألم عارض. إني لأنسى البلاد كلها حتى منازل حبي، وربوع هواي، ولكني لا أنسى أبدا ذلك الزقاق الضيق الذي يمتد من العقيبة في دمشق إلى رحبة الدحداد لأن سعادتي ولدت في أول هذا الزقاق وماتت في آخره حين مات أبي وأمي .. رب اغفر لي ولوالدي، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.

ضوى
07-08-2011, 08:52 AM
يالله يالله


لله درك من رجل يا شيخنا الجليل

رحمك الله ياشيخنا ورحم والديك وجمعكم بهم في جنات الخلد اللهم اميييييييييييين


الله يرحم والدينا ان شاء الله ويجمعنا بهم في الفردوس الاعلى اللهم اميييييييييييييين

Muslim Investor
07-08-2011, 01:37 PM
رحم الله والدي
ورحم الله الطنطاوي ووالديه
ورحم جميع موتى المسلمين

لقد آلمت القلوب وأدمعت العيون بنقلك
إلا أنها ذكرى لابد منها
لتوقضنا من غفلتنا

وتقبل تحيتي

رمادي
07-08-2011, 04:56 PM
يالله يالله


لله درك من رجل يا شيخنا الجليل

رحمك الله ياشيخنا ورحم والديك وجمعكم بهم في جنات الخلد اللهم اميييييييييييين


الله يرحم والدينا ان شاء الله ويجمعنا بهم في الفردوس الاعلى اللهم اميييييييييييييين


رحم الله والدي
ورحم الله الطنطاوي ووالديه
ورحم جميع موتى المسلمين

لقد آلمت القلوب وأدمعت العيون بنقلك
إلا أنها ذكرى لابد منها
لتوقضنا من غفلتنا

وتقبل تحيتي

وتقبل تحياتي اخي مسلم شكرا لك

رمادي
07-08-2011, 04:58 PM
امين يا رب شكرا لك اخت ضوى

intesar
08-08-2011, 11:58 PM
جزاك الله خيرا رمادي.. أحاسيس رائعة من شيخنا رحمه الله..

عابر سبيل
09-08-2011, 01:56 PM
لله يدرك انتو الشيخ يا ايها الرمادي..
تعليقي..وضعته في حيث ما تعلم
بعد ان نقلت القصة الى البراحية يا سيدي..

و ها انذا اطبعها..لآخذها فأطلع بها
اهل بيتي..

فأذن لي في ذلك و اعذرني
و تقبل اصدق تحياتي يا ايها الاخ الحبيب/ الرمادي