تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أسواق الأسهم السعودية: نحو مستقبل واعد



شمعة الحب
16-05-2006, 11:34 PM
أسواق الأسهم السعودية: نحو مستقبل واعد
عبد العزيز بن عثمان بن صقر - - - 18/04/1427هـ
إن المرسوم الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتعيين عبد الرحمن التويجري أمين عام المجلس الاقتصادي الأعلى، رئيساً بالنيابة لهيئة سوق المال السعودية، خلفاً للرئيس الحالي جماز السحيمي، يمكن اعتباره خطوة سديدة نحو تعزيز الثقة بقطاع الاستثمارات في المملكة العربية السعودية. وعلاوة على ذلك، فإن الإعلان عن خصخصة سوق الأسهم ونقل موقعها إلى داخل مركز الملك عبد الله المالي في الرياض يُعَد خطوة إيجابية أخرى نحو ضمان فرص نمو اقتصادي قوي في المملكة في المستقبل.
كمواطن سعودي، أجد من واجبي أن أسجل بعض التوصيات في ضوء الآثار السلبية التي خلّفها انهيار سوق المال السعودية على كثير من المستثمرين الذين فقدوا رؤوس أموالهم في غضون الأشهر الثلاثة الماضية.
لقد أظهر لنا الانهياران الكبيران اللذان أصابا سوق الأسهم السعودية في الرابع عشر من مارس والحادي عشر من أبريل مدى هشاشة ما أُطِلق عليها سادس عشر أكبر سوق في العالم (من حيث رأس مال السوق). لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد خسر مؤشر تداولات الأسهم السعودي 21.21 في المائة أو 2704.56 نقطة في الأسبوع الماضي، وهو أكبر تراجع أسبوعي في تاريخ البورصة التي أغلقت يوم الخميس الحادي عشر من مايو 2006 عند مستوى 10046.83 نقطة.
مع ذلك، فإن هذا لم يكن هو المشهد الذي كان سائداً قبل ثلاثة أشهر مضت، فقد شهدت الأسواق فورة نشاط كانت استمراراً للارتفاع المتواصل للعام السابع على التوالي، وهو صعود بدأ في عام 1999 عندما ثبت المؤشر عند 1327. كان هناك أكثر من ثلاثة ملايين حساب للتداول عبر الإنترنت بحلول نهاية يناير، ووصل مؤشر الأسهم السعودي مستوى عالياً بلغ 20634.86 في فبراير 2006. وفي الأشهر الثلاثة الماضية كان هناك نحو تسعة ملايين من السعوديين يمارسون نشاطهم في الأسواق.
وحقيقة الأمر أن المضاربين، وليس هيئة سوق المال، هم الذين تحكموا بتوجهات السوق. وكانت المضاربة التي حدثت في الرابع عشر من مارس بمثابة ردة فعل عنيفة من قبل المضاربين عندما قررت الهيئة فرض تحركات أسعار يومية لا تزيد على 10 في المائة صعوداً أو هبوطاً. وكان سيناريو الحادي عشر من أبريل ردة فعل على توقيف الهيئة لمتعاملين بشبهة التلاعب في السوق. إن انعدام شفافية الشركات وجهل المستثمرين الصغار أو المستثمرين الجدد الذين يدخلون السوق للمرة الأولى بأصول الاستثمارات، والظاهرة المتمثلة في الإقراض المصرفي الذي لا تخضع حدوده للمراقبة، كانت من العوامل التي زادت من تفاقم الأزمة.
في هذه الفترة المتقلبة لم تنفع إجراءات استعادة الثقة، مثل إقامة لجنة وطنية للشركات المساهمة في مجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية لحماية مصالح 77 شركة مسجلة في البورصة، والقرار بالسماح للأجانب بدخول بورصات المملكة. كما لم يساعد التدخل الحكومي لوقف نزيف الأسواق، سواء مباشرة في شكل أموال حكومية، أو بصورة غير مباشرة عن طريق البنوك، على إيقاف الهبوط الحاد في الأسعار.
وفي الوقت الذي يمكن فيه قياس الوضع المالي والاقتصادي بواسطة الإحصائيات، فإنه لا يمكن قياس المشاكل الاجتماعية الناجمة التي أصابت المستثمرين بشكل ملموس. وحينما زادت الديون تراجعت إزاءها معنويات الأسر أو انقسمت آراؤها حول القضايا المالية. وسوف يستغرق سداد ديون العديد من الناس فترة تراوح بين 10 و12 عاماً. كما بيعت السيارات وأصبحت العقود الآجلة مجهولة المصير. كما يجب الإشارة أيضاً إلى أنه على الرغم من أن أسواق دبي وأبو ظبي وقطر والكويت بدأت تشهد عمليات تصحيحية قبل المملكة العربية السعودية، فقد انعكس الوضع إلى سيناريو اتجهت فيه السوق السعودية إلى الانخفاض، تبعتها في الانخفاض أسواق المنطقة الأخرى.
أميل إلى اعتقاد أنه يمكن اتخاذ إجراءات معينة للحيلولة دون تكرار مثل هذه الكارثة الاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية. ومن الضروري إجراء تغيير كامل في مستويات شفافية الشركات. كما يجب إيجاد إطار قانوني واضح يتصدى لأولئك الذين يخالفون أنظمة السوق، ويحول دون حدوث سيناريوهات مماثلة في المستقبل. وينبغي ألاّ يقتصر الأمر على فرض غرامات على المخالفين، بل يتعدى الأمر ذلك إلى ذكر أسمائهم وإشهارهم في الصحف. وعلى وسائل الإعلام، وخصوصاً قطاع البث الإذاعي والتلفزيوني، أن تلعب دوراً مسؤولاً، حيث يجب أن يقتصر في دعوته لإجراء المقابلات واللقاءات التلفزيونية على الخبراء الماليين الذين يفهمون الأسواق المالية. كما يجب أن تكثر هيئة سوق المال السعودية من ظهورها على شاشة التلفزيون.
على الرغم من أن الحكومة ـ وكذلك البنوك ـ تدخلت في الوقت المناسب، فإننا نلخص فيما يلي إجراءات ممكنة تشعر المستثمرين بالأمان إلى حين إقامة مركز الملك عبد الله المالي:
دور هيئة سوق المال السعودية
يظهر أنه لا يكفي فرض غرامات على المداولات غير القانونية. ومن المفروض أن تتخذ هيئة سوق المال السعودية المزيد من الإجراءات الصارمة وتعمل على تحديد المذنبين أو الجناة وزجّهم في السجون (كما يُشاهَد في أماكن أخرى من العالم) لردع المخالفين مستقبلاً.
يبقى بناء الكوادر المدربة والمؤهلة أشد الحاجات إلحاحاً إلى أن يتم افتتاح الأكاديمية المالية في مركز الملك عبد الله المالي، والتي ستزوّد الراغبين في دخول السوق بالتعليم والتدريب. وإلى أن يتم ذلك, ينبغي أن تقوم هيئة سوق المال السعودية باستقطاب موظفين يعرفون خفايا الأسواق المالية وتعقيدات التداول. ويمكن أن يعني ذلك استقدام خبراء أجانب كمستشارين لسوق المال السعودية للاستفادة من خبرتهم.
على هيئة السوق أيضاً أن تقوم بتحسين برامجها للوفاء بمتطلبات السوق اليومية. وكثيراً ما تتوقف خدمة التداول أثناء ساعات الافتتاح، وهذا أمر يفتقر إلى الكفاءة في سوق بهذه المنـزلة.
يجب إيجاد سوق ذات مستويين، أحدهما يعد قائمة بالأسهم "أ" (أسهم "سابك" وغيرها)، بينما يكون لدى المستوى الآخر الأسهم "ب" (مثل أسهم بيشة في السوق)، إلى جانب الشركات التي أغلقت عروض الاكتتاب العام.
ينبغي أن تعتمد سوق المال على صمامات أمان تحميها من الانهيارات المفاجئة. ويجب أن يتم إما تعديل حد تحركات الأسعار البالغ 10 في المائة أو تحسينها. على سبيل المثال، يجب أن يكون للأسهم منخفضة القيمة سقف أصغر من الأسهم عالية القيمة.
توجد حاجة ماسّة إلى تطوير الخيارات الاستثمارية والعقود الآجلة.
يجب أن تسمح سوق المال السعودية بالبيع قصير الأجل في هذه السوق؛ لأنه يساهم في انتعاش الأسعار.
يجب العمل على اتخاذ جميع الإجراءات التي من شأنها أن تؤمِّن استمرارية تدفق السيولة على سوق المال.

دور البنوك
لا بد أيضاً من مراقبة البنوك، وفرض غرامات عليها إذا لم تقم بتحسين أنظمة التداول فيها. وكثيراً ما يشكو الناس من أنهم لا يستطيعون تنفيذ أمر في الوقت المحدد. ويرجع ذلك إلى وجود قليل من الاستثمار في أنظمة البرامج المستخدمة التي يمكنها تنفيذ عدد كبير من الأوامر.
ليس من مصلحة القطاع المصرفي أن يسيء استخدام ثقة المستثمرين بشكل يعرّضهم لخسائر فادحة وانعدام الثقة. بل يجب تنظيم البنوك جميعاً من حيث حدود الإقراض، وينبغي مراقبته وتوجيهه حيادياً من قبل مؤسسة النقد السعودي. وكان حرياً بالمصرف المركزي أن يخفض التزويد بالمال قبل نوفمبر 2005، عندما اتخذ قراراً بالسيطرة على إمكانية الحصول على الأموال.
ينبغي أن تلتزم البنوك بالشفافية في ما يتعلق بالحسابات التجارية، وأن تعلن عما إذا كان لأعضاء مجلس الإدارة أو المديرين أي مصالح في أسواق المال.
دور الحكومة
على الرغم من أنه كان من المستحسن أن تتدخل الحكومة في الأزمة الأخيرة، فإنه ليس إجراءً مناسباً على المدى البعيد. وبإمكان الحكومة دراسة إبطاء الإجراءات الداعمة للأسواق المالية، سواء بشكل مباشر عن طريق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وصندوق الاستثمار السعودي، وبصورة غير مباشرة عن طريق شراء الأسهم من خلال البنوك. ويجب أن تتوقف البنوك عن تلقي التعليمات بشراء أسهم معينة لدعم السوق.
ينبغي ألاّ تتدخل الحكومة ببيانات إحلال الثقة في الوقت الذي تهوي فيه السوق للحضيض. فبعد الانهيار الأول في مارس أصدرت الحكومة كثيراً من مثل هذه البيانات، مما دفع الناس للاعتقاد بأنه تم بالفعل تفادي حدوث انهيار. وفي الواقع، فإن كثيراً من الناس دخلوا السوق عندما كانت عند مستوى 15000 ـ 16000 نقطة، ليكتشفوا بعد ثلاثة أسابيع فقط أن السوق في طريقها إلى الانهيار.
شفافية الشركات
إذا كانت الحكومة تدعو إلى مزيد من الشفافية، فيجب أن يلتزم الجميع بتلك الدعوة. فعلى البنوك مثلاً أن تعلن نتائج أبحاثها، ويجب أن تكون سوق المال السعودية أيضاً ملتزمة بالشفافية، فموقعها على الشبكة غير كافٍ ويحتوي على بيانات قديمة.
يجب تأنيب الشركات إذا كانت موازناتها تزخر بالمكاسب غير المحققة من التداول في سوق الأسهم. ويجب أن يتم حذف هذه الشركات من السوق.
يجب أن تقدم الشركات معلومات مفصلة على أساس تاريخ أنشطة أعضاء مجلس الإدارة فيها، مع تقديم تفاصيل حساباتهم المتعلقة بالتداول في سوق الأسهم، كما هو الحال بالنسبة إلى الشركات العالمية.
تشير التقديرات إلى أن المملكة العربية السعودية ستحتاج إلى نحو ثلاثة تريليونات ريال سعودي في استثمارات المشروعات على مدى السنوات العشرين التالية في مختلِف القطاعات الاقتصادية. لكن عدداً كبيراً من المؤسسات المالية يتطلع إلى السوق قصيرة الأجل وتحقيق أرباح عاجلة. كما قدمت بعض هذه المؤسسات قروضاً لتمويل شراء الأسهم وقامت بوساطات في أحجام أكبر فأكبر من التداول، وامتنعت عن أخذ مشروعات استثمارية طويلة الأمد تنطوي على مجازفات أكبر. وهذا أمر بحاجة إلى أن يتغير. فالبنوك مسؤولة عن تحويل أرباحها إلى استثمارات منتجة في البلاد.
إن شباب البلاد بحاجة أيضاً إلى وجهة أكبر من مجرد أسواق المال والتعلق بمخاطر قصيرة الأجل باهظة التكلفة. ويجب أن يكون نصب عيونهم هنا الدروس المستفادة من جنون المضاربة في العقارات في الثمانينيات في المملكة. كما يجب التركيز أكثر على التعليم والتدريب المهني للشباب لتدريبهم على المشاركة والمنافسة على الصعيد العالمي على إثر دخول المملكة منظمة التجارة العالمية.
تحرص المملكة العربية السعودية دائماً على الارتقاء بمستوى التعليم. ففي الميزانية الحكومية لعام 2006، تم تخصيص الأموال لبناء 2673 مدرسة جديدة وثلاث كليات تقنية جديدة و15 مركز تدريب مهني. غير أن ذلك ليس كافياً، ذلك أنه حينما يتخرج الشباب ويريدون أن يندمجوا في المجتمع، فسيكون متعيناً استحداث ما يُقدَّر بنحو 160 ألف فرصة عمل إضافية في كل عام لتلبية الطلب المتزايد. ونتيجة لذلك، فقد سعت الحكومة السعودية بالفعل لحظر توظيف الوافدين في أكثر من فئة من فئات الأعمال المستقلة. وقد ورد في تقرير صدر حديثاً أن نحو 70 في المائة من السكان هم دون سن الثلاثين. والأهم أن نحو 41 في المائة من السكان هم دون سن الخامسة عشرة. وقد بلغ معدل النمو المحلي في المملكة 2.49 في المائة في الفترة من عام 1992 إلى عام 2004. ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة لعام 2004 حول التوقعات السكانية العالمية، سوف يبلغ عدد سكان المملكة 37.2 مليون نسمة في عام 2025، و49.5 مليون في عام 2050.
إذا أخذنا عامل النمو السكاني هذا بعين الاعتبار، فإنه يتعين علينا أن نكون أكثر حرصاً على تحقيق المزيد من التكامل بين القطاعين العام والخاص من أجل إيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين من الأفراد والمؤسسات، الأمر الذي سيضمن احتفاظ الأسواق السعودية بموقعها العالمي المتميز، ولكن على أسس أكثر ثباتاً واستقراراً.

رئيس مركز الخليج للأبحاث

شمعة الحب
16-05-2006, 11:35 PM
تعليقات الزوار
18/04/1427هـ ساعة 10:16 صباحاً (السعودية)

(والقرار بالسماح للأجانب بدخول بورصات المملكة)

لم أعرف حتى الآن إذا كان تم تفعيل هذا القرار أم لا. ولم اسعى لبنك من البنوك لأعرف إن كان قد وضع موضع التنفيد وما ثبطني إلا تجارب الآخرين من الذين ذهبوا يستفسرون فرجعوا وهم محبطون سواء كان من سحنة الإستقبال أو من مبلغ الحد الأدنى الذي لم يقل عن مائتي ألف ريال لفتح المحفظة.

أعذرني ياسيدي أن طرحت هذا الأمر تعليقا على مقالك الذي لا يتناوله على وجه الخصوص ولكن هذه سانحة قل أن تتاح وأن يأتي ذكر قرار السماح للأجانب بالتعامل في سوق الأسهم في أي من مقالات الجريدة.
--------------------------------------------------------------------------------

18/04/1427هـ ساعة 11:58 صباحاً (السعودية)

الاستاذ عبدالعزيز بن عثمان ، أشكرك على هذا المقال الرائع والمتميز ، دمت بكل خير