المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اّداب الصداقة والعتاب



امـ حمد
18-08-2011, 04:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أدب الصداقة والعتاب

فإن مما يقرب بين القلوب ويذهب الأحقاد والضغائن,العتاب بين الأحبة بالحسنى وباللفظ اللطيف,ولذلك فقد مدح قوم العتاب


فقالوا,العتاب حدائق المتحابين ، ودليل على بقاء المودة,
فالذي يحمل في قلبه على عشرائه إنما يجمع الأحقاد ويكثرها، فإذا عاتب


صاحبه تبين له ما كان ملتبساً بشبهة،واتضح له ما كان يحتمل أكثر من معنى,ويحسن بالمرء إذا أراد أن يعاتب صاحبه,أن يجعل


له طريقا إلى الرجوع والمعاودة,وذلك عن طريق التماس العذر,فلا يغلق عليه الأبواب بعتاب غليظ جاف ثم يريده أن يعتذر منه,ولما


جاء الرجل وأقر عنده بالزنى قال صلى الله عليه و سلم(لعلك غمزت,علك قبلت)كما أن من الواجب على المرء أن لا يعاتب في


كل شيء، حتى يكون العتاب له سمة وعلامة يعرف بها,حتى إذا عاتب عرف أنه لا يعاتب إلا على ما يستحق أن يعاتب عليه,ينبغي


للعاقل إن عاتب أخاه أو صاحبه أو عشيره أن يتلطف معه,ولا يسبه فيما عرفه عنه، فإن من أخلاق اللؤم عند بعض الناس إن


غضب على صاحبه بشيء,ظهر كل ما يعرفه عنه,فقطع وصله,أثار ضغينته,لم يبق للصلح موضعاً وسبيلاً,فكل منا يرى في


الناس ما لا يرى في نفسه؛ فلو كان في حال عتابه ومخاصمته لصديقه أظهر كل ما في مكنونه، هل يأمل أن ترجع الصحبة إلى


موضعها في يوم من الأيام,إن هذا الخلق يعمل به من أراد قطع صلته بصاحبه,وليس من أراد تقريبها بعد انفلاتها,ليحذر العاقل


من العتاب المفضي إلى القطيعة، فالعاقل يميّز,فإن رأى أن هذا الشخص مما يجدي معه العتاب عاتبه، وإن رأى أن هذا مما يفسد


عليه صحبته أحجم عنه,وإن من الخير للصديق إن رأى من صاحبه شيئاً وهو صديق له ويحبه,أن يذهب إليه مباشرة ويسأله


عما في نفسه، ولا يجعل بينهما وسيطاً إن كانوا أصدقاء فلا يسأله حتى يبين له وجهة نظره, لا سيما في هذا الوقت الذي كثر فيه


مستشارو السوء وناقصو المروءة, فلعلهم يوقعون بينه وبين صديق يحبه ويألفه,وقد قال عمر رضي الله عنه,إذا رزقك الله مودة


امرئ فتشبث به,هذا وإن ترك مصارحة الصاحب لصاحبه فيما يعاتبه به,مما يزيد التفرق والشتات ويذهب الألفة،والنبي صلى الله


عليه و سلم يقول(الدين النصيحة)فاعملوا على تنقية القلوب وطهارتها، فالقلب صغير والعمر قصير فلا نذهبهما بالشحناء


والضغائن, فإن منتهى السعادة في مراجعة القلب وتزكيته وتطهيره,فإن إخوان الصدق هم خير مكاسب الدنيا، وزينة في


الرخاء، وعدة في الشدة، والعاقل هو الذي لا يفرط في اكتسابهم,فمن رزق بأخ صالح ناصح فليتشبث به، وليجعل المودة


والألفة خير رباط بينهما,قال تعالى( واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)ومن أجل ذلك


فقد عرف سلف الأمة وعقلاؤها المتقدمون منزلة الأخوة فحثوا عليها، واتخذوها وسيلة لإيناس الوحشة وتبديد التفرد,


والانعزال,قال علي رضي الله عنه,الرجل بلا أخ كشمال بلا يمين,وقال زياد,خير ما اكتسب المرء الإخوان، فإنهم معونة على


حوادث الزمان ونوائب الحدثان، وعون في السراء والضراء,وعلى المرء إن اتخذ صديقاً, أن يتخذ أخاً عاقلاً رزيناً،


تزينه صحبته ولا تشينه؛ فإن الأصحاب مرآة الأصحاب، والمرء يعرف حاله عند النظر في أقرانه,وخير ما أعطي الرجل أخ ناصح


يستشيره,وقيل لابن السماك ,أي الأخوان أحق ببقاء المودة,قال,الوافر دينه، الوافي عقله، الذي لا يملُّك على القرب،


ولا ينساك على البعد، إن دنوت منه داناك، وإن بعدت عنه راعاك، وإن استعنت به عضدك، وإن احتجت إليه أعانك، وتكون مودة


فعله أكثر من مودةِ قوله,وليحذر صديق السوء فإنه المهلك المردي، فلا يزال بصاحبه حتى يوقعه في المهالك،فإن لم يوقع


صاحبه في المصائب، فإنه لن يسلم من أن يأخذ سمعته السيئة, ويتهم في دينه ومروءته,وقد قال بعض أهل العلم,إذا رأيت من


أخيك أمراً تكرهه، أو خلةً لا تحبها, فلا تقطع حبله، ولا تصرم وده، ولكن داو جرحه، واستر عورته،هذا واعلموا أن من طمع


باستكمال الأجر؛ فليحب صاحبه لصلاحه وقربه من ربه لا لطمع في دنيا، فمن أحبه لذلك فقد استكمل الإيمان،قال صلى الله عليه و
سلم(أوثق عرى الإيمان,الحب في الله,والبغض في الله)