المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأسواق المالية .. استثمار وليس مقامرة



Love143
18-05-2006, 03:31 PM
الأسواق المالية .. استثمار وليس مقامرة
بقلم :محمد محمود موسى



ربما يكون التصور التالي في سطور هذا المقال نموذجاً للتعميم في أكثر من سوق مالي لأنه باعتقادي سيجعل من السوق المالي مكاناً آمناً لجميع المستثمرين وخاصة العامة منهم، الذين لا يعرفون من السوق المالي سوى أرقام على شاشات السوق، وما عدا ذلك فلا يعرفون أي شيء.


حتى لو سألت أحدهم عن نشاط أي شركة من شركات السوق التي يبيع أو يشتري أسهمها فإنه لا يعرف وطبعاً لا يمكن ان نلقي على هذا المستثمر أي لوم، لأن ثقته بأن هناك أجهزة رقابية وحكومية وقوانين لابد ان تكون ساهرة على ضبط هذه المعاملات التي تبيع وتشتري بالمليارات يومياً، ولن يخطر بباله بأن هذه المبالغ يتلاعب بها كأوراق كوتشينه، ويوجد هناك أربع جهات ذات صلة بالسوق المالي:


1 ـ الحكومية ممثلة بهيئة الأوراق المالية، وعليها تقع مسؤولية حماية المستثمر على اختلاف فئاته، وخاصة الفئة البسيطة التي نوهنا عنها سالفاً، وذلك بوضع القوانين واللوائح التي تضمن حقوق جميع الفرقاء في عمليات الاستثمار، سواء كانوا مستثمرين كبارا أو صغارا أو مؤسسين أو صناديق أو غيره.


وهذه الجهة ليس لها أدنى مصلحة أو فائدة من انهيار السوق أو ارتفاعه الى معدلات خيالية، بل على العكس كل همها هو استقرار السوق في حركات تعبر عن وضع اقتصادي مزدهر وناجح وراسخ ومستقر، وان يكون مرآة صادقة للحالة الاقتصادية في البلد سواء كان المؤشر صاعداً أم هابطاً، كما انه ليس من صالح هذه الفئة أي صعود صاروخي لأسعار الأسهم أو انزلاق قعري لها.


2 ـ الهوامير وهذه الفئة من المرجح ان تكون هي التي تتلاعب بحركة أسعار الأسهم وبألوان الشاشات كما ان هذه الفئة هي التي تسمى «بالمنشار» وهي من مصلحتها أو هي تجير الوضع لمصلحتها كيفما كان الوضع فهي مستفيدة في حال الازدهار مستفيدة في حال الانكسار والانحدار أو هي التي تصنع الازدهار.


كما تعرف كيف تصنع الانكسار وتعرف كيف تحول الاحمرار الى اخضرار والاخضرار الى احمرار، وهذه الفئة والعياذ بالله وان لم يكن هناك من يكبح جماحها فالله وحده يعلم كيف وإلى أين سيؤول الحال.


3 ـ صغار المستثمرين، أو العامة من المستثمرين والذين كما قلنا ربما لا يعرفون عن الشركات غير أسمائها وأرقامها على الشاشة، وهؤلاء المساكين لا حول لهم ولا قوة في كامل العملية، وكل أملهم وحلمهم أو ذنبهم ان صح التعبير انها ربما رأوا في هذا المجال منفذاً لهم من بعض مشاكلهم المادية.


أو وسيلة لتحسين بعض أوضاعهم التي هي سيئة في الأصل فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، وهذه الفئة ربما تكون نسبة أموالها بالسوق قليلة اذا ما قورنت بنسبة أموال الهوامير، إلا انها وللأسف تعد النسبة الكبرى من حيث عدد المتداولين وهي تطال شريحة ليست بالقليلة من مجتمع الإمارات مواطنين ووافدين على حد سواء ومصيرهم صائر الى مجهول لا محالة.


4 ـ الشركات المدرجة وهذه الفئة يفرحها كثيراً رؤية السهم وقد صعد الى السماء، ولا يضيرها اي شيء ان رأته هوى الى القاع، فشركة رأسمال سهمها درهم واحد يصعد سعره بين ليلة وضحاها الى 60 درهماً.


فترتفع قيمة اسهمها مثلاً من مليون الى 60 مليون درهم، وماذا سيكون موقفها أو موقف مؤسسيها غير الغبطة والسرور، وفي حال هوى سعر سهمها إلى أدنى المستويات وحتى لو وصل الى الدرهم وهو السعر الأصلي له، فماذا ستخسر هذه الفئة، ويكفيها ما تجنيه من عائدات أرباح الشركة، وبالمحصلة فإن هذه الفئة لن تضار من التقلبات مهما كان اتجاهها.


ما هو الحل؟


اعتقد انه في ضوء الواقع فإن وضع سقف أعلى لسعر سهم كل شركة بناء على نتيجة تقييمها ووفق معايير وأسس مدروسة ومعقولة ومتفق عليها هو الخطوة الأمثل، فمثلاً شركة تم تأسيسها حديثاً، وأدرجت اسهمها في السوق ـ ولم تمارس أي نشاط بعد، فلا يسمح لسهمها بالارتفاع إلا إلى حد معين لا يتعداه مهما كانت ظروف السوق أو حركته.


أو مؤشراته، فشركة رأسمال سهمها درهم واحد بأول يوم تتداول أسهمها بالسوق بسبعة أو عشرة دراهم ـ لماذا؟ ـ وعلى أي أساس تم ذلك، وأي معايير ارتكز لها المستثمرون الذين تهافتوا على الشراء بعشرة دراهم، أليس هذا هو الجهل بعينه، واذا كان هناك جهل أو عمى ألوان لدى العامة فأين المختصون وذوو الخبرة والقرار من هذا الانسياق الأعمى وراء السراب.


ولذلك لو كان هناك قانون يحكم بألا يتعدى سعر سهم هذه الشركة الفوري أو حتى لسنة أو سنتين على أقل تقدير والتي سعر سهمها الأصلي «درهم واحد» ألا يتعدى الدرهمين أو الثلاثة الدراهم أو أي سعر يتم الاتفاق عليه وفق عملية حسابية صحيحة ومدروسة.


ولفترة زمنية معقولة يتم خلالها مراقبة أداء هذه الشركة أو تلك، ويعاد بناء عليه النظر في سقف السعر الموضوع لسهمها وذلك بناء على ضوابط وقوانين تحكم هذه العملية وبعد ان تتقدم الشركة صاحبة العلاقة بطلب الى الجهات المعنية والمختصة مشفوعاً بالمستندات والتقارير والثبوتات التي تؤهل سهمها لرفع سقف سعره. هذا بالنسبة لارتفاع سعر السهم.


أما في حالات الانهيار، فلا يسمح ولا بأي حال من الأحوال بانهيار سعر السهم الى ما دون سعره الأصلي «سعر الاكتتاب»، إلا في حالة تعرض الشركة ذات العلاقة إلى خسارات فادحة، أما ما دامت الشركة تحقق الأرباح في عملياتها ومهما كانت هذه الأرباح قليلة، فإنه لا يجوز ولا بأي حال من الأحوال لسهم ان ينزل سعره عن سعر الاكتتاب وعليها في هذه الحالة ان تتخذ كافة الإجراءات للحيلولة دون ذلك.


كما يجب إضافة بيان على شاشات التداول في الأسواق المالية بين سعر الاكتتاب لكل سهم «أي رأسمال السهم الأصلي» لكي لا يكون للمستثمر أي حجة عند اتخاذه لقرار الشراء وحتى تكون هناك شفافية أكثر في هذه العملية، وفي هذه الحالة تنحسر نسبة المخاطرة لدى المستثمرين بشكل كبير، ويستقر السوق بنسبة كبيرة، وتتراجع عمليات المضاربة وتعود الصفة الحقيقية الى العملية برمتها وهي صفة الاستثمار، وليس لعب القمار.


محمد محمود موسى


كاتب ومحلل اقتصادي