تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما الاستراتيجية الأفضل للاستثمار في الأسهم؟



شمعة الحب
18-05-2006, 06:55 PM
ما الاستراتيجية الأفضل للاستثمار في الأسهم؟
د. فهد محمد بن جمعة - كاتب اقتصادي 20/04/1427هـ
fahedalajmi@saudi.net.sa

إن المنهجية الاستثمارية التي استخدمها بافت هي خليط من الاستراتيجيات التي وضعها له في الثلاثينيات المستشاران العملاقان: بنجمن قراهام الذي قرأ كتابه بعنوان المستثمر الذكيThe Intelligent Investor by Benjamin Graham ما دفعه إلى أن يذهب إلى جامعة كولومبيا لكي يدرس معه, وفلب فشر صاحب كتاب تحليل الأوراق المالية Security Analysis by Philip Fisher. فتعلم بافت من بنجم طريقه هامش الأمان margin of safety باستعمال نماذج كمية متشددة لكي يشتري أسهم الشركات التي تبيع أسهمها بأسعار متدنية بغض النظر عن صافي رأسمالها التشغيلي. لذا شدد بنجمن على أن متابعة تقلبات أسعار الأسهم في الأجل القصير عديم الجدوى وأن الأهم هو وضع الأسهم في الأجل الطويل وعلينا متابعته.أما فليب فأكد أن إدارات الشركات لها تأثير مهم على زيادة قيمة استثماراتها وتنويعها بدلا من التركيز على تخفيض معدل الخطر، حيث إنه من المستحيل أن يتم مراقبة عن قرب جميع البيض الموجود في سلات مختلفة. فمن ذلك تتضح لنا فلسفة الاستثمار كما وصفها بنجمن بأنها تقوم على الاستثمار في حقيبة من الأسهم العادية المتنوعةportfolio of common stocks عند أسعار معقولة في الأجل الطويل وهذا ما يستطيع أن يعمله كل مستثمر, فهو يفرق بين الاستثمار والمضاربة، حيث إن عملية الاستثمار تعتمد على التحليلات والوعود الآمنة في الأجل الطويل طبقا لمفهوم العائد المقنع، بينما المضاربة تعتمد على عكس ذلك تماما, مع أن معدل الآمن يعتبر نسبيا وكذلك العائد المقنع سواء كان عن طريق توزيع حقوق المساهمين أو قيمة أسعار الأسهم يعتبر أيضا شخصيا. بينما ركز فشر على الشركات نفسها وقدرتها على زيادة نمو مبيعاتها وأرباحها خلال عدد من السنوات عند معدل أعلى من معدل الصناعة ككل. فإذا ما وضعنا ذلك الخليط من الأفكار الاستثمارية من تنويع الاستثمار في الأجل الطويل ومن معرفة قدرة إدارات تلك الشركات على زيادة نموها الاستثمار كل عام فإننا سوف نسلك طريق الاستثمار الناجح ونحقق العائد المنشود عند معدلات من الخطر المتدنية.
فقد قامت أفكار بافت على أسس استراتيجية طويلة الأجل متبنيا أداء الشركات الفعلي والمتوقع وليس على تقلبات أسعار الأسهم في الأجل القصير. وبما أن تلك الاستراتيجيات تحتاج إلى فترة طويلة من الزمن فقد كان بافت مستثمرا شديد الصبر ويتأنى في تقييم الشركات طبقا لقيمتها الاستثمارية (صافي التدفقات النقدية المتوقعة طول عمر المشروع التجاري عند سعر خصم يعادل سعر الفائدة المختارة) ثم يشترى أسهمها وكأنه يرغب في امتلاك تلك الشركات بدلا من أن يكون مضاربا في أسهمها. هنا يتضح لنا الفرق الكبير بين الاستثمار في أسهم معينة ومحاولة التكهن بالاتجاه العام للسوق رغم تطور التقنية فمازال المستثمرون هم الذين يصنعون السوق وثقتهم بالسوق عامل مؤثر في اتجاهاته واستقراره في الأجل القصير, بينما في الأجل الطويل أهمية قيمة الأسهم يحددها النمو الاقتصادي للشركات بغض النظر عن تقلب الأسهم اليومية، فعلى كل مستثمر يريد النجاح في الأسهم ألا يتجاوب مع تقلب عاطفته كلما تقلبت أسعار الأسهم يوما بيوم, وأن يكون لديه الاستعداد المالي والنفسي في تعامله مع تقلبات السوق اليومية, وإذا لم يستطع أن يتحمل ذلك عندما يشاهد أسهمه تنحدر بنسبة 50 في المائة أو أكثر دون أن يصيبه الهلع والفزع فإنه من المستحيل أن يكون ناجحا في سوق الأسهم, فعليه إذا أن يركز على الشركات التي لها مكانة في السوق في الأجل الطويل وأن يكون نفسه واسعا حتى يتأكد من قدراته. إذا المستثمر الحقيقي هو الذي ينظر إلى أن انخفاض أسعار الأسهم شيء مرحب به وطريقة مُثلى من أجل أن يضيف المزيد من الأسهم الجديدة إلى محفظته وذلك عند أقل الأسعار الممكنة, ما دامت تلك الأسهم في شركات جيدة تعتمد في أعمالها على عوامل السوق الإيجابية لتحسين أداء إداراتها وأسعار أسهمها، فإن النجاح سوف يكون حليفا لهذا المستثمر. وعليه أيضا أن يكون شجاعا وأن يقول لا ولن أشتري أسهما إذا لم تكن الحقائق واضحة له وفي صالحه بشكل كبير بدلا من شراء الأسهم وبيعها بأسعار متوسطة في شركات تدعمها الشائعات.
إن هذا ما كان يعمله بافت فهو يشتري الأسهم ويحتفظ بها بناء على قوة واحترافية إدارة الشركة, فكانت فكرته دائما أن ينتظر بكل صبر حتى تظهر له فرص استثمارية حقيقية لكي يغتنمها. هكذا يظهر جليا أن نجاح المستثمر في الأسهم يتحقق عندما يعمل الأشياء الصحيحة أكثر من الأشياء الخاطئة, فعليه أن يقلل من عدد تلك الأخطاء وأن يركز ويكثر من الأشياء التي يتوقع أنها أكثر صوابا له، فمهما توافرت كل الخبرات والمؤهلات العلمية عند بعض المستثمرين في سوق الأسهم بما في ذلك المؤسسات فإن سلوكهم مازال بعيدا عن الرشادة الاقتصادية، وكما قال أحد المستثمرين المشهورين اعمل بعقلية المافيا mentality follow the mob. هكذا كان بافت متوازنا في عقلانيته فلا يشعر بالارتياح عندما يوافقه الناس على رأيه، ولا يفقد الثقة بنفسه عندما لا يوافقونه، لأنه يتبع استراتيجية قد وضعها لنفسه وأكسبته الكثير من النجاح. وعلى ذلك تصبح نظرية الشراء والتملك نظرية استثمارية ذات قيمة اقتصادية يصبح شراء المستثمر عددا من الأسهم يمثل جزءا من ملكية تلك الشركة, فعلى المستثمر أن يسأل دائما ما هي النقدية المحتملة التي تستطيع تلك الشركة تحقيقها؟ لأنه من المعروف أن هناك ترابطا قويا بين قيمة التدفقات النقدية وقدرة الشركة على خلق المزيد من النقدية خلال فترة من الزمن، فكلما زادت قدرات الشركة الاستثمارية زادت التدفقات النقدية. لذا على المستثمر في الأسهم أن يغير تفكيره من المضاربة إلى أن يشتري أسهما تحت فرضية التملك في تلك الشركة التي يستثمر فيها وليس العكس, ولا يدع تقلبات أسعار الأسهم في الأجل القصير معيارا يحكم من خلاله على نجاح الشركة من عدمه, لأنه لا بد من تدقيق النظر في هاشم التغير في تشغيل الشركة, معدل المديونية, قدرة الشركة على خلق المزيد من التدفقات النقدية، ما يعني أن نستعمل المعيار الاقتصادي بدلا من معيار تغير الأسعار. وهذا يؤكد أهمية العلاقة بين المستثمر وإدارة الشركة عندما يسمح المستثمر لتلك الشركة أن تحقق فرص نمو أكبر في الأجل الطويل من خلال احتفاظها بأسهمه مدة أطول ويشجعها على تحسين أدائها. وعليه أن يحذر من الاستثمار في الشركة غير المستقرة التي تتطلب الكثير من التغييرات مثل تغيير أعضاء إدارتها قبل أن تكون القيمة الاسمية لشركة قد وضحت أو الشركة التي يتم إعادة تنظيمها وإدارتها أو هيكلتها، ليكون التوقيت المناسب لبيع أسهمك عندما تكون أسعارها أعلى بشكل ملحوظ عن قيمة الشركة طبقا لحساباتك كما كان بافت يفعل ذلك.