المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل مَن يعلم مثل مَن لا يعلم في سوق الأسهم؟



شمعة الحب
18-05-2006, 07:16 PM
هل مَن يعلم مثل مَن لا يعلم في سوق الأسهم؟
نائلة حسين عطار - مستشارة إدارية واقتصادية 20/04/1427هـ
naila@sma.org.sa

العلم المقصود هنا هو المعرفة بأساسيات الاستثمار والتداول في سوق الأسهم والفهم والتحليل والرضا بتقلبات السوق، ليس سوق الأسهم السعودي فقط، بل أي سوق للأسهم.
كنت قد كتبت العام الماضي مقالة عن صديقة لي تقاعدت مبكراً من عملها كموظفة ذات منصب مرموق للتفرغ كمضاربة في سوق الأسهم وكيف اتخذت قرار التقاعد بضغط من زوجها واقتناع من نفسها أن أرباح سوق الأسهم أفضل من راتب الوظيفة، لأن الحاسة السادسة عندها مرتفعة في اختيار الأسهم الرابحة مع أنها لا تعلم عن سوق الأسهم شيئا ولم تحاول أيضا معرفة شيء واكتفت باستخدام الحاسة السادسة والشائعات ونصائح الصديقات. وصديقتي أم محمد أصيبت للأسف بمرض مزمن فجأة نتيجة الخسارة التي بليت بها عندما انخفض سوق الأسهم السعودي، وقررت ترك السوق لمن يفهم ويعلم، ولكن عندما استرجعت القليل من صحتها نسيت ما مرت بهانتيجة الجهل للأسف، وقررت الاستمرار في العمل في سوق الأسهم بالطريقة نفسها ولم تتعلم الدرس مما حدث، لأن سوق الأسهم مناسب لقدراتها المالية والتزاماتها العائلية كأم وزوجة، فهي تستطيع مراقبة السوق والبيع والشراء من منزلها عن طريق الإنترنت.
وكنت قد نصحت صديقتي أم محمد بالعمل على تطوير وتنمية معلوماتها وثقافتها المالية بكل الوسائل الممكنة كالقراءة والدورات والمحاضرات أو حتى استشارة المختصين، حتى لا تجد نفسها مصابة بمرض مزمن آخر.
وللأسف تجيبني دائماً أن الطوفان والانهيار الذي حدث لم يسلم منه أحد, من يعلم ومن لا يعلم الجميع يعاني الآن ولا فرق بين بروفيسور في الاقتصاد وساعٍ يحمل الشاي والقهوة، الخسارة لمن ساهم بمئات الملايين نفسها الخسارة لمن ساهم بعشرة وعشرين وخمسين ألف ريال.
هي أولاً وأخيراً خسارة، ولكن المسألة نسبة فقط كل منا حسب وزنه المالي.
عندها علمت وتأكدت أنه لا يمكن للنفس البشرية أن تتغير بسهولة، بل وتقاوم التغيير للأسف وحاولت مع صديقتي أم محمد من البداية بالتوضيح لها أنه صحيح أن الصورة الظاهرة والواقعية أن الجميع في سلة الخسارة نفسها، ولكن هناك فرق بين من يعلم ويفهم ومن لا يعلم ولا يريد أن يتعلم مما يؤدي لإصابته بمرض مزمن، بل وأكثر من مرض واحد (ولا حول ولا قوة إلا بالله).
فمن لا يعلم ولا يفهم لا يستوعب ما يحدث لا يستطيع تقدير الأمور والتخطيط للمستقبل، فقراراته لحظية وتداوله مضاربات كلها وحماسه مدفوع بحب الكسب السريع، مما يؤدي إلى قيامه بقرارات غير صائبة مثل بيع الممتلكات والذهب أو الاقتراض أو حتى رهن منزله.
ولا يعلم أو لا يريد أن يعلم نتائج هذه القرارات غير المدروسة والمخطط لها.
فلا يعلم ما هو أثر الاقتصاد القوي وسعر البترول وسعر الفائدة والسيولة على سوق الأسهم ولا يعلم ماذا يعني الاستثمار في شركات قوية, تاريخها وأداؤها ممتازان ومشاريعها مستمرة وعوائد أرباح أسهمها معقولة.
بينما هذه المعلومات من البديهيات لمن يثقف نفسه مالياً واقتصادياً وليس بالضرورة أن يكون من حملة الشهادات، ويعرف لماذا عليه الصبر وعدم البيع لأنه يستثمر على المدى البعيد، وسلة استثماراته قد يكون جزء منها مضاربة، ولكن الجزء الأكبر للاستثمار في الشركة، يعلم أن رأسمال استثماره من مدخرات وفوائض مالية يملكها وليس من قوته اليومي وأموال الآخرين، يعلم أن قيمة السهم تزداد خلال سنوات أفضل من خلال أيام وساعات، والعائد السنوي من أرباح الأسهم أفضل من أرباح البيع على المدى الطويل، يعلم أنه قد لا يذوق حلاوة أرباح هذا الاستثمار الآن، بل مستقبلاً وقد لا يكون كذلك من نصيبه، بل من نصيب أولاده وعائلته، من يعلم ويعرف ينتظر ويصبر لأنه يعرف جيداً أنه يستثمر في اقتصاد دولة.
هذا هو الفرق يا عزيزتي أم محمد واقتنعت أم محمد نوعا ما وقررت بدء حملة الثقافة المالية.
وبهذه المناسبة أدعو اليوم الخميس 20 ربيع الآخر كل من يعلم ولا يعلم لحضور ملتقى سوق الأسهم الأول الذي يقام في قاعة الشيخ إسماعيل أبو داوود في الغرفة التجارية الصناعية في جدة الساعة الخامسة حتى الساعة العاشرة مساءً، وتوجد جهة مخصصة للنساء للحضور والمشاركة والمناقشة، حيث يقدم نخبة من الأشخاص تم اختيارهم "على الفرازة كما يقولون" فيوجد الأكاديمي ورجل الأعمال والمحلل الفني والطبيب النفسي والاقتصادي والإعلامي وكل من يهمه الأمر ومن لا يعلم لكي يتعلم ويفهم، وكي يشاركنا من يعلم ويفهم بفكره واقتراحاته ومداخلاته، والدعوة عامة ومجانية، هدفها فقط نشر الوعي والثقافة لدى الفرد العادي، وهذه أولى المبادرات التي على ذوي الاختصاص القيام بها. ومن الضروري معرفة أنه واجب ديني واجتماعي واقتصادي على من يملك العلم والمعرفة تقديمها لغيره دون مقابل، خاصة أوقات الأزمات لما فيها من تخفيف ومعالجة لآلام الكثير منا.
راجية من الله سبحانه وتعالى أن يكون فيها الفائدة للجميع.