المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انهيار الأسهم المقبل



شمعة الحب
19-05-2006, 04:14 PM
انهيار الأسهم المقبل
محمد بن ناصر الجديد - كلية الاقتصاد والإدارة، جامعة أدنبرة - المملكة المتحدة 21/04/1427هـ
mjadeed@hotmail.com

يجب التوكيد على ضرورة عدم تجاهل إمكانية وفاة المؤشر دماغيا، والعمل من الأمس، ناهيك عن اليوم، نحو تطوير، نشر خطة استراتيجية، عوضا عن إجراءات آنية، لتفادي الوفاة الدماغية، أو على أقل تقدير، تقليل الخسائر الناجمة بعد الوفاة.
انتعاش المؤشر شبه الإيجابي خلال الأسبوع الحالي لم يكن سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة. يتبع ذلك ارتداد عكسي سريع يقضي على الأخضر، واليابس، ويكسر حاجز الألف نقطة الواحد تلو الآخر حتى يستقر في مستوى دون الألفي نقطة. ثم يدخل المؤشر في غيبوبة شبه تامة كبداية لحالة وفاة دماغية تستوجب اتصالا دائما بالأجهزة الطبية إلى أن تفيض روحه.
هكذا تتجه أدبيات إدارة المخاطر المالية في سعيها نحو تفادي وقوع خطر ما، أو على أقل تقدير، تقليل الخسائر الناجمة بعد وقوع الخطر. حيث تفترض أدبيات إدارة المخاطر المالية أسوأ الاحتمالات، ومن ثم تطور خطة استراتيجية من شأنها تفادي وقوع الخطر، أو على أقل تقدير، تقليل الخسائر الناجمة بعد حدوثه. وتتكون الخطة الاستراتيجية لإدارة المخاطر المالية من أربعة مراحل، تبدأ بالتوعية من الخطر، مرورا بتقييمه، ثم تقديره، وأخيرا، امتصاصه.
نستخلص فوائد جمّة عندما ننظر إلى هذه المراحل الأربعة من منظور سوق الأسهم السعودية، ونتساءل، هل لدى السوق خطة استراتيجية لتفادي وفاة مؤشر سوق الأسهم المحلي دماغيا، أو على أقل تقدير، تقليل الخسائر الناجمة بعد الوفاة الدماغية؟ أم أن الأمر لا يتعدى حلولا آنية ينظر في الملائم منها بعد الوفاة الدماغية؟
تهدف المرحلة الأولى من مراحل الخطة الاستراتيجية لإدارة المخاطر المالية إلى "التوعية من الخطر". وهنا نجد أن هـيئة السوق المالية أبلت بلاء حسنا في تطوير برامج توعوية مختلفة تهدف في مجملها إلى زيادة وعي المستثمرين بمخاطر الاستثمار في سوق الأسهم.
من تلك البرامج على سبيل المثال، الحملات الدعائية عبر وسائل الإعلام المقروء، والمرئي، والنشـرات الإرشادية كالاستثمار، والاستثمار في سوق الأسهم، وصناديق الاستثمار، وقراءة القوائم المالية، والملتقيات الحوارية كمؤتمر جمعية الاقتصاد السعودية، وندوة الغد.
لا يمكن الانتقال إلى المرحلة الثانية من مراحل الخطة الاستراتيجية دون التساؤل حول جدوى هذه البرامج التوعوية المختلفة في زيادة وعي المستثمرين بمخاطر الاستثمار في سوق الأسهم. تكمن الآلية اليتيمة للإجابة على هذا التساؤل في نتائج دراسات ميدانية تنطلق من صالات التداول، وتهدف في مجملها إلى قياس انعكاسات هذه البرامج التوعوية على ثقافة المستثمرين.
تسمى المرحلة الثانية من مراحل الخطة الاستراتيجية لإدارة المخاطر المالية مرحلة "تقييم الخطر". وتهدف في مجملها إلى قياس انعكاسات وفاة مؤشر سوق الأسهم المحلي دماغيا ليس على بيئة الاستثمار فحسب، وإنما على الاقتصاد المحلي.
وهنا تطرح أدبيات إدارة المخاطر المالية ثلاثة تساؤلات تدور حول حدود، وأدوات، وآلية التقييم. حركة المؤشر على سبيل المثال تعطي تصورا حول نشاط، وفاعلية السوق. هل نعتمد على القيمة السوقية للمؤشر لرسم حدود التقييم؟ وهل تعتبر القيمة السوقية ذاتها أداة قياسية مناسبة؟ وهل قياس ارتفاع، أو انخفاض المؤشر هو وحده الذي يقيم الخطر؟ أم نعتمد على حركة التداول، وما تعطيه من مؤشر حول العمق المالي؟ أو مستوى السيولة، وما تعطيه من مؤشر حول الثقة في السوق المالية؟
التأمل في سيناريو "نزهة"، أو "هجرة" المؤشر من مستوى الـ 20 ألف نقطة إلى المستوى الحالي قد يجيب ليس على هذه التساؤلات فحسب، وإنما ينقلنا إلى المرحلة الثالثة من مراحل إعداد خطة استراتيجية لإدارة المخاطر المالية، والتي تسمى مرحلة "تقدير الخطر".
تهدف مرحلة "تقدير الخطر" إلى تقديم خلاصة موضوعية حول الأضرار الناجمة من وفاة مؤشر سوق الأسهم المحلي دماغيا على مستوى المستثمرين، والبيئة الاستثمارية المحلية، والاقتصاد المحلي. تتبع تقديم الخلاصة الموضوعية إيجاد آلية بديلة معاكسة من شأنها تغطية حجم الأضرار الناجمة، وقطع الطريق أمامها لكيلا تتسرب إلى أفرع الاقتصاد المحلي الأخرى.
أداء السوق المحلية في هذه المرحلة يكاد يكون متواضعا بعض الشيء. على سبيل المثال، لم تطلق بعد موجة الانهيارات الخليجية الأخيرة في كل من الإمارات، والكويت، وقطر، في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، وما تبع هذه الموجة من انهيار مشابه في السوق المحلية ابتداء من نهاية شباط (فبراير) 2006، سوى فكرة صندوق صانع السوق.
جميل أن تُطوّر الفكرة، لترى النور، وتحفظ التوازن، ولكن دون إعطاء الصندوق الحجم الذي يمكنه من أداء دوره المنتظر قد يجبرنا على العودة لبحث فكرة أخرى. وقد تفيض روح المؤشر خلال المراوحة بين فكرة، وأخرى، دون الانتقال إلى المرحلة الرابعة، والأخيرة من مراحل الخطة الاستراتيجية لإدارة المخاطر المالية، والمسماة مرحلة "امتصاص الخطر".
تهدف هذه المرحلة إلى اختبار جدوى ما نتج عن المرحلة السابقة من توصية لتفادي وقوع الخطر، أو على أقل تقدير، تقليل الخسائر الناجمة بعد حدوثه. صندوق صانع السوق مثلا، لم يرى النور إلى هذا اليوم، ولكن هناك بدائل، كصندوق الاستثمارات العامة، يمكن الاستفادة منها في إجراء اختبارات على جدوى إنشاء صندوق صانع السوق في حفظ توازن السوق على أرض الواقع.
ليس هناك أدنى شك في أن وفاة مؤشر سوق الأسهم المحلي احتمال مأساوي. وبالقدر نفسه الذي نأمل صعود المؤشر إلى مستويات ما قبل شباط (فبراير) 2006، يفترض أن نقبل صعوده العكسي. وبالتالي، يجب التوكيد على ضرورة عدم تجاهل إمكانية وفاة المؤشر دماغيا، والعمل من الأمس، ناهيك عن اليوم، نحو تطوير، ونشر خطة استراتيجية، عوضا عن إجراءات آنية، لتفادي الوفاة الدماغية، أو على أقل تقدير، تقليل الخسائر الناجمة بعد الوفاة.