المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تطلعات مواطن سعودي للاستثمار وبناء مستقبله



شمعة الحب
19-05-2006, 04:44 PM
تطلعات مواطن سعودي للاستثمار وبناء مستقبله
د. ياسين عبد الرحمن الجفري - - - 21/04/1427هـ
تعيش بلادي عهدا يكثر فيه الخير بفضل من الله ونتيجة لاتجاه أسعار النفط لمستواها الحقيقي وبلوغها مستويات مطمئنة. وأصبحت كل المؤشرات واضحة وتشير بذلك إلى أن هناك طفرة قادمة سيشمل خيرها الجميع وبدون استثناء. وكوني مواطن أنتمى لهذه البلاد التي أعطاها الله من خيره رغبت في الاستفادة وحتى أحصل على نصيبي من المستقبل الموعود, علاوة على رغبتي في الإسهام في بناء مستقبلي ومستقبل بلادي. سألت: أين الطريق هل ممكن أن أقوم بنشاط محدد وصناعة محددة حتى أقوم بدوري وأستفيد؟ فمن حقي كمواطن أن أعمل وأنتج وأحقق لنفسي الدخل وأن أدخر وأن أنمي مدخراتي من خلال الاستثمارات الممكنة حتى أحقق تطلعاتي وأحلامي وأحلام أبنائي. ولا أعتقد أن أي جهة كانت لها الحق في حرماني من هذه التطلعات أو تفرض وصايتها علي لتوجهني وتحدد لي الطريق الذي أسلك. ولكن وللأسف وكما سأتحدث فيما بعد حدث لي عكس ما أتطلع إليه وتم فرض الوصاية بالقوة ومن قبل وصي غير أمين يأبى إلا أن يزداد ثراء على حسابي ولم يكتف بالفرص التي أوجدتها له الدولة بل طالت يده مدخراتي ورأسمالي وما حققت من أرباح ليأخذها دون أن أستطيع له شيئا. بل وجدت من يحميه ويعطيه مصادر احتكارية أخرى ليزيد من دخله وكأنه محتاج لها وباسم التنظيم والرقابة ومن مسؤولين بحجة حماية الاقتصاد السعودي ونظرة العالم لنا وكأن ذلك مهما بعد خراب مالطا. بل وصلت الوقاحة بالوصي أنه لم يهتم بأن يعيد جزءا من دينه ومن أرباحه التي يحصدها من وصايته ومن الاحتكار المعطى له دون وجه حق لينشط ويدعم اقتصادنا كما هو حاصل لمن يمارسوا أعماله في كل دول العالم, فنحن حالة خاصة ووضعا متميز والكل على خطأ حتى الدول المحيطة بنا والتي تشابه ظروفها ظروفنا.
بدأت رحلتي في تنمية المدخرات من خلال بحثنا في المشاريع فوجدنا شركاتنا تعتمد على الحجم الكبير والشامل وبالتالي لا حاجة ولا سبيل لدخول مجال الاستثمار المباشر وتنمية الأعمال. فالدخول المباشر غير ممكن لأن رجال الأعمال صاغوا العملية ولا دخول إلا للكبار بسبب حجم المشاريع واتجاهاتها والتركيبة الاقتصادية الحالية الموجودة. علاوة على أن البنوك لا تقرض أو تمول الأنشطة الجديدة ولا تعطي إلا لمن لا يحتاج والتمويل هو لتحسين الدخل وزيادة حجم الربح. وإذا رغبت في الدخول ليس أمامك سوى المدخرات الخاصة والأقارب وربما بعض صناديق الدولة التي لا تقرض سوى الكبار. وأمام إقفال المجالات التي يمكن لي تنمية وضعي بها لم يتبق أمامي سوى سوق الأسهم أو سوق العقار. سوق العقار بطيء الحركة له نمطية محددة يتم ارتفاع السعر بمعايير محددة ويجني ربحها الكبار ويتبقى لنا الفتات فيها ولا يتم بصورتها الحالية تنمية بلادي بها. كما أن مجال العقار مكلف ولا يوفر التنويع, بل تتجاوز أسعاره قدراتي المالية وحتى منزل المستقبل في ضوء الوضع الحالي وحجم مدخراتي هو ضرب من المستحيل, نظرا لأن راتبي وحجم مدخراتي منه قليلة ناهيك عن شح الوسائل المساندة من وظائف أو أنشطة تدعم القدرة على تحقيق الحلم. ولا ننسى أن الاستثمار من قبلي في نشاط ممنوع إن كنت موظف دولة وبطريقة ما أجد نفسي أمام سوق الأسهم وبدون اختيار. وأتطلع كرجل الأعمال إلى من حولنا للدول وما تعطيه من مغريات ومع فارق الاستطاعة في التنقل من قبل رجال الأعمال فأنا مرتبط ببلادي. وكل ما نحتاج إليه هو قيام البنوك وكغيرنا من الدول في التحرك ولو بنسبة معقولة لدعم وتنشيط الشركات الصغيرة بعيدا عن الأنانية المطلقة والحجج الواهية.
رضينا بما قسم لنا ودخلنا سوق الأسهم لننمي ثرواتنا ودخلنا متأخرين, فالسوق لم يكن منظما وتطور على مر الوقت حتى أصبح حسب رؤية المسؤولين من أكفأ ما يكون تشغيليا. ورضي بعضنا بالدخول للسوق من خلال خبرة بنوكنا في صناديقها وتركوا الخبير يعمل ليحقق الأهداف كما يقال لنا. واقترضنا لزيادة قدرتنا فالإمكانية متاحة والرهن موجود وزيادة الربح أمرها هين ولا مشكلة وكل العملية أشهر ونرد القرض والفائدة ونحقق الربح ولمن شاء هناك التمويل الإسلامي الحلال لدعم شراء المحفظة وتحقيق الربح.
فجأة اتخذت بعض الإجراءات التي قيل لنا إنها احترازية في يوم خميس وترنح بعدها سوقي ولم أر من بعدها النور. سألت ما الذي يحصل ولماذا الهبوط وفجأة وهل أستطيع الخروج قيل لي إن حجم ثروتي تعدى الحد المعقول نظرا لأن أسعار الأسهم تجاوزت الحد المقبول، قلت لمن مقبول أو غير مقبول وهل فجأة يتغير المقبول؟ قيل إن ثلاثة أو أربعة اجتمعوا وقرروا أن يعيدوا سوقي لحدود المعقول ونصبوا الخطة ونفذوها بمهارة عالية, ومع هبوط السوق جعلت أنظر كيف الخروج ولكن لا طريق لقد تعلقنا وسألنا أين الهوامير قيل هم معلقون مثلي وسألنا أين المشترين؟ قيل لا وجود لهم لقد بلعت الطعم وشاهد الكل ثروته وأرباحه تتلاشى أمام عينيه. وبعد فترة جاء دور الخروج الإجباري وتفليسي نظرا لأن السعر بلغ حدا معينا وانقلبت الابتسامة الصفراء إلى الجد وجاء سد الدين ودفع الفوائد فسلامة القطاع المصرفي فوق كل اعتبار حتى ثروتي الصغيرة لا تهم أحدا. اشتكيت للمسؤولين عما حدث لي علي أجد حلا فقالوا لي لقد لمحنا لك وأنذرناك ولكنك لم تفهم ولم تهتم. فالسوق وصل لحدود مرتفعة حسب نظرة صندوق النقد والبنك الدولي. وسألت هل كان خروجي ومعي غيري ممكنا؟ قيل لا ولكن كان يجب ألا تدخل. نفس الكلام قاله الأوصياء لدعم المسؤولين ونفس الإجابة قيلت لا تستطيع الخروج وكان يجب ألا تدخل. هم أنذروا وأعطوا لمن يرغب القروض إذا لم يسمع النصح ويدخل.
إذا رغبت في فرص لتنمية وتطوير أعمالي من خلال قرض أواجه بالرفض ولكن إذا رغبت في قرض لشراء أسهم أعطى وبنسب متصاعدة تصل إلى ريالين لكل ريال أضعه على أن يكون الرهن أسهمي حيث يستطيع البنك تسييلها وقت يشاء. فالفرق الوحيد بين الاثنين هو القدرة على السيطرة والتحكم. وأصبحت وكأنني أقاد لسوق الأسهم برجلي حتى يتحقق حلمي ولأنه لا طريق أمامي غيره.
دخلنا سوقا محدود العرض فيه فالبنوك تسلمت ريادة توسيع السوق وطرح الشركات الجديدة ومع نمو سوقنا وتعطشه كانت الأمور تعطى بالقطارة وحسب رغبات الكبار مع البنوك ومع دفعنا رسم الدخول من خلال علاوة إصدار والتي وصلت لحدود خيالية. سمعنا وأطعنا وكما وجهنا من الأوصياء اتبعنا ولم نخالف. ورضينا بالمقسوم على أمل أن المستقبل الموعود سيكون أخضر لا دمويا أحمر.
ومع قلة عدد الشركات ومحدودية الأسهم المتاحة والقروض المعطاة وتعطشنا للربح ورغبتنا في تحسين مستقبلنا دخلنا في الفخ الذي نصب لنا، ولم نرحم حتى في الصناديق التي تديرها البنوك فالمصير واحد ومشترك فالمشرب واحد. ولم يكن طبعا أمام السوق اتجاه سوى إلى الأعلى فالطلب مرتفع والعرض محدود.
وفي الختام وبعد انتهاء المسلسل الدرامي والمغامرة التي عشناها وخسرنا معها مدخراتنا ونفسياتنا تم التعدي على إنسانيتنا ونعتنا بكل الصفات السيئة وبالحماقة لأننا تجرأنا ورغبنا في الحصول على الفرصة ووقعنا في الكمين الذي نصب لنا لتتم سرقة مدخراتنا وبأسلوب حضاري وتعرضنا لأسوأ أنواع الاستغلال من قبل فئات عدة باحثة عن الثروة على حسابي وكأن الدنيا ضاقت بي ووسعت لهم. ومع كوننا مطيعين لا يزال ينصحنا من سرقنا ويوجهنا بأن ندع الأمور في يده وألا يدخل السوق إلا من لديه المعرفة أو من خلال وسيط يربح ما يشاء ويدع لنا الفتات ولا حل لدي سوى ذلك حتى ينصلح أمر السوق بغض النظر عمن تأذى في السابق ممن كان معه لأننا عندما دخلنا خربنا كل شيء. والسؤال الحالي ولمن يهمه الأمر: هل سترد حقوقنا ممن خدعونا وضللونا وسيلوا محافظنا أو على الأقل إتاحة الفرصة لنا لتعويض جزء من خسائرنا؟