المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصندوق الجديد: فكرة ملكية فذة



شمعة الحب
20-05-2006, 01:14 PM
الصندوق الجديد: فكرة ملكية فذة
د. مقبل صالح أحمد الذكير - 22/04/1427هـ
mdukair@yahoo.com

ما فتئ خادم الحرمين الشريفين يعلن بعد حين وآخر عددا من الأفكار الاقتصادية الرائدة التي تعكس اهتمامه، رعاه الله، برعاية الطبقتين المتوسطة والأقل دخلا في المجتمع. وهما الطبقتان اللتان تراجع مستواهما المعيشي في السنوات الأخيرة تحت ضغط ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار الخدمات العامة الأساسية مع ثبات مستويات دخولهم لسنوات طويلة. ثم ما كادوا يستبشرون بزيادة عوائد النفط حتى جاءت مأساة انهيار سوق الأسهم لتقضي على مدخرات كثير منهم وتضيف إلى معاناتهم بعدا جديدا أعمق.
ويأتي اهتمامه، حفظه الله، بمصالح هاتين الطبقتين ليعكس بصيرة اقتصادية نافذة. ذلك أن سلامة هذه الفئات التي تشكل الشريحة الكبرى من أفراد المجتمع أمر جوهري لضمان الاستقرار الاجتماعي والرواج الاقتصادي. وقد تمثل هذا الاهتمام بداية من خلال المخصصات التي رصدت في الموازنة العامة الحكومية للسنة المالية الجارية في مجالات الإسكان والتعليم والصحة الموجهة لهذه الطبقات. تلاها زيادة الرواتب وتخفيض أسعار المحروقات.
وكان ولا يزال لمأساة انهيار سوق الأسهم نصيب كبير من اهتماماته أيده الله، فجاء تكليفه لمعالي الدكتور عبد الرحمن التويجري بتولي هذه المهمة لإصلاح السوق وإعادة ثقة المتعاملين إليها مع الاستمرار في تطوير البنية الأساسية للسوق، دليلا إضافيا على هذا الاهتمام.
ثم أعلن، حفظه الله، أخيرا عن فكرته الرائدة بتكوين صندوق استثمار يخصص لتنمية مدخرات المواطنين من ذوي الدخل المحدود بأسلوب يحميهم من مخاطر الاستثمار المباشر في أسواق المال التي تتصف عادة بمخاطرها العالية.
والواقع أن صناديق الاستثمار صادفت نجاحا كبيرا في العقود الأخيرة في مختلف دول العالم، بما فيها بلادنا. فبعض صناديق الاستثمار في بلادنا تدير أموالا بلغت نحو 15 مليار ريال في الصندوق الواحد، بينما تخطى حجم الأموال التي تديرها جملة صناديق الاستثمار في الولايات المتحدة عدة تريليونات من الدولارات.
هذه الصناديق هي محافظ تجتمع فيها المدخرات الصغيرة لتكون حجما ضخما من الأموال، تسمح بتوزيع هذه الأموال على استثمارات متنوعة الآجال والمخاطر، بل وحتى متنوعة المناطق الجغرافية بغرض تحقيق عوائد مستقرة بمخاطر منخفضة حماية لرأس المال المستثمر.
من ناحية أخرى، فإن الموارد المالية الضخمة المجمعة في هذه الصناديق تتيح توظيف كفاءات ومهارات إدارية ذات مستوى عال من التخصص والاحتراف، تكون قادرة على جمع المعلومات وتوجيه الأموال نحو أفضل فرص الاستثمار، مما لا يكون متاحا عادة للمستثمر الفرد. وسواء كانت هذه الصناديق مفتوحة أو مغلقة فإنها يمكن أن توفر السيولة للمشتركين وفقا لضوابط معينة. وهي ميزة دلت كثير من الدراسات أنها من أكثر العناصر أهمية بالنسبة لصغار المدخرين. على أن أمر توفير السيولة عند الحاجة إليها في حالة الصناديق المغلقة يتطلب في الحقيقة أن تكون هناك أسواق منظمة لتداول وحداتها، بعكس الصناديق المفتوحة.
والواقع أن هناك أفكارا عديدة يمكن أن ينظم على ضوئها هذا الصندوق المقترح، فقد يكون الصندوق بمثابة شركة قابضة كبيرة، يقسم داخليا إلي عدة محافظ في مجالات استثمارية متعددة ومنفصلة بعضها عن بعض، بحيث تُستثمر مواردها في مجالات متعددة سواء في الأسواق الداخلية أو الخارجية. وبالطبع هناك فرص واعدة كبيرة في الاقتصاد السعودي يمكن أن تستثمر فيها موارد الصندوق المقترح، منها الاكتتابات التي يمكن أن يحجز لها سلفا نسبة مضمونة من عدد الأسهم في المشاريع الجديدة. أو أن تبيع الدولة على الصندوق بعضا من أسهمها في الشركات القائمة بسعر تفضيلي.
وغني عن البيان أن هذا الصندوق سيدار وفقا للضوابط الشرعية سواء في نوع وطبيعة هذه الاستثمارات، أو في طريقة تنظيم العقود التي تحكم علاقة الإدارة مع مجموع المشتركين فيه. بل إن فكرة هذه الصناديق سواء كانت قائمة على أساس الشراكة بين أرباب المال ومدير الصندوق أو على أساس الوكالة بأجر بينهم وبين مدير الصندوق، إنما تتوافق مع الفكرة الأساسية التي قامت عليها المصارف الإسلامية كمؤسسات وساطة مالية تجعل أرباب الأموال يتحملون مباشرة مخاطر العمل الاستثماري، بعكس المصارف التقليدية التي تعزل مخاطر المودعين عن مخاطر المستخدمين لهذه الودائع. هذا المنطق الذي قامت عليه صناديق الاستثمار وانتشرت، هو نفسه المنطق الذي قام عليه نموذج المصرف الإسلامي. ونجاح هذه الصناديق حتى في الولايات المتحدة هو الذي يفسر التقلص النسبي في عدد المصارف الأمريكية، وكذلك انخفاض نصيب المصارف الأمريكية من جملة الأصول المالية في الاقتصاد الأمريكي في العقدين الأخيرين على حساب صناديق الاستثمار.
ليست الفكرة الأساسية في كيفية تنظيم هذا الصندوق، أو في ماهية المجالات التي سوف يستثمر فيها، فالأفكار عديدة والفرص كثيرة. وقد أضحى نجاح هذه الصناديق ظاهرا في مختلف بقاع العالم. إن النجاح المذهل لصندوق الادخار الماليزي المعروف باسم طابونق حاجي Tabung Haji يقدم دليلا آخر للريادة الفذة التي يمكن أن تحققها مثل هذه الصناديق في تغير حياة طبقات واسعة من أفراد المجتمع. إن الفكرة الأساسية الرائدة التي يمكن أن تفهم من حديث خادم الحرمين الشريفين هي أنه أصبح من الضروري الآن الاهتمام ببرامج تعمل على تغيير وتوسيع هيكل توزيع الملكية في مجتمعنا، بحيث ينال أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة نصيبا معلوما من هذه الثروة لا يزاحمهم فيه أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة. وهذا لعمرك، توجه اقتصادي كبير لا يصدر إلا من رجل أوتي من الحكمة حظا عظيما.

شمعة الحب
20-05-2006, 01:15 PM
تساؤلات حول صندوق ذوي الدخل المحدود!
د. سالم القظيع - استشاري اقتصادي - - 22/04/1427هـ
algudhea@yahoo.com

"سُئلت أم: من تحبين من أبنائك؟ قالت: "مريضهم حتى يشفى، وغائبهم حتى يعود، وصغيرهم حتى يكبر"... هذه الأبوة الحانية جسدها خادم الحرمين الشريفين, يحفظه الله, في قراره بإنشاء صندوق لذوي الدخل المحدود من المستثمرين عندما تجرد من نظرة أهل المال ونظر بعين رحيمة إلى أبنائه الضعفاء الذين أرسلوا نداءات استغاثة عبر كل الوسائل وبرروا حاجتهم إلى الدعم. كما أن استجابته تثبت بما لا يدع مجالاً للشك خطاه تجاه إصلاح حال المجتمع وبعث روح الأسرة في لحمة المجتمع السعودي بأبوة فريدة، كما تؤكد ثقته باقتصاد الوطن، هذه الثقة تأتي من إيمانه ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح الذي حمل أمانة إتمامه. كما أن في ثناياها قناعة تامة لدى خادم الحرمين الشريفين بأن حال سوق الأسهم ستتجه إلى الانضباط وإدرار العوائد على المتعاملين مدعومة بايجابية الدورة الاقتصادية "شاءت أم أبت" النظريات! وفي خضم هذه المكرمة نشأت بعض التساؤلات حول تأثير هذا الصندوق في مقدمي الخدمات المالية وخصوصاً خدمة إدارة الصناديق، وهي وجهة نظر لا يمكن رفضها. وما دام أن الأمر ما زال في طور المناقشة والاختبار فإن الحاجة ماسة إلى السعي نحو تحقيق أكبر قدر من المنافع من قرار خادم الحرمين الشريفين في هذا الخصوص.
ولكي يؤتي هذا القرار ثماره كاملة، فإن من الملائم ألا يكون الاكتفاء بصندوق واحد لذوي الدخل المحدود بل أن يتم تقسيمه إلى عدة صناديق بتوجهات استثمارية مختلفة بحيث يتنافس على إدارتها عدد من مقدمي الخدمات المالية سواء المرخص لها الآن أو تلك التي سيرخص لها مستقبلاً، وذلك لسببين جوهريين. السبب الأول، أنه كما هو معلوم فإن هذا الصندوق في أصله صندوق استثماري، وقد أثبتت التجربة السعودية أن أكثر المقبلين على صناديق الاستثمار هم من صغار المستثمرين, وهذا يعني ضمناً أن عملاء صندوق ذوي الدخل المحدود هم في الغالب من عملاء الصناديق القائمة. مما يعني ضمناً أن هذا الصندوق قد يؤثر في مستوى الإقبال على صناديق الاستثمار التي تديرها شركات الخدمات المالية (بما فيهما البنوك) وذلك لسبب وحيد يكمن في أن هامش الخسارة في الصندوق غير وارد في ظل ضمان الحكومة، مقارنة بالصناديق البديلة التي يسقط عليها احتمال تحقيق الخسائر. أما السبب الثاني، فيأتي نتيجة الحاجة إلى تطوير قطاع الخدمات المالية من خلال الرفع من وتيرة المنافسة فيما بينها. ففي حال زيادة الإقبال على هذا الصندوق على حساب الصناديق البديلة فإن مقدمي الخدمات المالية قد يعزفون إلى حد ما عن تقديم خدمات مماثلة وربما يكتفون بالتركيز على خدمات مالية أخرى، وهذا قد يفقد قطاع الخدمات المالية وهج أحد أنشطته المهمة, وهو إدارة الصناديق الاستثمارية التي لن تنبعث رحلة التطوير فيها دونما منافسة واسعة.
من هذا المنطلق، قد يكون من الملائم "خلق المنافسة" في نشاط إدارة الصناديق بتقسيم صندوق ذوي الدخل المحدود إلى عدة صناديق. حيث يتم تعيين مديري هذه الصناديق من خلال طرح منافسة عامة بين مقدمي الخدمات المالية لإدارة هذه الصناديق، بحيث يسعى كل مقدم خدمة إلى المنافسة من خلال تقديم خطته الاستثمارية لإدارة الصندوق على أن تتم المحافظة على مفهوم حماية المستثمر من الخسارة. وبهذا يتم ضمان استفادة الجميع من هذا الصندوق، والمقصود بالجميع هنا "صغار المستثمرين" "وقطاع الخدمات المالية السعودية", على أن تبقى الشريحة المستهدفة من المستثمرين بالخيار للاشتراك في الصندوق مع مقدم الخدمة الأفضل حسب أدائه.
إشارة
لوحظ في خضم التفاعل مع قرار خادم الحرمين الشريفين الحديث عن شرعية ضمان رأس المال في هذا الخصوص وهذا فيه شيء من الخلط. لن أتجاوز المختصين في أمور الشريعة، بل يجب توضيح مفهوم ضمان رأس المال من وجهة النظر المالية. حيث يقصد بصناديق رأس المال المضمون تلك الصناديق التي تركز على الاستثمار في الأصول ذات المخاطر المتدنية كالسندات وأدوات الدين الأخرى ذات العوائد الثابتة بحيث "يضمن" مدير الصندوق هنا عدم فقدان رأس المال. بمعنى أن ضمان رأس المال نابع من طبيعة الأصول التي يستثمر فيها الصندوق. أما مفهوم الضمان في صندوق خادم الحرمين الشريفين فيأتي من وجود "الدولة" كطرف ثالث ومراقب وليس ضماناً نابعاً من طبيعة الأصول التي يستثمر فيها الصندوق، حيث إن الصندوق معرض للخسارة بناء على أداء السوق. وإذا كان صندوق ذوي الدخل المحدود سيستثمر في سوق الأسهم السعودية (وهذا هو الغالب) فإنه بذلك يعتبر صندوقاً مرتبطاً بالسوق market-linked fund أي أنه النقيض التام لصناديق رأس المال المضمون capital-guaranteed fund حسبما تمليه أبجديات الاستثمار!

مستشار اقتصادي