الوعب
22-09-2011, 09:36 AM
القبس
رزان عدنان
وصل سعر المعدن الى 1900 دولار للأونصة الواحدة، بسبب المخاوف التي شعر بها المستثمرون اخيراً، ما دفعهم الى جمع الذهب وتكديسه في خزائنهم. لكن هناك عددا كبيرا من المستثمرين بدأ يجازف في حقل آخر بعيد، مثل اقتناء الأحجار الكريمة كالياقوت الأحمر والأزرق والزمرد. ورغم أن الأحجار الملونة خليط من النوعيات المختلفة والقيم مجموع في فئة أصول، فان الأرقام تشير اليوم الى ارتفاع قيمها.
يقول تجار ان أسعار الياقوت الأحمر ذي النوعية العالية ارتفعت بنسبة 50 في المائة هذا العام، وتضاعفت قيمته في غضون العامين الماضيين. في حين تراوح سعر قيراط الياقوت الأزرق من الدرجة الممتازة في عام 2009 ما بين 65 ألف دولار، الى 80 ألف دولار، والقيراط هو وحدة تساوي 200 مللغرام. أما اليوم فيصل سعر القيراط الى 150 ألف دولار وأكثر، وفق ما ذكره الرئيس السابق في هيئة الأحجار الكريمة الملونة العالمية جو ميتري.
وفي مزاد أقيم اخيراً، بيع الزمرد الافريقي بنسبة تزيد على 63 في المائة للقيراط الواحد، مقارنة بالسعر الذي بيعت به أحجار كريمة من النوعية الممتازة في ديسمبر الماضي. كما ارتفع سعر الأحجار الكريمة من النوعية الوسط ما بين 20 في المائة الى 25 في المائة هذا العام وفق ما أشار اليه أحد التجار.
ويقول مهتمون بالصناعة أن هذا الازدهار عزز أيضا من قيمة الأحجار ذات القيمة التجارية، التي يقبل على شرائها أولئك الذين لا يمكنهم تحمل سعر الياقوت ذي الجودة العالية. ويقول أحد المتخصصين في بيع مثل هذه الأحجار إلى تجار تجزئة أن «بعض هذه الأحجار الشبيهة بالثمينة تسعر كما لو أنها ثمينة».
إلى هذا، تساهم عوامل عديدة في رفع أسعار هذه الأحجار الكريمة. أولها ارتفاع الطلب من الاقتصادات ذات النمو السريع خاصة الصين والهند. وإذ يبدي هذان البلدان عاطفة خاصة تجاه الأحجار الكريمة، بعضهم يعتقد أنها تجلب الحظ السعيد، على سبيل المثال تعتقد الطائفة الهندوسية أن الياقوت الاصفر يجلب الحظ. ويتباهى الأثرياء الجدد في هذه الأمم بهذه الأحجار في حفلات العشاء التي يقيمونها، أو يدعون إليها في شانغهاي ومومباي، على اعتبار أنها تدل عليهم وعلى مستواهم الاجتماعي. ويقول أحد التجار الأميركيين أن الأحجار الكريمة الشبيهة بالثمينة كالتترانية مثلا تباع بسرعة، ويمكنه بيعها مقابل 300 دولار للقيراط الواحد، ومن ثم الحصول عليها مقابل 280 دولارا، لكنه يجد صعوبة في منافسة التجار الصينيين الذين يبدون استعدادا لشرائها مقابل 350 دولارا للقيراط الواحد، ومن ثم بيعها لعملاء محليين مقابل 400 دولار. ويمثل ارتفاع اليوان مقابل الدولار عاملا مساعدا آخر، إذ يعتبر العملة المهيمنة على أسعار الأحجار الكريمة.
أما العامل الثاني الذي يزيد الأسعار، فهو عدم الأمان الاقتصادي. كما هو حال الذهب، ينظر البعض إلى الأحجار الكريمة كمصدر مهم وملموس للقيمة عندما تشتد الظروف وتجيء الفترات الصعبة.
ويقول تجار إن الطلب يتزايد عليهم لتوفير مجموعات من هذه الأحجار لأثرياء أميركيين يريدون تنويع أصولهم والابتعاد عن الاستثمارات الورقية.
العامل الثالث هو نقص المعروض. فعلى عكس القيود الاصطناعية المفروضة على المتوافر من الألماس من قبل كبار التجار، فإن شح الأحجار الكريمة يعتبر من القيود الحقيقية. إذ من الصعب إيجاد أحجار ملونة ذات نوعية جيدة. وعدد الشركات التي تحفر مقابل الحصول على مثل هذه النوعيات صغيرة جدا، مقارنة مع عمالقة الألماس، واحدى أكبر الشركات العاملة في مناجم الزمرد هي غيمفيلد وتبلغ قيمتها السوقية 66 مليون دولار فقط على الرغم من نموها السريع، يقول كلوتر باك ان العمل في حقل الأحجار الكريمة والبحث عنها في المناجم لا يلقى اقبالا كبيرا من الشركات، ويرى البعض ان السياسات المحلية ساهمت في شح مثل هذه الأحجار، في عام 2008، منعت أميركا استيراد الأحجار الكريمة من ميانمار التي تعد مصدراً رئيسياً للياقوت الأحمر، اما مدغشقر فتملك مخزوناً من الياقوت الأزرق، لكن سياساتها معطلة، وبنيتها التحتية فقيرة.
الى هذا، ساهمت الهبات التي يتصدق بها المشاهير في تعزيز الأسعار وان كانت لا تذكر، وكان الطلب على الياقوت الأزرق ارتفع بشكل صاروخي في اميركا عندما أهدى الأمير ويليام لعروسه كيت ميدلتون خاتماً من الياقوت الأزرق المرصع بالماس.
مستقبل الأحجار
هل يستمر ازدهار هذا النوع من فئات الاصول؟ ينظر متفائلون للأحجار الملونة على انها تنافس الماس الذي لم يحظ بارتفاع مماثل في الأسعار أخيراً، وهو ما قد يؤهله لاستعادة مجده الغابر، اذ كانت الأحجار الكريمة قبل قرون ذات قيمة وتحظى باهتمام كبير مقارنة بالألماس، قبل ان يهيمن هذا الأخير في القرن العشرين ويتغلب على الأحجار الملونة بسبب تسويقه الجيد، ويعتقد الرئيس التنفيذي في غيمفيلد ايان هيربوتل ان الاحجار الكريمة يمكن ان تصبح «سوبر ستارز»، اذا تم تسويق ندرتها بذكاء، وينبغي ان يساعد ذلك على ايجاد فرص نامية للمستثمرين عبر اعادة بيع هذه الاحجار في مزادات متخصصة.
رغم ذلك، يجب على المشترين التأني والحذر، فالأحجار الكريمة الملونة تتباين بشكل كبير في جودتها، اذ يمكن لمستثمر جديد في هذا المجال ان ينخدع ويظن ان الياقوت السيرلانكي اكثر قيمة من الكشميري، ومن المعروف ان التجار عديمي الضمير يتدافعون وراء الاحجار عديمة الفائدة ووضعها في شكل مجموعات يشتريها اليوم اميركيون.
حتى وان كان التاجر صادقاً، لا تتوقف المخاطر التي تواجه المشترين عند هذا الحد، اذ قفزت اسعار الاحجار الكريمة قبل هذه المرة، وهبطت بعد ذلك، فقبل عقد من الزمان، انخفضت اسعار الزمرد بعد ان رفعت قضية ضد تاجر مجوهرات معروف بسبب بيعه حجر مزيف، واذا ما عزف المشترون الآسيويون واقتصدوا في شراء الاحجار الكريمة، فانه سيكون من الصعب تبرير الاسعار الحالية وبقائها كما هي، واذا ما انهارت، يمكن حينها استخدام الياقوت الأحمر في حالة واحدة وهي من أجل ارتدائه على المسرح، وبناء على ذلك، لن تنفع شهادة الشراء الا كورق حمام!
¶ ذي ايكونوميست ¶
رزان عدنان
وصل سعر المعدن الى 1900 دولار للأونصة الواحدة، بسبب المخاوف التي شعر بها المستثمرون اخيراً، ما دفعهم الى جمع الذهب وتكديسه في خزائنهم. لكن هناك عددا كبيرا من المستثمرين بدأ يجازف في حقل آخر بعيد، مثل اقتناء الأحجار الكريمة كالياقوت الأحمر والأزرق والزمرد. ورغم أن الأحجار الملونة خليط من النوعيات المختلفة والقيم مجموع في فئة أصول، فان الأرقام تشير اليوم الى ارتفاع قيمها.
يقول تجار ان أسعار الياقوت الأحمر ذي النوعية العالية ارتفعت بنسبة 50 في المائة هذا العام، وتضاعفت قيمته في غضون العامين الماضيين. في حين تراوح سعر قيراط الياقوت الأزرق من الدرجة الممتازة في عام 2009 ما بين 65 ألف دولار، الى 80 ألف دولار، والقيراط هو وحدة تساوي 200 مللغرام. أما اليوم فيصل سعر القيراط الى 150 ألف دولار وأكثر، وفق ما ذكره الرئيس السابق في هيئة الأحجار الكريمة الملونة العالمية جو ميتري.
وفي مزاد أقيم اخيراً، بيع الزمرد الافريقي بنسبة تزيد على 63 في المائة للقيراط الواحد، مقارنة بالسعر الذي بيعت به أحجار كريمة من النوعية الممتازة في ديسمبر الماضي. كما ارتفع سعر الأحجار الكريمة من النوعية الوسط ما بين 20 في المائة الى 25 في المائة هذا العام وفق ما أشار اليه أحد التجار.
ويقول مهتمون بالصناعة أن هذا الازدهار عزز أيضا من قيمة الأحجار ذات القيمة التجارية، التي يقبل على شرائها أولئك الذين لا يمكنهم تحمل سعر الياقوت ذي الجودة العالية. ويقول أحد المتخصصين في بيع مثل هذه الأحجار إلى تجار تجزئة أن «بعض هذه الأحجار الشبيهة بالثمينة تسعر كما لو أنها ثمينة».
إلى هذا، تساهم عوامل عديدة في رفع أسعار هذه الأحجار الكريمة. أولها ارتفاع الطلب من الاقتصادات ذات النمو السريع خاصة الصين والهند. وإذ يبدي هذان البلدان عاطفة خاصة تجاه الأحجار الكريمة، بعضهم يعتقد أنها تجلب الحظ السعيد، على سبيل المثال تعتقد الطائفة الهندوسية أن الياقوت الاصفر يجلب الحظ. ويتباهى الأثرياء الجدد في هذه الأمم بهذه الأحجار في حفلات العشاء التي يقيمونها، أو يدعون إليها في شانغهاي ومومباي، على اعتبار أنها تدل عليهم وعلى مستواهم الاجتماعي. ويقول أحد التجار الأميركيين أن الأحجار الكريمة الشبيهة بالثمينة كالتترانية مثلا تباع بسرعة، ويمكنه بيعها مقابل 300 دولار للقيراط الواحد، ومن ثم الحصول عليها مقابل 280 دولارا، لكنه يجد صعوبة في منافسة التجار الصينيين الذين يبدون استعدادا لشرائها مقابل 350 دولارا للقيراط الواحد، ومن ثم بيعها لعملاء محليين مقابل 400 دولار. ويمثل ارتفاع اليوان مقابل الدولار عاملا مساعدا آخر، إذ يعتبر العملة المهيمنة على أسعار الأحجار الكريمة.
أما العامل الثاني الذي يزيد الأسعار، فهو عدم الأمان الاقتصادي. كما هو حال الذهب، ينظر البعض إلى الأحجار الكريمة كمصدر مهم وملموس للقيمة عندما تشتد الظروف وتجيء الفترات الصعبة.
ويقول تجار إن الطلب يتزايد عليهم لتوفير مجموعات من هذه الأحجار لأثرياء أميركيين يريدون تنويع أصولهم والابتعاد عن الاستثمارات الورقية.
العامل الثالث هو نقص المعروض. فعلى عكس القيود الاصطناعية المفروضة على المتوافر من الألماس من قبل كبار التجار، فإن شح الأحجار الكريمة يعتبر من القيود الحقيقية. إذ من الصعب إيجاد أحجار ملونة ذات نوعية جيدة. وعدد الشركات التي تحفر مقابل الحصول على مثل هذه النوعيات صغيرة جدا، مقارنة مع عمالقة الألماس، واحدى أكبر الشركات العاملة في مناجم الزمرد هي غيمفيلد وتبلغ قيمتها السوقية 66 مليون دولار فقط على الرغم من نموها السريع، يقول كلوتر باك ان العمل في حقل الأحجار الكريمة والبحث عنها في المناجم لا يلقى اقبالا كبيرا من الشركات، ويرى البعض ان السياسات المحلية ساهمت في شح مثل هذه الأحجار، في عام 2008، منعت أميركا استيراد الأحجار الكريمة من ميانمار التي تعد مصدراً رئيسياً للياقوت الأحمر، اما مدغشقر فتملك مخزوناً من الياقوت الأزرق، لكن سياساتها معطلة، وبنيتها التحتية فقيرة.
الى هذا، ساهمت الهبات التي يتصدق بها المشاهير في تعزيز الأسعار وان كانت لا تذكر، وكان الطلب على الياقوت الأزرق ارتفع بشكل صاروخي في اميركا عندما أهدى الأمير ويليام لعروسه كيت ميدلتون خاتماً من الياقوت الأزرق المرصع بالماس.
مستقبل الأحجار
هل يستمر ازدهار هذا النوع من فئات الاصول؟ ينظر متفائلون للأحجار الملونة على انها تنافس الماس الذي لم يحظ بارتفاع مماثل في الأسعار أخيراً، وهو ما قد يؤهله لاستعادة مجده الغابر، اذ كانت الأحجار الكريمة قبل قرون ذات قيمة وتحظى باهتمام كبير مقارنة بالألماس، قبل ان يهيمن هذا الأخير في القرن العشرين ويتغلب على الأحجار الملونة بسبب تسويقه الجيد، ويعتقد الرئيس التنفيذي في غيمفيلد ايان هيربوتل ان الاحجار الكريمة يمكن ان تصبح «سوبر ستارز»، اذا تم تسويق ندرتها بذكاء، وينبغي ان يساعد ذلك على ايجاد فرص نامية للمستثمرين عبر اعادة بيع هذه الاحجار في مزادات متخصصة.
رغم ذلك، يجب على المشترين التأني والحذر، فالأحجار الكريمة الملونة تتباين بشكل كبير في جودتها، اذ يمكن لمستثمر جديد في هذا المجال ان ينخدع ويظن ان الياقوت السيرلانكي اكثر قيمة من الكشميري، ومن المعروف ان التجار عديمي الضمير يتدافعون وراء الاحجار عديمة الفائدة ووضعها في شكل مجموعات يشتريها اليوم اميركيون.
حتى وان كان التاجر صادقاً، لا تتوقف المخاطر التي تواجه المشترين عند هذا الحد، اذ قفزت اسعار الاحجار الكريمة قبل هذه المرة، وهبطت بعد ذلك، فقبل عقد من الزمان، انخفضت اسعار الزمرد بعد ان رفعت قضية ضد تاجر مجوهرات معروف بسبب بيعه حجر مزيف، واذا ما عزف المشترون الآسيويون واقتصدوا في شراء الاحجار الكريمة، فانه سيكون من الصعب تبرير الاسعار الحالية وبقائها كما هي، واذا ما انهارت، يمكن حينها استخدام الياقوت الأحمر في حالة واحدة وهي من أجل ارتدائه على المسرح، وبناء على ذلك، لن تنفع شهادة الشراء الا كورق حمام!
¶ ذي ايكونوميست ¶