المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضغوط لإلغاء صندوق النقد الدولي



شمعة الحب
21-05-2006, 09:16 PM
http://www.aleqt.com/nwspic/27050.jpg
ضغوط لإلغاء صندوق النقد الدولي
- كلاوس تيجيس من بون - 23/04/1427هـ
منذ سنوات يدور النقاش حول إصلاح صندوق النقد الدولي. وقد جاءت البداية في أعقاب الأزمات المالية في النصف الثاني من التسعينيات، حيث انطلقت الدعوة لإقامة "بنيان مالي جديد". ويبدو أنه قد آن الأوان، بعد سنتين من يوبيل التأسيس الستين، للخوض بصورة معمقة في نقاشات حول دور صندوق النقد الدولي وواجباته دون استبعاد مسألة بقاء الصندوق. وبموجب هذه الدعوة كان من المفروض أن يكون الصندوق ركيزة أساسية من ركائز الخطة المستقبلية للدور الذي ينبغي عليه النهوض به، وذلك وفقا لتصورات المدير السابق هورست كولر.

وفيما يلي مزيدا من التفاصيل:

منذ سنوات يدور النقاش حول إصلاح صندوق النقد الدولي. وقد جاءت البداية في أعقاب الأزمات المالية في النصف الثاني من التسعينيات حيث انطلقت الدعوة لإقامة " بنيان مالي جديد ". وبموجب هذه الدعوة كان من المفروض أن يكون الصندوق ركيزة أساسية من ركائز الخطة المستقبلية للدور الذي ينبغي عليه النهوض به، وذلك وفقا لتصورات المدير السابق هورست كولر. ولكن في هذه الأثناء وبمبادرة من رودريجو راتو خليفة كولر تم وضع استراتيجية متوسطة المدى سيعرض راتو نتائجها الأولية واقتراحاته بشأنها أمام مندوبي 184 دولة من الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي في مؤتمر الربيع للصندوق وللبنك الدولي.
إن مجرد مواصلة النقاشات المستمرة منذ سنوات عديدة يعني أن محافظي البنوك المركزية لم يستوعبوا بعد مغزى هذه النقاشات. والأكثر من ذلك يبدو أنه قد آن الأوان، بعد سنتين من يوبيل التأسيس الستين ، للخوض بصورة معمقة في نقاشات حول دور وواجبات صندوق النقد الدولي دون استبعاد مسألة بقاء الصندوق بصورة مسبقة ، ويذكر في هذا الصدد أن صندوق النقد الدولي قد فقد قبل ثلاثة عقود ونصف أهم واجباته، بانهيار قاعدة نسب التبادل الثابتة التي قام عليها نظام "بريتون وودز"، وهي تقديم القروض لمساعدة الدول الأعضاء على تجاوز صعوبات موازين المدفوعات . ومع ذلك واصل الصندوق تقديم مساعداته المالية للبلدان التي تعاني ضائقة وعلى مستوى المليارات، ولآجال طويلة غالبا وبدرجة مشكوك فيها من النجاح. يضاف إلى ذلك أن مجالات عمل جديدة قد ظهرت مع مرور الوقت: مثلا في مساعدات التنمية، ولهذا يتردد القول، عن حق، إن على صندوق النقد الدولي أن يقصر عمله على واجباته الأساسية بدلا من تبديد وقته في منح القروض وينبغي له أن يترك انشغاله بالمساعدات التنموية للبنك الدولي. لقد تم اتخاذ بعض الخطوات في هذا الاتجاه، ولكن النتائج لم تكن مرضية حتى الآن.
إن المناقشات تكتسب مضمونا جديدا بسبب الأحداث التي وقعت أخيرا: حيث استطاعت البرازيل والأرجنتين، وهما من البلدان التي كانت مأزومة فيما مضى، أن تسددا ديونهما البالغة عدة مليارات خلال السنة الماضية حتى قبل مواعيد السداد. وبقدر ما يدعو سداد القروض إلى الابتهاج إلا أنه وضع صندوق النقد الدولي في موضع صعب لأن تقلص حقيبته من القروض يعني تقلص عائداته الضرورية لتمويل نشاطاته الراهنة. إن تركيا هي البلد الباقي الوحيد الكبير المدين لصندوق النقد الدولي حيث تبلغ ديونه نحو 13 مليار دولار. يضاف إلى ذلك أن العديد من البلدان الآسيوية النامية، وخصوصا الصين قد كونت جبلا ضخما من احتياطي العملات. وهنا يمكن للمرء أن يصف السياسة الاقتصادية وخصوصا تجميع هذه الاحتياطيات الهائلة من الدولارات واليورو من خلال التلاعب بنسب تبادل العملات التي تنتهجها البنوك المركزية الآسيوية، وأن ينتقد هذه السياسة بصفتها غير معقولة، ولكن الواقع أن هذه البلدان قد أوجدت لنفسها قاعدة صلبة تمكنها من تجاوز الأزمات المالية في حالة وقوعها دون مساعدة من المجتمع الدولي . ولا يمكن أن يخفى على الأنظار في ضوء هذه الوقائع تراجع أهمية صندوق النقد الدولي.
وكحجة كثيرا ما يلجأ إليها لتبيان أهمية وجود صندوق النقد أنه بالنظر إلى تزايد اندماج الاقتصاد العالمي وما يرتبط بذلك من مخاطر لا بد من وجود مؤسسة متعددة الأطراف تعمل للصالح العالمي العام من خلال توفير نظام مالي ونقدي مستقر. إن لهذا بالطبع صدى محببا وهو سهل القول. ولكن نظرية الصالح الجماعي العام تعاني من بعض الثغرات التي تلقي بظلال من الشك على فشل السوق وما ينجم عن ذلك من دعوات للدولة بالتدخل مما يطرح تساؤلا مهما حول ما إذا كان صندوق النقد الدولي في وضع يمكنه حقا ضمان الاستقرار الضروري والمرغوب فيه للنظام المالي والنقدي العالمي. إن العديد من الدول الأعضاء وقيادة صندوق النقد الدولي نفسه يبدون تحفظا كبيرا إزاء فرص النجاح في تحقيق هذا الهدف.
إن الأمر الذي لا يمكن الاستغناء عنه في هذا السياق هو ضرورة التوصل إلى حالة من التناغم في السياسات الاقتصادية والمالية بين البلدان الصناعية والبلدان التي تشهد نموا متسارعا. إن الحاجة إلى مزيد من التنسيق القوي يجري تبريره بدواعي " مؤثرات خارجية " ناجمة عن سياسة بلد ما أو مجموعة من البلدان. ومن الأمثلة الملموسة على ذلك الصين التي حالت طوال سنوات دون إعادة تقييم عملتها "اليوان" محققة لنفسها بهذه الطريقة أكثر من ميزة تنافسية في الأسواق الدولية. ويزعم في هذا الصدد أن الفائض التصديري الهائل الذي تتمتع به الصين قد أسهم في تحقيق عدم التوازن الحالي في الحسابات الجارية والأمر الذي يشكل تهديدا لأسواق المال وللاقتصاد العالمي ككل. إن خطة "راتو"، التي ترمي إلى تشديد دور صندوق النقد الدولي الرقابي خصوصا فيما يتعلق بمسائل أسعار الصرف، تستهدف أيضا الحد من المخاطر من خلال الانتقال من المشاورات الثنائية بين الدول الأعضاء إلى مشاورات جماعية ضمن إطار منتدى للاقتصاد العالمي.
ومع ذلك فثمة شك في إمكانيات النجاح حيث إن توصيات الصندوق، التي تتضمن نقدا صريحا للترتيبات الخاطئة والخطيرة في مجال سياسات سعر الصرف، هي توصيات غير ملزمة حيث إنها لن تناقش على مستوى وزاري إلا في اللجنة التوجيهية. ومن المعروف أيضا أن تأثير الصندوق على أي بلد من البلدان سيبقى تأثيرا محدودا إذا لم تكن قد حصلت من الصندوق على مساعدة مالية. ومن الواضح أنه من العسير إحداث أي تغيير على هذا الصعيد، ولهذا ينبغي على الأعضاء ألا يصرفوا كثيرا من الجهد في محاولتهم تحويل صندوق النقد الدولي إلى حكومة للاقتصاد العالمي.