لعديد
29-09-2011, 10:28 AM
«أجمل» الشعر أكذبه
تلك المقولة أطلقها العرب في جملة الأحكام العامة التي يطلقونها على آدابهم، ولكن صدقاً إذا كان الكذب مرفوضا في كل الأعراف والديانات بجميع أشكاله وألوانه إلا أنه أحد قوانين الشعر التي تضفي عليه صبغة جمالية، بل كلما تمادى الشاعر في كذبه ازداد تصفيقاً له، لأن الشعر ليس علاقات رياضية بل هو صدى لتلك الآمال والطموحات التي نتوقعها من الشاعر تجاه أي قضية يناقشها.
فالشاعر عليه أن يقنعنا بأنه سيموت بين يدي محبوبته وحتى وإن كان يتغزل بالكثيرات غيرها في حقيقة الأمر، وعليه أن يرسل تلك الآهات والتنهدات التي تحمل مستمعيه إلى بحر من الدموع راسماً ذلك الموقف التراجيدي بتدخل الوشاه والعزال في كل موقف وعلينا أن نشاركه كراهية كل أولئك الذين يمثلون جداراً عازلاً بينه وبين تحقيق أمنياته، كما كرهنا مالك عم عنترة.
لو أننا جعلنا الصدق حكماً بيننا وبين الشعراء لما صدق منهم إلا أصحاب الشعر الإسلامي أو الحكم والأمثال وما عداها فهم ذلك النحل الذي ينتقل بين زهور البساتين يسيقنا ذلك العسل الممزوج برائحة آلامهم وآمالهم، ولذلك قال سبحانه وتعالي - في سورة الشعراء – «والشعراء يتبعهم الغاوون ألا ترى أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون» ثم جاء الاستثناء بعد ذلك لقلة قليلة منهم رسمت للشعر طريقاً دينياً محدد الملامح.
ولذلك لو أننا اعتبرنا الشعر صدى للواقع لهالنا أن - إبراهيم ناجي الذي كتب رائعته الأطلال كتبها في امرأة تعرفها الشاشات العربية من خلال فيلم ريا وسكينة - ولاعتبرناه مدلسا ومزورا للحقائق فأين هي من قوله
«واثق الخطوة يمشي ملكاً ظالم الحسن شهي الكبرياء، عبق السحر كأنفاس الربا ساهم الطرف كأحلام المساء».
وقد يعتبر البعض أن هذا ليس كذباً، فالمحب نظارته التي يرى بها محبوبته مشروخة قليلاً وهو فعلاً يراها الأجمل بين نساء العالمين.. نعم أوافقكم إنها الأحلى في عينيه، ولكنها ليست الأجمل لأن المحبين لديهم القدرة على تمييز من الأجمل وإلا لما ارتفعت نسب المشاهدة لمذيعة قناة الجزيرة (إيمان بنوره) عند إطلالتها المميزة.
أما المتنبي سيد شعراء العربية ما عرف الحب يوماً ومع ذلك ينقلنا نقلة مكوكية بقوله:
وعذلت أهل العشق حتى ذقنه ... فعجب كيف يموت من لا يعشق
لذلك أقول لكل الذين يربطون الشعر بواقع الشاعر أنتم ترتكبون خطأ بحق الشعر العربي؟ اتركوا الشعراء لإبداعاتهم لا تحدوهم بزمان أو مكان أو وضعية، وهذا أثار دهشتي وأنا أستمع لأحد الشعراء، وهو يبالغ بالفخر بنفسه وقبيلته والآخرون استماتوا بتفنيد كلماته وأنهم يعرفونه ويعرفون قبليته وأن كل الذي يقوله من باب الكذب، ولذلك أقول لكم كما قالت العرب «أجمل الشعر أكذبه».
تحياتي لجميع قراء الشعر والأدب العربي في كل زمان ومكان.
وقفة:
أين شاعر قطر المميز محمد بن خليفة العطية؟! أين تلك الإبداعات أم أن هذا حالنا مع كل مبدع ما أن يبرق نجمه حتى يختفي مع الثقة الكاملة أن الإبداعات لا تموت حتى وإن اختفى أصحابها.
منقول عن جريدة العرب
للكاتبة / سارة الخاطر
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1384&artid=152728
تلك المقولة أطلقها العرب في جملة الأحكام العامة التي يطلقونها على آدابهم، ولكن صدقاً إذا كان الكذب مرفوضا في كل الأعراف والديانات بجميع أشكاله وألوانه إلا أنه أحد قوانين الشعر التي تضفي عليه صبغة جمالية، بل كلما تمادى الشاعر في كذبه ازداد تصفيقاً له، لأن الشعر ليس علاقات رياضية بل هو صدى لتلك الآمال والطموحات التي نتوقعها من الشاعر تجاه أي قضية يناقشها.
فالشاعر عليه أن يقنعنا بأنه سيموت بين يدي محبوبته وحتى وإن كان يتغزل بالكثيرات غيرها في حقيقة الأمر، وعليه أن يرسل تلك الآهات والتنهدات التي تحمل مستمعيه إلى بحر من الدموع راسماً ذلك الموقف التراجيدي بتدخل الوشاه والعزال في كل موقف وعلينا أن نشاركه كراهية كل أولئك الذين يمثلون جداراً عازلاً بينه وبين تحقيق أمنياته، كما كرهنا مالك عم عنترة.
لو أننا جعلنا الصدق حكماً بيننا وبين الشعراء لما صدق منهم إلا أصحاب الشعر الإسلامي أو الحكم والأمثال وما عداها فهم ذلك النحل الذي ينتقل بين زهور البساتين يسيقنا ذلك العسل الممزوج برائحة آلامهم وآمالهم، ولذلك قال سبحانه وتعالي - في سورة الشعراء – «والشعراء يتبعهم الغاوون ألا ترى أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون» ثم جاء الاستثناء بعد ذلك لقلة قليلة منهم رسمت للشعر طريقاً دينياً محدد الملامح.
ولذلك لو أننا اعتبرنا الشعر صدى للواقع لهالنا أن - إبراهيم ناجي الذي كتب رائعته الأطلال كتبها في امرأة تعرفها الشاشات العربية من خلال فيلم ريا وسكينة - ولاعتبرناه مدلسا ومزورا للحقائق فأين هي من قوله
«واثق الخطوة يمشي ملكاً ظالم الحسن شهي الكبرياء، عبق السحر كأنفاس الربا ساهم الطرف كأحلام المساء».
وقد يعتبر البعض أن هذا ليس كذباً، فالمحب نظارته التي يرى بها محبوبته مشروخة قليلاً وهو فعلاً يراها الأجمل بين نساء العالمين.. نعم أوافقكم إنها الأحلى في عينيه، ولكنها ليست الأجمل لأن المحبين لديهم القدرة على تمييز من الأجمل وإلا لما ارتفعت نسب المشاهدة لمذيعة قناة الجزيرة (إيمان بنوره) عند إطلالتها المميزة.
أما المتنبي سيد شعراء العربية ما عرف الحب يوماً ومع ذلك ينقلنا نقلة مكوكية بقوله:
وعذلت أهل العشق حتى ذقنه ... فعجب كيف يموت من لا يعشق
لذلك أقول لكل الذين يربطون الشعر بواقع الشاعر أنتم ترتكبون خطأ بحق الشعر العربي؟ اتركوا الشعراء لإبداعاتهم لا تحدوهم بزمان أو مكان أو وضعية، وهذا أثار دهشتي وأنا أستمع لأحد الشعراء، وهو يبالغ بالفخر بنفسه وقبيلته والآخرون استماتوا بتفنيد كلماته وأنهم يعرفونه ويعرفون قبليته وأن كل الذي يقوله من باب الكذب، ولذلك أقول لكم كما قالت العرب «أجمل الشعر أكذبه».
تحياتي لجميع قراء الشعر والأدب العربي في كل زمان ومكان.
وقفة:
أين شاعر قطر المميز محمد بن خليفة العطية؟! أين تلك الإبداعات أم أن هذا حالنا مع كل مبدع ما أن يبرق نجمه حتى يختفي مع الثقة الكاملة أن الإبداعات لا تموت حتى وإن اختفى أصحابها.
منقول عن جريدة العرب
للكاتبة / سارة الخاطر
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1384&artid=152728