شمعة الحب
23-05-2006, 09:12 PM
هيئة السوق المالية على صفيح ساخن 9-12
ماذا قال المحللون الخضر؟
د. عبد العزيز الغدير - - - 25/04/1427هـ
Abdalaziz3000@hotmail.com
سوق الأسهم هو السوق الأكثر حساسية للمعلومة, والمعلومة متعددة المصادر, ومن أخطر المعلومات المحركة للسواد الأعظم من المتعاملين " صغار المستثمرين " هي المعلومات الصادرة من أفواه المحللين الماليين الذين قدمتهم الوسائل الإعلامية بهذه الصفة دون معايير علمية, هؤلاء المحللون تكاثروا بشكل مفاجئ، وبنوا سمعة أكثر من جيدة وساعدهم في ذلك الاتجاه التصاعدي لسوق الأسهم السعودية حيث تصيب معظم تحليلاتهم نتيجه ذلك الصعود الجنوني المستمر.
سكرة السوق التي غطت على عقول صغار المستثمرين جعلتهم يبحثون عن هؤلاء المحللين في كل مكان لعلهم يجدون منهم توصية تحقق لهم أرباحا كبيرة في وقت قصير, بل إن السكرة حركتهم الى أبعد من ذلك, فلقد أصبحوا ينصتنون لكل شخص يحلل بأي طريقة كانت حتى وإن كان لا يفقه في السوق المالية أبجدياتها, وما إن يستمعون إلى التحليل حتى يتوجهون إلى شاشات الكمبيوتر أو إلى صالات التداول لتسجيل طلباتهم حسب تلك التحليلات وما تتضمنه من توصيات مباشرة أو غير مباشرة.
المحللون بكافة فئاتهم بظني أنهم اقتدوا في فتاويهم بقاعدة فقهية إسلامية تقول إن المجتهد له أجران إن أصاب " أجر الاجتهاد وأجر الإصابة " وأجر واحد إن أخطأ "وهو أجر الاجتهاد ", نعم لم يُسأل محلل في أي وسيلة كانت وقال لا أعلم, بل كانوا يفتون في أي سؤال مهما كانت درجة تصورهم للموضوع ناسين أو متناسين أن الحكم على الشيء فرع من تصوره .
أحدهم يُسأل على شاشة التلفاز قبل الانهيار بأيام قليلة ويقول السوق متجه إلى الثلاثين ألف نقطة, وأنا أضرب كفا بكف وأقول كيف يقول هذا وهو يعلم أن الأسعار عند العشرين ألف نقطة خيالية وهي أقرب للهبوط الحاد منه للصعود " على أي قاعده ؟! .. هذا ما رأيته, والأدهي والأمر أن المذيعة لا ترد عليه, بل تبتسم وتشكره على آرائه النيرة التي أودت بالمساكين في هاوية الخسائر, وللعلم فإن هذا المحلل رأيته على الشاشة نفسها قبل إقالة رئيس الهيئة السابق وهو يهز برأسه ويقول إن السوق متجه إلى الـ 8000 نقطة, فوا عجبي !!
آخر شارك في ندوات إحدى القوائم المرشحة لمجلس غرفة تجارة الشرقية كان يرمي فتاويه يمينا وشمالا دون حذر أو وجل أو خوف من الله وهو يرى الجموع تحتشد لسماع كلمة منه بعد أن شهرته الفضائيات وقدمته على أنه المحلل الفلتة, ولقد رأيت كثيرا من المواطنين الذين حضروا تلك الندوات وهم يبتسمون متهللة ومستبشرة وجوههم بما قاله من أن السوق ستتخطى الثلاثين ألف نقطة في الأشهر القليلة المقبلة, والنتيجة مكافحة المؤشر دون حاجز العشرة آلاف في أقل من شهرين من توصياته مقرون ببكاء ووجوم وارتفاع في الضغط والسكر.
أحد المستثمرين يقول وهو يرفع يديه إلى السماء داعيا على هؤلاء سائلا الله عز وجل أن ينتقم له ولكل من خسر أمواله نتيجة تجرئهم على أموال المواطنين بحثهم على شراء الأسهم بأسعار عالية بتأكيدهم أن الأسعار سترتفع إلى أعلى من ذلك وأن المؤشر سيتخطى 30 ألف نقطة كالبرق.
وفي وقت الأزمة والسوق في هرج ومرج لم يستطع الراسخون منهم تقديم تفسير لنا عن سبب ارتفاع سهم معين لشركة خاسرة؟! وانخفاض سهم آخر لشركة ناجحة؟!.. بل لقد شاهدنا شركات متواضعة النمو تتفوق أسعارها السوقية على أسعار شركات قيادية؟
ولما تدهورت الأمور أكثر وأكثر، ماذا كان يقول محللونا الخضر؟ –ربما يشكلون في المستقبل جمعية الخضر أو منتدى الخضر- بعضهم تخندق وراء مصطلحات علمية جافة وقام يتمتم بكلام نظري وغير مفهوم وحمى نفسه وراء هذه المصطلحات الأكاديمية الرنانة.. البعض الآخر توارى عن الأنظار واختار السكوت طريقاً وربما الهروب ملاذاً آمناً.. وآخرون ارتكبوا فاحشة التناقض في التصريحات والتحليلات ولم يخجلوا من ذلك أبداً.
لقد أسهم تدني مستوى معظم المحللين الماليين وتناقضاتهم العجيبة في تفاقم أزمة السوق المالية مما يؤكد وبإلحاح شديد ضرورة اعتماد محللين ماليين أكفاء يخضعون لاختبارات منهجية وشخصية تقيس كفاءتهم العلمية وملاءمتهم الشخصية لقيادة هذا الجانب المهم والخطر في السوق المالية وإدراكهم جميع العوامل المؤثرة في السوق، فهم سيوجهون دفة ملايين المستثمرين الحاليين والمرتقبين.
وكلمة حق يجب أن تسجل فإن المحللين ليسوا سواءً، فهناك مجموعة منهم- وإن كانت قلة – التزموا الموضوعية وبدوا متمكنين من مادتهم العلمية ورؤيتهم الشاملة والأهم من ذلك كله ضمائرهم الحية، لقد كانوا في منابرهم يرشدون الناس ويخففون عليهم وطأة الألم والخسائر الكبيرة ويذكرونهم بما كانوا يقولونه لهم من قبل: يا قوم ألم نحذركم؟ ألم ننبهكم؟ ولكنكم اتبعتم عواطفكم وانسقتم وراء أطماعكم وكانت النتيجة أن وقعتم ضحية أنفسكم وضحية الهوامير الكبار الذين جرفوا أمامهم كل شيء.
ماذا قال المحللون الخضر؟
د. عبد العزيز الغدير - - - 25/04/1427هـ
Abdalaziz3000@hotmail.com
سوق الأسهم هو السوق الأكثر حساسية للمعلومة, والمعلومة متعددة المصادر, ومن أخطر المعلومات المحركة للسواد الأعظم من المتعاملين " صغار المستثمرين " هي المعلومات الصادرة من أفواه المحللين الماليين الذين قدمتهم الوسائل الإعلامية بهذه الصفة دون معايير علمية, هؤلاء المحللون تكاثروا بشكل مفاجئ، وبنوا سمعة أكثر من جيدة وساعدهم في ذلك الاتجاه التصاعدي لسوق الأسهم السعودية حيث تصيب معظم تحليلاتهم نتيجه ذلك الصعود الجنوني المستمر.
سكرة السوق التي غطت على عقول صغار المستثمرين جعلتهم يبحثون عن هؤلاء المحللين في كل مكان لعلهم يجدون منهم توصية تحقق لهم أرباحا كبيرة في وقت قصير, بل إن السكرة حركتهم الى أبعد من ذلك, فلقد أصبحوا ينصتنون لكل شخص يحلل بأي طريقة كانت حتى وإن كان لا يفقه في السوق المالية أبجدياتها, وما إن يستمعون إلى التحليل حتى يتوجهون إلى شاشات الكمبيوتر أو إلى صالات التداول لتسجيل طلباتهم حسب تلك التحليلات وما تتضمنه من توصيات مباشرة أو غير مباشرة.
المحللون بكافة فئاتهم بظني أنهم اقتدوا في فتاويهم بقاعدة فقهية إسلامية تقول إن المجتهد له أجران إن أصاب " أجر الاجتهاد وأجر الإصابة " وأجر واحد إن أخطأ "وهو أجر الاجتهاد ", نعم لم يُسأل محلل في أي وسيلة كانت وقال لا أعلم, بل كانوا يفتون في أي سؤال مهما كانت درجة تصورهم للموضوع ناسين أو متناسين أن الحكم على الشيء فرع من تصوره .
أحدهم يُسأل على شاشة التلفاز قبل الانهيار بأيام قليلة ويقول السوق متجه إلى الثلاثين ألف نقطة, وأنا أضرب كفا بكف وأقول كيف يقول هذا وهو يعلم أن الأسعار عند العشرين ألف نقطة خيالية وهي أقرب للهبوط الحاد منه للصعود " على أي قاعده ؟! .. هذا ما رأيته, والأدهي والأمر أن المذيعة لا ترد عليه, بل تبتسم وتشكره على آرائه النيرة التي أودت بالمساكين في هاوية الخسائر, وللعلم فإن هذا المحلل رأيته على الشاشة نفسها قبل إقالة رئيس الهيئة السابق وهو يهز برأسه ويقول إن السوق متجه إلى الـ 8000 نقطة, فوا عجبي !!
آخر شارك في ندوات إحدى القوائم المرشحة لمجلس غرفة تجارة الشرقية كان يرمي فتاويه يمينا وشمالا دون حذر أو وجل أو خوف من الله وهو يرى الجموع تحتشد لسماع كلمة منه بعد أن شهرته الفضائيات وقدمته على أنه المحلل الفلتة, ولقد رأيت كثيرا من المواطنين الذين حضروا تلك الندوات وهم يبتسمون متهللة ومستبشرة وجوههم بما قاله من أن السوق ستتخطى الثلاثين ألف نقطة في الأشهر القليلة المقبلة, والنتيجة مكافحة المؤشر دون حاجز العشرة آلاف في أقل من شهرين من توصياته مقرون ببكاء ووجوم وارتفاع في الضغط والسكر.
أحد المستثمرين يقول وهو يرفع يديه إلى السماء داعيا على هؤلاء سائلا الله عز وجل أن ينتقم له ولكل من خسر أمواله نتيجة تجرئهم على أموال المواطنين بحثهم على شراء الأسهم بأسعار عالية بتأكيدهم أن الأسعار سترتفع إلى أعلى من ذلك وأن المؤشر سيتخطى 30 ألف نقطة كالبرق.
وفي وقت الأزمة والسوق في هرج ومرج لم يستطع الراسخون منهم تقديم تفسير لنا عن سبب ارتفاع سهم معين لشركة خاسرة؟! وانخفاض سهم آخر لشركة ناجحة؟!.. بل لقد شاهدنا شركات متواضعة النمو تتفوق أسعارها السوقية على أسعار شركات قيادية؟
ولما تدهورت الأمور أكثر وأكثر، ماذا كان يقول محللونا الخضر؟ –ربما يشكلون في المستقبل جمعية الخضر أو منتدى الخضر- بعضهم تخندق وراء مصطلحات علمية جافة وقام يتمتم بكلام نظري وغير مفهوم وحمى نفسه وراء هذه المصطلحات الأكاديمية الرنانة.. البعض الآخر توارى عن الأنظار واختار السكوت طريقاً وربما الهروب ملاذاً آمناً.. وآخرون ارتكبوا فاحشة التناقض في التصريحات والتحليلات ولم يخجلوا من ذلك أبداً.
لقد أسهم تدني مستوى معظم المحللين الماليين وتناقضاتهم العجيبة في تفاقم أزمة السوق المالية مما يؤكد وبإلحاح شديد ضرورة اعتماد محللين ماليين أكفاء يخضعون لاختبارات منهجية وشخصية تقيس كفاءتهم العلمية وملاءمتهم الشخصية لقيادة هذا الجانب المهم والخطر في السوق المالية وإدراكهم جميع العوامل المؤثرة في السوق، فهم سيوجهون دفة ملايين المستثمرين الحاليين والمرتقبين.
وكلمة حق يجب أن تسجل فإن المحللين ليسوا سواءً، فهناك مجموعة منهم- وإن كانت قلة – التزموا الموضوعية وبدوا متمكنين من مادتهم العلمية ورؤيتهم الشاملة والأهم من ذلك كله ضمائرهم الحية، لقد كانوا في منابرهم يرشدون الناس ويخففون عليهم وطأة الألم والخسائر الكبيرة ويذكرونهم بما كانوا يقولونه لهم من قبل: يا قوم ألم نحذركم؟ ألم ننبهكم؟ ولكنكم اتبعتم عواطفكم وانسقتم وراء أطماعكم وكانت النتيجة أن وقعتم ضحية أنفسكم وضحية الهوامير الكبار الذين جرفوا أمامهم كل شيء.