المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عين عذاري..! محمد فهد القحطاني



qatarface
20-10-2011, 11:46 AM
من الأمثال المشهورة التي كنا نرددها أيام الصبا والشباب المثل الخليجي ذائع الصيت الذي يقول «عين عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب». وعين عذاري هذه بئر ماء عذبة في مملكة البحرين الشقيقة. والمثل الآخر المشابه لهذا القول هو المثل الشعبي المصري الذي يقول «جحا أولى بلحم ثوره «. ولا يخفى على كل فطن أن وراء هذه الأقوال وأمثالها هدفا سياسيا يريد المواطن البسيط توصيله للقيادات العليا بطريقة شعبية مؤثرة. وهذا الهدف واضح وضوح الشمس في كبد السماء. وببساطة يعني «الأقربون أولى بالمعروف». وبمعنى أقرب «عين عذاري» تعني موارد الدولة و «جحا» يعني السيد المواطن. ومع قوة منطق هذه الأمثال الشعبية السياسية وسهولة وصول معناها للجهة المقصودة، فإن السياسات التوظيفية في بعض الجهات الحكومية مازالت بعيدة عن نبض الشارع الشعبي وخيرات بعض الجهات التي تحركها أصابع الدولة وتستمد سيولتها المالية من موارد الوطن بعيدة كل البعد عن هذه الحكمة، لأن المبدأ مقلوب لديها. فالغريب مقرب والمواطن مؤخر. وعقدة الخواجة مازالت سيدة الموقف. مع أن الكل يردد أن عقدة الخواجة انتهت بانتهاء عصر الاستعمار. فهل تصدق ذلك عزيزي القارئ. أنا لن أجيب عن هذا السؤال مباشرة فالحال تغني عن الجواب. وإنما أطلب منك أن تبحث لي مثلا عن عميد كلية في جامعتنا الوطنية جامعة قطر من الوجوه القطرية، وإذا أعياك البحث والتقصي للوصول إلى مرادك اتركها على جنب، وانتقل إلى المؤسسات الخاصة ذات النفع العام التي أصبحت أكثر من الهم على القلب حتى إنك تعجز عن عدها ناهيك عن معرفة اختصاصها وغرضها في الوجود. وهل تصل خيراتها التي تستقطع من رصيد الموارد الوطنية إلى المواطن القطري. هل استفاد الوطن وأبناء الوطن من هذه المؤسسات العديدة من مثل المؤسسة العربية للديمقراطية، ومركز الدوحة لحرية الإعلام، ومؤسسة صلتك، ومؤسسة أيادي الخير لآسيا، أم إنها بضاعة خمس نجوم للتصدير الخارجي؟!
أين دور المؤسسة العربية للديمقراطية من واقع الحراك الشعبي هنا في الدوحة؟
مع حرصي على حضور ندواتها وأنشطتها لم أسمع يوما أنها قامت على سبيل التجديد أو الخطأ بتوجيه تعاليمها وخبراتها إلى الداخل وتحدثت عن مسيرة الديمقراطية المتعثرة في دول الخليج. لماذا لا تدندن إلا حول تونس ومصر وغيرها من الدول؟ هل نعيش نحن في مدينة أفلاطون الفاضلة؟!
الغريب في الأمر أن من أهدافها تعزيز مبادئ الديمقراطية في البلاد العربية على صعيدي الفكر والممارسة، والعمل على إقرار وسائل من شأنها نشر وتعميق وعي المواطن بحقوقه المشروعة وتمسكه بها. فهل تحقق هذا في بلد المقر على الأقل وذلك أضعف الإيمان؟. لماذا تغيب الكفاءات القطرية المشغولة بهم الديمقراطية عن لجنتها التنفيذية ومجلس أمناء المؤسسة، أم إن دولة قطر عقيم في إنجاب الكوادر المهتمة بهذا المجال؟. كيف ذاك وعندنا شخصية شغلها هذا المجال سنوات طوالا ألا وهو الدكتور علي بن خليفة الكواري المفكر القطري المرموق مؤسس الجماعة العربية للديمقراطية، الذي شهد له القاصي والداني بتفوقه في هذا الهم وحرصه على نشر ثقافته، ومع ذلك غيب هذا الوجه الديمقراطي القطري عن الواجهة، واستلم زمام الأمر فيها القاصي والداني؟!
ومثل ذلك حدث ولا حرج عن مركز الدوحة لحرية الإعلام الذي لا نعرف عنه الكثير، مع أننا نعد من زمرة المستهدفين بخيراته وحمايته ومازال هو يعيش في برجه العاجي يخاطب ود كل صاحب قلم يعيش خارج نطاق الحدود الإقليمية لدولة المقر حتى أصبحنا نعتقد أن عبارة دولة المقر لعنة وليست طريقا مختصرا للوصول إلى بركاته.
أما مؤسسة أيادى الخير نحو آسيا فهي تهدف وتسعى لصنع المستقبل الذي يتيح لكافة شباب العالم الحصول على فرص التعليم على اختلاف مستوياته، وهذا هدف نبيل تشكر عليه ولو أن فقه الأولويات يستدعي منها النظر إلى الداخل وتكثيف جهودها للقضاء على كل إعاقة تقف حائلا أمام الشباب القطري لاستكمال تعليمه خصوصا الجامعي منه. هل يعقل على سبيل المثال ألا تقبل كلية القانون في جامعة قطر أكثر من 35 طالبا في الفصل الدراسي الواحد، ويتم حرمان الباقين من فرصة الدراسة في هذه الكلية مع أن نسبهم في الثانوية فوق %75، وهي النسبة المشترطة لدخول هذا الكلية. وعذر إدارة الكلية في ذلك أن المكان لا يتسع فوق ذلك العدد، وأن أمر القبول خاضع للتنافس بين المتقدمين لها. ألا يعد هذا حرمانا لفرص التعليم؟. هل يعقل ألا تستوعب كلية بقامة كلية القانون -وهو التخصص المرغوب بكثرة من قبل الشباب ومن قبل الجهات الحكومية على حد سواء- أكثر من 35 طالبا في الفصل الواحد؟ هل هذه الكلية صف دراسي في مدرسة ثانوية أم إنها كلية عريقة في جامعة لها من العمر فوق الـ3 عقود. في الكويت قامة القيامة بسبب عدم تمكن جامعتها الوطنية من استيعاب أكثر من 10 آلاف طالب ثانوي. وهنا نعجز عن أقل من ذلك بكثير ولا تحرك حكومتنا الرشيدة ساكنا!. من المصداقية مع النفس والشفافية مع الآخر أن نصلح خلل التعليم عندنا ونفتح نوافذ طلب العلم أمام شبابنا بشكل أوسع قبل أن نستهدف قارة آسيا بهذا الخير.
أما عن مؤسسة صلتك، فما أدراك ما صلتك، التي تسعى إلى استغلال أفضل التكنولوجيات المتطورة والموارد والأفكار والاستفادة منها لخلق فرص عمل للطاقات الشابة العاطلة، وهذا هدف رائع ولاشك، ولكن الأقربون أولى بالمعروف. ألا تعلم هذه المؤسسة الموقرة أن هناك شبابا قطريين وشابات قطريات جامعيين لهم أكثر من سنتين وثلاث وهم يطرقون أبواب الجهات الحكومية للحصول على فرصتهم في بناء أوطانهم ومع ذلك تغلق في وجوههم أبواب الفرص بكذا دعوى وكذا عذر؟. نعم توجد بطالة بين الشباب القطري خريج الجامعة والثانوية ومن يدعي غير ذلك عليه تصفح الإحصاءات والتقارير الرسمية في ذلك، ومن بينها تعداد السكان والمساكن والمنشآت في قطر لعام 2010 الذي صدر في 20 أكتوبر 2010. فهلا قامت مؤسسة صلتك بتفعيل دورها الرائع في بلد المقر وبحثت عن مخرج لهؤلاء الشباب وخلقت أمامهم فرص عمل تقيهم هم الليل وذل النهار، أم إن عذاري تبحث عن النخل البعيد لتسقيه من مائها العذب وتترك النخل الوطني القريب حتى يذبل من ذل السؤال.. والسلام.
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1405&artid=154366