شمعة الحب
24-05-2006, 05:07 PM
تصحيح أم تسطيح أم قسوة؟
إبراهيم محمد باداود - 26/04/1427هـ
imbadawood@yahoo.com
صرح معالي محافظ مؤسسة النقد قبل أسبوعين وخلال فترة كان المؤشر متجهاً إلى أقل من عشرة آلاف نقطة قائلاً بما معناه إن اقتصادنا قوي، وإن أداء البنوك جيد، وأن لا تأثير على انخفاض قيمة الأسهم عليها، كما وصف انهيار السوق بأنه لا يتعدى كونه عملية تصحيح!
وقد أثار هذا التصريح ردود فعل غاضبة لدى كثير من المستثمرين والصحافيين والنقاد، فهل التصحيح أن تخسر السوق أكثر من 50 في المائة من قيمة المؤشر خلال أسابيع؟ وهل التصحيح أن يتبخر أكثر من تريليون ونصف التريليون ريال خلال فترة وجيزة؟ وهل التصحيح أن يتأثر ملايين السعوديين على أرض الوطن فيفقد معظمهم أغلب ما يملكونه في السوق بعد أن وثقوا باقتصاد بلادهم وظنوا أنهم مقدمون على طفرة؟ وهل التصحيح أن تقوم البنوك بتسييل المحافظ حرصاً على مصالحها وحفاظاً على أموالها بغض النظر عن مصالح العامة ذلك على المجتمع؟ وهل التصحيح أن يشاهد الناس أموالهم تتبخر أمامهم ولا يملكون أن يفعلوا شيئاً لها فإما الموت قهراً والاعتراف بالخسارة وإما انتظار الأمل وتحمل ما يخبئه لهم القدر؟ وهل التصحيح أن يسيطر على السوق فئة معدودة من الهوامير ومن خلفهم من الذين يدخلون ويخرجون إلى السوق بعد أن يجنوا المليارات ويبقى الآخرون يعضون أصابع الندم؟ أليس من غير المعقول عدم الكشف حتى الآن عن هؤلاء خصوصاً في ظل التقدم التقني وارتفاع مستوى الرقابة أم أن هؤلاء هم قادة التصحيح؟
كيف يمكن أن يجمع هذا التصحيح بين قوة الاقتصاد وإعلان النتائج المتميزة لمعظم الشركات وبين هذا التدهور والانهيار في السوق، وكيف لا يؤثر الأداء الإيجابي للبنوك في السوق، أم أنها كانت سبباً رئيساً لكي تحقق تلك النتائج، سواءً عن طريق عوائد التمويل المبالغ فيه أو العمولات التي تجنيها بشكل يومي من التعاملات وهي المحتكر لهذا النشاط والكاسب الوحيد من السوق في جميع الأحوال.
ما هو مؤلم أن هناك بعض المسؤولين والمحللين يصرون على التعامل مع بعض الأحداث بمفهوم بعيد كل البعد عن الواقع، ويصفون الأمور بسطحية كاملة، وكأنه في فلك والناس في فلك آخر، بل إن البعض يعتقد أننا ما زلنا نعيش في زمن المعلومة الواحدة وهي المعلومة التي تصدر من صاحبها، ونسي أو تناسى أن الوضع اليوم مختلف فالناس لديها عدة مصادر فهي تقرأ الصحف وتتابع القنوات ولديها العديد من مصادر المعلومات الأخرى والتي يمكن من خلالها التحقق من صحة المعلومات التي تعلن من عدمها وأمر مثلما حدث في سوق المال أذاعته وسائل الإعلام في معظم دول العالم وأكدت أنه كان انهيارا بل إن ذلك قد أثر في العديد من البورصات العربية المجاورة، فلماذا نسمي الأشياء بغير اسمها؟ ولماذا نتعامل مع قضايا المجتمع بهذه القسوة؟ وفي الوقت الذي ينتظر ملايين من الناس كلمة طمأنينة أو عبارة تفاؤل أو حتى حيادا من المسؤولين تفاجأ من بعض المسؤولين يتصدرون وسائل الإعلام بتصريحات مؤلمة وعبارات قاسية وأساليب يتمنى من خلالها العديد من المشاهدين لو أنهم لم يروها أو يسمعوا بها.
لقد قام خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بمحاولات عدة لإنقاذ السوق وأمر يحفظه الله بالعديد من الأوامر كان آخرها تغيير رئيس هيئة سوق المال وتعيين آخر كل ذلك وإن لم يظهر تأثيراً مباشراً على السوق فهو على أقل تقدير فيه طمأنينة للناس أن هناك من يفكر في همومهم، ويحرص على مصالحهم، ويعمل على إيجاد الحلول التي من الممكن أن تساهم في علاج قضاياهم، في حين يأبى بعض المسؤولين إلا أن يتعاملوا مع بعض قضايا المجتمع بمنظور فوقي وكأنهم غير معنيين بالأمر فيقوموا بوصف الواقع بأنه طبيعي ويقدموا بعض التحليلات التي فيها تسطيح لفكر وعقلية الآخرين!
إن ما نحتاج إليه من بعض المسؤولين أن يقدروا ويحترموا عقليات أفراد المجتمع وذلك بألا يتعاملوا معها بسطحية وبساطة أو قسوة وعنف بل بعمق وتأن وأن يراعوا عباراتهم وتصريحاتهم ويهتموا بأن تكون ملائمة لأوضاع الناس تشعرهم أن هناك من يرعى مصالحهم ويهتم بشأنهم ويخفف عنهم مصابهم الجلل.
إبراهيم محمد باداود - 26/04/1427هـ
imbadawood@yahoo.com
صرح معالي محافظ مؤسسة النقد قبل أسبوعين وخلال فترة كان المؤشر متجهاً إلى أقل من عشرة آلاف نقطة قائلاً بما معناه إن اقتصادنا قوي، وإن أداء البنوك جيد، وأن لا تأثير على انخفاض قيمة الأسهم عليها، كما وصف انهيار السوق بأنه لا يتعدى كونه عملية تصحيح!
وقد أثار هذا التصريح ردود فعل غاضبة لدى كثير من المستثمرين والصحافيين والنقاد، فهل التصحيح أن تخسر السوق أكثر من 50 في المائة من قيمة المؤشر خلال أسابيع؟ وهل التصحيح أن يتبخر أكثر من تريليون ونصف التريليون ريال خلال فترة وجيزة؟ وهل التصحيح أن يتأثر ملايين السعوديين على أرض الوطن فيفقد معظمهم أغلب ما يملكونه في السوق بعد أن وثقوا باقتصاد بلادهم وظنوا أنهم مقدمون على طفرة؟ وهل التصحيح أن تقوم البنوك بتسييل المحافظ حرصاً على مصالحها وحفاظاً على أموالها بغض النظر عن مصالح العامة ذلك على المجتمع؟ وهل التصحيح أن يشاهد الناس أموالهم تتبخر أمامهم ولا يملكون أن يفعلوا شيئاً لها فإما الموت قهراً والاعتراف بالخسارة وإما انتظار الأمل وتحمل ما يخبئه لهم القدر؟ وهل التصحيح أن يسيطر على السوق فئة معدودة من الهوامير ومن خلفهم من الذين يدخلون ويخرجون إلى السوق بعد أن يجنوا المليارات ويبقى الآخرون يعضون أصابع الندم؟ أليس من غير المعقول عدم الكشف حتى الآن عن هؤلاء خصوصاً في ظل التقدم التقني وارتفاع مستوى الرقابة أم أن هؤلاء هم قادة التصحيح؟
كيف يمكن أن يجمع هذا التصحيح بين قوة الاقتصاد وإعلان النتائج المتميزة لمعظم الشركات وبين هذا التدهور والانهيار في السوق، وكيف لا يؤثر الأداء الإيجابي للبنوك في السوق، أم أنها كانت سبباً رئيساً لكي تحقق تلك النتائج، سواءً عن طريق عوائد التمويل المبالغ فيه أو العمولات التي تجنيها بشكل يومي من التعاملات وهي المحتكر لهذا النشاط والكاسب الوحيد من السوق في جميع الأحوال.
ما هو مؤلم أن هناك بعض المسؤولين والمحللين يصرون على التعامل مع بعض الأحداث بمفهوم بعيد كل البعد عن الواقع، ويصفون الأمور بسطحية كاملة، وكأنه في فلك والناس في فلك آخر، بل إن البعض يعتقد أننا ما زلنا نعيش في زمن المعلومة الواحدة وهي المعلومة التي تصدر من صاحبها، ونسي أو تناسى أن الوضع اليوم مختلف فالناس لديها عدة مصادر فهي تقرأ الصحف وتتابع القنوات ولديها العديد من مصادر المعلومات الأخرى والتي يمكن من خلالها التحقق من صحة المعلومات التي تعلن من عدمها وأمر مثلما حدث في سوق المال أذاعته وسائل الإعلام في معظم دول العالم وأكدت أنه كان انهيارا بل إن ذلك قد أثر في العديد من البورصات العربية المجاورة، فلماذا نسمي الأشياء بغير اسمها؟ ولماذا نتعامل مع قضايا المجتمع بهذه القسوة؟ وفي الوقت الذي ينتظر ملايين من الناس كلمة طمأنينة أو عبارة تفاؤل أو حتى حيادا من المسؤولين تفاجأ من بعض المسؤولين يتصدرون وسائل الإعلام بتصريحات مؤلمة وعبارات قاسية وأساليب يتمنى من خلالها العديد من المشاهدين لو أنهم لم يروها أو يسمعوا بها.
لقد قام خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بمحاولات عدة لإنقاذ السوق وأمر يحفظه الله بالعديد من الأوامر كان آخرها تغيير رئيس هيئة سوق المال وتعيين آخر كل ذلك وإن لم يظهر تأثيراً مباشراً على السوق فهو على أقل تقدير فيه طمأنينة للناس أن هناك من يفكر في همومهم، ويحرص على مصالحهم، ويعمل على إيجاد الحلول التي من الممكن أن تساهم في علاج قضاياهم، في حين يأبى بعض المسؤولين إلا أن يتعاملوا مع بعض قضايا المجتمع بمنظور فوقي وكأنهم غير معنيين بالأمر فيقوموا بوصف الواقع بأنه طبيعي ويقدموا بعض التحليلات التي فيها تسطيح لفكر وعقلية الآخرين!
إن ما نحتاج إليه من بعض المسؤولين أن يقدروا ويحترموا عقليات أفراد المجتمع وذلك بألا يتعاملوا معها بسطحية وبساطة أو قسوة وعنف بل بعمق وتأن وأن يراعوا عباراتهم وتصريحاتهم ويهتموا بأن تكون ملائمة لأوضاع الناس تشعرهم أن هناك من يرعى مصالحهم ويهتم بشأنهم ويخفف عنهم مصابهم الجلل.