Best Man
26-10-2011, 02:20 AM
من افضل وابين ما كتب عن القذافي ماكتبه الراحل
الدكتور غازي القصيبي رحمه الله في كتابه الوزير المرافق
فأترككم مع ما قاله عن العقيد رحمه الله.
قال عنه أعداؤه كل ما يمكن أن يقال في إنسان
وقال فيهم ما هو أسوأ
قالوا عنه:
صبي ليبيا
مجنون ليبيا
مراهق ليبيا
الكافر
الملحد
يقول القصيبي في كتابه عبر أسطر كان عنوانها
ــ مع الأخ العقيد في الحافلة ــ :
كنت أتطلع إلى لقاء هذا الرجل
أود أن أراقبه عن كثب وأحاوره إن أمكن
هذا الرجل الذي خرج بنظرية يعتقد جازما أنها ستحطم الشيوعية والرأسمالية
هذا الرجل الذي جمع أفكار من هنا وهناك وتصور أنه نجح لأول مرة في التاريخ في إقامة دولة ــ جماهيرية ــ
تحكمها الجماهير نفسها مباشرة وعن طريق مؤتمراتها ولجانها..
هذا الرجل الذي رفض أن يرقي نفسه كما يفعل بقية الانقلابيين العرب
وظل مجرد ــ عقيد ــ !!!
يقول القصيبي:
عند مقتل الملك فيصل كانت إذاعات العالم العربي تبث القرآن الكريم ما عدا إذاعة ليبيا .. ولك يكتف الأخ العقيد بذلك فقد صرح بعدها أنه يستغرب هذا الضجة لمجرد أن ــ تاجر بترول ــ قد مات!!!
يضيف القصيبي:
لا يكاد العقيد يعترف إلا بنوعين من أنواع التعامل الدولي:
الوحدة الفورية الاندماجية
أو
الحرب المسلحة
يرويه القصيبي عن حادثة طريفة شهدتها الرياض على هامش زيارة قام بها القذافي للمملكة العربية السعودية في العام 1979 م ، حيث أرادت زوجة القذافي زيارة أسواق الرياض مع عدد من الليبيات من أقاربها .وأصرّ الليبيون على أن تتم الزيارة بدون مرافقين أو حراسة أو ترتيبات أمنية مسبقة
وبالفعل ذهب الليبيون ومعهم مندوب للمراسم الملكية، صادفت جولتهم وقت صلاة الظهر حيث تقفل الأسواق وينشط رجال ــ هيئة الأمر بالمعروف ــ في حماية الطرقات مما يعتبرونه مخلاً بالفضيلة والآداب ، كانت إحدى المربيات المرافقات لزوجة القذافي ترتدي ثوباً قصيراً بعض الشئ ، الأمر الذي حدا برجال الهيئة إلى زجرها . وكان مع زوجة العقيد أخوها الذي ثارت ثائرته فصب جام غضبه على رجل الهيئة وتجمع الناس حوله وتكهرب الجو ، وكاد الأمر أن يتطور إلى مشاجرة بالأيدي إلا إن مندوب المراسم أقنع زوجة القذافي بالعودة إلى قصر الضيافة
غضب العقيد واعتبر الحادثة إهانة مقصودة ، وأصر بأن تستعد الطائرة للإقلاع الفوري . وسمع الملك خالد بالحادثة ، كما سمع الأمير فهد ، فأسرعا إلى قصر الضيافة يعتذران للضيف ويؤكدان له أن أحداً لم يكن يعرف أنها زوجته ولم يقصد إهانتها ،وأنه لولا إصرار الليبيين على عدم حضور رجال الأمن لما حدث
رفض العقيد أن يقتنع أو يرضى
وأصرّ القذافي على أن يقابل رئيس الهيئة في الرياض ليحاوره عن نظرة الإسلام إلى المرأة والحجاب . رُتب الموعد وقضى رئيس الهيئة أكثر من ساعة في جدل مع العقيد..
يعلق القصيبي بقوله:
"أشك كثيراً أن أحداً من الطرفين قد استطاع أن يقنع الطرف الآخر بوجهة نظره"
يروي الكتاب حادثة طريقة للعقيد القذافي مع الملك خالد أثناء زيارته للجماهيرية ، حيث بعد أن جرى استقبال شعبي لوفد المملكة ، أعتذر القذافي للملك خالد عن حرارة الاستقبال مؤكداً بأنه لا يعرف شيئاً عن الموضوع وأنه بيد اللجان الشعبية
فسأله الملك خالد :
يافخامة الرئيس . هل الحكومة الآن في بنغازي ؟
رد القذافي : الحكومة ؟
ليس لدينا حكومة
لقد ألغينا الحكومة والحكم الآن للجماهير عن طريق المؤتمرات واللجان .
فعاد الملك خالد ليسأله :
والوزراء ؟ هل هم هنا ؟
فرد العقيد :
الوزراء ؟ ليس لدينا وزراء
لقد ألغينا الوزارات
لاتوجد الآن سوى أمانات منبثقة من المؤتمرات الشعبية .
الملك خالد :
وأنت أين تتواجد هذه الأيام . أنت وخوياك ؟
العقيد : في بنغازي
فقال الملك خالد :
إذن فالحكومة في بنغازي . لماذا لم تقل لي ذلك من البداية
.
ويروي القصيبي ماحدث عندما
اصطحب العقيد الوفد السعودي في رحلة إلى الجبل الأخضر في حافلة بدلاً من السيارات الصغيرة، وبذلك أتيحت فرصة أكثر من ثلاث ساعات في نقاش مع العقيد بحرية وانطلاق، خصوصاً أنه لم يكن في الحافلة سوى الأعضاء الرسميين في الوفدين. وقد أتيح للعقيد- كما يذكر الدكتور القصيبي- أن يتحدث عن الكثير من أفكاره ونظرياته. بدأ برأيه في السنة النبوية، وكان الملك خالد حريصاً على أن يسمع منه شخصياً تكذيباً لما بلغه من إنكاره لحجية السنة. ويؤكد القصيبي إلى أن هذا الموقف الديني من جانب القذافي أزعج الملك أكثر من أي موقف سياسي اتخذه العقيد ضد المملكة، إلا أن العقيد لم ينكر بل أوضح!! «أنا لم أنكر السنة كلها، أنا آخذ بالسنة العملية، لا السنة القولية. أنا أعترف بمسائل الصلاة والصيام والحج والزكاة. أما الأحاديث المنسوبة للرسول ملفقة ومزيفة وكتبت بعد وفاته بمدة طويلة. كيف يمكن الاعتماد عليها؟ أمامنا القرآن، أنا لا أعترف إلا بالقرآن، لا أناقش إلا بما جاء في القرآن».
أما إنكار العقيد للسنة، وعدم الاعتراف بها؛ انبرى السعوديون للرد على القذافي، وكان أفصحهم الشيخ ناصر الشثري، إمام الملك ومستشاره في الشئون الشرعية، إلا أن العقيد لم يقتنع. ويضيف القصيبي: إلا أن العقيد خرج علينا برأي «قذافي» آخر.
«في القرآن إشارات ودلالات إلى أن الإسلام هو دين العرب وحدهم!!. محمد كان عَرَبِيَّا، والقرآن نزل بلسان عربي للعرب.. الإسلام لا يصلح إلا للعرب، والعرب لا يصلحون إلا للإسلام؛ وبالتالي يجب أن يكون العرب جميعاً مسلمين. أما غير العرب فلا ينبغي أن يكونوا مسلمين. إن أي مسلم غير عربي هو شعوبي مخادع لم يدخل الإسلام إلاَّ للكيد له».
وهنا انطلق الشيخ ناصر الشثري في محاضرة طويلة معززة بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية مؤداها أن الإسلام للبشر جميعاً وليس للعرب فقط، إلا أن العقيد رفض أن يغير موقفه.
انتقل الحديث بعد ذلك إلى «تعدد الزوجات». قال العقيد إن تعدد الزوجات مبدأ لا يعرفه الإسلام، ولا يعرفه القرآن. وطلب من أعضاء الوفد السعودي قراءة النص القرآني «وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي، فانكحوا ما طاب لكم من النساء...» وأضاف العقيد قائلاً: هذه الرخصة مقصورة على الفتيات اليتيمات اللواتي يتربين في حضانة رجل يود حمايتهم عن طريق الزواج بهن.. فيما عَدَا ذلك لا يجوز التعدد مطلقاً.. انتهى كلام العقيد.
إنقض الشيخ ناصر الشثري كعادته على العقيد، وكان الملك خالد يتابع النقاش وهو يبتسم وكأنه يستغرب «ضلال» العقيد. وفي النهاية أنهى العقيد النقاش مع الشيخ ناصر نهاية قذافية كعادته.
بقوله كيف أتناقش معك ؟ أنت رجل رجعي دماغك متكلس تبحث عن تبرير لزوجاتك الأربع و أنا رجل ثوري متحرر أنظر للإسلام نظرة ثورية متحررة
ثم انتقل الحديث إلى نظرية العقيد الثالثة وكتابه الأخضر. ويدعي العقيد في حضور أعضاء الوفد الرسمي السعودي أن نظريته هي طريق المستقبل ليس للعرب والمسلمين فحسب، بل للعالم الثالث كله، بل للبشرية بأجمعها. ويردف قائلاً: لقد أفلست الشيوعية والرأسمالية، ولم يبق إلا النظرية الثالثة.
فالشيوعيون أصيبوا بذعر شديد عندما ظهر الكتاب الأخضر، وأن الماركسية سوف تنتهي على يد نظريته. وقد جمع القذافي مفكرين وعلماء وأساتذة جامعات من كل أنحاء العالم، حيث قضوا أسبوعين يبحثون عن النظريات التي يتضمنها الكتاب الأخضر. وفي النهاية فاجأهم وقال للمجتمعين «أنتم في وَادٍ والكتاب الأخضر في وَادٍ. وأنه سوف يتولى شرح الكتاب بنفسه ولن يعتمد على أحد».
سأله الدكتور غازي القصيبي: هل انتهت أجزاء الكتاب الأخضر أم هناك بقية؟
يقول العقيد «الكتاب الأخضر عالج ثلاث معضلات: المعضلة الاجتماعية، والمعضلة الاقتصادية، والمعضلة السياسية، ووضعت لها الحلول.. لقد انتهى الكتاب نفسه، ولكن بقيت الشروح والهوامش. وسوف أكتبها أنا!!».
في الحافلة ظل النقاش مستعرًا بين العقيد بمفرده، والوفد السعودي مجتمعين. وكان الموضوع هذه المرة حول التقويم الإسلامي الذي غيره العقيد فجعله يبدأ بوفاة الرسول عليه السلام لا بهجرته يقول القذافي «في حياة كل إنسان حدثان رئيسيان: ميلاده ووفاته. هجرة الرسول من مكة إلى المدينة حدث إقليمي قد يهمكم أنتم في السعودية، ولكن لا يهم التاريخ. الذي يهم التاريخ الميلاد والوفاة. لقد أَرَّخ المسيحيون بميلاد المسيح، فينبغي أن نخالفهم ونؤرخ بوفاة الرسول عليه السلام.
علا احتجاج الوفد السعودي بتقديم الشيخ ناصر الشثري الحجج الشرعية والأسانيد التاريخية . فقد كانت هجرة الرسول مولد أول مجتمع إسلامي في التاريخ. كيف خُفِيَت الأبعاد النفسية والسياسية والاجتماعية والتاريخية للهجرة على هذا العقيد؟ الذي ما زال متشبثاً برأيه. من الذي أَرَّخَ بالهجرة؟ هل هناك نص في القرآن؟ هل أمر به الرسول؟ إنه اجتهاد من عمر بن الخطاب. وعمر بن الخطاب حاكم مسلم وأنا حاكم مسلم، وله اجتهاده ولي اجتهادي.
قال الملك خالد مذهولاً «هل أنت مثل عمر بن الخطاب؟!».. كعادة العقيد حسم القضية ليقول الأيام بيننا. خلال عشر سنوات لن يكون هناك إنسان في العالم الإسلامي يأخذ بالتاريخ الهجري.. سوف يتبع جميع المسلمين تقويمي!!
بدا على مُحَيَّا العقيد شيء من الضيق لكثرة الاعتراضات على الكتاب الأخضر.. إيمان العقيد بالكتاب الأخضر ظاهرة تستدر العجب والرثاء معاً.. هكذا يقول الدكتور غازي القصيبي. يقول العقيد «سمعت أن الناس في السعودية يتخاطفون الكتاب الأخضر!! عشرات الآلاف من الناس.. وأكثر من يطلبه الفتيات!».
ومن مراقبة الدكتور القصيبي للعقيد طيلة فترة زيارة الوفد السعودي إلى ليبيا، ومن استقرائه لتصرفاته ومن حوله، أيقن أن هناك مفتاحاً أساسياً للدخول إلى شخصية العقيد بكل تعقيداتها وتناقضاتها. الطموح.. الطموح المحترق.. الطموح الأعمى.. الطموح غير المحدود. ويتساءل القصيبي: ما هو طموح العقيد؟ الجواب ببساطة أن يكون زعيم العالم الثالث كله، لا زعيمه السياسي فحسب، بل معلمه الروحي والفكري!!
«أَلاَ يعتبر الطموح عندما يصل إلى هذا الحد من العنف نوعاً من أنواع الجنون؟».”
في الكتاب يستغرب القصيبي من تعلق القذافي بكتابه الأخضر ، حيث يورد بأن العقيد قال ذات مرة ” سمعت أن الناس في المملكة يتخاطفون الكتاب الأخضر، عشرات الالآف من الناس . وأكثر من يطلبه الفتيات!!
اختتم الدكتور غازي القصيبي رؤيته عن القذافي بشعوره بالشفقة عليه “عندما تحركت الطائرة نظرت الى العقيد من النافذة , وكان يقف ببذلته البيضاء شامخا معتداً بنفسه, وبثورته , وبنظريته . شعرت بشيء يشبه الشفقة ربما لأنني أحسست أنه كان بإمكان العقيد أن يكون رجلاً عظيما..
الدكتور غازي القصيبي رحمه الله في كتابه الوزير المرافق
فأترككم مع ما قاله عن العقيد رحمه الله.
قال عنه أعداؤه كل ما يمكن أن يقال في إنسان
وقال فيهم ما هو أسوأ
قالوا عنه:
صبي ليبيا
مجنون ليبيا
مراهق ليبيا
الكافر
الملحد
يقول القصيبي في كتابه عبر أسطر كان عنوانها
ــ مع الأخ العقيد في الحافلة ــ :
كنت أتطلع إلى لقاء هذا الرجل
أود أن أراقبه عن كثب وأحاوره إن أمكن
هذا الرجل الذي خرج بنظرية يعتقد جازما أنها ستحطم الشيوعية والرأسمالية
هذا الرجل الذي جمع أفكار من هنا وهناك وتصور أنه نجح لأول مرة في التاريخ في إقامة دولة ــ جماهيرية ــ
تحكمها الجماهير نفسها مباشرة وعن طريق مؤتمراتها ولجانها..
هذا الرجل الذي رفض أن يرقي نفسه كما يفعل بقية الانقلابيين العرب
وظل مجرد ــ عقيد ــ !!!
يقول القصيبي:
عند مقتل الملك فيصل كانت إذاعات العالم العربي تبث القرآن الكريم ما عدا إذاعة ليبيا .. ولك يكتف الأخ العقيد بذلك فقد صرح بعدها أنه يستغرب هذا الضجة لمجرد أن ــ تاجر بترول ــ قد مات!!!
يضيف القصيبي:
لا يكاد العقيد يعترف إلا بنوعين من أنواع التعامل الدولي:
الوحدة الفورية الاندماجية
أو
الحرب المسلحة
يرويه القصيبي عن حادثة طريفة شهدتها الرياض على هامش زيارة قام بها القذافي للمملكة العربية السعودية في العام 1979 م ، حيث أرادت زوجة القذافي زيارة أسواق الرياض مع عدد من الليبيات من أقاربها .وأصرّ الليبيون على أن تتم الزيارة بدون مرافقين أو حراسة أو ترتيبات أمنية مسبقة
وبالفعل ذهب الليبيون ومعهم مندوب للمراسم الملكية، صادفت جولتهم وقت صلاة الظهر حيث تقفل الأسواق وينشط رجال ــ هيئة الأمر بالمعروف ــ في حماية الطرقات مما يعتبرونه مخلاً بالفضيلة والآداب ، كانت إحدى المربيات المرافقات لزوجة القذافي ترتدي ثوباً قصيراً بعض الشئ ، الأمر الذي حدا برجال الهيئة إلى زجرها . وكان مع زوجة العقيد أخوها الذي ثارت ثائرته فصب جام غضبه على رجل الهيئة وتجمع الناس حوله وتكهرب الجو ، وكاد الأمر أن يتطور إلى مشاجرة بالأيدي إلا إن مندوب المراسم أقنع زوجة القذافي بالعودة إلى قصر الضيافة
غضب العقيد واعتبر الحادثة إهانة مقصودة ، وأصر بأن تستعد الطائرة للإقلاع الفوري . وسمع الملك خالد بالحادثة ، كما سمع الأمير فهد ، فأسرعا إلى قصر الضيافة يعتذران للضيف ويؤكدان له أن أحداً لم يكن يعرف أنها زوجته ولم يقصد إهانتها ،وأنه لولا إصرار الليبيين على عدم حضور رجال الأمن لما حدث
رفض العقيد أن يقتنع أو يرضى
وأصرّ القذافي على أن يقابل رئيس الهيئة في الرياض ليحاوره عن نظرة الإسلام إلى المرأة والحجاب . رُتب الموعد وقضى رئيس الهيئة أكثر من ساعة في جدل مع العقيد..
يعلق القصيبي بقوله:
"أشك كثيراً أن أحداً من الطرفين قد استطاع أن يقنع الطرف الآخر بوجهة نظره"
يروي الكتاب حادثة طريقة للعقيد القذافي مع الملك خالد أثناء زيارته للجماهيرية ، حيث بعد أن جرى استقبال شعبي لوفد المملكة ، أعتذر القذافي للملك خالد عن حرارة الاستقبال مؤكداً بأنه لا يعرف شيئاً عن الموضوع وأنه بيد اللجان الشعبية
فسأله الملك خالد :
يافخامة الرئيس . هل الحكومة الآن في بنغازي ؟
رد القذافي : الحكومة ؟
ليس لدينا حكومة
لقد ألغينا الحكومة والحكم الآن للجماهير عن طريق المؤتمرات واللجان .
فعاد الملك خالد ليسأله :
والوزراء ؟ هل هم هنا ؟
فرد العقيد :
الوزراء ؟ ليس لدينا وزراء
لقد ألغينا الوزارات
لاتوجد الآن سوى أمانات منبثقة من المؤتمرات الشعبية .
الملك خالد :
وأنت أين تتواجد هذه الأيام . أنت وخوياك ؟
العقيد : في بنغازي
فقال الملك خالد :
إذن فالحكومة في بنغازي . لماذا لم تقل لي ذلك من البداية
.
ويروي القصيبي ماحدث عندما
اصطحب العقيد الوفد السعودي في رحلة إلى الجبل الأخضر في حافلة بدلاً من السيارات الصغيرة، وبذلك أتيحت فرصة أكثر من ثلاث ساعات في نقاش مع العقيد بحرية وانطلاق، خصوصاً أنه لم يكن في الحافلة سوى الأعضاء الرسميين في الوفدين. وقد أتيح للعقيد- كما يذكر الدكتور القصيبي- أن يتحدث عن الكثير من أفكاره ونظرياته. بدأ برأيه في السنة النبوية، وكان الملك خالد حريصاً على أن يسمع منه شخصياً تكذيباً لما بلغه من إنكاره لحجية السنة. ويؤكد القصيبي إلى أن هذا الموقف الديني من جانب القذافي أزعج الملك أكثر من أي موقف سياسي اتخذه العقيد ضد المملكة، إلا أن العقيد لم ينكر بل أوضح!! «أنا لم أنكر السنة كلها، أنا آخذ بالسنة العملية، لا السنة القولية. أنا أعترف بمسائل الصلاة والصيام والحج والزكاة. أما الأحاديث المنسوبة للرسول ملفقة ومزيفة وكتبت بعد وفاته بمدة طويلة. كيف يمكن الاعتماد عليها؟ أمامنا القرآن، أنا لا أعترف إلا بالقرآن، لا أناقش إلا بما جاء في القرآن».
أما إنكار العقيد للسنة، وعدم الاعتراف بها؛ انبرى السعوديون للرد على القذافي، وكان أفصحهم الشيخ ناصر الشثري، إمام الملك ومستشاره في الشئون الشرعية، إلا أن العقيد لم يقتنع. ويضيف القصيبي: إلا أن العقيد خرج علينا برأي «قذافي» آخر.
«في القرآن إشارات ودلالات إلى أن الإسلام هو دين العرب وحدهم!!. محمد كان عَرَبِيَّا، والقرآن نزل بلسان عربي للعرب.. الإسلام لا يصلح إلا للعرب، والعرب لا يصلحون إلا للإسلام؛ وبالتالي يجب أن يكون العرب جميعاً مسلمين. أما غير العرب فلا ينبغي أن يكونوا مسلمين. إن أي مسلم غير عربي هو شعوبي مخادع لم يدخل الإسلام إلاَّ للكيد له».
وهنا انطلق الشيخ ناصر الشثري في محاضرة طويلة معززة بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية مؤداها أن الإسلام للبشر جميعاً وليس للعرب فقط، إلا أن العقيد رفض أن يغير موقفه.
انتقل الحديث بعد ذلك إلى «تعدد الزوجات». قال العقيد إن تعدد الزوجات مبدأ لا يعرفه الإسلام، ولا يعرفه القرآن. وطلب من أعضاء الوفد السعودي قراءة النص القرآني «وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي، فانكحوا ما طاب لكم من النساء...» وأضاف العقيد قائلاً: هذه الرخصة مقصورة على الفتيات اليتيمات اللواتي يتربين في حضانة رجل يود حمايتهم عن طريق الزواج بهن.. فيما عَدَا ذلك لا يجوز التعدد مطلقاً.. انتهى كلام العقيد.
إنقض الشيخ ناصر الشثري كعادته على العقيد، وكان الملك خالد يتابع النقاش وهو يبتسم وكأنه يستغرب «ضلال» العقيد. وفي النهاية أنهى العقيد النقاش مع الشيخ ناصر نهاية قذافية كعادته.
بقوله كيف أتناقش معك ؟ أنت رجل رجعي دماغك متكلس تبحث عن تبرير لزوجاتك الأربع و أنا رجل ثوري متحرر أنظر للإسلام نظرة ثورية متحررة
ثم انتقل الحديث إلى نظرية العقيد الثالثة وكتابه الأخضر. ويدعي العقيد في حضور أعضاء الوفد الرسمي السعودي أن نظريته هي طريق المستقبل ليس للعرب والمسلمين فحسب، بل للعالم الثالث كله، بل للبشرية بأجمعها. ويردف قائلاً: لقد أفلست الشيوعية والرأسمالية، ولم يبق إلا النظرية الثالثة.
فالشيوعيون أصيبوا بذعر شديد عندما ظهر الكتاب الأخضر، وأن الماركسية سوف تنتهي على يد نظريته. وقد جمع القذافي مفكرين وعلماء وأساتذة جامعات من كل أنحاء العالم، حيث قضوا أسبوعين يبحثون عن النظريات التي يتضمنها الكتاب الأخضر. وفي النهاية فاجأهم وقال للمجتمعين «أنتم في وَادٍ والكتاب الأخضر في وَادٍ. وأنه سوف يتولى شرح الكتاب بنفسه ولن يعتمد على أحد».
سأله الدكتور غازي القصيبي: هل انتهت أجزاء الكتاب الأخضر أم هناك بقية؟
يقول العقيد «الكتاب الأخضر عالج ثلاث معضلات: المعضلة الاجتماعية، والمعضلة الاقتصادية، والمعضلة السياسية، ووضعت لها الحلول.. لقد انتهى الكتاب نفسه، ولكن بقيت الشروح والهوامش. وسوف أكتبها أنا!!».
في الحافلة ظل النقاش مستعرًا بين العقيد بمفرده، والوفد السعودي مجتمعين. وكان الموضوع هذه المرة حول التقويم الإسلامي الذي غيره العقيد فجعله يبدأ بوفاة الرسول عليه السلام لا بهجرته يقول القذافي «في حياة كل إنسان حدثان رئيسيان: ميلاده ووفاته. هجرة الرسول من مكة إلى المدينة حدث إقليمي قد يهمكم أنتم في السعودية، ولكن لا يهم التاريخ. الذي يهم التاريخ الميلاد والوفاة. لقد أَرَّخ المسيحيون بميلاد المسيح، فينبغي أن نخالفهم ونؤرخ بوفاة الرسول عليه السلام.
علا احتجاج الوفد السعودي بتقديم الشيخ ناصر الشثري الحجج الشرعية والأسانيد التاريخية . فقد كانت هجرة الرسول مولد أول مجتمع إسلامي في التاريخ. كيف خُفِيَت الأبعاد النفسية والسياسية والاجتماعية والتاريخية للهجرة على هذا العقيد؟ الذي ما زال متشبثاً برأيه. من الذي أَرَّخَ بالهجرة؟ هل هناك نص في القرآن؟ هل أمر به الرسول؟ إنه اجتهاد من عمر بن الخطاب. وعمر بن الخطاب حاكم مسلم وأنا حاكم مسلم، وله اجتهاده ولي اجتهادي.
قال الملك خالد مذهولاً «هل أنت مثل عمر بن الخطاب؟!».. كعادة العقيد حسم القضية ليقول الأيام بيننا. خلال عشر سنوات لن يكون هناك إنسان في العالم الإسلامي يأخذ بالتاريخ الهجري.. سوف يتبع جميع المسلمين تقويمي!!
بدا على مُحَيَّا العقيد شيء من الضيق لكثرة الاعتراضات على الكتاب الأخضر.. إيمان العقيد بالكتاب الأخضر ظاهرة تستدر العجب والرثاء معاً.. هكذا يقول الدكتور غازي القصيبي. يقول العقيد «سمعت أن الناس في السعودية يتخاطفون الكتاب الأخضر!! عشرات الآلاف من الناس.. وأكثر من يطلبه الفتيات!».
ومن مراقبة الدكتور القصيبي للعقيد طيلة فترة زيارة الوفد السعودي إلى ليبيا، ومن استقرائه لتصرفاته ومن حوله، أيقن أن هناك مفتاحاً أساسياً للدخول إلى شخصية العقيد بكل تعقيداتها وتناقضاتها. الطموح.. الطموح المحترق.. الطموح الأعمى.. الطموح غير المحدود. ويتساءل القصيبي: ما هو طموح العقيد؟ الجواب ببساطة أن يكون زعيم العالم الثالث كله، لا زعيمه السياسي فحسب، بل معلمه الروحي والفكري!!
«أَلاَ يعتبر الطموح عندما يصل إلى هذا الحد من العنف نوعاً من أنواع الجنون؟».”
في الكتاب يستغرب القصيبي من تعلق القذافي بكتابه الأخضر ، حيث يورد بأن العقيد قال ذات مرة ” سمعت أن الناس في المملكة يتخاطفون الكتاب الأخضر، عشرات الالآف من الناس . وأكثر من يطلبه الفتيات!!
اختتم الدكتور غازي القصيبي رؤيته عن القذافي بشعوره بالشفقة عليه “عندما تحركت الطائرة نظرت الى العقيد من النافذة , وكان يقف ببذلته البيضاء شامخا معتداً بنفسه, وبثورته , وبنظريته . شعرت بشيء يشبه الشفقة ربما لأنني أحسست أنه كان بإمكان العقيد أن يكون رجلاً عظيما..