تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأسهم: الزمن كفيل بالإصلاح والصبر سلاح!



شمعة الحب
27-05-2006, 09:09 PM
الأسهم: الزمن كفيل بالإصلاح والصبر سلاح!
د. مقبل صالح أحمد الذكير - 29/04/1427هـ
mdukair@yahoo.com

ما إن يغشى المرء اليوم مجلسا حتى يكون الحديث والاستفسار عن حال ومستقبل سوق الأسهم هو الحديث الأهم. ومن يعرف حجم المأساة ويتصور عدد المتورطين فيها يفهم سبب هذا الاهتمام. والآن وقد حصل ما حصل من أمر السوق، وبصرف النظر عن الأسباب، فقد تأملت حال الناس، فوجدت أكثرهم تأثرا أولئك الحاصلين على التسهيلات الائتمانية، فهؤلاء قد شلت قدرتهم على التصرف، ولا حول ولا قوة إلا بالله. في حين وجدت أن من نجا منهم من شرك هذه التسهيلات الائتمانية، وكانوا يتصفون بالحكمة والواقعية، وأفاقوا من هول الكارثة بعد أن أدركوا حقيقة التناسب الطردي بين الأرباح العالية والمخاطر العالية للاستثمار في أسواق رأس المال، وجدتهم قد توقفوا عن إضاعة الوقت في التذمر والشكوى أو إضاعته في جدل لا ينتهي عن أسباب الانهيار أو تحديد الجهة المسؤولة عنه. لقد تعلموا من هذه التجربة المريرة، واقتنعوا أنهم أمام واقع لا يملكون تغيره، لكن بإمكانهم مسايرته والتعامل معه. والأهم أنهم لم ينتظروا ما سيصنعه الآخرون لإصلاح أوضاعهم، فقد يكون هذا الطريق طويلا، بل بدؤوا العمل في تصحيح أوضاعهم وإصلاح محافظهم بأنفسهم باتباع أحد أسلوبين:
الأول : خيار الاستثمار بعيد المدى بالاحتفاظ بأسهمهم ، والابتعاد المؤقت عن متابعة تقلبات الأسعار على الأقل حتى يستقر السوق. وهذا خيار راجح لأولئك الذين لم يقعوا في شرك التسهيلات الائتمانية، وكانت محافظهم متنوعة بتوازن بين أنواع الأسهم ذات الأداء المالي القوي، مع احتفاظهم بقدر من السيولة يسمح لهم بتعديل مكونات محافظهم بين حين وآخر لتخفيض متوسط التكلفة كلما كان ذلك مناسبا. هذا هو الخيار الأفضل لهؤلاء خاصة من كان منهم يفتقر أصلا إلى الخبرة في المضاربة السريعة التي أصبحت سمة السوق في الآونة الأخيرة.
إن الخلل الذي لا يتصدى أحد لإصلاحه، سيقوم الزمن وتغير الظروف بإصلاحه. ومن يشك في هذه الحقيقة فليعد إلى تاريخ السوق خلال الخمس عشرة سنة الماضية. السوق باقية والمصالح تظل مرتبطة بها، لأن الأسهم القوية تمثل أصولا وأنشطة موجودة على أرض الواقع. ليس هذا فقط، بل هي أنشطة قابلة للنمو مما يعنى نموا أيضا في قيمة الأصول والأرباح. من ينظر تحت قدميه فلن يرى الصورة التي تظهر لمن يضع مسافة بينه وبين المشهد الراهن وامتداده القادم.

أما الخيار الثاني: فهو خيار التعامل مع السوق كما هو قائم فعلا الآن، خيار من يتفق مع الحكمة التي تقول لا تقاوم السوق، وإنما سايرها فهي أقوى منك. إنه خيار العمل بالأسلوب السائد، والأسلوب السائد الآن في السوق هو أسلوب المضاربة السريعة. ومن الواضح أن هذا الخيار مناسب فقط لمن يملك الوقت والجهد والصحة والجسارة والخبرة لمتابعة تحركات الأسعار وقراءة المؤشرات الفنية للسوق يوميا، لمعرفة نقاط الدعم التي تسمح بالشراء ونقاط المقاومة التي تدل على البيع. هؤلاء يمكنهم تعويض خسائرهم بشكل أسرع من غيرهم. أما من يعمل كما كان يعمل سابقا، بلا هدى ولا دليل من مؤشر منير، فقد يظلم نفسه مرتين، مرة عندما لم يضع مدخراته في الصناديق الاستثمارية وأخرى عندما يصر على تكرار أخطاء الماضي.
إذ حقائق الأرقام تدل على أن الانخفاض في قيمة وحدات أغلب الصناديق الاستثمارية لدى البنوك بين أعلى وأدنى قيمة لها، خلال هذا العام وحتى نهاية شهر نيسان (أبريل) الماضي، كان أقل من انخفاض المؤشر العام للسوق. والحقائق تدل أن مخاطر هذه الصناديق أقل بكثير، على المدى الطويل، من مخاطر المضاربة المباشرة في السوق، لأن العامل الحاسم في المضاربة في أسواق رأس المال هو امتلاك المعلومة، ومن البديهي أن البنوك وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة يحصلون على المعلومة قبل غيرهم. وعلى الرغم من هذه الحقيقة، فإن أغلب المتعاملين في سوقنا هم من الذين يباشرون المضاربة بأنفسهم، إذ تقدر نسبتهم بأكثر من 92 في المائة، بينما تحوز صناديق البنوك على النسبة المتبقية (أقل من 8 في المائة)!
لقد سبق نمو سوق الأسهم نمو الاقتصاد بمراحل والمفترض أن يحدث العكس، لكن تعثر وفشل السياسة الاقتصادية في الاستعداد ببرامج ومشاريع تستوعب نمو السيولة الذي صاحب نمو إيرادات النفط، كان سببا واضحا لهذه الظاهرة. ولا ننسى أن مصالح المؤسسات المالية الدولية - منذ الطفرة الماضية وحتى الطفرة الحالية - هي في العمل على إعادة تدوير عوائد النفط إليها ما استطاعت إلى هذا سبيلا. إما بتسويق وترويج مشاريعها وصفقاتها التي تضمن تشغيل مصانعها، أو على الأقل في تسويق منتجات مصرفية وأوعية ادخارية تضمن عودة هذه الأموال إليها. وهذا لن يتسنى لها إلا بتخفيض معدل العائد في سوق الأسهم المحلي، لجعل عوائد أوعيتها الادخارية أكثر جذبا للمدخرات الوطنية.
نحن بحاجة أن نعمل باتجاهين للاستفادة من وفرة المرحلة الحالية. علينا من ناحية، التحلي برؤية وبصيرة نافذة تستوعب متغيرات العصر، بفتح فرص المنافسة الخلاقة في مختلف الأنشطة الاقتصادية ذات الطابع التجاري الواضح، وتذليل جميع العقبات الإدارية والتنظيمية أمام المستثمرين المحليين القادرين على إقامة مختلف المشاريع القادرة على استيعاب فائض السيولة وفتح فرص عمل جديدة أمام قوى العمل الوطنية العاطلة. وعلينا من ناحية أخرى، معالجة وإصلاح مأساة انهيار سوق الأسهم بسرعة إعادة الثقة إلى السوق ورفع مستوى شفافية تبادل المعلومات لتقليل عنصر عدم اليقين في الاقتصاد عامة وفي سوق الأسهم خاصة. أميل شخصيا إلى التفاؤل، فقد وصل السوق إلى أدني مستوياته عطفا على حقائق الاقتصاد ومستويات الأسعار ومكررات أرباح الشركات. مستقبل اقتصادنا واعد بحول الله وقوته، والأمر سيتوقف على مدى نجاحنا في حسن إدارة ما بأيدينا.



تعليقات الزوار
29/04/1427هـ ساعة 2:15 مساءً (السعودية)

سعادة الدكتور .. وماذا فعلت الصناديق الإستثمارية بالناس.. فكل الأخبار تشير إلى أن الكل فقد مالايقل عن %50 من مدخراته، إن حال السوق الحالي وأسلوب التعاملات الجارية به يتطلب من المتعاملين أحد أمرين: .إما (هو الوضع المثالي) 1- وهو الإستثمار طويل الأجل بالشركات الصناعية الكبرى أو 2- الإعتماد على المضاربة اليومية السريعة لمن يملك السيولة والخبرة. ولكم تحياتي.،،،