المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل يوم يمضي ونحن قاعدون، تزداد الفاتورة التي سندفعها لاحقاً



سهم نيشان
25-11-2011, 03:44 PM
كلفة فاتورة العزة ... وفاتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــو رة الهـــوان
مضى على المسلمين زمن طويل وهم صامتون خانعون يسايرون الطواغيت الظالمين(داخلياً)، ويُدارون الغاصبين المعتدين(خارجياً)، ولا يرفعون رؤوسهم في وجوه المجرمين، ولم يكتف الناس بالرضا بأمرهم الهزيل الواقع هذا اضطراراً؛ بل ظهر من يُبرر هذا القعود والخنوع ويؤصِّل له ويدعمه من النواحي الشرعية والعقلية بحجج كثيرة منها:
أن الطاعة لازمة لوليِّ الأمر، وأن جهاد الظالمين أو الغاصبين والخروج عليهم لا يجوز إلا بأمر وليِّ الأمر، أو بعد إعداد كل العدة للمواجهة، وأن أيَّ تحرُّك ممانِع ومقاوِم لظالم أو غاصب الآن يُعدُّ انتحاراً أو إلقاءً للنفس بالتهلكة، وما وجدتُ من هؤلاء المبررين للقعود والمؤصلين للخنوع واحداً يدرس أثار القعود هذا على الأمة عبر السنين ليحلل ويعلل ويفتي في القاعدين المتخاذلين بحرمة تخاذلهم لأنه ثبت بما لا يدع مجالا للشك أيضاً أن السكوت والقعود ما زاد الطين إلا بلة وما زاد الداء إلا علة، وما وجدتُ من هؤلاء من يكشف لنا عن الثمن الذي ندفعه إن نحن توقفنا ولم نخرج لمواجهة الطواغيت أو الغاصبين، وحتى تكون الدراسة دراسة موضوعية لنحكم بعدها في مسألة الخروج على الظالمين أو مقاومة الغاصبين لابد أن ندرس المفاسد والمصالح لفعلنا أو لتركنا، ونحن ندرك أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح، فهل يا ترى قعودنا وصمتنا وتخاذلنا يدفع عنا مفسدة أذى هؤلاء أو هل يجلب لنا مصلحة التقرب منهم ورضاهم عنا؟ أم أنه من الأولى والأجدى أن نجهر بالحق المبين لا نخاف لومة اللائمين، ولا الأذى المترتب على هذا الجهر، فإلى الدراسة التي تبين كلفة فاتورة العزة، وكلفة فاتورة الهوان، والله المستعان:
• أولا: كلفة فاتورة السكوت والصمت والقعود عن مواجهة الظالمين والغاصبين:
لا يُنكر مسلم صادق أن بلاد المسلمين مغتصبة من اليهود والصليبيين أولاً، ومنتهكة من عملائهم الظالمين المأجورين الذين يحملون رتبة (طاغوت) بجدارة، ورغم هذه الحقيقة التي غدت أوضح من رابعة الشمس بالنهار فإن كثيراً من المسلمين لا يزالون يراوحون مكانهم ويترددون في الخروج والنصرة ورفع الصوت والجهر بالحق بحجة أن لذلك كُلَفٌ عالية وهي تجلب مفاسد عظيمة، ولو نظرنا وقد عشنا على حال الرضا والقبول بهذا الحال المهين سنوات كثيرة منذ سقوط الخلافة الراشدة وما تبعها من تقسيم واحتلال لبلاد المسلمين، لوجدنا أننا خسرنا أموراً كثيرة ولا نزال نخسر، ومن هذه الخسارة ما حلَّ بنا من:
1.تعميق الفُرقة والنزاع والخلاف بين شعوبنا، وانفراد الباطل بكل شعب من الشعوب العربية والمسلمة على حِده.
2.نهب ثروات البلاد وجعلها دُولةً بين الأغنياء أو المتحكمين بنا، مع السيطرة العليا من الغرب الحاقد على هذه المقدرات والثروات كلها.
3.الزيادة الكبيرة في أسعار السلع وارتفاع نسبة الفقر والعطالة، وشيوع ظاهرة أبناء الشوارع .
4.شيوع الفواحش ما ظهر منها وما بطن بشكل أوصل كثيراً من شباب المسلمين إلى أن يموتوا على المعاصي والفجور.
5.المساس المباشر بعقيدتنا من قبل شُذاذ الشرق والغرب؛ فمن إهانةٍ لرسولنا صلى الله عليه وسلم، إلى زيادة في الاعتداء على إخواننا المسلمين قتلاً وأسراً وتشريداً، إلى عمق في التطاول على مساجدنا ودُرَّتها المسجد الأقصى المبارك، إلى السلسلة الطويلة من الانتهاكات ضدنا وضد إسلامنا وقرآننا وعروبتنا وبلادنا.
6.الانحراف الكبير الذي صرنا إليه مع طول العهد بنا، حتى قستْ قلوبنا وترهلت عقولنا؛ لاسيما في عقيدة الولاء والبراء؛ فما عاد الحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين رائدنا، ولا الكُره لأعداء الله تعالى حادينا، بل أصبحت المادة والمصلحة والعقول الصغيرة هي دليلنا، وما عمليات الوئام والسلام مع أعدائنا وإمدادهم في الغيِّ ودعمهم وإسنادهم لضرب إخواننا في العراق وأفغانستان وغيرها من بلاد الإسلام إلا دليل صارخ على ذلك.
7.محاصرتنا في لقمة العيش الحلال، وفتح الآفاق الرحيبة علينا للعمل الربوي المنكر .
8.تمييع شبابنا وبناتنا عبر بوابة التعليم المختلط، وتوفير أدوات الفجور بين أيديهم دون رقيب ولا حسيب.
9.انتزاع البركة من حياتنا بسبب دخول عناصر المواد الكيماوية علينا بشكل شَرِهٍ دون أدنى رقابة. 10.شيوع ظواهر كثيرة منتنة مثل العنصرية والمحسوبية والرشاوى والنصبِ والاحتيال والزنا والبلطجة وغيرها.
11.كثرة الضرائب والأتاوات، والرسوم التي تؤخذ بغير وجه حق.
12.ارتفاع أسعار التعليم الجامعي وانحطاط مستوى التعليم المدرسي.
13.ارتفاع مديونيات البلاد وخضوع رقابنا للصناديق العالمية الربوية التي ما زادتنا إلا رهقا.
14.انتشار السرقات مع غياب الحدود الرادعة.
15.استخدام الأمن والجيش لحماية العروش ومناهضة الشعوب، لا لحمايتنا من الغاصبين المعتدين على عقيدتنا وأرضنا ومائنا وسمائنا.
16.المسخ والكذب والتزوير الإعلامي المقصود سواءً في مستواه المنظور أو المقروء أو المسموع.
17.التلوث العام مادياً ومعنوياً حتى على مستوى الهواء والماء والغذاء.
18.شيوع الأمراض والعاهات الغريبة كالسرطانات بأنواعها والاكتآبات النفسية وغيرها.
19.الرضا بالعدوان يقع على مَنْ حولنا، فهذا يُسلب ماله ولا ننصره، وذاك يُعتقل ظلماً لكلمة حق قالها ولا نُخلِّصه، وآخر يُفصل من عمله لنشاطه الفكري ولا نُعينه.
20.غياب الخشوع من عباداتنا وصلواتنا وقراءتنا لكتاب ربنا، لأن الحياة المادية صارت هي الطاغية، وانعدم الجوُّ الروحاني المعنوي الأصيل .
21.عجز إرادتنا وانعدام قدرتنا على إصدار القرارات السيادية الجريئة لارتباطنا بالمستعمر الأجنبي، وعجز إدارتنا لارتباطها بشهوات الطواغيت والمجرمين.
22.لقد أصبحنا باختصار لا نخرج عن الأوصاف التالية في ظل قبولنا بسياسة الأمر الواقع وخوفنا منمفسدة الخروج على الظالمين ومقاومة الغاصبين:
• لقد صرنا قطيع غنم ننتظر الموت حتفنا.
• لقد صرنا أبقاراً حلوباً عند مُزارع جشع.
• لقد صرنا ذئاباً ننهش بعضنا.
• لقد صرنا كلاباً نُعطي الوفاء لغيرنا.
• لقد صرنا هرراً نجبن عن مواجهة خصمنا.
• لقد صرنا فئراناً نؤثر الخلود إلى جحورنا.
• لقد صرنا قردة نتسلق ونتسلق دون بلوغ غاياتنا.
• لقد صرنا أفاعي ندسُّ السمَّ لبعضنا.
• لقد صار كثير منا كالطيور المهاجرة إلى غير رجعة بين شرق وغرب لأنه ما وجد في موطنه عزاً ولا مجداً، ولا رزقاً كريماً.
• لقد صار كثير منا كالخنازير بلا غَيرة ولا حياء.
• لقد صار كثير منا كالحمير بلا عقل ولا أدنى ذكاء.
• لقد صرنا باختصار: حيوانات في غابة يتحكم فينا حيوان مفترس لا يرحم.
ثم نقول بعد ذلك بأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح، فعن أي مصالح نتحدث؟ وهل بقي لنا مصلحة، أم هل بقي لنا شيء نخسره، أو عن أي مفاسد نتحدث؟ وهل بقي مفسدة وبلاء لم يصبنا؟!.
لقد رفع قلة منا سقفهم وطالبوا، بل وعملوا عملا دؤوباً على إسقاط الغاصبين والطواغيت المجرمين؛ فصار هؤلاء القلة (رضي الله عنهم) بين شهيد وأسير ومشرَّد، وخنع قلة أخرى منا خنوعاً كبيراً فانزووا في الصوامع وآثروا الخروج عن حالة أوطانهم وأمتهم، وأقنعوا أنفسهم أنهم أفضل حالاً من غيرهم، وأن الأمور طبيعية، ولا داعي لأدنى حراك، فمات هؤلاء أذلاء وهم أحياء، ورضي الباقون بالمجاملة أو المداهنة أو المسايرة، وانخرطوا في جسم الباطل حتى ما عادوا يحتملون له فراقاً أو عنه انشقاقاً، بل صاروا لا يتخيلون حياتهم بلا فاسدين ولا مجرمين ولا غاصبين، فأنَّا لمثل هؤلاء أن يقدموا مصلحة إسقاط الباطل أو إسكاته على مفسدة بقائه جاثماً ثقيلاً على رقابنا!!.
لقد ظن بعض البسطاء أن الزمن مع أذى الغاصبين جزء من العلاج، فهؤلاء عن قريب سيتوبون ويُسلِّمُوا لنا أرضنا ومقدساتنا، وظن آخرون أن مشكلتنا مع الأنظمة الطاغية سيحُلُّها الزمن؛ وإذ بالزمن يصير جزءاً من المشكلة لا جزءاً من الحل، فقد أخذ السرطان الطاغوتي ينتشر، وصارت أعمار هؤلاء الطواغيت تتطاول وتتزايد على الباطل بالتوارث اللعين.
ورغم هذا الاستعراض المختصر لبعض الكلف التي دفعناها ولا نزال ندفعها بسبب سياسة الرضا بالأمر والواقع على علاته، والسكوت على الظالمين والغاصبين، إلا أننا لا نريد أن نحكم بشيء على الإطلاق في مسألة الخروج عن صمتنا حتى نبحث في كلفة فاتورة الجهاد أو الصدع بالحق أو الخروج على الظالمين، فإلى التفصيل:
• ثانياً: كلفة فاتورة الجهاد والمقاومة والصدع بالحق والخروج على الظالمين :
نحن مأمورون أولاً بعرض الدعوة والرسالة والبيان والبلاغ المبين على كل من ظلمنا أو تجاوز حقوقنا أو اغتصب أرضنا وعرضنا، فالنصيحة واجبة لفرعون ومن يمثله عبر العصور، وهي مطلوبة بين يدي كل معركة وغزوة وجهاد، وليس المسلم بالطعَّان ولا باللعان، ولا هو بالذي يسأل الله لقاء العدو لأن لقاء العدو فتنة، إنما نسأل الله تعالى العافية، ونطلب منه وهو السلام أن يردَّ لنا حقوقنا ومقدساتنا بالسلام، ولكن الذي يبدو وبعد طول تجريب وصبر أن الكافر والظالم والفاجر لا ينوي رجوعاً ولا إنابة، ويزيد في غيِّه وظلمه ووقاحته، وما يزيده الزمن إلا توغلاً في أرضنا وعرضنا وتغوُّلاً على عقولنا وقلوبنا، فليس له والحال كذلك عندنا إلا الكُرْهُ والبُغضُ، والدفع والرد، والمقاومة والممانعة، ونحن لا نفعل ذلك ونحن الأضعف من النواحي المادية كلها إلا اضطراراً، لأننا نعلم أن يقينَ موتنا اختناقاً في وحْلِ الذل والهوان إنْ نحنُ سكتنا عن حقنا، لا يقابله إلا يقينُ رفعتنا وعزتنا رغم الأذى والبلاء، ولو بعد حين، إنْ نحن تمردنا على الباطل وأشهرنا حراكنا، ورفعنا للخير والممانعة راية عزٍّ وكرامة.
إنها الضرورة التي تبيح لنا كل محظورة، فلو سلَّمنا بأن الخروج على الظالمين ومقاومة الغاصبين لمن هم في مثل حالنا محظور؛ فإن من الواجب أن ندرس حدود الحظر هذا، وكم هو الضرر الذي يترتب على حظره، فالضرورة إنما تقدر بقدرها، ولو أن الخروج على الطاغية والغاصب منكر وكبيرة بمنزلة كبيرة شرب الخمر مثلاً فإننا نقول لمن يوشك على الهلاك –وقد هلك- إن هو لم يشرب الخمر: اشرب الخمر لتنجو، واليوم نقول للشعوب المسلمة: اشربوا خمر الممانعة والمقاومة والصدع بالحق بالقدر الذي ينجيكم من العبودية لغير الله، وينجيكم من تسلط الفرعون على رقابكم، اشربوا خمر الممانعة لا لتسكروا وتفقدوا عقولكم، بل لكي ترجع إليكم عقولكم وتعود أرواحكم وقلوبكم، فبالجهاد وبالصدع بالحق تحيى القلوب والنفوس، قال تعالى: (يا أيُّها الذين آمَنوا استجيبُوا وللرَّسُول إذا دَعَاكمْ لِمَا يُحْييكُم).
إننا مع كل خطوةٍ مقاوِمةٍ للظالمين والغاصبين نتذكر فعلَ موسى عليه السلام لما استوفى عناصر الدعوة لفرعون المتكبر كيف صار لزاماً عليه أن يواجهه في الميدان يوم الزينة يوم حشر الناس ضحىً، وظن أنه قد أفلح من استعلى.
إننا نلبي أوامر الله تعالى بالخروج عن صمتنا في وجوه الظالمين والغاصبين، أليس قد أمرنا الله تعالى أن لا نعطي الدنيَّة عند حقوقنا وفي ديننا، فقال تعالى لنا: (انفروا خِفافاً وثقالاً)، وقال لنا (ومالكمْ لا تُقاتلون في سبيل الله والمستضعفينَ منَ الرجالِ والنِّساءِ والوِلدانِ الذينَ يقولون ربنا أخرجْنا مِنْ هذه القريةِ الظالم أهلها)، وقال تعالى لنا: (والذينَ إذا أصَابَهُمُ البَغْيُ همْ يَنتصرون).
دعُونَا نعرض لنماذج من كلفة الفاتورة التي يدفعها الناس عندما يصيرون على سكة الإباء، وعلى دروب العزة والكرامة، فقد جمع الله تعالى وهو العليم الخبير هذه الكلفة كلها بقوله: ( ولنبلونَّكمْ بشيءٍ منَ الخَوفِ والجُوع ونقصٍ منَ الأمْوالِ والأنفُسِ والثَّمَراتِ وبشِّرِ الصَّابرين)، فهل بعد سطو الظالمين والغاصبين على أمننا وحرماننا من النوم الآمن، وهل بعد سطوهم على أكلنا وشرابنا ومعاشنا، وهل بعد مصادرتهم لأموالنا، وهل بعد التنكيل المادي والمعنوي بنا يبقى لنا شيء نخاف عليه؟.
لقد وضع المجرمون خطتهم في مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم يوم وقف في وجوههم مُسفِّهَاً أحلامهم فقال تعالى: (وإذْ يمْكُرُ بكَ الذينَ كفرُوا ليُثبتوكَ أوْ يقتلوك أو يُخْرِجُوك)، فكم من أسيرٍ في سجون الغاصبين، وكم من معتقل في سجون الظالمين المجرمين، وكم من مهجَّرٍ عن أهله ومبعدٍ عن وطنه، وكم من قتيل وشهيد بعد طول عذاب وتنكيل؟، والساحة العربية اليوم تشهد بوضوح ليس فيه أدنى شك كم تدفع الشعوب الحرة العزيزة من ثمنٍ للكرامة والعزة كما شهدت ساحة فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان ولا تزال تشهد وبوضوح تام صنيع الغاصبين بأبناء أمتنا وإخواننا في العقيدة، لقد لحق بإخواننا كل بلاء، وبذويهم وأحبابهم أذى نفسياً ومادياً شديداً لفقدهم، ولكن هذا الأذى الاضطراري ما كان ليختاره الصادقون الصادعون بالحق لولا أنهم رأوا أن بديله أشدُّ مرارة، وأكثرُ قبحاً، واسمع قول الله تعالى في الذين تم حصارهم وإرغامهم على الخنوع للباطل كيف كان الرد منهم، قال تعالى: (الذينَ قالَ لهُمُ الناسُ إنَّ الناسَ قدْ جَمعُوا لكمْ فاخشَوْهُمْ فزادَهُمْ إيماناً وقالوا حَسْبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيل)، فماذا كانت النتيجة؟: قال تعالى: (فانقلبُوا بِنعمَةٍ منَ اللهِ وفضْلٍ لمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ واتبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ واللهُ ذُو فَضْلٍ عَظيم).
إنك لو سألت أيَّ عاقل عن حياة العز والكرامة وهل تحصيلها مطلب واجب لكل ذي لبٍّ أم أنها من نافلة القول، لقال لك بل هي واجب وضرورة، ولو سألته فهل تتصور أن يقدم الغاصبون أو الظالمون لك هذا الخير بالمجان وعلى طبق من ذهب؟ وهل من نجاح وعلو بلا ثمن!، أو ليس دون الشهد إبرُ النحل! أو ليس من طلب الحسناء دفع مهرها مهما غلا!، أو ليس من طلب العلى سهر الليالي!، أم أن هذا كله نقوله عند حاجاتنا المحصورة الضيقة حتى إذا صار الأمر يتعلق بمصلحتنا وسعادتنا كلنا في الدنيا والآخرة توقفنا خوفاً وطمعاً؛ خوفاً من الظالمين والمجرمين، وطمعاً بفُتاتٍ من فتاتهم الرخيص يمنُّون به علينا في صورة عطايا وهبات أو ديون بين الفترة والأخرى.
إنه بحق البديل المرُّ ذلك الذي يجعل الولدان شِيباً، فما إن يشبُّ الغلام إلا وهو أسيرٌ مقيَّد في مَدارات الظالمين أو أسيرٌ مقيدٌ في سجونهم المظلمة، وتبقى أدبيات العالم كله تحكي خبر الذي لم يقبل بالدنية رغم قسوة ما يجد ويعاني، فللمرأة الحرة قالوا: الحرة تجوع، ولا تأكل بثدييها، وللرجل العزيز قالوا:
لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعزِّ كأسَ الحنظلِ
لقد دفعت كل أمة ثمن عزها وكرامتها وسؤددها بصور شتى من الأذى والبلاء، فهؤلاء المسلمون الأوائل يقدمون لنا النماذج الكبرى في التضحية والفداء، ولك أن تقرأ صفحات من فاتورة دفعها اليهود ليصيروا إلى ما صاروا إليه من سيادة (قبيحة) للدنيا، ومثلهم الصليبيون وما عانوه من قهر لأجل صعودهم سُدة الريادة (الدنيئة) اليوم، وإن كنا نعلم أن ثمة فروق بين تضحية أجدادنا، وخسة ونذالة أعدائنا فإننا بالمقياس المادي نقول بأن من بذل الثمن وصل إلى مبتغاه رغم المحن، فكيف نجيز لأنفسنا اليوم أن نسمي فعلَ أجدادنا الأوائل تضحية، وفعلَ اليهود والصليبيين بذل وسخاء، ثم نسمي كل نية وكل تحرُّك اليوم للتحرر من الباطل ولو بأدنى الكلف انتحار وإلقاء للنفس بالتهلكة!!.
لقد بلغتْ الأمة سنَّ الرشد ولم تعد كالأيتام على موائد اللئام، والواجب على من كان يتولى مال اليتيم قبل رشده أن يرده له بكل احترام، لقد آن لكل طاغية وغاصب أن يؤدي الحقوق لأهلها، وقد آن للأمة أن تسترد حقها المسلوب، وإن ما وصلت إليه من حالة الرشد يؤهلها لأن تطلب هذا الحق بقوة القلب واللسان واليد، ومن قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون أرضه وعرضه ودينه وعقيدته فهو شهيد، ومن فاته من الأحرار الأطهار أن يرى مشهد الطاغية والغاصب في حال ذل وهوان في الدنيا فإن له عند الله عز الشهداء وكرامة الأولياء، ولن يفوته مشهد المجرمين في أسفل سافلين يوم الدين.
ويبقى قول الله تعالى في الثبات على الحق مهما كانت كلفته شاهد لكل من يريد التغيير الثمين، ولكل من يحرص على العزة الباهضة الثمن؟، قال تعالى: (ولا تهِنُوا ولا تحْزَنُوا وأنتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنتُمْ مُؤمِنِين)، وقال تعالى (وكأيِّنْ منْ نبيٍّ قاتلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كثيرٌ فمَا وَهَنُوا لِمَا أصَابَهُم فِيْ سَبيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا استكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابرين).

منقول

عازف العود
25-11-2011, 04:38 PM
كلام كبير يستحق التقدير تسلم يدك

السيف500
26-11-2011, 07:33 PM
جزاكم الله خير

سهم نيشان
27-11-2011, 02:36 PM
كلام كبير يستحق التقدير تسلم يدك

تسلم يد الي كتبه
انا فقط نقلته لأنه يعبر عن الواقع بطريقة ممتازة

سهم نيشان
28-11-2011, 03:45 PM
جزاكم الله خير

وإياك
حياك الله

كازانوفا
05-12-2011, 10:01 AM
للاسف وصف الواقع المرير اللى نعيشه بكل تفاصيله والله انه شي مخزي وعار علينااا

حسبنا الله ونعم الوكيل
ولا حول ولاقوة الابالله

سهم نيشان
07-12-2011, 10:08 PM
للاسف وصف الواقع المرير اللى نعيشه بكل تفاصيله والله انه شي مخزي وعار علينااا

حسبنا الله ونعم الوكيل
ولا حول ولاقوة الابالله

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
صدق الله العظيم

امـ حمد
07-12-2011, 11:47 PM
جزاك الله خير اخوي

سهم نيشان
11-12-2011, 11:09 PM
جزاك الله خير اخوي

الله يرزقنا وإياكم الجنة
حياج الله

No_oN
12-12-2011, 10:30 AM
جزاكم الله خير

سهم نيشان
16-12-2011, 12:28 PM
جزاكم الله خير

إيانا وإياكم
يشرفنا مروركم