المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قطر نموذج يحتذى في كيفية تنفيذ الاستثمارات الخارجية



ROSE
26-11-2011, 09:05 AM
خبراء اقتصاديون يؤكدون لـ "الشرق" أهمية تنوعها في كافة الأنشطة ...
قطر نموذج يحتذى في كيفية تنفيذ الاستثمارات الخارجية بنجاح وعوائد مجزية






تحديات كبيرة تواجه الاستثمارات العربية في الخارج أبرزها ضعف الوحدة المالية
تركز المدخرات في السندات الأمريكية يزيد من احتمالات الخسائر
تنوع المشاريع التكاملية الاقتصادية يقلص من الفجوة الاستثمارية
العملة الخليجية الموحدة ستضفي على دولها صفة القيادة المالية العالمية
عبدالحفيظ: 542 مليار دولار استثمارات الخليج في أوروبا مقابل 13 مليارا فقط استثمارات أوروبية لدينا
بهزاد: 20% صفقات الدمج والاستحواذ العربية بقيمة 30 مليار دولار
النويصر: توحيد السياستين المالية والنقدية يدعم الاقتصاد العربي عالمياً
أحمد: معظم استثمارات العرب ورقية لا تستند إلى أصول حقيقية
د. طاهر بينوراد: ضعف الرقابة والمتابعة العربية للاستثمارات وراء تراجع الكثير منها
فاطمة الدوسري: على المستثمرين أن يعوا الثقافة المالية والاستفادة من التجارب السابقة

استطلاع- تغريد السليمان :
مازالت الاستثمارات العربية في الخارج تواجه عوائق كبيرة، تحول دون استمرارها بالشكل الذي خطط لها، وذلك راجع إلى ضعف الرقابة على المشاريع، وغياب الإدارة الكفؤة إلى جانب مشاكل التمويل المالي، وانتشار الشركات العائلية التي تفتقد للنظام المدروس، إضافة إلى تذبذب الأوضاع الاقتصادية في العديد من البلدان الأوروبية وكذلك أمريكا، هذا وقد كشفت إحصائية سابقة أن حجم الاستثمارات العربية بلغت حوالي 1.5 تريليون دولار، وهي تعاني من عدم التنوع الاستثماري، حيث إن تركيزها مازال يقتصر على بعض القطاعات الإنتاجية، إلا أن بعض الدول العربية والخليجية أدركت حجم هذه المشكلة، فلجأت خلال السنوات الأخيرة الماضية إلى التنويع من خلال الاستثمار في المجالات الزراعية والثروة الحيوانية والطاقة المتجددة، وكذلك في البنى التحتية والعقارية، باعتبارها من الاستثمارات الأكثر آماناً، وتعتبر قطر من أكثر الدول التي حرصت على هذا التنوع الاقتصادي في الخارج، فنجحت على وضع أسس قوية وواضحة، في إستراتيجيتها الاستثمارية الخارجية، بعدد من البلدان، منها: لندن، والسودان، ومصر، وأمريكا، وغيرها، لتصبح مثالاً اقتصادياً يحتذى به على المستوى العالمي، هذا , ويؤكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن المشكلة الأخرى تدور حول الحجم الاستثماري العربي في الخارج الذي يعتبر أكبر بكثير من الاستثمار الخارجي في البلدان العربية، الأمر الذي خلق فجوة استثمارية كبيرة، ليبقى التساؤل: كيف ستستطيع الاستثمارات العربية والخليجية الاستمرار وسط عواصف التغيرات والأزمات الاقتصادية العالمية؟
بداية تحدث د. عبدالحفيظ عبدالرحيم خبير اقتصادي وأستاذ بجامعة أم القرى بمكة، عن الثروات التي تمتلكها الدول الخليجية , حيث قال: تمتلك دول الخليج ثروة سيادية تقدر بنهاية عام 2010 نحو 1.424تريليون دولار من أصل ثروة سيادية عالمية تقدر بنحو 4.1 تريليون دولار، وتواجه الشركات العائلية الخليجية تحديات تشريعية والتي يقدر عددها نحو 20 ألف شركة بنهاية عام 2010 تصل إجمالي استثماراتها نحو 750 مليار دولار، ويبلغ إجمالي ثرواتها واستثماراتها العالمية أكثر من تريليوني دولار تشكل 70 في المائة من حجم الاقتصاد الخليجي غير الحكومي.
ويغيب عن تلك الشركات دور المؤسسات الحكومية في حوكمة الشركات العائلية ومتطلبات تعاقب الأجيال والإدارة وتطبيق نماذج ناجحة لرواد الأعمال والأجيال في التجربة الفرنسية مثلا، وكذلك تمكين دور المرأة بين الملكية والإدارة في الشركات العائلية والجوانب الاجتماعية وأثرها في استمرار الشركات العائلية وتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي من منظور مزدوج، وكما يقال فإن أي اقتصاد مرهون بتعافي الشركات الصغيرة التي توفر الوظائف وتقود النمو الاقتصادي مما جعل كل دول الخليج تتجه نحو تنشيط الائتمان للشركات العائلية حتى ينخفض تصنيف مخاطر الشركات العائلية وتتمكن تلك الشركات من المشاركة في المشاريع الخليجية التي بلغ حجم تلك المشاريع خلال عشر سنوات ماضية نحو 628 مليار دولار.
وما زالت العلاقة الاقتصادية الخليجية الأوروبية التي تصب في صالح الأخيرة سواء الميزان التجاري أو الاستثماري أو الخدمي تعود لعدة أسباب لتأخر اكتمال البنية التشريعية والاستثمارية والنقدية بين بلدان دول الخليج، فمثلا الاستثمارات الخليجية في أوروبا بلغت نحو 542 مليار دولار، بينما الاستثمارات الأوروبية في دول الخليج لا تبلغ سوى 13 مليار دولار مما يزيد من الفجوة الاستثمارية ويعرض الاستثمارات الخليجية في أوروبا إلى مخاطر نتيجة أزمة الديون السيادية في أوروبا، فالاستثمار في دول الخليج لا يزال محدودا نتيجة عدم توفر فرص الجذب وغياب البيئة الاستثمارية التي تشجع الاستثمارات الخليجية على القدوم من الخارج والاستثمار في دولها بدلا من أن تبحث هذه الاستثمارات عن بدائل مثل الاتجاه شرقا.
وتعتبر قطر من أعلى دول الخليج نموا في ناتجها الحقيقي الذي يبلغ نحو 15 في المائة ونموا في الناتج المحلي الاسمي نحو 28 في المائة لهذا العام 2011 وهو ما يعزز تنافسية الاقتصاد القطري وهو نتيجة اتباع إستراتيجية برنامج الاستثمار العام، وتعتبر قطر من أعلى دول الخليج نموا في الائتمان حيث بلغ عام 2010 نحو 11.4 في المائة.
لكن في النهاية إذا أردنا أن تضييق فجوة الاستثمار مع العالم الخارجي فعلينا أن نتجه إلى المشاريع التكاملية الاقتصادية المتنوعة حتى تعزز المواطنة الخليجية الأمر الذي يصب في خدمة تحقيق الأهداف الإستراتيجية لدول المجلس بعد أكثر من ثلاثة عقود على إنشاء هذا الصرح العملاق الذي صمد في وجه التيارات العاصفة التي تدمر الاقتصادات الهشة.
مشاكل الاستثمار العربي
وأشار المهندس علي عبدالله بهزاد إلى أن الاستثمارات العربية في الوقت الراهن تعاني الكثير من الأزمات الاقتصادية والمالية، ولا يخفى على أحد أنّ الاضطرابات والتوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وتسمى بالربيع العربي، أثرت سلباً على مختلف أوجه النشاط الاقتصادي والتجاري والصناعي، الذي انعكس على استدامة التنمية في قطاعات العمل , حيث توقفت الكثير من مشروعات البناء أو تعثرت بسبب غياب التمويل المنظم، ومن المؤكد أنّ أيّ اقتصاد ممنهج إذا وجد بيئة مستقرة ووضع مالي جيد يمكنه أن ينطلق بكفاءة عالية، فالاقتصاد والاستقرار وجهان لعملة واحدة.
فالاستثمارات العربية تواجه بالفعل عوائق منها قلة الرقابة وغياب الإدارة الكفؤة، هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي عوائق نعايشها في كل مشروع استثماري ولكن مع طبيعة الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط فهناك عوائق أكثر صعوبة منها انتشار البطالة بين شريحة الشباب وتعثر الشركات الصغيرة وضعف التمويل في بعض الدول وتكاد تكون معدومة أضف إلى ذلك تأثر هذه الاستثمارات بالأزمات التي تعيشها منطقة اليورو وأمريكا لارتباط تلك المشروعات بالأسواق العالمية كونها منافذ حيوية للتصدير، من العوائق أيضاً التي تعايشها بعض الدول العربية ممن تعاني من الاضطرابات الجارية غياب رؤية اقتصادية حقيقية عن الاستثمارات سواء محلياً أو خارجياً والكثير منها بدأ يخسر أو يفقد شراكاته مع مؤسسات اقتصادية غربية وعربية بسبب مخاوف الانهيار وعدم وجود حكومات مستقرة تدفع بعجلة التنمية إلى الأمام.

ROSE
26-11-2011, 09:07 AM
الدمج والاستحواذ
وأضاف: وإذا تحدثنا عن تأثر الاستثمارات فإنّ الحديث ينسحب أيضاً على الدمج والاستحواذ باعتبارهما من أوجه الاستثمارات، ويشير تقرير إلى أنه يقدر صفقات الدمج والاستحواذ بالمنطقة العربية إلى "20%" أيّ ما بين "20ـ30" مليار دولار، ومع الأحداث الجارية فقد تأثرت بقلة المردود المالي أو بعدم الاستقرار المؤسسي، لأنّ مفهوم الاستثمارات يحتاج إلى كفاءة البيئة الاقتصادية وتحديد أطر مؤسسية واضحة المعالم ووضع مستقر أمنياً ومالياً.. ونحن نرى أنّ بعض هذه الشروط لم يتحقق، وإذا كان الكثير من أوجه الاستثمارات العربية تنفذها شركات عائلية فقد تكون الأقرب إلى الانهيار بسبب مخاوف أصحابها وملاكها من تأثير الوضع الاقتصادي العربي على مسيرة النمو في تلك الشركات، فالعالم العربي يعيش في قلب واحد ولا ينفصل عن بعضه ولا يمكن أن تعيش الشركات العائلية الاستثمارية بمعزل عن واقع مضطرب.
وقد تكون الحلول في الوقت الراهن هو التريث لحين عبور الشرق الأوسط إلى بر الأمان، ومتابعة مجريات الأمور على الساحة المالية والاقتصادية الأوروبية لأنها هي الأخرى تعاني من ضبابية الرؤية، والنهوض بقدر الإمكان بالإمكانات المتاحة عن طريق انتهاج خطط الإعمار وإعادة بناء المنشآت والمصانع التي عانت من الدمار، أو الدخول في صفقات استثمارية مع الدول التي لا تعاني من التوترات والتوجه إلى الاستثمارات الخارجية عن طريق فتح أسواق جديدة في آسيا لأنّ النمو الآسيوي يتصاعد في جميع القطاعات، والمتتبع للشأن الاقتصادي العربي فإنّ الأجهزة المعنية في منظمات دولية وعربية تتابع عن كثب تطور الأحداث على الأرض وتضع الحلول والآليات لرسم خطط اقتصادية جديدة تسميها بإعادة الإعمار فالاستثمار لابد وأن يتوجه إلى البناء خاصة ً في المرحلة الحالية لتقديم الدعم اللوجستي للشركات العربية التي تقف على حافة الانهيار.
وعلمياً، يمكن القول من الناحية النظرية أنّ غياب الإدارة الكفؤة والتمويل وقلة الرقابة هي السبب في عرقلة الاستثمارات العربية ولكن في ظل الظروف الآنية لابد أن نعيد تقييم الأمور لأنّ عدم استقرار الشرق الأوسط يضاعف من حجم الكارثة، وإذا عرجنا على دولة قطر وأنّ تقارير عالمية تشير إلى أنه أسرع الاقتصادات نمواً، فهذه حقيقة ملموسة على الأرض وخير دليل أنّ العام 2011 افتتحت الدولة الكثير من مؤسسات النفط والغاز والبتروكيماويات والاتصالات بمليارات الدولارات وبدأت العمل في خطط تحديث البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية والمطار والميناء الجديد، وهذا يؤكد أنّ الاقتصاد يحظى بدعم سخي من الدولة.

الاستثمارات المحلية
أما الاستثمارات القطرية فقد انتهجت الدولة تنويع استثماراتها محلياً وخارجياً عن طريق اقتناص الفرص المتاحة للاستحواذ على عقارات ومؤسسات وبنوك لها ثقلها ووزنها الإقليمي وتاريخها ومحالة بنائها من جديد كنوع من الاستثمار في المستقبل، ويشير تقرير إلى أنّ استثمارات قطر مع أمريكا ومنطقة اليورو تقدر بـ"170"مليار دولار، وهناك استثمارات نوعية في قطاعات البنية التحتية والطرق تجهيزاً لمونديال 2022، وتعزيز شراكاتها مع شركات بريطانية وفرنسية وألمانية وتركية وعالمية في مجالات الطاقة النظيفة والاتصالات والخدمات وغيرها، كما يشير المؤشر الاقتصادي القطري إلى استحواذ قطر على "12%" من الناتج المحلي الاقتصادي والخليجي، وأنّ تدفق عائدات الطاقة ونمو القطاعات غير النفطية سيحقق المزيد من النمو بمعدل "17%" في 2011.
من خلال هذه المؤشرات ترسم الدولة منهجاً للاستثمارات البناءة الطموحة التي تقوم على تحقيق الربحية على المدى البعيد والحفاظ على أصول العقارات والمؤسسات والمشروعات التي تدخل فيها وإمكانية تنميتها بشكل يتناغم مع حراك السوق العالمي، وعن تأثر المنطقة بالأوضاع العربية فإنّ قطر قلب الخليج العربي ولا نعيش بمعزل عن التأثيرات الاقتصادية والمالية التي يعيشها العالم، وأؤكد أنّ القيادة الرشيدة والرؤية الثاقبة للوضع العربي تعملان على تهيئة بيئة صناعية واقتصادية مستقرة للمشروعات ومنها الاستثمارات بالطبع، ونحن نشهد كل يوم افتتاح منشأة جديدة للغاز أو الطاقة مما يعزز من توجه الاستثمارات القطرية نحو البناء سواء عالمياً أو محلياً، والدولة اليوم تهيئ الاستثمارات المناسبة للبطولات الرياضية ولمونديال 2022 وللبنية التحتية والجسور كما تسعى جاهدة للاستفادة من الطاقة الشمسية والحرارية لديها بتوجيه استثمارات مستقبلية تستبق الحلم، والحمد لله تنعم دولتنا بالاستقرار والرخاء الاقتصادي والوفرة المالية المدعومة بإنتاجيات ضخمة في الطاقة والخدمات والصناعات، وهذا انعكس بكل تأكيد على الاستثمارات.

وحدة المال العربي
هذا وطالب الخبير الاقتصادي د. سامي بن عبدالعزيز النويصر رئيس مجلس إدارة مجموعة السامي القابضة، أن يتوحد الصف العربي على مستوى السياستين المالية والنقدية، خاصة في الدول الخليجية، التي تتقارب فيما بينها في نوعية الاستثمارات والمدخرات، مؤكداً أنه قد آن الأوان لاعتماد العملة الخليجية الموحدة، التي ستجعل من الخليج مؤسسة اقتصادية قوية على المستوى العالمي، وستعطيها الدور القيادي في القرارات المالية، حالها في ذلك كحال العديد من المؤسسات العالمية كصندوق النقد الدولي على سبيل المثال، مؤكداً أن الاستثمارات العربية في الخارج تواجه صعوبات من النواحي الإعلامية والقانونية، حيث لم تسخر عوائد استثماراتنا بالشكل المطلوب التي تعود بالنفع على المواطن العربي والدول العربية، باعتبار أن المال من السلطات التي يجب أن تسخر جيداً لتحسين صورة الوطن العربي والفرد العربي المسلم، وأن استمرار عدم التوحد المالي والاقتصادي، سيضعف من القوة المالية العربية، بعكس العديد من الدول التي أصبح لها مكانة مالية رائدة كالصين وأمريكا اللاتينية والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا وغيرها، الأمر الذي يتطلب التفكير جدياً بالدخول في تحالفات اقتصادية معها، وتابع: أن الاستثمارات العربية تركز على أمن البيئة الاستثمارية الخارجية لمشاريعها، والعوائد المالية المتواضعة، متجاهلة تماماً الحقوق التي يجب أن تحصل عليها مقابل هذه الاستثمارات، كالمطالبة بالتدريب، والتطوير وإعداد الأبحاث وغيرها من الخدمات الأخرى، ولذلك بقيت معظم الأموال العربية بالخارج، منحصرة في الاستثمارات التقليدية، على شكل مدخرات في السندات الأمريكية، دون النظر في فرص مالية جديدة، خاصة في ظل المتغيرات المالية العالمية، ولذلك يمكن القول إن استثماراتنا العربية مبعثرة، وليس لها وحدة إستراتيجية معروفة، ومن هنا يجب الالتفات إلى إعادة النظر في الصيرفة الإسلامية، حيث إن هناك مشكلات كبيرة في هيكلة المال الأوروبي، ولا نتعجب إذا مرت الدول الغربية حالياً بربيع مالي، على غرار ربيع الثورات العربية، فهي تعاني من مشاكل حقيقية، يشعر بها مواطنون بلدانهم، وهنا اطرح سؤال: لماذا لا تأخذ الدول العربية زمام القيادة في صناعة أنظمة ومنتجات اقتصادية إسلامية؟، فلو استطعنا القيام بذلك فسنصبح قوة مالية لا يستهان بها، كما يجب الاهتمام بالثقافة المالية في العالم العربي، فنحن مازلنا من الشعوب التي تقبل على الاستهلاك، وأموالنا لا تصرف بحرفية، بالرغم أن الأجيال السابقة كانت تشجع على الادخار، ولكن غاب هذا المفهوم في وقتنا الحالي، وأصبحت أجيال اليوم تصرف المال دون وعي أو حرص، ولذلك نحن نطالب بتدريس الثقافة المالية ونشرها على المستوى الشعبي.

تحديات وحلول
وأشار النويصر إلى أن هناك مجموعة من التحديات الكبيرة التي تشكل حجر عثرة في طريق الاستثمارات العربية، رغم وفرة المدخرات والاستقرار السياسي في العديد من البلدان العربية والخليجية، ولكنه لابد من الاستعداد جيداً للمرحلة المقبلة، حيث قال: باعتبار أن منطقة الخليج العربي من أكثر الدول استقراراً على المستوى السياسي، فمن الضرورة أن تتبنى دور القيادة من أجل إعادة التفاوض مع الجانب الغربي، فلا يمكن أن نتغافل عن وجود فجوة استثمارية كبيرة بين استثماراتنا في الخارج، والتي يقابلها حجم صغير من الاستثمارات الأجنبية لدينا، كما يجب أن نطالب بحقوقنا الاستثمارية، فهذه المبادرات سوف تدعم الاستثمارات العربية في الخارج، وسيعود مردودها الإيجابي على دولها ومواطنيها، ولا يمنع من وجود " لوبي " عربي أو خليجي منظم، يتمتع بحضور إعلامي وقانوني قوي جداً في الخارج، يعمل من أجل الدفاع عن الثروات والمدخرات العربية، أسوة باللوبيات الغربية التي تنتشر في بلدانها والخارج، وأنصح في الحقيقة بالتنوع الاستثماري الخارجي، وعدم وضع البيض في سلة واحدة، والخروج من النظام الاستثماري التقليدي، والالتفات إلى فرص مالية جديدة، كما أن القيام بإعادة الترتيب المالي للأموال العربية، والعمل على وحدتها المالية والنقدية، سيجعل من ثرواتنا قوة ضاربة، حيث إن أوروبا لم تنجح في التوفيق في سياساتها المالية والنقدية، ودول الخليج بثرواتها الضخمة التي أساسها تصدير البترول والمال، تستطيع أن توحد الجانب المالي والنقدي بجدارة وبحرفية، والذي سيشعر بها المواطن الخليجي، كما يجب الانتباه أن التغيرات المالية تأتي بشكل مفاجئ، كما حدث في أوروبا، ولذلك من الضرورة الاستعداد جيداً لأية مفاجآت أو متغيرات، والاستفادة من الدروس السابقة، وبخصوص الاستثمارات الخليجية الحالية فهي متشابهة وتقليدية، ولكن نثني على القطرية منها، لتنوعها، فهي تعمل على البحث عن فرص استثمارية جديدة، ونحن نطمح للمزيد منها، وذلك لما لها أهمية في الانتعاش على المستوى المحلي والفردي.

الديون السيادية
وأوضح الخبير الاقتصادي الفاضل فكي أحمد أن الاستثمارات العربية بالخارج دخلت الأسواق الأوروبية والأميركية، بدافع التنويع والحصول على عوائد مجزية في أسواق مستقرة إلا أن الأزمة المالية الأخيرة، ضربت كثير من المؤسسات المالية وبالتالي انعكست على الأسواق، التي عانت من الركود ولانخفاضات المتتالية كما غرقت كثير من الدول في دوامة الديون السيادية، التي أدت للإطاحة بالحكومات، كما أن الاستثمارات اغلبها كان ورقي لا يستند على أصول حقيقية مما أفقد الكثير من المستثمرين جزء مقدر من رأس المال، واتت ثورات الربيع العربي لتغير من خارطة الأماكن الأكثر أمنا لاستقرار الأنظمة مما يوجب على المستثمرين البحث عن ملاذات آمنة جديدة أو الانتظار لحين عودة التوازن الاقتصادي لتلك الدول.
أما إدارة الاستثمارات والرقابة عليها ومدى استمرارها على المدى الطويل فنجد أن اغلب الاستثمارات فردية أو عائلية متوارثة يديرها المالك أو كبير العائلة وهو فرد طبيعي ينتهي بانتهاء اجله الذي لامحالة منه، فيتوقف الاستثمار أو يتقاسمه الورثة فيضيع الجهد الطويل أيا كان الاستثمار خارجيا أم محليا، والحل في فكرة العمل المؤسسي عبر شخصية اعتبارية في شكل شركات أو شراكة مع شركات قائمة والاندماج أو الاستحواذ أو مؤسسسات جديدة تنفصل فيها الملكية عن الإدارة أو يكون للملاك دور في الإدارة بطريقة احترافية تخضع لمعايير الحوكمة والشفافية، والمسؤولية الاجتماعية، وتحقيق أهداف الملاك وتحقق رضا العاملين فيها وتفيد المجتمع مباشرة أو من ريع المؤسسة لينفق في سد الحاجات الاجتماعية للمجتمع وإصحاح البيئة ونشر قيم الخير والفضيلة.
وتجربة الرجل المؤسس والقدوة الراجحي بالمملكة العربية السعودية - رحمه الله – حيث عمل على وقف أملاكه عن نفسه وأبناءه وذريته، اعتقد أنه نموذج ناجح يحتذى به، وهناك تقارير عالمية أشارت إلى أن قطر من بين أسرع الدول في العالم العربي تطوراً ونمواً في استثماراتها المختلفة، وقطر منارة في العالم اقتصاديا وسياسيا، ومن المعروف أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، وما نشهده على كافة الأصعدة من تطور ونمو ونماء ليس في داخل قطر وحسب، بل على مستوى الريادة في كثير من المشاريع التي عاد خيرها على كثير من الدول، واعتقد أن أكبر نجاح استثماري هو الاهتمام بالعنصر البشري، التعليم والصحة والاهتمام بالفكر والإبداع، ولو اطلعنا على الخطة الخمسية ورؤية قطر 2030 وما تشهده الدولة من جهد دؤوب في تنويع الاستثمارات وظهور نتائج التخطيط في مشاريع تنفذ وتحقق المخطط لها لا نملك إلا أن نقول إن كثيرا من المسلمات تجاوزتها قطر بالإرادة والعزيمة والطموح.

ضعف الرقابة والمتابعة
ويرى د. طاهر بينوراد رئيس مجلس إدارة شركة " uci " الدولية، أن ضعف الرقابة والمتابعة العربية للاستثمارات، وراء تراجع الكثير منها، خاصة وأن التركيز الحالي ينصب على افتتاح الشركات العائلية التي يفتقد معظمها لأساس وأنظمة إدارية جادة وصحيحة، كما أن الكثير من المشاريع العربية مازالت تعاني من وجود قصور في جوانب الثقافة المالية، وعدم استطاعتها في التكيف مع الوضع العام للأسواق الخارجية التي تشهد تغيرات اقتصادية مستمرة، وأضاف: عقدنا من خلال شركتنا العديد من المؤتمرات والندوات التي ناقشت هذا الجانب المهم، لماذا تعاني الاستثمارات العربية من التذبذب في الخارج؟ وتبين أن ضعف الإدارة، والتركيز على استثمارات بعينها، إلى جانب غياب الرقابة والمتابعة، وراء تدهور الاستثمارات، إلى جانب عدم قابليتها للتأقلم سريعاً مع الظروف الاقتصادية التي تمر بها بلدان العالم، والحل برأيي يكمن في تكثيف نشر الوعي بين المستثمرين والقائمين على الاستثمار في الخارج، وتدريبهم على طرق التعامل مع الأوضاع الاقتصادية المختلفة، كما من الضروري تواصلهم مع الجهات المضمونة في دولهم، التي تعنى بالتجارة والاقتصاد، لأخذ المشورة والنصح قبل الاستثمار، فالظروف والتشريعات والوضع العام للاستثمار الخارجي مختلف تماماً عنها في الدول العربية، لذا يجب أخذ الحيطة والحذر.
والحقيقة أشيد بالأدوار الكبيرة التي تبذلها دولة قطر، في المجال الاستثماري، التي دعمت وساندت بشكل كبير استثماراتها الخارجية، وفق إستراتيجية واضحة ضمن خارطتها في الاستثمار العام، ولذلك كتب لمشاريعها النجاح، في البلدان الأجنبية والعربية على حد سواء، وهذا في الواقع ما شجعنا على طرح مؤتمرات استثمارية في الدوحة، لوجود الوعي المالي لديها، ولاقتناصها الفرص المواتية، وإخضاعها للدراسة والبحث،