شمعة الحب
28-05-2006, 05:00 PM
منتدى سوق الأسهم .. الجميع في فمه ماء
د. أمين ساعاتي - كاتب أقتصادي 01/05/1427هـ
dr_saaty@yahoo.com
بعد أن انفض منتدى سوق الأسهم الأول الذي عقد في الأسبوع قبل الماضي برعاية الغرفة التجارية الصناعية في جدة.. تساءلت وربما تساءل الكثيرون معي: ما الوصفة السحرية التي جاء بها المنتدى بعد اجتماعات ومحاورات كانت تستهدف الخروج من المأزق الذي أطبق على سوق الأسهم السعودية؟
للأسف لم أجد تشخيصًا واحدًا للأزمة، ولم يطرح المتحاورون حلولاً عملية للخروج من الأزمة، والكل قدم أوراقًا ضعيفة هي بمثابة التكرار لما تلوكه الفضائيات وما تنشره الصحف، لا جديد إطلاقًا قدمه المنتدى الذي غصت قاعته حتى آخر مقعد بالباحثين عن حلول عملية للخسائر الفادحة التي ابتلعتها السوق في غفلة من أصحابها.
ويعرف الجميع أن هناك مشاكل كان يجدر أن تطرح بكل صراحة وشفافية ومسؤولية بعيدا عن الخوف والمداراة، وبعيدا عن الالتفاف حولها، وكان يمكن أن تكون توصيات المنتدى مفيدة جدًا لو أن المنتدى وضع يده على أس البلاء الذي أصاب السوق وهبط بمؤشرها إلى الحدود الدنيا. أقول: كان الجميع ينتظر من المنتدى نتائج على جانب كبير من الأهمية، وأن تكون الصراحة والموضوعية هما سيدتا الموقف، ولو فعل ذلك المتحاورون لأسهم المنتدى في وضع روشتة ناجحة للخروج من المأزق الذي ألحق أذًى عميقًا لأكثر من ثلاثة ملايين مواطن وأصابهم بخسائر مؤلمة ومفجعة وفادحة.
وإذا كان مثلنا العامي يقول "إن الكتاب يقرأ من عنوانه"، فإن المنتدى لم يكن مبشرًا منذ أن افتتحه رئيس الملتقى فيصل الصيرفي، وقال في معرض كلمته المرسلة التي استهلها بتقرير إخباري جاء فيه: إن ما تشهده سوق الأسهم من تذبذبات وتغيرات غير مبررة تفسرها الرغبة الطبيعية لدى المستثمرين في تحقيق الأرباح، وهذا ليس بالأمر الخاطئ ولكن يجب الوعي بالمخاطر التي تحيط بقراراتهم الاستثمارية والاستراتيجية، التي يجب أن يتم على أساسها اتخاذ تلك القرارات وما يتبعها من تحمل أولئك المستثمرين نتائج استثماراتهم، وقال الصيرفي: انخفض مؤشر سوق الأسهم السعودية بشكل ملحوظ منذ نهاية شباط (فبراير) الماضي، وتجاوز انخفاضه في مرحلة معينة أكثر من 50 في المائة، ولا يزال أداؤه يتذبذب منذ ذلك الحين وحتى اللحظة التي أخاطبكم فيها، وفي اعتقادي أنه لا ضير في ذلك، استفدنا مما حصل في التعرف على أنجع السبل لتجنب ما حصل في المستقبل. وأضاف: إن سوق الاستثمار مجال للاستثمار، والاستثمار يتضمن نظرة مستقبلية وخططًا طويلة الأجل، قد تتحقق فتزيد قيمة الاستثمار، وقد لا تتحقق فتنخفض قيمة الاستثمار. إن الالتزام باستراتيجية استثمارية مناسبة بهدف تحديد أهداف محددة مسبقاً، والتحلي بالصبر هما السبيل لكي نصل إلى تلك الأهداف، وهذا هو مكمن الاختلاف بين الاستثمار والمضاربة، وأكمل الصيرفي قائلاًُ: إن الخطوة الأولى نحو تطبيق مبدأ الاستثمار هي اتباع أسس تقويم أداء الشركات وهي: تحليل الأداء التاريخي للشركة، وتحليل القطاع الذي تعمل فيه الشركة، ودرس المشاريع المستقبلية التي تنوي الشركة تنفيذها في حال وجدت تلك المشاريع، أو تحليل الأداء المستقبلي للشركة في ظل المعطيات الاقتصادية العامة والأخرى الخاصة بالقطاع أو مجال نشاط الشركة.
ولعل القارئ يتساءل: ما الجديد الذي جاء به رئيس الملتقى وهو يفتتح منتدى جاء ليناقش مشكلة من أكبر المشكلات التي يعانيها أكبر سوق للأسهم في منطقة الشرق الأوسط؟ وباختصار شديد نستطيع القول إن كلمة رئيس الملتقى كانت مرسلة وغير موفقة، وبالتالي لم تأخذنا إلى قاع المشكلة التي تعانيها السوق، وإذا سلمنا بأن رئيس الملتقى ألقى كلمة بروتوكولية، فمن حقنا أن نطمع في أحد أقطاب التحليل المالي وهو هنا الدكتور ياسين الجفري ليوقف القارئ البسيط على حقيقة الأزمة والعلاج، لمشكلة فقدت شرعية بقائها واستمرارها. ولكن ما فعله الجفري هو أنه عاد إلى كل طروحاته التي سبق أن ألقاها في الفضائيات ونشرها في الصحف، واعتبر أن العلاقة بين أداء سوق الأسهم والاقتصاد ناجمة عن أن الطلب على منتجات الشركات في ظل تحسن الأوضاع الاقتصادية يرتفع، وبالتالي ترتفع معه ربحية الشركات وتنمو، ومعها ينمو سعر السهم في السوق، والعكس صحيح. وقال: بمعنى أن الطلب على منتجات الشركات في ظل تدهور الاقتصاد ينخفض ومعه تنخفض ربحية الشركات ومعها يتجه سعر السهم للانخفاض، وتختلف حدة وضعف العلاقة بين الاقتصاد وأداء الشركات في السوق بحسب حساسية الشركات للدورة الاقتصادية، إذ نجد أن هناك شركات الطلب فيها أقل تذبذباً مع تغير مراحل الدورة الاقتصادية من تحسن وتدهور، وقال الجفري: " عادة ما يمر أي اقتصاد بأربع مراحل من مراحل الدورة الاقتصادية، إذ يتحسن الأداء في مرحلتي الانتعاش والازدهار، ويتدهور الأداء في مرحلتي الكساد والتضخم، وتمر المراحل الأربع متتالية من كساد مثلاً إلى انتعاش فازدهار فتضخم، بدورة كاملة يليها بدء دورة أخرى، وقال في الشأن ذاته: "يتم استنباط مراحل الدورة الاقتصادية أو دورة رجل الأعمال من خلال مؤشرات اقتصادية عدة، أهمها العرض النقدي والناتج المحلي الإجمالي ونسبة البطالة والطلب على السلع المعمرة والإسكان، ومع مراحل التحسن الاقتصادي يتوقع نمو العرض النقدي والناتج المحلي الإجمالي وأخيراً مستوى الأسعار في سوق الأسهم.
وطبعاً في كل هذا الكلام لم نقرأ تنظيرًا حقيقيًّا لمشكلة سوق الأسهم، وبالتالي لم يطلعنا الدكتور الجفري على وجهة نظره في حل المعضلة التي تعانيها السوق.
أما محمد حسن أبو داود فأخذ يردد سلسلة الإحصاءات التي سبق أن نشرها وينشرها الكثير من الكتاب عن الاقتصاد السعودي، فقال إن الاقتصاد السعودي ينعم بسيولة نقدية تبلغ أكثر من ثلاثة تريليونات ريال، وأضاف أن قيمة القروض التي قدمتها البنوك التجارية لقطاعي التجزئة والتجاري بلغت 410 مليارات ريال لعام 2005، مشيرًا إلى أن كل هذه العوامل والمعطيات خلقت عنق زجاجة في الاستثمار والاقتصاد المحلي، نتيجة لعدم وجود الفرص الكافية والقنوات الاستثمارية المتاحة أمام المواطنين، وأشار أبو داود، إلى دخول المضاربين وكبار المستثمرين في سوق الأسهم المحلية وإلى ضعف الثقافة الاستثمارية وكذلك ضعف توافر المستشارين الماليين والمخططين للأفراد، الذين هم بحاجة ماسة إلى من يرشدهم ويوجههم نحو الاستثمار الآمن والأمثل.
وأوضح أبو داود أن ست شركات مساهمة كبرى معظمها مملوكة للدولة، تتحكم في 60 في المائة من القيمة السوقية لأسهم الشركات المساهمة، وطالب أبو داود في ختام كلمته بتقسيم السوق إلى سوق ثانوية وهو اقتراح تقليدي ومطروح من كثير من المحللين.
ولقد حاول المنتدى أن يخرج بشيء مهم وأن يتلمس علاج الجانب النفسي في السوق بإشراك استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد الذي قال: إن الثقة بالسوق من المسائل المعقدة ، فالإنسان بطبعه يحتاج إلى فترة زمنية طويلة لبناء الثقة في الآخر، ولكن هذه الثقة يمكن لها أن تتزعزع وتفقد في فترة زمنية وجيزة، وهذا كله بسبب غريزة الخوف والحذر الموجودة في دواخلنا، وتناول الحامد مصادر الثقة ومؤشراتها في سوق المال، كما سلط الضوء على الطريقة المناسبة لاتخاذ القرار الاستثماري وتأثير شخصية الفرد في هذه القرارات، وتطرق إلى أنواع الشخصيات وعلاقتها باتخاذ القرار ، كالشخصية الاندفاعية والشخصية الانطباعية والشخصية الشكاكة والشخصية السيكوباتية، وتطرق إلى آلية القلق في داخل الإنسان، وأشار الحامد إلى الدور المهم الذي يلعبه صناع السوق في استقرار السوق أو عدم استقرارها، من خلال التركيز على الحاجات الإنسانية المختلفة للمتداولين في السوق كباراً وصغارًا، وبين أن هذه الحاجات تتفاوت بشكل كبير بين حاجات فسيولوجية أساسية في أسفل السلم، وحاجات تحقيق الذات ومفاهيم النفوذ والسلطة وعلاقتها برأس المال، وانتقد الحامد الأداء السيئ للبنوك وأنظمة التداول، مؤكداً أنها من ضمن العوامل المزعزعة لاستقرار السوق، مشيراً إلى ضرورة محاسبة البنوك جراء ما تسببه من خسائر للمتداولين، ولاسيما في ظل العوائد والأرباح المجزية للبنوك من خلال عمولات البيع والشراء.
لاشك أن سوق الأسهم تعاني أزمة نفسية حادة بسبب القرارات التي كان يتخذها مرتادو السوق والتي كانت تقوم معظمها على تخمينات وتوقعات سطحية ولا تبنى على المعرفة والدراسة، ولذلك إذا أردنا أن نحسب للمنتدى نقطة إيجابية فإن هذه النقطة تتمثل في المشاركة الموفقة التي قام بها استشاري الطب النفسي الدكتور الحامد، لأن ما قاله يلامس بصورة مباشرة مستقبل السوق السعودية قبل أن يلامس ماضيها وحاضرها، ولاسيما أن الأزمة المالية امتدت من حاضرها وأرخت بظلالها الكئيبة على مستقبل السوق.
إن أهم ما كان يجب أن يقدمه المنتدى هو الدخول في قلب المشاكل والمصارحة بأسبابها وأخطارها والابتعاد عن الدوران حولها دون الغوص في جوفها.
إننا نؤكد أن المنتديات العلمية لا بد أن تشخص المشاكل بعمق الباحثين والمتحاورين وتطرح مقترحات عميقة لعلاج المشكلة التي من أجلها نظم المنتدى، أما تنظيم المنتديات على طريقة المهرجانات الترحيبية فليس مكانها قضية وطنية يكتوي بنارها ثلاثة ملايين بني آدم.
إن المنتدى عقد من أجل أن يتكلم المتحاورون ويتفاعل الحاضرون ولم يعقد لكي لا يتكلم الجميع وكأن في فيهم ماء رقراقا باردا.
1461 قراءة
تعليقات الزوار
01/05/1427هـ ساعة 5:07 صباحاً (السعودية)
اخي الدكتور امين
حل مشكلة سوق المال السعودي بيد اصحاب القرار والسوق السعودي لا يعكس قوة الاقتصاد السعودي فالبترول في ارتفاع متزايد لم يسبق له مثيل والناتج المحلي ممتاز وعملة الريال قوية ولله الحمد فما المشكلة ؟!
امر خادم الحرمين الملك عبد الله بدراسة وحل مشكلة السوق باستشارة وجلب خبراء ماليين وبقى الوضع على ما هو علية سوقنا سبب خسائر فادحة للمواطنيين واعادة الثقة مطلب وطني والا فان الاتجاة الى الاسواق المجاورة وخروج كامل السيولة تقريبا والبعض يتجة للبورصات العالمية نحن في عصر الانفتاح على العالم معا دخول السعودية في منظمة التجارة العالمية العلاج موجود لكن الخلل في التنفيذ
د. أمين ساعاتي - كاتب أقتصادي 01/05/1427هـ
dr_saaty@yahoo.com
بعد أن انفض منتدى سوق الأسهم الأول الذي عقد في الأسبوع قبل الماضي برعاية الغرفة التجارية الصناعية في جدة.. تساءلت وربما تساءل الكثيرون معي: ما الوصفة السحرية التي جاء بها المنتدى بعد اجتماعات ومحاورات كانت تستهدف الخروج من المأزق الذي أطبق على سوق الأسهم السعودية؟
للأسف لم أجد تشخيصًا واحدًا للأزمة، ولم يطرح المتحاورون حلولاً عملية للخروج من الأزمة، والكل قدم أوراقًا ضعيفة هي بمثابة التكرار لما تلوكه الفضائيات وما تنشره الصحف، لا جديد إطلاقًا قدمه المنتدى الذي غصت قاعته حتى آخر مقعد بالباحثين عن حلول عملية للخسائر الفادحة التي ابتلعتها السوق في غفلة من أصحابها.
ويعرف الجميع أن هناك مشاكل كان يجدر أن تطرح بكل صراحة وشفافية ومسؤولية بعيدا عن الخوف والمداراة، وبعيدا عن الالتفاف حولها، وكان يمكن أن تكون توصيات المنتدى مفيدة جدًا لو أن المنتدى وضع يده على أس البلاء الذي أصاب السوق وهبط بمؤشرها إلى الحدود الدنيا. أقول: كان الجميع ينتظر من المنتدى نتائج على جانب كبير من الأهمية، وأن تكون الصراحة والموضوعية هما سيدتا الموقف، ولو فعل ذلك المتحاورون لأسهم المنتدى في وضع روشتة ناجحة للخروج من المأزق الذي ألحق أذًى عميقًا لأكثر من ثلاثة ملايين مواطن وأصابهم بخسائر مؤلمة ومفجعة وفادحة.
وإذا كان مثلنا العامي يقول "إن الكتاب يقرأ من عنوانه"، فإن المنتدى لم يكن مبشرًا منذ أن افتتحه رئيس الملتقى فيصل الصيرفي، وقال في معرض كلمته المرسلة التي استهلها بتقرير إخباري جاء فيه: إن ما تشهده سوق الأسهم من تذبذبات وتغيرات غير مبررة تفسرها الرغبة الطبيعية لدى المستثمرين في تحقيق الأرباح، وهذا ليس بالأمر الخاطئ ولكن يجب الوعي بالمخاطر التي تحيط بقراراتهم الاستثمارية والاستراتيجية، التي يجب أن يتم على أساسها اتخاذ تلك القرارات وما يتبعها من تحمل أولئك المستثمرين نتائج استثماراتهم، وقال الصيرفي: انخفض مؤشر سوق الأسهم السعودية بشكل ملحوظ منذ نهاية شباط (فبراير) الماضي، وتجاوز انخفاضه في مرحلة معينة أكثر من 50 في المائة، ولا يزال أداؤه يتذبذب منذ ذلك الحين وحتى اللحظة التي أخاطبكم فيها، وفي اعتقادي أنه لا ضير في ذلك، استفدنا مما حصل في التعرف على أنجع السبل لتجنب ما حصل في المستقبل. وأضاف: إن سوق الاستثمار مجال للاستثمار، والاستثمار يتضمن نظرة مستقبلية وخططًا طويلة الأجل، قد تتحقق فتزيد قيمة الاستثمار، وقد لا تتحقق فتنخفض قيمة الاستثمار. إن الالتزام باستراتيجية استثمارية مناسبة بهدف تحديد أهداف محددة مسبقاً، والتحلي بالصبر هما السبيل لكي نصل إلى تلك الأهداف، وهذا هو مكمن الاختلاف بين الاستثمار والمضاربة، وأكمل الصيرفي قائلاًُ: إن الخطوة الأولى نحو تطبيق مبدأ الاستثمار هي اتباع أسس تقويم أداء الشركات وهي: تحليل الأداء التاريخي للشركة، وتحليل القطاع الذي تعمل فيه الشركة، ودرس المشاريع المستقبلية التي تنوي الشركة تنفيذها في حال وجدت تلك المشاريع، أو تحليل الأداء المستقبلي للشركة في ظل المعطيات الاقتصادية العامة والأخرى الخاصة بالقطاع أو مجال نشاط الشركة.
ولعل القارئ يتساءل: ما الجديد الذي جاء به رئيس الملتقى وهو يفتتح منتدى جاء ليناقش مشكلة من أكبر المشكلات التي يعانيها أكبر سوق للأسهم في منطقة الشرق الأوسط؟ وباختصار شديد نستطيع القول إن كلمة رئيس الملتقى كانت مرسلة وغير موفقة، وبالتالي لم تأخذنا إلى قاع المشكلة التي تعانيها السوق، وإذا سلمنا بأن رئيس الملتقى ألقى كلمة بروتوكولية، فمن حقنا أن نطمع في أحد أقطاب التحليل المالي وهو هنا الدكتور ياسين الجفري ليوقف القارئ البسيط على حقيقة الأزمة والعلاج، لمشكلة فقدت شرعية بقائها واستمرارها. ولكن ما فعله الجفري هو أنه عاد إلى كل طروحاته التي سبق أن ألقاها في الفضائيات ونشرها في الصحف، واعتبر أن العلاقة بين أداء سوق الأسهم والاقتصاد ناجمة عن أن الطلب على منتجات الشركات في ظل تحسن الأوضاع الاقتصادية يرتفع، وبالتالي ترتفع معه ربحية الشركات وتنمو، ومعها ينمو سعر السهم في السوق، والعكس صحيح. وقال: بمعنى أن الطلب على منتجات الشركات في ظل تدهور الاقتصاد ينخفض ومعه تنخفض ربحية الشركات ومعها يتجه سعر السهم للانخفاض، وتختلف حدة وضعف العلاقة بين الاقتصاد وأداء الشركات في السوق بحسب حساسية الشركات للدورة الاقتصادية، إذ نجد أن هناك شركات الطلب فيها أقل تذبذباً مع تغير مراحل الدورة الاقتصادية من تحسن وتدهور، وقال الجفري: " عادة ما يمر أي اقتصاد بأربع مراحل من مراحل الدورة الاقتصادية، إذ يتحسن الأداء في مرحلتي الانتعاش والازدهار، ويتدهور الأداء في مرحلتي الكساد والتضخم، وتمر المراحل الأربع متتالية من كساد مثلاً إلى انتعاش فازدهار فتضخم، بدورة كاملة يليها بدء دورة أخرى، وقال في الشأن ذاته: "يتم استنباط مراحل الدورة الاقتصادية أو دورة رجل الأعمال من خلال مؤشرات اقتصادية عدة، أهمها العرض النقدي والناتج المحلي الإجمالي ونسبة البطالة والطلب على السلع المعمرة والإسكان، ومع مراحل التحسن الاقتصادي يتوقع نمو العرض النقدي والناتج المحلي الإجمالي وأخيراً مستوى الأسعار في سوق الأسهم.
وطبعاً في كل هذا الكلام لم نقرأ تنظيرًا حقيقيًّا لمشكلة سوق الأسهم، وبالتالي لم يطلعنا الدكتور الجفري على وجهة نظره في حل المعضلة التي تعانيها السوق.
أما محمد حسن أبو داود فأخذ يردد سلسلة الإحصاءات التي سبق أن نشرها وينشرها الكثير من الكتاب عن الاقتصاد السعودي، فقال إن الاقتصاد السعودي ينعم بسيولة نقدية تبلغ أكثر من ثلاثة تريليونات ريال، وأضاف أن قيمة القروض التي قدمتها البنوك التجارية لقطاعي التجزئة والتجاري بلغت 410 مليارات ريال لعام 2005، مشيرًا إلى أن كل هذه العوامل والمعطيات خلقت عنق زجاجة في الاستثمار والاقتصاد المحلي، نتيجة لعدم وجود الفرص الكافية والقنوات الاستثمارية المتاحة أمام المواطنين، وأشار أبو داود، إلى دخول المضاربين وكبار المستثمرين في سوق الأسهم المحلية وإلى ضعف الثقافة الاستثمارية وكذلك ضعف توافر المستشارين الماليين والمخططين للأفراد، الذين هم بحاجة ماسة إلى من يرشدهم ويوجههم نحو الاستثمار الآمن والأمثل.
وأوضح أبو داود أن ست شركات مساهمة كبرى معظمها مملوكة للدولة، تتحكم في 60 في المائة من القيمة السوقية لأسهم الشركات المساهمة، وطالب أبو داود في ختام كلمته بتقسيم السوق إلى سوق ثانوية وهو اقتراح تقليدي ومطروح من كثير من المحللين.
ولقد حاول المنتدى أن يخرج بشيء مهم وأن يتلمس علاج الجانب النفسي في السوق بإشراك استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد الذي قال: إن الثقة بالسوق من المسائل المعقدة ، فالإنسان بطبعه يحتاج إلى فترة زمنية طويلة لبناء الثقة في الآخر، ولكن هذه الثقة يمكن لها أن تتزعزع وتفقد في فترة زمنية وجيزة، وهذا كله بسبب غريزة الخوف والحذر الموجودة في دواخلنا، وتناول الحامد مصادر الثقة ومؤشراتها في سوق المال، كما سلط الضوء على الطريقة المناسبة لاتخاذ القرار الاستثماري وتأثير شخصية الفرد في هذه القرارات، وتطرق إلى أنواع الشخصيات وعلاقتها باتخاذ القرار ، كالشخصية الاندفاعية والشخصية الانطباعية والشخصية الشكاكة والشخصية السيكوباتية، وتطرق إلى آلية القلق في داخل الإنسان، وأشار الحامد إلى الدور المهم الذي يلعبه صناع السوق في استقرار السوق أو عدم استقرارها، من خلال التركيز على الحاجات الإنسانية المختلفة للمتداولين في السوق كباراً وصغارًا، وبين أن هذه الحاجات تتفاوت بشكل كبير بين حاجات فسيولوجية أساسية في أسفل السلم، وحاجات تحقيق الذات ومفاهيم النفوذ والسلطة وعلاقتها برأس المال، وانتقد الحامد الأداء السيئ للبنوك وأنظمة التداول، مؤكداً أنها من ضمن العوامل المزعزعة لاستقرار السوق، مشيراً إلى ضرورة محاسبة البنوك جراء ما تسببه من خسائر للمتداولين، ولاسيما في ظل العوائد والأرباح المجزية للبنوك من خلال عمولات البيع والشراء.
لاشك أن سوق الأسهم تعاني أزمة نفسية حادة بسبب القرارات التي كان يتخذها مرتادو السوق والتي كانت تقوم معظمها على تخمينات وتوقعات سطحية ولا تبنى على المعرفة والدراسة، ولذلك إذا أردنا أن نحسب للمنتدى نقطة إيجابية فإن هذه النقطة تتمثل في المشاركة الموفقة التي قام بها استشاري الطب النفسي الدكتور الحامد، لأن ما قاله يلامس بصورة مباشرة مستقبل السوق السعودية قبل أن يلامس ماضيها وحاضرها، ولاسيما أن الأزمة المالية امتدت من حاضرها وأرخت بظلالها الكئيبة على مستقبل السوق.
إن أهم ما كان يجب أن يقدمه المنتدى هو الدخول في قلب المشاكل والمصارحة بأسبابها وأخطارها والابتعاد عن الدوران حولها دون الغوص في جوفها.
إننا نؤكد أن المنتديات العلمية لا بد أن تشخص المشاكل بعمق الباحثين والمتحاورين وتطرح مقترحات عميقة لعلاج المشكلة التي من أجلها نظم المنتدى، أما تنظيم المنتديات على طريقة المهرجانات الترحيبية فليس مكانها قضية وطنية يكتوي بنارها ثلاثة ملايين بني آدم.
إن المنتدى عقد من أجل أن يتكلم المتحاورون ويتفاعل الحاضرون ولم يعقد لكي لا يتكلم الجميع وكأن في فيهم ماء رقراقا باردا.
1461 قراءة
تعليقات الزوار
01/05/1427هـ ساعة 5:07 صباحاً (السعودية)
اخي الدكتور امين
حل مشكلة سوق المال السعودي بيد اصحاب القرار والسوق السعودي لا يعكس قوة الاقتصاد السعودي فالبترول في ارتفاع متزايد لم يسبق له مثيل والناتج المحلي ممتاز وعملة الريال قوية ولله الحمد فما المشكلة ؟!
امر خادم الحرمين الملك عبد الله بدراسة وحل مشكلة السوق باستشارة وجلب خبراء ماليين وبقى الوضع على ما هو علية سوقنا سبب خسائر فادحة للمواطنيين واعادة الثقة مطلب وطني والا فان الاتجاة الى الاسواق المجاورة وخروج كامل السيولة تقريبا والبعض يتجة للبورصات العالمية نحن في عصر الانفتاح على العالم معا دخول السعودية في منظمة التجارة العالمية العلاج موجود لكن الخلل في التنفيذ