المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنقذونا من هذا التخبط .. محمد فهد القحطاني



qatarface
29-11-2011, 05:39 PM
إن التخطيط من الأمور المهمة في حياة الدول والشعوب. ولا تستغني عنه مؤسسة أو إدارة مهما صغر حجمها أو كبر. وسواء كانت حكومية أو خاصة. ولأهمية التخطيط وفائدته وقيمته، ذكره الله في كتابه الكريم لا بالاسم ولكن بالمعنى في قصة سيدنا يوسف عليه السلام عندما طبق الخطة الخمس عشرية بنجاح لمكافحة الجفاف الذي أصاب أرض مصر في زمنه.

مما عاد بالخير على أهل مصر والمناطق المجاورة. ولو ترك أمر الجفاف من دون تخطيط مسبق لهلك الحرث والنسل وضاعة كل الجهود والمحاولات وذهبت هباء منثورا..


اكتب هذه المقدمة وأنا أرى هذا التخبط العشوائي والسير في الأمور العامة التي تهم قطاعا كبيرا من المواطنين من دون تخطيط مسبق وبدون خارطة طريق محكمة. مما أدى لصدور قرارات تعالج الخطأ بخطأ وتحل الإشكالية بإشكالية. ولو راعت الحكومة حسن التدبر واحترام قيمة التخطيط لما خرجت من خلل لتقع في خلل آخر. حدث هذا من قبل في قانون الإيجارات المؤقت السابق الذي كان قانون طوارئ في مجال إيجار العقارات. والذي كبل إرادة المتعاقدين وغيب مبدأ حرية التعاقد وأخل بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين. وذلك بهدف محاربة الغلاء الذي حدث بشكل مفاجئ في أسعار إيجار العقارات بسبب أخطاء وقعت فيها الحكومة لغياب روح التخطيط عن سياساتها من أهمها الإزالة المتسرعة لبعض المناطق ونزع الملكية عن عدد كبير من العقارات مما أدى بدوره إلى زعزعة استقرار سياسة العرض والطلب في مجال العقارات خصوصا وأن الحكومة لم توفر البديل بالسرعة الكافية وبالعدد اللازم الذي يعوض مكان تلك العقارات التي أزيلت أو التي نزعة عنها الملكية. وما زالت الإشكالية التي كانت نتيجة منطقية لغياب التخطيط المحكم تراوح مكانها ومن يلقي نظرة سريعة على جداول أسعار العقارات والأراضي والإيجارات يكتشف حجم التضخم الذي حدث وما زال مستمرا ولم يغن قانون الإيجارات المؤقت في تحاشى ما ترتب على ذلك ولم يحدث كبير فرق في حل الأزمة..


والأمر الآخر في سوء التخطيط ومعالجة الإشكالية بإشكالية أخرى هو قانون المرور الأخير الذي يستحق أن يسمى بقانون الضرائب بلا منازع والذي فرض غرامات مبالغا فيها حتى أصبح قائد المركبة في سجن مركزي كبير اسمه الطريق. وسبب تشدد المشرع في نصوص هذا القانون وفرض الأمر الواقع على سائق وسائل النقل هو معالجة ما نتج عن التدهور الحاصل في البنية التحتية والتأخير المبالغ فيه في إنشاء شبكة الطرق الحديثة. يعني ببساطة تطبيق قانون طوارئ آخر على قارعة الطريق. والذي لا يعجبه الأمر يشرب من بحر المخالفات المرورية حتى ترتوي خزانة الدولة..


ولو أن الإشكاليات التي تنتج لغياب التخطيط مسألة شهور وتعدي أو سنوات وتمر لهان الأمر ووجب على المواطنين والمقيمين الصبر والسلوان والاحتمال، لأن كل خطط البنية التحتية تحتاج إلى زمن ووقت حتى توتي ثمارها وتعالج أخطاءها. ولكن المصيبة أن تصبر وتصبر وتكتشف في الأخير أن العمل الموعود به لإصلاح الزلل يحتاج إلى إعادة نظر وأن التخطيط المتأخر الذي كنت تمني النفس بقدرته على إصلاح ما أفسده دهر غياب التخطيط المسبق بعد جهد جهيد يحتاج هو نفسه لإصلاح من جديد..


وأقرب ما نشر في الصحف وله علاقة بسوء التخطيط في مجال البنية التحتية التصريحات الخاصة التي أدلى بها إلى جريدة الراية يوم الأحد أمس الأول المهندس ناصر المولوي رئيس هيئة الأشغال العامة وتحدث فيها عن الأزمة التي تهدد سكان منطقتي أم أصلال والخريطيات والدحيل كذلك بسبب طفح المياه الجوفية وانتشارها على سطح الأراضي هناك بشكل يضر أولا بالصحة والبيئة، وثانيا يثير مخاوف حقيقية في تسبب هذه الأزمة في كارثة إنسانية نتيجة ما قد يحدث من تشققات أو انهيارات لتلك العقارات كما ذكر في التصريح المشار إليه فوق ما تسببه هذه الأزمة من خسائر مادية فادحة لأصحاب تلك العقارات. وهذه الأزمة سببها الرئيس في غياب جودة التخطيط، حيث إن هذه المناطق تغيب عنها شبكة الصرف الصحي مع أنها لا تبعد عن العاصمة أكثر من عدة كيلومترات وفوق ذلك تفتقد لسرعة سحب مياه الصرف الصحي التي تتجمع في منهولات تلك العقارات بسبب قلة أعداد مركبات الصرف الصحي وسوء الخدمة مما يزيد الطين بلة، حيث إن مياه الصرف الصحي تتسرب من تلك المنهولات وتشتبك مع المياه الجوفية ومياه الأمطار وتكون مستنقعات تهدد الحياة في تلك المناطق ومع أن الإشكالية لها سنين وتتفاقم كل زمن ما زلنا نسمع تصريحات نارية للقائمين على أشغال توعد بقرب الحل مع أن السماح بالبناء في هذه المنطقة له عقود وعقود والكل يعلم أن التصريح بالبناء في مناطق لا تتوافر فيها أبسط وسائل الخدمات من مثل شبكة الصرف الصحي والطرق والخدمة البلدية الجيدة سوف ينتج عنه هذه الإشكالية في المستقبل فلماذا نامت هيئة الأشغال كل هذه السنوات. لماذا لا يتكرم المهندس ناصر المولوي رئيس هيئة الأشغال على المنطقة بزيارة ميدانية حتى يكتشف حجم الأزمة وخطورتها قبل أن تقع الفأس في الرأس؟ لماذا لم نسمع بهذه التصريحات الرنانة إلا بعد أن نشرت الصحف المحلية غسيل البنية التحتية الوسخ على الملا ورؤوس الأشهاد؟ ومتى تتخبط حكومتنا الرشيدة في البنية التحتية وتسير على عماها فيها من دون تخطيط مسبق يحمي العقارات وملاك العقارات من سوء غياب العمل الحكومي المتقن؟ هل يحق لنا مخاصمة الحكومة وطلب التعويض منها على هذا التخبط في إدارة أزمة البنية التحتية أم أن حكومتنا الرشيدة على رأسها ريشة ولا تتحمل أخطاء قيادات إدارية قامت هي بتزكيتها لتولى تلك المناصب؟ والسلام.

http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1445&artid=161068