المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمير قطر يفتتح مؤتمر البترول العالمي العشرين



ROSE
05-12-2011, 02:06 PM
أمير قطر يفتتح مؤتمر البترول العالمي العشرين







قنا 05/12/2011 Tweet تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى فشمل برعايته الكريمة حفل افتتاح مؤتمر البترول العالمي العشرين بمركز قطر الوطني للمؤتمرات صباح اليوم.

حضر الحفل سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس هيئة الرقابة الادارية والشفافية وعدد من أصحاب السعادة الوزراء وضيوف المؤتمر.

وقد ألقى حضرة صاحب السمو الأمير المفدى كلمة في بداية الافتتاح فيما يلي نصها:

"بسم الله الرحمن الرحيم
الحضور الكرام، أرحب بكم في الدوحة وأعرب لكم عن جزيل الشكر لمشاركتكم معنا اليوم افتتاح مؤتمر البترول العالمي العشرين، هذا الحدث الكبير الذي نتشرف باستضافته على أرض قطر، وخاصة أنه يعقد لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط بعد مرور قرابة الثمانين عاماً على تأسيس مجلس البترول العالمي، الذي تزامن تأسيسه مع أولى عمليات التنقيب وبزوغ فجر صناعة النفط في منطقة الشرق الأوسط.

إن الأهمية الاستراتيجية للموقع الجغرافي الذي تحظى به منطقة الشرق الأوسط وما تمتلكه من احتياطيات هائلة من النفط والغاز إضافة لنصيبها المهم من الانتاج والتجارة بهاتين السلعتين الحيويتين يجعل هذه المنطقة بمثابة القلب النابض لصناعة الطاقة العالمية، وقد آن الأوان لانعقاد هذا المؤتمر في هذه المنطقة كاعتراف رمزي بأهمية مكانتها في صناعة الطاقة، إن الاقتصاد العالمي يشهد تغيرات كبيرة ومستجدات متسارعة أدت إلى أزمات اقتصادية ومالية بدأت تؤثر على تماسك التكتلات الإقليمية، وعلى العلاقات التجارية والسياسية بين الدول، وعلى قدرة العديد من الدول النامية وخاصة الفقيرة منها على تحقيق الأهداف العامة للتنمية.

ولا شك بأن منظومة الطاقة هي في مركز هذه التغيرات لأن كلاً من مكوناتها وأطرافها يؤثر على هذه التغيرات ويتأثر بها. كما أن انتشار العولمة وتوسع معالمها زاد درجة التشابك بين العوامل المؤثرة ومدى الاعتماد المتبادل بين الدول. وأصبح الحديث عن استقلالية الطاقة غير معقول وغير ممكن وخاصة في ظل تنامي الطلب على مصادرها.

الحضور الكرام، إن الطاقة بجميع مصادرها تلعب دوراً أساسياً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وما زال النفط والغاز يشكلان أكثر من خمسين بالمئة من هذه المصادر، ولكن هذه الصناعة تواجه تحديـات جساماً، سأركز بشكل مختصر على بعضها ، وعلى مواقفنا حول معالجتها، آخذاً بعين الاعتبار شعار هذا المؤتمر الطاقة للجميع من أجل تعزيز التعاون والابتكار والاستثمار.

الطاقة والتنمية في الدول المصدرة للنفط والغاز: إن معظم مصدري النفط والغاز هم من الدول النامية. وكي تحافظ هذه الدول على حقوق أجيالها القادمة عليها أن تتأكد من أن استنزاف مواردها الطبيعية لن يؤدي إلى إضعاف قاعدتها الإنتاجية في المستقبل، وتحقيق ذلك يتطلب منها استخدام إيراداتها النفطية لسد احتياجات الجيل الحالي وتحويل ما تبقى إلى قاعدة إنتاجية متجددة لا تعتمد على النفط والغاز، وهذا الهدف يتحقق بأن يكون للدول المصدرة رؤى واضحة لطبيعة هذه القاعدة واستراتيجيات وخطط للوصول إليها. كما أن تحقيقه يحتاج إلى تعاون الدول المستوردة المتطورة وشركات النفط العالمية، تعاوناً وثيقاً مع الدول المصدرة وخاصة في مجالات التنمية البشرية ونقل التكنولوجيا وتعزيز الابتكار.

الطاقة والتنمية في الدول الفقيرة: هناك تباين حاد في توفر مصادر الطاقة بين الدول. فهناك نسبة عالية من سكان العالم لا تتوفر لديها الحدود الدنيا من خدمات الطاقة الأساسية في التدفئة والإنارة والطهي . وهذا الوضع يجعل الكثيرين من سكان الدول الفقيرة محاصرين في حلقة مفرغة من الفقر وتخلف التنمية.

"إن هذا الواقع يلقي على المستهلكين في الدول المتطورة وعلى مصدري الطاقة مسؤولية جماعية في دفع عجلة التنمية المستدامة في هذه الدول. ولكن هذا لا يمكن أن يتم باتخاذ اجراءات أحادية تتعلق بتوفير الطاقة فقط، وإنما عن طريق دعم عملية التنمية الشاملة في هذه الدول وخاصة في التمويل والتعليم والصحة والتدريب وتطوير البنى التحتية. ونحن في قطر نعطي أهمية كبيرة لهذا الموضوع حيث أن أحد الأهداف الأساسية في رؤية قطر الوطنية 2030 نص على تعزيز المساهمة في تحقيق الأمن والسلم العالميين من خلال مبادرات سياسية ومعونات تنموية وإنسانية.

الطاقة والبيئة: إن الأثر السلبي لإنتاج الطاقة الأحفورية على البيئة وخاصة جودة الهواء بسبب زيادة الانبعاثات الضارة والتغير المناخي الناتج عن تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري هي حقائق لا مجال للجدل فيها، لكن معالجة هذه الآثار السلبية على البيئة لا يمكن أن تتم من طرف واحد وبمعزل عن باقي الأطراف المعنية الأخرى. فمثلاً إن تطوير مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة أمر إيجابي وضروري، يؤيده مصدرو النفط والغاز بقوة، ولكن العمل لتحقيق هذا الهدف من قبل الدول المستوردة المتقدمة يجب ألا يكون لأسباب كيدية كعدم الخضوع لسيطرة مصدري النفط، أو لأسباب غير بيئية بالضرورة كما هي الحال مثلاً عندما يتزامن تطوير هذه المصادر مع تقديم المساعدات والدعم لإنتاج الفحم. بالإضافة لذلك يجب أن لا يتم تطوير هذه المصادر بدون إطلاع المصدرين على حقيقة هذه النشاطات بالتفاصيل والشفافية اللازمة لزيادة الدقة في تقدير الطلب المستقبلي على النفط والغاز. إن التعاون هنا بين الأطراف المعنية ضروري للأسباب التالية:

السبب الأول: هو أن سد الاحتياجات المتنامية للنفط والغاز يحتاج إلى استثمارات ضخمة من قبل الدول المصدرة، وتمويل هذه الاستثمارات وتأمين ربحيتها يتطلب أدق المعلومات الممكنة عن العوامل التي تؤثر على الطلب العالمي لهاتين السلعتين للتخفيف من درجة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها هذه الاستثمارات، فمن غير المعقول أن يطلب من الدول المصدرة العمل على سد الاحتياجات المستقبلية لهاتين السلعتين وأن تقوم الدول المستهلكة لهما في الوقت ذاته بنشاطات أحادية تزيد من المخاطر التي تتعرض لها هذه الاستثمارات.

السبب الثاني: هو أن تعظيم الفائدة الممكنة من استخدام مصادر الطاقة المتوفرة في العالم أمر ضروري لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة. وبالتالي فإن العمل على تطوير التكنولوجيا التي تخفف من الآثار السلبية لإنتاج واستخدام الوقود الأحفوري على البيئة يجب أن يتزامن مع تطوير مصادر الطاقة المتجددة. وأنا سعيد لأرى بأن هذا الموضوع يلقى تغطية واسعة في هذا المؤتمر.

السبب الثالث: هو أنه بالإضافة لجهود الدول المتقدمة في تطوير مصادر الطاقة البديلة فإن الدول المصدرة للنفط والغاز وشركات النفط العالمية تعمل بشكل جدي على تطوير هذه المصادر أيضا. والتعاون هنا في مجال البحوث والتمويل وتحمل المخاطر وتبادل المعلومات عن المشاريع المرتبطة بهذا التطوير لاشك سيعود بفوائد جمة على جميع الأطراف.

الطاقة والأزمات السياسية في المنطقة العربية: إن الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية تعيد إلى الأذهان الحديث والقلق بشأن أمن الطاقة لما لهذه المنطقة من دور هام في سد احتياجات الطاقة العالمية. وأحب أن أشير هنا إلى التأكيدات المتعددة التي صدرت عن مصدري النفط والغاز على الالتزام بالحفاظ على تدفقات هذين المصدرين إلى المستهلكين وبذل كل الجهود لتحقيق ذلك وخاصة عند الأزمات. وقد ظهر هذا الالتزام جليا في حرب الخليج الأولى والثانية حيث أن إمدادات الطاقة لم تتأثر بشكل كبير.

"ومن الممكن أن تكون هذه الأحداث الأخيرة قد أثارت نوعا من القلق حول أمن الطاقة وأثرت بعض الشيء على نمو الاقتصاد العالمي ولكننا نعتقد بأن إمدادات الطاقة ستتجاوز أزمات عدم الاستقرار في المنطقة العربية. ونحن في قطر كمصدرين للنفط والغاز نعمل على تأمين استمرارية إمداداتنا منهما، وعلى التعاون مع أعضاء منظمات الطاقة التي ننتمي إليها من أجل تحقيق هذا الهدف.

الطاقة والنمو الاقتصادي العالمي: إن الاقتصاد العالمي مازال يعاني من تداعيات الأزمة الاقتصادية الكبرى التي بدأت بوادرها أواخر عام 2007 واشتدت وطأتها عام 2008 على الرغم من الانتعاش الاقتصادي في عامي 2010 و2011. فبالإضافة إلى أن حجم الدين العام في معظم الدول المتقدمة قد زاد عن الحدود المقبولة، فإن التوقعات تشير إلى أن النمو الاقتصادي في هذه الدول سيتباطأ بشكل حاد في العام المقبل، وهذان العاملان يشكلان معضلة صعبة الحل لأن معالجة أحدهما تؤدي إلى استفحال المشاكل التي يسببها الآخر.

بالإضافة إلى ذلك فإن تخفيض الدين العام الذي بات ضروريا يلقى مقاومة عنيفة من قبل شعوب دول الاتحاد الأوروبي ، كما أن كيفية معالجة هذا الأمر يواجه مواقف سياسية متعاكسة من قبل صانعي القرار في الولايات المتحدة. ولا شك بأن هذا الوضع سيؤثر سلبا على اقتصاديات الدول النامية وخاصة تلك الدول التي تعتمد في نموها على التصدير. كل ذلك يؤدي إلى زيادة درجة عدم التأكد فيما سيؤول إليه نمو الاقتصاد العالمي في الأعوام القليلة القادمة، وبالتالي زيادة عدم التأكد فيما سيؤول إليه سوق الطاقة أيضا.

السيدات والسادة، إن تداخل هذه القضايا وتشابكها يخلق بيئة تنافسية مليئة بالتحديات الكبيرة والفرص الهامة، التي تستوجب تعاوننا جميعا كمصدرين ومستهلكين للطاقة في رسم الرؤى المستقبلية ووضع الحلول المستدامة لتحقيق التوازن بين استخدام المصادر الهيدروكربونية لتلبية احتياجاتنا الملحة من الطاقة وخاصة في الأمد القصير والمتوسط، وبين تطوير مصادر الطاقة المتجددة والبديلة والاعتماد عليها بشكل مكثف في المستقبل الطويل الأمد، والتعاون بين الطرفين أمر ضروري كي تتم عملية التحول بشكل سلس وبشكل يضمن مصالحهما معا ويحقق الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة المتوفرة في العالم. هذه هي بعض القضايا التي أردت التطرق إليها باختصار لما لها من أهمية ونظرا لضرورة معالجتها بشكل شمولي بسبب انعكاساتها الشمولية.

وإنني على ثقة بأنه سوف يتم خلال هذا المؤتمر تداول وتسليط الضوء على هذه القضايا وعلى العديد من القضايا الأخرى الهامة المرتبطة بقطاع الطاقة، وبأنكم ستعملون جاهدين لإيجاد الحلول العملية، واقتراح التوصيات الملائمة والآليات المناسبة لتطبيقها، والتي من شأنها أن تسهم في تذليل العقبات أمام هذا القطاع الحيوي، وأن ترضي تطلعاتنا لتحسين أدائه وضمان استقراره، ليتمكن من القيام بدوره الريادي في دعم مسيرة التنمية المنشودة في العالم.

أرحب بكم مجدداً في دولة قطر، وأعلن افتتاح أعمال مؤتمر البترول العالمي العشرين. وأتمنى لكم جميعا مؤتمرا ناجحاً، وإقامة طيبة في الدوحة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".