مشاهدة النسخة كاملة : حصريا: الشيخ جاسم المؤسس .. كتاب للدكتورعبدالله السادة
الطواش
15-12-2011, 03:11 PM
لاول مرة وحصريا نعرض لكم كتاب عن حياة المؤسس الشيخ جاسم - الجانب الثقافي .
من تأليف الراحل المؤرخ والشاعر الدكتور عبدالله بن حسين السادة المتوفى فبراير- 2010
الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني
مؤسس دولة قطر
(1825-1913)
الجانب الثقافي في حياته
للدكتور عبد الله بن حسين السادة
الأمين العام المساعد
لاتحاد المؤرخين العرب
مقدمة
لاشك أن الدوافع تكون غالباً كبيرة ومهمة لاختيار اليوم الوطني لبلد من البلدان، وحين اختارت دولة قطر يوم 18/12 من كل عام ليكون يوماً وطنياً لها، فهي بذلك تكرم ابناً باراً من أبنائها هو الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني الذي اعتمدت تاريخ تسلمه الحكم يوماً وطنياً لهذه البلاد.
إن الشيخ قاسم الذي يعد المؤسس الحقيقي لدولة قطر الحديثة، رغم أنه الحاكم الثاني في تسلسل الحكام من آل ثاني، غير أنه ترك بصمات واضحة، فقد توحدت القبائل في عصره، ورضيت به حاكماً لها، وشهدت البلاد في عصره أمناً واستقراراً غير معهود.
لقد توالى حكام قطر الواحد بعد الآخر كل يبني ما استطاع في هذا الصرح الشامخ، حتى جاء عصر حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى ، وولي عهده الأمين سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ليبدأ عصر جديد بكل المقاييس، فقد تمكن حضرة صاحب السمو بما يمتلكه من حكمة وشجاعة من أن يجعل لقطر، هذه الدولة الفتية المكانة البارزة، فكان لها حضور إقليمي ودولي فاعل، ونمو كبيراً في الاقتصاد، وتسارع في عجلات التنمية، فضلا عن فتح أبواب الحرية واسعة، فكانت تجربة قناة الجزيرة، واحترام حقوق الإنسان، والسير بنهج تعليمي متطور يخدم خطط التنمية، والعمل على فض المنازعات بروح أخوية مع الجميع. إن قطر اليوم تسير بخطى حثيثة نحو مستقبل مشرق، وهي خطوات مسؤولة مبنية على الثقة بالنفس واحترام الآخرين.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني لم يكن حاكماً تقليدياً، فقد كان فقيهاً، شاعراً، فارساً وكريماً، وقد اهتم بالعلم والعلماء، ورعى الثقافة في عصره، بمستوى ذلك العصر، فاهتم بالكتب وطبعها ووزعها على الباحثين والطلبة، وكان يتقصى أخبار الكتب ويسعى إلى جلبها ويوصي بطباعتها، وهو ما دفعنا إلى كتابة هذا المؤلف اعترافاً بجميل هذا الرجل، ومساهمة متواضعة منا في اليوم الوطني لدولة قطر.
لقد واجهنا صعوبات في إعداد هذا الكتاب بسبب شحة المصادر، كما أن اقتصار بحثنا على الجانب الثقافي في حياته، زاد من محدودية الموضوع، فحرصنا هو تقديم جانب لم يلتفت إليه الآخرون، ولم نكن ننوي إطالة الموضوع بمعلومات ربما باتت معروفة للجميع.
وقد تضمن الكتاب عدداً من الأقسام، وهي: ملامح من شخصية الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني، بروز دوره مع شخصيات أخرى، دور الشيخ قاسم في قطر، بدايات التعليم في قطر، الشيخ قاسم مؤرخاً، قالوا في الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني، مراسلات الشيخ قاسم مع علماء عصره، الاهتمام بالشعر النبطي.
ونحن نقدم عملنا هذا نرجو أن يلقى القبول ممن يطلع عليه، ونتمنى لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الصحة والعمر المديد للارتقاء بقطر أكثر فأكثر، ولولي عهده الأمين سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كل الخير والتقدم.
المؤلف
ملامح من شخصية
الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني
في حياة الأمم والشعوب هناك شخصيات تركت ملامحها على مسيرة شعوبها، ودولة قطر الحديثة نسبياً حظيت بمن يحدد ملامحها ويبرز كيانها ويجعل منها دولة كباقي الدول في ظروف عصيبة، كانت المنطقة تشكو من الأطماع الخارجية لأهمية الخليج العربي في التجارة آنذاك.
يعد الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني (1825-1913) هو مؤسس دولة قطر الحديثة، وإذا كانت جهوده في تأسيس دعائم دولة قطر معروفة وكتب عنها المؤرخون، فإننا نود هنا الحديث عن جهود الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني الثقافية، وقبل الحديث عن تلك الجهود لابد لنا من التعريف بشخصيته وحياته السياسية وأثره في تلك المرحلة المبكرة التي مهدت لتأسيس دولة قطر.
هو الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني، ينتهي نسبه إلى بني تميم، ونشأ في بيت عز وكرم أسهم في صقل خلقه وبناء شخصيته، وتلقى مبادئ القراءة والكتابة وهو صغير، ووجد في نفسه شغفاً في حب التعلم، فاطلع على ما كان متيسراً من كتب آنذاك، وظل هذا الهاجس معه حتى كبر وكبرت معه رغبته في البحث عن الكتب والإطلاع عليها وتقصي أخبارها، وسعيه فيما بعد لجعلها في متناول الباحثين عنها، وهو ما سنتطرق إليه لاحقاً.
لقد تعلق الشيخ قاسم منذ طفولته بالعلم فحضر مجالسه، واستمع إلى علماء عصره، وأخذ عنهم ما كانوا يجودون به من علم. لقد بدأ اهتمامه واضحاً في هذا الجانب ، فكان متميزاً بين أقرانه في سعيه الدؤوب لتطوير ملكته الثقافية والمعرفية، فكان لا يتردد في السؤال والاستفهام عما يشكل عليه ومناقشة العلماء الذين كانوا يحيطون بوالده رحمه الله في كل شاردة وواردة.
لقد كان لهذه الحياة التي عاشها الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني الأثر الكبير في بلورة شخصيته وتهيئة للدور الذي قام به فيما بعد، لذا فحين أصبح حاكماً لقطر لم يكن حاكماً تقليدياً يهتم بأموره الشخصية ويترك رعيته، وإنما تميز بين أقرانه حين جمع بين السياسة والأدب مع معرفة واسعة في العلوم الشرعية، أهلته ليكون محاوراً جيداً في أمور الدين والدنيا، وهو ما جعل منه فيما بعد راعياً حقيقياً للثقافة يفد إليه خيرة العلماء والأدباء من كل حدب وصوب.
لم يكن وجود الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني طارئاً في سدة الحكم، فقد كان مرافقاً لوالده الشيخ محمد بن ثاني وهو حاكم قطر، فكانت لهذه الرفقة بالغ الأثر في تعلمه فنون الإدارة والقيادة وكانت بمثابة تجربة أفادته في قيادة بلده. وحين تلمس والده قدرة القيادة عند ولده عهد إليه بإدارة شؤون البلاد قبل وفاته عام 1879م. لقد تعلم الشيخ قاسم من مرافقته والده كيفية التعامل مع الآخرين والإنصات لحاجات الناس، الأمر الذي أكسبه حنكة إدارية وسياسية جعلته موضع احترام وحب من شعبه وجيرانه.
لقد شهدت قطر في عهد الشيخ قاسم استقراراً وازدهاراً واضحاً، فقد قام بتوحيد القبائل وجمع شتاتها، وحين وجدت تلك القبائل فيه تلك الشخصية القيادية انضوت تحت لوائه معبرة عن ولائها له، والتفافها حول قيادته، فنجح في إدارة البلاد بحنكة واقتدار وأسس لدولة قطر الحديثة. وأرسى دعائم استقرار البلاد والحكم لآل ثاني أثناء فترة حكمه..حيث يقول الشيخ عبد الله البسام عن الشيخ قاسم وآثاره في عهده "توسعت أعمال البلاد، ونشط عمل الغوص فيها، وصار لها ميناء بحري تجاري لتصدير البضائع وتوزيعها، فكثر السكان، وتعددت الأعمال، واتسعت البلاد، وتوسع فيها العمران، وصار للعاصمة الدوحة قرى وضواح، وأصبحت دولة مستقلة. ويصف سياسته فيقول: "إنه ساس قطر بالعدل والحكمة والرحمة حتى أحبته رعيته".
كانت زعامة الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني في وقت عصيب حيث التنافس البريطاني العثماني على أشده للسيطرة على الخليج العربي، وكان الحكام المعاصرون لتلك المرحلة يشعرون بصعوبة الموازنة بين هذين الطرفين، فما كان من الشيخ قاسم وسط كل هذه الظروف إلا البحث عما يحقق لقطر سيادتها واستقلال قرارها السياسي، ولم يكن هذا الخيار سهلاً.
وفي بداية الأمر اختار الشيخ قاسم التعاون مع العثمانيين لدفع الخطر عن بلده مدفوعاً بوحدة الدين للتخلص من النفوذ البريطاني في المنطقة، غير أنه حين وجد لدى العثمانيين طمعاً في التدخل بشؤون قطر الداخلية من خلال تعيينهم بعض الموظفين الموالين لهم، وإنشاء دائرة جمارك الدوحة، وتعزيز الحامية العثمانية بالدوحة، أدرك حقيقة ما يصبو إليه العثمانيون، وشعر بالخطر يتهدد البلاد، فلم يصبر على ذلك واشتبك معهم في معركة الوجبة عام 1893م، واستطاع إلحاق الهزيمة المنكرة بهم، وهو ما أكسبه شهرة واسعة في المنطقة، وأصبح الجميع يعرفون شجاعة الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني وقدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب.
لقد جمع الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني خصالاً حميدة، وكان لنزعته الدينية وشغفه بالعلم، واستجلابه للعلماء، وحضه على طلب العلم والسعي إليه، والعمل بأحكام الدين والجهاد والزكاة وغير ذلك من الأمور النافعة، وإمامته الناس في الصلاة وخطبته فيهم، كان لكل هذا دور كبير في حب أهالي قطر له، كما باشر القضاء والفصل في المنازعات التي تحدث بين الناس، فقد كان مهيب الجانب محترماً من القبائل القطرية وغير القطرية، كذلك حرص على بناء المساجد وطباعة الكتب الدينية، ولم يكتف الشيخ قاسم بما تقدم، فقد كان ممن يحبون لغتهم العربية، وكان ذا موهبة وتجربة شعرية، فقد نظم الشعر وأتقنه وخلف لنا ديواناً باسمه مازال عشاق الأدب يتداولونه.
لم تكن مساهمة الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني في الحياة السياسية والثقافية غريبة على من مثله، فقد ساهم علماء الأمة وبعض المثقفين من الأعيان والحكام والأسر المعروفة في الحياة السياسية والثقافية في العراق، ودول الخليج، ومصر، وبلاد الشام من خلال نشاطاتهم المختلفة، والتي تزامنت مع نشاط الحركات الإصلاحية الدينية التي ظهرت في نجد والحجاز وليبيا والسودان، في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري ( التاسع عشر ميلادي ) نتيجة لجملة مؤثرات وتراكمات عانت منها المنطقة العربية إبان الحكم العثماني والتغلغل الأوربي في المنطقة، وكان العلماء المسلمون أبان تلك المرحلة في طليعة من تمسك بالهوية العربية والعودة إلى جذور الأمة وشكل فكرهم القاعدة الأساسية للوعي القومي العربي فيما بعد.
بروز دوره مع شخصيات أخرى
وشهدت البلاد العربية نهاية القرن الثالث عشرا لهجري ( التاسع عشر ميلادي ) نهضة ثقافية ملموسة تجسدت بحركة إحياء التراث ونشره وتوزيعه ارتبط بظهور الطباعة وانتشار الكتب والمجلات والصحف، ورافق ذلك نهضة تربوية وعلمية طموحة انعكست حتى على المدارس التقليدية في معظم البلاد العربية، وصار الوجود التركي - الذي دخل باسم الخلافة الإسلامية - قوة مؤثرة وأخذ يضغط بقوة مثيرا الحساسيات القومية وفرضه سياسة التتريك عاملا آخر على التمسك بالهوية العربية متصديا للأخر المتمثل بالمحتل ( عثماني، أوربي )، و ظهر رجال لعبوا دورا متميزا ومشهودا في نشر الوعي القومي وفتحوا أعين الناس على ما ابتليت به الأمة من جهل وتخلف. وكان لهم الفضل في ترسيخ الأفكار التي قارعت الاحتلال وسياسته بمختلف أشكالها، وسعت لبناء نهضة علمية وثقافية، متطلعة إلى الإصلاح والتجديد، استمدت جذوتها وروحها من تراث الأمة فسعت إلى إحياء ذلك التراث، نشرا وتحقيقا، وتوزيعا، ساهم فيه علماء من مختلف البلاد الإسلامية.
وبرز في هذه المرحلة رجال قادوا مثل تلك النشاطات منهم : آل الدخيل في نجد ،و آل ثاني في قطر ، وآل الذكير في البحرين وفي الشام آل العظم والقاسمي و البيطار ، وفي حلب آل الكيالي( ) وال الكواكبي ، وال الغزي، وفي بغداد آل الشاوي والآلوسي وال الشواف والنقشبندي والخالدي والحيدري والعمري والشبيبي وال الحبوبي ، وبقية أنحاء العراق( ).
كانت منطقتا الخليج العربي والعراق مراكز صراع الدول الكبرى آنذاك ومحط أطماعهم لما يشكلانه من أهمية لمصالح تلك الدول المتصارعة ، وحدت هموم الوطن والأمة بين علماء العراق وبلاد الشام والحجاز والخليج ومصر وساهموا في الحياة الثقافية بحكم موقعهم الاجتماعي ودورهم في الحياة الفكرية العربية بمناهضة السلطة الحاكمة والتمسك بتراث الأمة وتحملهم مسؤولية الحفاظ عليه والدفاع عنه وهذا مما قوى أواصر الأخوة بينهم .
دور الشيخ قاسم في قطر
وفي قطر لعب الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني (1241-1331هـ/1825-1913م) دوراً كبيراً في الحياة الثقافية في قطر والبلاد العربية بحكم علاقاته العميقة مع أصحاب الفكر من رجالها، منذ أن كانت قطر تحت حكم والده الشيخ محمد بن ثاني (1868-1876م)، وكان الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني (1876-1913 ) مساعداً لوالده، لكنه هو الذي يعد مؤسس دولة قطر الحديثة كما ذكرنا، والذي كان له نشاط واضح في الحياة السياسية والثقافية في قطر، ومنطقة الخليج العربي، فهو واحد من أعظم رجالات الأمة في تاريخ الخليج كله ( )، تسلم حكم البلاد بعد اعتزال والده المسؤولية بسبب كبر سنه وتنازل له عن إدارة البلاد قبل وفاته بسنتين سنة(1331هـ/ 1876 )وأعلن عن حكم الشيخ قاسم سنة (1333هـ/ 1878م)، وعرف عنه تدينه وتقواه ومقاومته للبدع وأهل الضلالة، وكان رجلا جادا عالي الهمة غيورا على دينه متألما للأوضاع التي كانت سائدة في عصره، مع شجاعة واستقامة وكان محبا للعلم والعلماء، راعيا للنشاطات الثقافية وله مجلس أدبي يجتمع به وجوه ومثقفي قطر فقد اشتهرت قطر بمثل هذه المجالس فلا يكاد يخلو منزل منها واشتهر حكام قطر بهذه المجالس ( ) . وكانت له مراسلات مع معظم علماء البلاد العربية يتشاطر معهم الأفكار في الثقافة و الدين والتراث وممن كان وثيق الصلة به علامة العراق محمود شكري الآلوسي تناول فيها شؤون الثقافة ومشكلاتها في عصرهم وطبع كتب التراث وأوصى بتوزيعها على مستحقيها من العلماء وطلبة العلم لا يبتغي في ذلك غير مرضاة الله سبحانه .
الطواش
15-12-2011, 03:11 PM
بدايات التعليم في عهده
كان هناك عدد من الرجال الذين أسهموا في بدايات التعليم في قطر، وقد ورد الكثير حول هذا الموضوع، فحال التعليم لم يكن بأوفر حظا من باقي نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعمرانية ، ولهذا لم ينل من عنايتها كثيرا ولا قليلا ، لأن بريطانيا العظمي التي تشدق ساستها برسالتهم الاستعمارية التي هي جزء من رسالة الرجل الأبيض إلي البلدان المتخلفة المحرومة من حضارة القرن العشرين ، ولم تكلف نفسها أن تفكر مجرد تفكير في مد يد العون إلي أهالي هذه المنطقة التي آل إليها زمام الأمور فيها ، بإتاحة أي فرصة من فرص التعليم لأبنائها ، واستمرت سياسة التجهيل التي كانت سائدة أيام الحكم التركي للعالم العربي .
حظي التعليم في قطر ببعض العناية فـ " كانت قطر قبل مطلع القرن العشرين بقليل أوفر حظا من باقي إمـارات الخليج، وذلك مـن حيث كثرة عـدد الكتاتيب ففي سنة 1308 هـ (1890م) في عهد الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني بلغ عدد الكتاتيب عشرة كتاتيب تدرس فيها القراءة والكتابة والقرآن الكريم" .
وفي هذا الوقت المبكر لم يقتصر التعليم على الكتاتيب فقط، فقد عرفت كذلك مدرسة نظامية هي المدرسة الراشدية التي كانت تدرس فيها العلوم الإسلامية علي طريقة التدريس في المدارس العثمانية، وكانت مؤلفة من ثلاثة صفوف ابتدائية وثلاثة متوسطة. وكان حضور هذه المدارس (الكتاتيب) عاما لكل الأطفال من الجنسين حتى سن العاشرة دون تفرقة، حيث يتلقون في هذه الكتاتيب تعليم القرآن، ومبادئ الإسلام الأولية . كان الأصل في التعلم هو القرآن الكريم، غير أن " تعلم الكتابة والقراءة في الكتب العربية والأشعار الأدبية لا يتسني للفتى إلا بعد انتهائه من دراسة القرآن الكريم .
ولم يقتصر التعليم على هذا النوع فقط، فكان هناك نوع آخر " من الكتاتيب أكثر تقدما، حيث كانوا يعلمون فيه اللغة العربية والقرآن، والحساب إضافة إلي مبادئ الإسلام، وقد كان تعليم اللغة العربية والحساب مقتصرا علي الأطفال من العائلات الغنية وخاصة الأولاد، وكان وجود هذا النوع من الكتاتيب نادرا، ويتوفر عـادة في الدوحـة والمدن الكبيرة فقط. وكان الكتاب يحتوي علي غرفة واحدة مؤثثة ببساط أو حصائر صغيرة للأطفال ، وآخر خاص للمطوع ، والبعض يبني لنفسه مظلة من الخوص وجريد النخل ويفرش تحته حصيرا، وكان يقوم بالتدريس فيها( المطوع) .
لقد كان للكتاتيب دورها المهم في التعليم، وهي البدايات الحقيقية للتعليم في قطر، والمنطقة، " ومن الكتاتيب التي تمـيزت في تلك الفترة ثلاثة كتاتيب هي:
- مدرسة الشيخ الرحباني والشيخ ابن حمدان (من نجد) وكانت بالدوحة لتعليم القرآن الكريم، وأصول الدين وبعض مباديء العربية.
- مدرسة الشيخ محمد الجابر من أهالي قطر تأسست 1900م لتعليم نفس الموضوعات، وبعض النحو العربي . وبالإضافة إلي أبناء قطر في هذه الكتاتيب فقد اجتذبت بعض أبناء الإمارات المجاورة، وكان يتحمل نفقات تعليمهم وإقامتهم في قطر بعض المحسنين الأثرياء من أهالي إماراتهم .
الشيخ قاسم مؤرخاً
لقد تميز الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني بجديته وصدقه في كل ما يقوم به من عمل، فنجد اهتمامه الكبير بكل ما يخدم الإسلام حين كرس لذلك معظم حياته قارئاً ودارساً ومحاوراً في ما يتعلق بالعقيدة، وأثمر هذا الاهتمام كما ذكرنا طباعته لعدد من الكتب ورعايته للعلماء والدارسين، غير أن جريدة الرياض السعودية نشرت جانباً - ربما- لم يتوقف عنده الدارسون لسيرة هذا الرجل الكريم، وهي اهتمامه بالتاريخ الذي لا ينفصل عن اهتمامه بدينه، فالإسلام دخل في مفاصل الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية، فكان ما نشرته الجريدة في عددها
الصادر في 15/9/2006 صفحة هي نبذة تاريخية تعّد من أوائل التواريخ المطبوعة والخاصة بمنطقة نجد وبعض حوادث الجزيرة العربية - كما يقول المحرر- بدءاً من القرن العاشر الهجري وانتهاء بحوادث اوئل القرن الثالث عشر الهجري. ويشير المحرر إلى أن هذا التاريخ جاء ضمن ديوان شعري للشيخ قاسم وبعض الحوادث التي جرت في قطر، أو غيرها إبّان عهده، وعهد والده الشيخ محمد بن ثاني. ومما يشير إليه الديوان تلك العلاقات الأخوية والقوية التي كان يكنها الشيخ قاسم للملك عبدالعزيز وتقدير الأخير له - رحمهما الله - وبعض قصصهم التي جرت بينهم..
ومما يبين منهج الشيخ قاسم في تدوين التاريخ بأسلوب مبتكر على بساطته، أنه في نهاية هذا الديوان - يقول المحرر- أن المؤلف يسوق بعض الحوادث التي وقعت في نجد باختصار، فهو يذكر الحادثة بأسطر قليلة ربما لا تتجاوز السطرين إلا في حالات نادرة، وتأتي الإشارة لترقيمه للتاريخ عند نهاية السطر من كل صفحة، فقد جاء المطبوع مجدولاً بشكل مبسط.
ولاشك أن سعة الفترة التاريخية التي شملها هذا المدون تحتم على الشيخ قاسم العودة إلى مراجع سواء كانت هذه المراجع كتباً أو أشخاص التقاهم، وهو ما يبين ولعه وحرصه على كل ما هو ثقافي، في زمن لم يكن فيه الاهتمام موجوداً من قبل أشخاص مثل الشيخ قاسم، فهو حاكم لبلد وليس متفرغاً لمثل هذه الأمور، لكنك وأنت تقرأه مؤرخاً، تجده كذلك، مثلما لا تجده سوى شاعراً حين تقرأ شعره، وهو العادل في حكمه، كما السياسي المحنك في إدارته لشؤون البلاد.
ويصف محرر الرياض النسخة المطبوعة فيقول: طبع الكتاب للمرة الأولى عام 1328هـ، الموافق 1910م. ويحتمل أنها في الهند، والورق المطبوع به هذا التاريخ رديء بحيث أصبحت هذه الأوراق غير متماسكة ومعرضة للتلف بمجرد الإمساك بها تقريباً، وقد قاربت طباعتها المائة عام تقريباً، جاء عنوان هذا التاريخ الملحق في الديوان: ذكر تاريخ حوادث نجد وأمرائها ووفيات رؤسائهم، وأول تاريخ هذه الحوادث المذكورة كانت عام 988هـ، وجاء فيها: أول غزوة الشريف حسن إلى اليمامة عام 988هـ. ثم جاءت الحوادث التي تلي هذا التاريخ وهى أعوام 999هـ، و1000هـ، وعام 1015هـ، وهكذا إلى أن يؤرخ لقرابة خمس وخمسين سنة متفرقة بدأت من التاريخ المذكور إلى عام 1307هـ، وهى سنه وفاة الإمام عبدالله بن فيصل رحمه الله.
ويشير المحرر إلى طباعة هذا الكتاب مرة أخرى وذلك في عام 1380هـ، حيث احتوت طبعة الديوان مع هذا التاريخ على قصائد نبطية لبعض شعراء الجزيرة العربية، مثل راكان بن حثلين وتركي بن حميد وابن سبّيل، وغيرهم من الشعراء. ويعزو المحرر إلى أخطاء في هذا الكتاب لأسباب طباعية " التاريخ في مجمله مع هذا الديوان لم يخلو من أخطاء سواء في تاريخ بعض هذه الحوادث أو التصحيف في بعض القصائد نتيجة للأخطاء الطباعية. وربما ذلك راجع إلى كون هذا الكتاب يعد من أقدم ما طبع عن تاريخ نجد.
اهتمام الشيخ قاسم بالشعر النبطي
لم يمنع انشغال الشيخ قاسم بإدارة البلاد واهتمامه بالعلم من اقتناص الوقت لقرض الشعر والاستماع إلى الشعراء الذين لم يكن يخلو مجلسه منهم، فقد كان شاعراً مفوهاً، وذا موهبة شعرية متميزة، فقد نظم الشعر النبطي وأتقنه وخلف لنا ديواناً باسمه يحمل أجمل القصائد التي تعبر عن شخصيته خير تعبير، ومازال عشاق الأدب يتداولون قصائده ويستذكرونها.
لقد ألحق الشيخ قاسم – رحمه الله – بديوانه كما ذكرنا آنفاً تاريخاً سجله عن تلك الحوادث التي جرت في الجزيرة العربية وقطر أو غيرها إبّان عهده، وعهد والده الشيخ محمد بن ثاني.
وقد طبع هذا الديوان أكثر من مرة منها طبعة 1380هـ ، حيث احتوت طبعة الديوان مع هذا التاريخ على قصائد نبطية لبعض شعراء الجزيرة العربية، مثل راكان بن حثلين وتركي بن حميد وابن سبّيل، وغيرهم من الشعراء.
ومن قصائد الشيخ قاسم بن محمد هذه القصيدة "على الحق لا نغلو ولا نجفاه "
يا الله يا المَعْبود بالخوف والرجا
ويا واحدٍ ما للعباد اسْواه
ويا ناصرٍ من قام في نَصْر دينه
ويا حاميٍ من يَلْتَجى بِحِماه
نِشْكره في السَّرّا ونحمده في القضا
ونِرْضَى ونِغْضَبِ لغَضْبِه ورضاه
ونُخْلِص له التَّوحيد بالقول والعمل
على الحق لانغلو ولا نجفاه
فالى عِرْضتِ الدنيا علينا وديننا
تركنا الدَّنِيَّة لاتباع رضاه
وعاديت من عاداه واظهرت بغضه
وعاديت معه اللي بَعْد والاه
فاقْسَمْت لا اعْطي السَّلاطين طاعةً
ولا احكمِ القانون في القضاة
وجَاهدْت فيك الدَّولتين وتَبْعِهم
رِجاً فيك يا من لا يخيب رجاه
وكان لشخص الشيخ قاسم بن محمد السبب في قول عدد كبير من قصائد الشعر النبطي في حقه التي تصور مواقفه الإنسانية وخلقه الكريم في تعامله مع الآخرين.
ومن هؤلاء الشاعر عبد الرحمن بن عودة بن بخيت الإحسائي (ت 1354هـ) وهو أمير بلدة المراح وله قصائد في مدح الشيخ قاسم لنصرته واستضافة عشيرته وله مجموعة شعرية في الشعر النبطي كذلك الشاعر مبارك بن مضحي، والشاعر محمد بن مسلم، والشاعر راشد بن عفيشة الهاجري وغيرهم.
الطواش
15-12-2011, 03:12 PM
دور الشيخ قاسم الثقافي ورأي لآخرين به
رغم شحة المصادر التي بين أيدينا عن تلك الفترة إلا أن ما يهمنا هنا شخصية الشيخ قاسم وحبه للعلم وبحثه عن المعرفة وتشجيعه للعلماء والأدباء، وهو ما سنكرس له بحثنا هذا. فقد عرف عن الشيخ قاسم اهتمامه الكبير بهذا الجانب، وهنا لابد من الإشارة إلى أن معاصريه أشادوا بسيرته المحمودة، لذا كان لابد أن تحظى شخصية مثل شخصية الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني -رحمه الله- بالاهتمام والإعجاب من رجال عصره، لما تركه في نفوسهم من أثر طيب يعترف به الجميع، فقد أثني عليه كثير من الأعلام بما يعزز مقامه، ويبين منزلته، فليس غريباً أن يكتب العلماء والأدباء عن هذا الشيخ الجليل والطود الشامخ والأديب البارز، والعالم الفاضل ثناء عليه واعترافاً بقدره، وليس غريباً أن يتسابق الشعراء على مدحه في حياته، وعلى رثائه بعد موته، وسنشير إلى بعض ما وقع بين أيدينا ممن ذكروا الشيخ قاسم رحمه الله:
* فقد قال الشيخ محمود شكري الآلوسي واصفاً تقواه وإحسانه واجتماع الناس حوله: "وهو من خيار العرب الكرام، مواظب على طاعاته، مداوم على عبادته وصلواته، من أهل الفضل والمعرفة بالدين المبين، وله مبرات كثيرة على المسلمين… وهو مسموع الكلمة بين قبائله وعشائره، وهم ألوف مؤلفة…"، وكانت بينهما رسائل متبادلة سنأتي إلى ذكرها فيما بعد.
* أما الشيخ محمد بهجت الأثري وهو تلميذ الشيخ الآلوسي، وقد عرف عنه أنه لا يعطي رأيه بالآخرين بسهولة لما عرف عنه من صدق الطوية فيقول عنه: " الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني حاكم قطر من كبار أنصار الإصلاح الإسلامي."
* في حين ذكره أمين الريحاني وهو المعروف بعلاقاته الواسعة بالملوك والحكام، فقال: "حارب ابن ثاني الأتراك فكسرهم في وقعات عديدة وكان ولوعآ في جمع العبيد وعتقهم، ومن دواعي إحسانه الورع والتقوى" يقول الريحاني أنه كان " يصرف واردات أوقافه على الجوامع والخطباء بل كان هو نفسه يعلم الناس الدين ويخطب فيهم خطبة الجمعة " ثم يقول عنه فضلاً عن " الورع والتقوى فصاحة اللسان والى الفصاحة العلوم الدينية والفقه والى العلوم الضمير الحي واليقين والى ذلك كله الثراء والجود عاش جيلآ ويزيد في قطر فكان أميرها وخطيبها وقاضيها ومفتيها والمحسن الأكبر فيها."، والحقيقة أن مثل هذه الصفات نادراً ما تجتمع كلها في شخص واحد، وحين يكون هذا الشخص قائداً لشعبه، فلابد أن يفيض هذا الكرم وهذه التقوى على من يقودهم، فهو قدوتهم التي بها يقتدون.
* ويبدي جون فيلبي إعجابه بالشيخ قاسم فيقول: "وكان هذا الرجل ذا سمعة أسـطورية فاحتفظ بقوته العقلية والجسمانية حتى النهاية، وكثيراً ما كان يشـاهد وهو يمتطي جواده مع فرقـة من الخيـالة كلها من أبنائه وأحفاده.
*ويكاد الجميع يجمع على كرمه وتقواه، فهذا خالد بن عبد الله الفرج يقول عنه: "كان مشهوراً بالكرم، والتمسك بالديانة، وإيراده من تجارة اللؤلؤ التي هي حياة سكان ضفاف الخليج." وقال أيضاً: "هو من أمراء العرب العصاميين المشهورين رحمه الله".
* ويرى عبد الله بن خميس فيه ذلك: " العالم الجليل، والسلفي المحض، والموقف نفسه وماله لخدمة العلم والعلماء".
* أما عثمان القاضي فيقول أنه: " كان رجلاً من فحول الرجال علماً وحلماً ورأياً ثاقباً وكرماً حاتمياً" وقال أيضاً: تحت عنوان: فصل فيمن اشتهر من الأدباء المتأخرين رحمهم الله: "قاسم بن ثاني أمير قطر أديب بارع، وجواد سخي".
* ويتوقف سلمان الدخيل عند سعيه لخدمة الآخرين، فيقول: "هو من النابغين في الأمة العربية، العاملين لسعادة الدين والوطن، وقد آتاه الله من فضله خيراً كثيراً، ومن العلم والمال والولد." ويقول أيضاً " هو الأمير في هذه البلاد - أي قطر -، وهو الخطيب يوم الجمعة، وهو القاضي، والمفتي والحاكم، ومن صفاته أنه إذا خطب أذهل السامعين وجلب قلوبهم إليه، وإذا أعطى فعطاياه جزيلة، وبالجملة فهو من أركان العربية وأنصارها، ومن رجال الإسلام وفحوله"
* ويصفه الزركلي بأنه: "كان أريحياً جواداً"، وهكذا فقد جمع الشيخ قاسم بين الكرم والتقوى والثقافة، فكان بحق علماً بارزاً بين رجال عصره. وقد أورد الزركلي في كتابه الأعلام صفحة كاملة عنه نرى من الضروري نقلها لأهميتها " ابن ثاني(1236 - 1331 هـ = 1821 - 1913 م) قاسم بن محمد بن ثاني، من المعاضيد، من بني حنظلة، من تميم: مؤسس إمارة " آل ثاني " في " قطر " على الخليج" ثم يقول" ولد فيها، وكانت زعامتها لابيه (المتوفى سنة 1295 هـ ) وناب عن أبيه قبل وفاته، فقام بالاصلاح على أثر فتنة استفحلت فيها، وقدمه أهلها، فتولى إمارتهم، في قرية " الدوحة " إحدى القرى التي تتألف منها قطر." ويقول الزركلي " وانصرفت عناية قاسم إلى تجارة اللؤلؤ، فكان عنده أكثر من 20 سفينة للغوص واستخراجه" ويصفه بأنه" كان شجاعاً فارسا جوادا، حنبلي المذهب، فصيحا، قال فيه بعض مؤرخيه: " كان أمير قطر، وخطيبها يوم الجمعة، وقاضيها ومفتيها وحاكمها ". وله نظم نبطي (عامي) جمع بعضه في " ديوان - ط " صغير. عاش طويلا، حتى قيل أنه ما ت عن 115 عاما"، وذكر الزركلي المراجع التي رجع إليها في ترجمة الشيخ قاسم، فذكر ما يلي: مجلة لغة العرب 3: 161 و 274 وقلب جزيرة العرب 133 وتاريخ نجد الحديث 90 و 91 و 100 و 190 وعمان والساحل الجنوبي للخليج 227 - و 300 - 306 وديوان النبط 1
* لقد كان مجلس الشيخ قاسم ملتقى للعلماء والأدباء يجتمعون عنده يتدارسون أحوالهم ويتبادلون الأفكار والرؤى، يصف مبارك الناخي ذلك فيقول: (كان الشيخ قاسم ركناً من أركان التوحيد، وعلماً من أعلام العقيدة السلفية، وكان مضرب المثل في الجود والكرم والبذل ومحبة العلم والعلماء، وتلقيهم واحترامهم وإكرامهم يفدون إليه من جميع البلاد، ويقصدونه من شتى الأقطار فينيلهم من فضله ويرفدهم من غناه. وكانت قطر في عهده مأمّاً للعلماء... طوال أيام السنة) . وهكذا فإن علاقات الشيخ قاسم مع العلماء لم تحدها حدود، فكانوا يفدون إليه من البصرة وعمان ونجد والشام، وغيرها.
* لقد ترك الشيخ قاسم في نفوس محبيه ذكراً طيباً مقروناً بالذكريات الجميلة معه، فهذا مبارك الخليفي يقول: (كان رحمه الله من أهل التوحيد وكان عابداً، قد جمع القلوب من حوله بالسخاء والجود في وقت لم تكن للناس فيه موارد إلا ما يحصلونه من صيد اللؤلؤ والتجارة فيه، واشتهر إلى جوار ذلك بالشجاعة والبأس) .
نعم فالكرم لايتحدد بثراء الشخص، ولكن برغبته الصادقة بالعطاء، فالكريم عند الغنى ليس كما الكريم وهو معسر، يقول الشاعر:
ليس العطاء من الفضول سماحة
حتى تجــــود وما لديك قليل
كان الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني شاعراً مجيداً يؤمه الشعراء، وفي حضرته يتبارون شعراً، وهم ينهلون من نبع كرمه الصافي وأدبه الرفيع. ولما كان الشعراء هم الأكثر قدرة على التعبير عن مكنوناتهم، فلم يبخلوا بشعرهم فيه، يقول الشاعر الشيخ علي بن سليمان بن يوسف في الشيخ قاسم:
تضلع من علم وفهم وعفة
وأمسى لديه الجود أسنى المغانم
لقد تجاوز الشيخ قاسم اهتمامه بالثقافة كونه شاعراً محباً للعلم إلى جانب اهتمامه بوقف الكتب الذي لم يكن متداولاً في عصره، فقد كان يشتري الكتب ويوقفها ويسهل الانتفاع بها، فكان يحاور جلسائه وما إن يسمع بكتاب، حتى يبدأ بالبحث عنه والسعي إلى اقتنائه، وحين يحصل عليه، يوصي بطباعته وتوزيعه بحثاً عن الأجر والثواب، ولم يسمع عن أحد غيره يشترك معه في مثل هذا المسعى. وهناك عدد من الكتب التي أوعز الشيخ قاسم بطباعتها ونشرها بين الناس، فكانت له ذكراً طيباً يتناقله الناس.
لقد كان أسهام الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني في الجانب الثقافي إسهاماً كبيراً لم يقدم عليه غيره من معاصريه، بشرائه الكتب ووقفها، ومن هذه الكتب:
1- كتاب (الإيمان) لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو كتاب مطبوع بالهند سنة 1311هـ.
2- كتاب (التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق) وقد طبع هذا الكتاب بمصر سنة 1319هـ.
3- كتاب (المكتوب اللطيف إلى المحدث الشريف)، وهو مطبوع بالهند سنة 1322هـ.
كان الشيخ قاسم يعد الكتاب رسول خير فكان يقوي أواصر المحبة والود بينه وبين الآخرين من خلال إهدائهم الكتب، فقد كان يوزعها في كثير من البلدان، حتى يروى عنه أنه اشترى كمية ضخمة من الكتب من الهند خصص لها سفينة بكاملها، ولما وصلت إلى قطر قام بتوزيعها، ومن الكتب التي طبعها الشيخ قاسم على نفقته، كتاب " فتح المنان تتمة منهاج التأسيس رد صلح الإخوان " للشيخ محمود الآلوسي سنة 1309هـ.
لم تنقطع صلته بالعلماء طيلة حياته، فكانت له مراسلات مهمة معهم، يسأل عنهم ويتفقد أحوالهم ويطبع كتبهم ويرسل إليهم ما يحصل عليها من الكتب الجديدة. ومن أهم هذه المراسلات ما حصلنا عليه موثقاً بخط صاحبها، تلك التي كانت بينه وبين الشيخ محمود شكري الآلوسي، وهو عالم عراقي جليل كان معاصراً له، حين أرسل الشيخ قاسم صندوقاً خشبياً يحتوي على نسخ من كتاب "الدين الخالص" لحسن صديق خان، سنأتي إلى ذكرها لاحقاً بالتفصيل. كما أرسل نسخاً من كتاب "مصباح الأنام" للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ الى الشيخ صالح آل بنيان في حائل.
ومن شغف الشيخ قاسم بالعلم أنه كان يوقف لأهله ما أمكنه، فكان له وقف لطلاب العلم في الخبر، وجعل نضارة بعض الأوقاف على الشيخ عبد الله عبد اللطيف آل الشيخ المتوفى 1339هـ، وللشيخ في بلدة المذنب أربع مزارع أوقف ريعها لطلاب العلم، وكان ناظرها الشيخ عبد الله بن محمد الدخيل قاضي البلدة.
إن حب الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني للعلم دفعه إلى البحث والدرس فيما يشغله ويشغل غيره من مسائل، فكان يطلب إلى العلماء أن يوضحوا له ما أشكل عليه من مسائل الاعتقاد والفقه وغيرها، ويروى في هذا الباب أنه لما ألف الشيخ محمد بن عبد الله آل محمود الفارسي ثم البحريني ثلاث مسائل مهمة، الأولى: في صفات الله جل وعلا، والثانية: في حياة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، والثالثة: في الاستغاثة بالأنبياء والأولياء وأنهم يتصرفون في أمور الخلق وفي العالم، شغلت هذه المسائل الشيخ قاسم فأرسل رسالة إلى عالم الإحساء الشيخ عيسى بن عبد الله العكاس المالكي يطلب منه إيضاح الحق في المسائل الثلاث وفق معتقد أهل السنة والجماعة، فألف ابن عكاس رسالته: (إجابة السائل على أهم المسائل) وهي مطبوعة.
كانت قطر في عهده كما ذكرنا ملتقى للعلماء والأدباء وقد دأب الشيخ قاسم على استضافتهم، فكان يطلب العلماء لتولي الإفتاء، والقضاء، وشؤون التدريس وأمور الدعوة والإرشاد، قال الشيخ محمد القاضي في ترجمة الشيخ عيسى العكاس: (طلبه الشيخ قاسم بن ثاني حاكم قطر ليقيم عنده في الدوحة لنشر العلم، والدعوة والإرشاد هناك، وإمامة جامعه والخطابة فيه، فسافر إلى قطر وأقام سنة واحدة، وانتفع منه خلق، ودرّس في العقائد والحديث ورجاله، والفقه، وكان داعية خير ورشد وصلاح، يصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يخاف في الله لومة لائم).
لقد وفد عدد من العلماء إلى قطر بعد أن وجدوا فيها التكريم والاحتفاء الذي يليق بهم، فتوافد عليها علماء من نجد والبصرة والزبير وعمان والشام وغيرها. ومن العلماء الذين وفدوا على الشيخ قاسم:
ـ الشيخ علي بن سليمان بن يوسف البصري:
وفد الشيخ علي إلى قطر سنة 1315هـ، ومدح الشيخ قاسم بقصائد منها قوله:
فنادي دع التسيار عنك فلن تجد
لعمرك مطلوباً سوى الشيخ قاسم
همام لنصر الحق أضحى مجردا
ولا يختشي في الله لومة لائم
وندب له كسب الفخار سجيته
وميراث آباء أُبات أكارم
وطود منيع لا يرام وجاره
عزيز وما لاجئ إليه بنادم
رثاؤه
كان لابد لشخص مثل الشيخ قاسم بن محمد حين يغادر هذه الدنيا الفانية أن يترك أثراً في نفوس من عايشوه، فحين توفي رحمه الله رثاه عدد من العلماء والشعراء منهم الشيخ محمد حسن المرزوقي والشيخ حسين بن علي آل نفيسة، ومطلع قصيدته:
لمن طلل أمست به الهوج تنسف
عفا وخلا ممن نحب ونألف
مات الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني – رحمه الله – عام 1913م، ودفن في مقبرة الوسيل شمال شرق الدوحة في قبر متواضع، بعد حياة حافلة، بالمجد والعطاء، فكان بحق واضع أسس دولة قطر، وها هي تتذكر هذا الفضل فتجعل من تاريخ توليه الحكم، يوماً وطنيا لها يحتفل بها كل الشعب القطري ومحبوه.
الطواش
15-12-2011, 03:14 PM
مراسلات الشيخ قاسم
مع العلماء في عصره
لاشك أن الرسالة تعبر عن شخصية صاحبها، وقد شكلت الرسائل فناً أدبياً تبارى فيه الأدباء، وللشيخ قاسم بن محمد آل ثاني عدد من الرسائل التي عثرنا عليه بعد بحث وتقص، ومن خلال هذه الرسائل يمكننا أن نتعرف على مستواه الثقافي والفكري، ومن هذه الرسائل ما تبادلها مع العلامة محمود شكري الآلوسي وغيره من رجال الأمة قواسم مشتركة من حب العلم والعلماء، والغيرة على الدين، ومحاربة البدع وأهل الضلالة، والفهم غير الصحيح لجوهر الدين، وتصدوا لذلك، بالتوجيه ونشر كتب السلف، ونشر كتب الردود التي تخدم الإسلام الصحيح، ففي أحدى الرسائل إلى محمود شكري الآلوسي التي أرسلها من قطر الشيخ محمد بن عبد اللطيف وكان في ضيافة الشيخ قاسم، فيصف الحالة الاجتماعية والفكرية للناس في زمانه ما نصه: ومن نظر في أحوال الناس في هذه الأزمان، وما هم فيه من الالتباس، وذلك لغلبة الهوى، وطمس أعلام الهدى، وربو الباطل وظهوره، وخفاء الحق ودثوره، وقلة من يعرفه ويدريه....) ( ) لذا أدركوا قيمة التراث وضرورة إحيائه، فبذلوا جهودا كبيرة لجمعه وتحقيقه ونشره، في زمن انتشر فيه الجهل والفساد والتسلط الأجنبي، وكانت بينهما مراسلات بعضها مباشرة وبعضها تناولت أخبار الشيخ قاسم في رسائل غير مباشر من قبل مبعوثيه وإخوانه وأصدقائه.
ومن هذه الرسائل رسالة أرسلها الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني إلى الشيخ محمود شكري الآلوسي مؤرخة في20/محرم 1309هـ وهي رسالة جوابية إلى العلامة الآلوسي حول رغبته بطبع كتاب (رد صلح الأخوان )الذي ألفه الشيخ داود العاني وقد طلب فيه إرسال الرد ليطبعه للثواب، وحرصنا على ذكر نصها لنبين ثقافة وأسلوب الشيخ قاسم وإمكانيته اللغوية والفقهية، وصدق طويته، ورهافة حسه وشاعريته، وإخلاصه للإسلام وعقيدته وأهله، ونقاء سريرته، ومعاناته لإدراكه طبيعة أهل عصره وما ساد فيه من معتقدات خاطئة في العبادات أدت إلى فرقة الأمة واختلافها، وكلاهما من ذوي الاتجاه السلفي، وهذه الأمور وحدت بين قلوبهم، وعززت أواصر الصداقة بينهم. وهي الرسالة الأولى بين العلمين التي كانت بابا للتعارف الذي أستمر حتى وفاة الشيخ قاسم، يقول الشيخ محمود شكري الآلوسي في مخطوطة بخط يده ( وكنت قد كتبت إلى حاكم قطر جناب الشيخ قاسم بن ثاني في خصوص طبع رد كتاب صلح الأخوان الذي ألفه الشيخ داود أفندي العاني فأجابني بهذا الكتاب، وقد طلب فيه إرسال الرد ليطبعه لمحض الثواب فقال ) ، أما رسالة الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني فيقول فيها:
( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وسبحان الذي جعل السلام تحية أهل الإسلام، من قاسم أبن محمد بن ثاني، تحية وسلام، مقرونان بمزيد الاحترام، لجناب عالي الجناب، الأخ المبجل، المحبوب في الله محمود شكري الآلوسي البغدادي، نجل الفاضل السيد عبد الله، سلمه الله من السوء، وألزمه كلمة التقوى، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وقد وصلنا في ابرك ساعة كتابكم على يد محب الجميع مقبل آل الذكير، وفقه الله تعالى لكل خير وصانه جل شأنه من كل ضير، فسرنا غاية السرور، واستوجب لنا مزيد الحبور، وحمدنا الله تعالى الذي أدلكم علينا، ووجه نظركم إلينا، ونحن نسمع بجنابك، وقد أشهدنا الله تعالى بحبك، لما نظرنا في بعض مصنفاتك وكتبك، نسأل الله تعالى أن لا يخلي الأرض من أمثالك، وأما أهل هذا الوقت فقد وضعوا موضوعات أفتروها، وسهلت عليهم فتبعوها، وليس ذلك بمستنكر ولا عجيب من أهل هذا الدهر، لانا في هذا الزمان الذي حدث عنه صلى الله تعالى عليه وسلم، وأخبر، وبين لنا ما يصنع فيه أهله من سكان البادية والحضر، وذكر ((أن القابض فيه كالقابض على الجمر، وللصابر فيه أجر خمسين صحابيا، أن أجمل الصبر ))، ولم يبق في الدنيا إلا أنباط من الناس، كل منهم غريب في قومه لغرابة دينه، والناس قد وقعوا في شح مطاع وهوى متبع، وافترقوا الفرق، التي حدث عنها صلى الله تعالى عليه وسلم، وصدع فجزاك الله عنا وعن جميع المسلمين خيرا، ووقاك جل شأنه ضرا أو ضيرا......، نرجو أن الله تعالى يعين الإسلام وأهله، ويذل الشرك وأهله، اللهم أنصر دينك، وأعلي كلمتك، ونرجو من الله تعالى أن يميتنا مسلمين ويلحقنا بحزبه المفلحين، وبلغ سلامنا على من ترى لنا عليه السلام، من الأخوان وألا صحاب الكرام، ومن لدينا من الأولاد يهدون سلامهم إليك ويقدمون أدعيتهم الخيرية بين يديك، ومن خصوص طبع الكتاب، فأهلا ومرحبا بذلك الجناب، والفضل لله تعالى ثم لك حيث خصصتنا به وجزاك الله تعالى خيرا من فضله وكرمه، فأرسلوا الكتاب على يد الأخ مقبل الذكير لنطبعه بأحسن طبع، ثم نقدم بعض نسخه لكم وأنتم بخير، ولا تقطع عنا أخباركم السارة مع بيان ما يبدو لكم من اللوازم ودم بكل خير وأنت إن شاء الله تعالى سالم وغانم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في 20 محرم سنة 1309 قاسم بن محمد بن ثاني)( ).
وأرسل الآلوسي الكتاب إلى مقبل الذكير وبعد مدة ورد كتابان إلى العلامة الآلوسي أحدهما من الشيخ قاسم والآخر من مقبل الذكير وكل منهما يبشر بإنجاز الطبع وإرسال نسخ منه إلى الآلوسي .
ويذكر الشيخ الآلوسي في كتابه بدائع الإنشاء رسالة من الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني إليه مؤرخة في 11/شوال/ 1310 هـ. وهذا نص الرسالة:
(بسم الله الرحمن الرحيم
بعد إهداء السلام التام، وإنهاء التحية والاحترام، إلى جناب العالم الجليل والفاضل النبيل، والأخ في الله، والمحب لوجهه جل شأنه وعلاه، السيد محمود شكري، لازالت فيوضات ألطاف الله تعالى عليه تجري، أن الموجب لهذا التحرير، والباعث لهذا التسطير، أبلاغ جنابك جزيل السلام، ومزيد الشوق والغرام، ومن مدة زمان ما جاءنا منكم كتاب ولا بيان، نرجو أن يكون المانع خيراً، ونبشرك أن أمورنا من فضل الله تعالى جميلة، أوزعنا الله تعالى وإياكم شكران نعمه الجزيلة، وهو المرجو أن يعزنا بطاعته، ولا يذلنا بمعصيته، ثم الواصل إليك والمقدم بين يديك مائة كتاب عن مائتي مجلد وذلك على يد الأخ محب الجميع أحمد بن عبد الرحمن الذكير، تصلكم أن شاء الله تعالى وانتم مسروري الخاطر بكل خير، هذا ما لزم على سبيل الاختصار، ولا تنسونا من صالح الدعاء، كما هو المأمول أناء الليل وأطراف النهار، وأبلغ عنا السلام إلى الأولاد الكرام والمشايخ الأعلام. ومن هنا الأولاد والأصحاب يهدون الدعاء المستجاب ولا زلتم سالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في 11 شوال سنة 1310 قاسم بن محمد بن ثاني)( ) ، ومن يقرأ هذه الرسالة يجد اهتمام الشيخ قاسم واضحاً كبيراً بإحياء كتب التراث الإسلامي ورغبته بطبعه على نفقته وتوزيعه،ابتغاء وجه الله وإحياء لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رسالة بعث بها محمود شكري الآلوسي إلى الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني جوابا على الرسالة السابقة في 1310هـ تضمنت الشكر والامتنان والدعاء على خدماته في طبع كتاب (الرد على صلح الأخوان ) للشيخ داود أفندي على نفقة الشيخ قاسم آل ثاني نصها:
( بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله تعالى ونشكره، ونصلي ونسلم على صفوة خلقه سيدنا محمد الذي عم العالمين خيره وبره، أما بعد، تقديم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقد وصلنا كتابكم الكريم، وخطابكم الفخيم، المبشر عن سلامتكم و استقرار راحتكم، وذلك غاية ما نتمناه من ألطاف الله جل شأنه و عز علاه، وقد أزاح عنا ما كابدناه من تشوش البال والاضطراب من خصوص الغوائل والفتن التي أشغلت فكر ذلك الجناب، فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات على ما تفضل به من صيانة هاتيك الذات الجامعة لأحسن الشمائل وأفضل الصفات، وهو جل شأنه المسؤل أن يديمها مصونة من جميع الاكدار ،محفوظة من شر الأشرار وكيد الفجار،،وقد شكرنا فضلكم على ما أحسنتم به من النسخ المذكورة ، والله سبحانه يجزيكم الجزاء في الدنيا والآخرة عن مثل هذه المساعي المشكورة ....)( ).
وفي رسالة أخرى بعثها أمير قطر الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني إلى محمود شكري الآلوسي سنة 1314هـ جاء فيها:
(بسم الله الرحمن الرحيم
إلى حميد الشيم، عالي الهمم، المحب والمحبوب في الله، السيد الشيخ محمود شكري الآلوسي بن السيد عبد الله، حرسه الله تعالى وحماه، وساعده وتولاه, آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأزكى وأشرف تحياته، أما بعد، فالموجب لتحرير هذا الكتاب هو إبلاغكم جزيل السلام مع الأحباب، ثم السؤال عن هاتيك الأحوال، وأما أحوالنا وأخبارنا فمن كرم المولى على ما تحبون وتقربه منكم العيون، وقد أرسلنا إليكم عشرين نسخة في أربعين مجلدا من كتاب (الدين الخالص) والأمل أنكم تفرقونها على أربابها والمستحقين لها، ومن يعرف قدرها، وتعلمه أهلها. ولا تقطعوا عنا أخباركم السارة، مع ما يبدوا من لازم لتلك الحضرة، وبلغ سلامنا السيد نعمان وأولاده، ومنا العيال و ألأولاد يسلمون عليكم، ودم سالما محروسا، والسلام، المحرم سنة 1314 ) ( ).
وهناك رسائل أخرى لم يكن الشيخ قاسم طرفاً فيها إلا أن اسمه يرد، بما يعزز ما ذهبنا إليه من اهتمام واضح له بالثقافة وإسهام فاعل فيها من خلال نشر كتب التراث على نفقته من هذه الرسائل:
• رسالة من مقبل بن عبد الرحمن الذكير ( ) إلى محمود شكري الآلوسي في 24/شوال /1310هـ، بعثها من البحرين حول أنجاز طبع كتاب (الرد على صلح الأخوان )، ومما ورد فيها:
(بسم الله الرحمن الرحيم
إلى جناب الأجل الأمجد والعالم الأوحد، فريد الذات في سائر الكمالات، جناب السيد...وصل إلينا باسم جنابكم كتاب من الشيخ قاسم، وهو واصلكم بحوله تعالى طي كتابنا، وأنت للخير ملازم، وقد عرفنا المومى إليه، أن نرسل لذلك الجناب مائة نسخة عن مائتي جزء من الكتاب، ونرجو من لطفكم أن تعرفونا بكيفية إرسالها إلى طرفكم، أتحبون أن نرسلها إلى بغداد رأسا أم إلى البصرة...وبوصول تعريفكم نرسلها أن شاء الله تعالى إلى المحل الذي تحبون...هذا ما لزم بيانه... فمحبك يتشرف بترويجه، فانه خادم....) ( ).
• وفي رسالة أخرى هذه المرة من محمود شكري الآلوسي إلى الشيخ مقبل الذكير جوابا على الرسالة السابقة في 24/شوال/1310هـ، تضمنت الشكر والامتنان والدعاء على خدماته في طبع كتاب المذكور (الرد على صلح الأخوان ) جاء فيها:
(....أرجو إرسال نسخة منها مع البوستة الإنكليزية على يد السيد حسن كاتب العربية في بيت وكيل هاتيك الدولة في بغداد المحمية ومنه تصلني، أن شاء الله تعالى من غير كلفة ولا تعب فان المومى إليه لم يزل يتردد إلى لتحصيل العلم والطلب.... وبعد أيام وردت جملة من النسخ...ووردني أيضا كتاب بديع وخطاب منيع مع أبيات عديدة ودرر فريدة من بعض أدباء البحرين وشعرائها يشكرني ولله تعالى الحمد على انتصاري للسنة وأوليائها والذب عنها فيما طبع من كتابي الراد على أعدائها )( ).
• وفي رسالة أخرى هذه المرة من عبد المحسن بن عبد العزيز الباهلي ( ) إلى محمود شكري الآلوسي في 8/صفر/1314هـ، بعثها من البحرين حول وصول صناديق كتب مهداة إلى الآلوسي وبيان مخاطر إرسالها إليه لعدة أسباب، جاء فيها
: (.......وهذا كتاب من الشيخ المكرم قاسم بن ثاني باسم ذلك الجناب وقد أرسل إلينا صندوقا فيه كتب من نسخة( الدين الخالص )من مؤلفات المرحوم السيد حسن صديق خان، هبة منه إليكم، لتفرقوه على من يشتغل عليكم من أهل العلم والصلاح في هاتيك الأقطار والبلدان، لكنه الجزء الأول من ذلك الكتاب المشتمل على الحكمة وفصل الخطاب، وفي هذه الأيام ورد عدة نسخ من الجزء الثاني من صاحب الكتب المطبوعة في هذه البلدان والمغاني، ولم يعلم بها الشيخ قاسم كان الله تعالى له خير حافظ وعاصم، فبدا لنا أن نؤخر الصندوق المذكور لتبينوا لنا كيفية إيصاله إليكم سالما من كل محذور، خشية أن يفتش عليه مأمور المعارف، فيتأخر أو يلحقكم من ذلك اعتراض جهول أو خطر ضرر. وكتبنا كتاباً آخر إلى الشيخ قاسم عرفناه أن الكتب تحتاج إلى ضم الجزء الأخير إليها وذلك من المهم اللازم....ولا نرسلها إلى ذلك الجناب الشريف حتى يردنا منكم ومن جناب الشيخ قاسم واضح البيان والتعريف..... ، وحينئذ نرسله حسبما تشاء وتريد.....)( ).
• وفي رسالة من جمال الدين القاسمي الدمشقي ( ) إلى محمود شكري الآلوسي في 20/ذي الحجة /1327هـ، تبين لنا اهتمام الشيخ قاسم بطباعة الكتب التي تخدم الدين الحنيف، فنجد أن وكيله الذي يشكو من عسر الحال – وهو في هذه الظروف - لا يتردد في السؤال عن كلفة الطباعة، لأنه يدرك أن الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني لن يتردد في طباعتها عند تحسن الأحوال، ومما جاء فيها (...وقد بلغني إن الحاج مقبل الذكير كان طبع هو والشيخ قاسم كتبا، وقفا منها (المقنع)و (الدين الخالص) وغيرهما، ومن الغريب أن لم نتحف بشئ منها، فان كان لهما وكيل أو صديق يكاتبهما، أو سيادة مولانا، فالمأمول إرسال صندوق منها للشام، وقد كان السناني (عليه الرحمة) كتب إلى الحاج مقبل على أثر طبع (شرح الإقناع )بإرسال صندوق منه، فوفى، ووزع على من انتفع به...) ( ) .
• وفي رسالة أخرى من جمال الدين القاسمي الدمشقي إلى محمود شكري الآلوسي في 29/ذي الحجة /1329هـ، حول طبع كتب السلف ورد فيها (....حضرني جواب من الشيخ مقبل الذكير وفيه شكوى مما ناله في هذه الأعوام، ونال الشيخ قاسم الثاني أمير قطر، ووعد أنه إذا أنس يسرا وحسن حاله أن يخابرنا، ثم ذكر لي أن أعلمه إجمالا بما يكلف طبع تلك الآثار المنوعة ...) ( ) .
• وفي رسالة أخرى من محمود شكري الآلوسي إلى جمال الدين القاسمي في دمشق جاء فيها (....سلام عليكم، فقد تشرفت بما تفضلتم به من الكتاب...وما أمرتم من استنهاض همم الاحمديين، وحثهم على نشر آثار أسلافهم السلفيين، فالعبد لم أزل قائما على ذلك الساق وقد كتبت في ذلك إلى من أعلمه من مريدي الخير في كثير من الآفاق، فالتمست مرارا من الشيخ مقبل الذكير والشيخ قاسم أمير قطر، والى محمد حسين نصيف في جدة، والتلمساني في مصر، وبعض أركان الجامع الأزهر، وغير هؤلاء ممن لم يذكر، وكل من أتصف بالغيرة على الدين....من أهالي نجد والعراق أو غيرهم من أهل الآفاق، ...) ( ).
• وفي رسالة بعث بها محمد بن حسن المرزوقي القطري إلى محمود شكري الآلوسي28/رمضان /1331هـ. وأهم رسائله إلى الآلوسي ينعي بها خبر وفاة الشيخ قاسم إليه، جاء فيها (....وبعد فاني أهديك جزيل السلام، واستفسر عن أحوالك على الدوام، وان سألت عن حال أخيك فهو طيب من جهة ولكنه متكدر من جهات، منها وفاة الوالد الشيخ قاسم بن ثاني لأربع عشرة ليلة خلت من شعبان من هذه السنة، وقد قدمت من عمان، وحضرت أيام مرضه إلى أن جهزناه (رحمه الله) فأعظم الله أجر الجميع بفقده ووفاته، وذلك من أعظم المصائب، لأنه كان من أركان الأخوان، ومن أقوى جهدهم على أهل البدع والعدوان، اللهم أجبر مصيبتنا، وأخلف علينا بمثله..) ( ).
الطواش
15-12-2011, 03:15 PM
شخصيات ورد ذكرها بالكتاب
هناك شخصيات هامة ورد ذكرها في الكتاب، تعاملت بشكل أو بآخر مع الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني، وجدنا من المناسب ذكر بعض تفاصيل حياتها، لنبين مدى القيمة الكبيرة التي كان يتمتع بها الشيخ الراحل. ونبدأ بصاحب الاعلام.
* خير الدين الزركلي (1893- 1976م)
هو خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي الدمشقي، ولد في بيروت في 25 حزيران 1893م حيث كان والده تاجراً هناك، والده وأمه دمشقيان. بعد الحرب العالمية الأولى، أصدر في دمشق جريدة يومية أسماها (لسان العرب) إلاّ أنها أُقفلت، ثم شارك في إصدار جريدة المفيد اليومية وكتب فيها الكثير من المقالات الأدبية والاجتماعية. على أثر معركة ميسلون ودخول الفرنسيين إلى دمشق حُكم عليه من قبل السلطة الفرنسية بالإعدام غيابياً وحجز أملاكه إلاّ إنه كان مغادراً دمشق إلى فلسطين، فمصر فالحجاز.
أصدر في القدس مع رفيقين له جريدة (الحياة) اليومية، إلاّ أن الحكومة الإنجليزية عطّلتها فأنشأ جريدة يومية أخرى في (يافا)، واختير عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1930.
عينه الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود سنة 1934 مستشاراً للوكالة ثم (المفوضية) العربية السعودية بمصر، كما عُيّن مندوباً عن السعودية في مداولات إنشاء (جامعة الدول العربية)، ثم كان من الموقعين على ميثاقها.
مثّل الأمير فيصل آل سعود في عدة مؤتمرات دولية، وشارك في الكثير من المؤتمرات الأدبية والاجتماعية، وفي عام 1946م عين وزيراً للخارجية في الحكومة السعودية متناوباً مع الشيخ يوسف ياسين، وكذلك متناوباً معه العمل في جامعة الدول العربية، واختير في نفس العام عضواً في مجمع اللغة العربية بمصر. منحته الحكومة السعودية بسبب مرض ألمّ به إجازة للراحة والتداوي غير محدودة، فأقام في بيروت وعكف على إنجاز كتاب في سيرة عاهل الجزيرة الأول (الملك عبد العزيز آل سعود) وأخذ يقوم من حين لآخر برحلات إلى موطنه الثاني السعودية ودمشق والقاهرة وتركيا وإيطاليا وسويسرا. قام برحلات إلى الخارج يذكر أنها أفادته كثيراً. وقام بعدة مهام دبلوماسية. كان شاعراً مجيداً، ومؤرخاً ثقة، ويكفيه أنه صاحب الأعلام.
قام خير الدين الزركلي في مصر بدور مميز في تنفيذ المهمات القومية السياسية والإعلامية، وذلك من خلال اللقاءات والاجتماعات وكتابة المقالات ونشر الأشعار القومية والوطنية.
يشخص الزركلي صورة الدأب العلمي المنتج في كتابه الأعلام الذي جمع فيه فأوعى فكان بحق أيسر وأشمل معجم عربي مختصر في تاريخ الرجال. فكان الزركلي في حياته مثالاً: للثائر والشاعر والباحث.
في الخامس والعشرين من تشرين الثاني عام 1976، توفي أبو الغيث خير الدين الزركلي، وله من المؤلفات :
ـ كتاب (ما رأيت وما سمعت)، سجل فيه أحداث رحلته من دمشق إلى فلسطين فمصر فالحجاز.
ـ الجزء الأول من ديوان أشعاره، وفيه بعض ما نظم من شعر إلى سنة صدوره (1925).
ـ كتاب (عامان في عمّان)، مذكرات الزركلي أثناء إقامته في عمّان وهو في جزآن.
ـ ماجدولين والشاعر، قصة شعرية قصيرة.
ـ كتاب (الأعلام)، وهو قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين يقع في ثمانية مجلدات.
ـ الملك عبد العزيز في ذمة التاريخ.
ـ صفحة مجهولة من تاريخ سوريا في العهد الفيصلي.
ـ الجزء الثاني من ديوان أشعاره (1925ـ 1970).
ـ قصة تمثيلية نثرية أسماها (وفاء العرب).
هذه المعلومات أخذت بتصرف عن:
ـ (الأعلام)، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة العاشرة، 1992، ح8/ (267ـ 270).
ـ (معجم أعلام المورد)، منير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، طبعة أولى 1992، ص(220).
الطواش
15-12-2011, 03:18 PM
* جمال الدين القاسمي (1283 - 1332 هـ= 1866 - 1914 م)
جمال الدين (أو محمد جمال الدين) بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق، من سلالة الحسين السبط: إمام الشام في عصره، علما بالدين، وتضلعا من فنون الادب. مولده ووفاته في دمشق.
كان سلفي العقيدة لا يقول بالتقليد. انتدبته الحكومة للرحلة وإلقاء الدروس العامة في القرى والبلاد السورية، فأقام في عمله هذا أربع سنوات (1308 - 1312 هـ ثم رحل إلى مصر، وزار المدينة.ولما عاد اتهمه حسدته بتأسيس مذهب جديد في الدين، سموه (المذهب الجمالي) فقبضت عليه الحكومة (سنة 1313 هـ وسألته، فرد التهمة فأخلي سبيله، واعتذر إليه والي دمشق، فانقطع في منزله للتصنيف وإلقاء الدروس الخاصة والعامة، في التفسير وعلوم الشريعة الاسلامية والادب. ونشر بحوثا كثيرة في المجلات والصحف. اطلعت له على اثنين وسبعين مصنفا، منها (الائل التوحيد - ط) و (ديوان خطب - ط) و (الفتوى في الإسلام - ط) و (إرشاد الخلق إلى العمل بخبر البرق - ط) و (شرح لقطة العجلان - ط) و (نقد النصائح الكافية - ط) و (مذاهب الاعراب وفلاسفة الإسلام في الجن - ط) و (موعظة المؤمنين - ط) اختصر به إحياء علوم الدين للغزالي، و (شرف الاسباط - ط) و (تنبيه الطالب إلى معرفة الفرض والواجب - ط) و (جوامع الآداب في أخلاق الانجاب - ط) و (إصلاح المساجد من البدع والعوائد - ط) و (تعطير المشام في مآثر دمشق الشام - خ) أربع مجلدات، و (قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث - ط) و (محاسن التأويل - ط) في 17 مجلدا في تفسير القرآن الكريم. ولابنه الاستاذ ظافر القاسمي، كتاب (جمال الدين القاسمي وعصره - ط)، وقد أحال الزركلي الى (1) حلية البشر 1: 435 - 438 وقاموس الصناعات الشامية 191 وانظر معجم الشيوخ 1: 177 - 186 سماه: = (جمال الدين، محمد بن محمد سعيد) وأورد نص إجازة منه جاء في نهايتها: (قاله بفمه وكتبه بقلمه محمد جمال الدين بن محمد سعيد) الخ. وانظر خطه.
* أمين الريحاني(1293 - 1359 هـ = 1876 - 1940 م)
أمين بن فارس بن أنطون بن يوسف بن عبد الاحد البجاني، المعروف بالريحاني: كاتب خطيب، يعد من المؤرخين. ولد بالفريكة (من قرى لبنان) وتعلم في مدرسة ابتدائية، ورحل إلى أميركا، وهو في الحادية عشرة، مع عم له.ثم لحق بهما أبوه فارس. فاشتغلوا بالتجارة في نيويورك، وأولع أمين بالتمثيل، فلحق بفرقة جال معها في عدة ولايات. ودخل في كلية الحقوق، ولم يستمر. وعاد إلى لبنان سنة 1898 م، فدرس شيئا من قواعد العربية وحفظ كثيرا من لزوميات المعري.
وتردد بين بلاد الشام وأميركا ثماني مرات في خمسين عاما (1888 - 1938 م) وزار نجدا والحجاز واليمن والعراق ومصر وفلسطين والمغرب والاندلس ولندن وباريس، وكتب وخطب بالعربية والانكليزية، واختاره معهد الدراسات العربية في المغرب الاسباني رئيس شرف، كما انتخبه المجمع العلمي العربي عضوا مراسلا (سنة 1921 م) ومات في قريته التي ولد بها.
وكان يقال له فيلسوف الفريكة. ونسبة جده عبد الاحد البجاني إلى قرية بجة (في بلاد جبيل، بلبنان) والريحاني نسبة إلى الريحان (النبات المعروف) من كتبه (الريحانيات - ط) أربعة أجزاء، مقالاته وخطبه، و (ملوك العرب - ط) جزآن، و (تاريخ نجد الحديث - ط) و (فيصل الاول - ط) و (قلب العراق - ط) و (المغرب الاقصى - ط) و (الثورة الفرنسية - ط) و (النكبات - ط) و (التطرف والاصلاح - ط) و (زنبقة الغور - ط) و (خارج الحريم - ط) وله بالانكليزية (الرباعيات ل أبي العلاء - ط) و (اللزوميات للمعري - ط) و (تحدر البلشفية - ط) و (أنشودة المتصوفين - ط) و (مسالك النفس - ط) و (ابن سعود ونجد - ط) و (حول الشواطئ العربية - ط) و (بلاد اليمن - ط) و (خالد - ط) قصة. ولروفائيل بطي (أمين الريحاني في العراق - ط) ولجرجي نقولا باز (ذكرى الريحاني - ط)، وقد أحال الزركلي الى، ذكرى الريحاني. وبلاغة العرب في القرن العشرين 90 والناطقون بالضاد 43 والنبوغ اللبناني 1: 69 وأعلام اللبنانيين 179 والمقتطف 40: 193 وصحف ومجلات أخرى.
• سليمان الدخيل (1294 - 1364 هـ = 1877 - 1945 م)
سليمان بن صالح الدخيل: من مؤرخي نجد. ينتمي إلى قبيلة الدواسر وأكثرها من همدان، ثم من قحطان. ولد في بريدة (من القصيم) بنجد وسكن بغداد. وتتلمذ للسيد محمود شكري الآلوسي، وطاف في كثير من بلاد العرب والهند. وكان واسع الاطلاع على أحوال العرب المعاصرين، وعاداتهم ووقائعهم. وأنشأ في بغداد، بعد خلع السلطان عبد الحميد (سنة 1908 م) جريدة (الرياض) أسبوعية فاستمرت إلى سنة 1914 م. وأصدر مجلة (الحياة) فلم تعش سوى أربعة أشهر. وألف عدة كتب، منها (العقد المتلالي في حساب الآلي) و (تحفة الالباء في تاريخ الاحساء - ط) في بغداد و (القول السديد في اخبار آل رشيد - خ) و (ذكر إمارات العرب وتاريخها والعشائر التابعة لها - خ) في مجلة سومر وكتب مقالات كثيرة في جريدته ومجلة لغة العرب البغدادية، عن شؤون العرب وبلادهم. وتولى طبع كتب، منها (عنوان المجد) في تاريخ نجد، و (الفوز بالمراد في تاريخ بغداد) و (نهاية الارب في معرفة أنساب العرب) وتوفي ببغداد، ويحيل الزركلي الى (1) مجلة لغة العرب 4: 38 ومذكرات خالد الفرج. ونبذة تاريخية عن نجد، ص 135 ومجلة سومر 13: 56، 69 وانظر محاضرة حمد الجاسر عن مؤرخي نجد، في جريدة اليمامة 10 / 8 / 1379.
* أنستاس الكرملي(1263 - 1366 هـ = 1846 - 1947 م)
أنستاس ماري الكرملي، واسمه عند الولادة بطرس بن جبرائيل يوسف عواد: عالم بالأدب ومفردات العربية وفلسفتها وتاريخها. أصله من (بحر صاف) من بكفيا، بلبنان، انتقل أبوه إلى بغداد، فولد بها، وتعلم بمدرسة الآباء الكرملين، ثم بمدرسة الآباء اليسوعيين ببيروت وترهب في شيفرمون من مدن بلجيكة، وتعلم اللاهوت في مونبليه بفرنسية، وسيم كاهنا " باسم (الاب أنستاس ماري الالياوي) سنة 1312 هـ (1894 م) وعاد إلى بغداد فأدار مدرسة الكرمليين، وعلم فيها العربية والفرنسية، ونشر مقالات كثيرة في مجلات مصر والشام والعراق، موقعة بأسماء مستعارة: (ساتسنا، أمكح، كلدة، فهر الجابري، الشيخ بعيث الخضري، مستهل، متطفل، منتهل، مبتدئ، ابن الخضراء) وبعضها باسمه الصريح (أنستاس ماري الكرملي) وكان قد تعلم اللاتينية واليونانية وألم بطرف من اللغات الارمية والعبرية والحبشية والفارسية والتركية والصابئية، لدرس علاقاتها بالعربية. وأصدر مجلة (لغة العرب) ثلاث سنوات قبل الحرب العامة الاولى، وست سنوات بعدها.ونفاه العثمانيون في خلال الحرب إلى الاناضول فبقي في (قيصري) سنة وعشرة أشهر (1914 - 1916) وأعيد إلى بغداد. ورحل إلى أوربة مرارا ". وجعلته حكومة العراق في عهد الاحتلال البريطاني من أعضاء مجلس المعارف. وتولى تحرير مجلة (دار السلام) نيفا " وثلاث سنوات. وكان من أعضاء مجمع المشرقيات الالماني، والمجمع العلمي العربي، والمجمع اللغوي بمصر. وصنف كتبا " كثيرة، منها (المعجم المساعد - خ) خمس مجلدات، في اللغة، و (شعراء بغداد وكتابها - خ) و (نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها - ط) و (أغلاط اللغويين الاقدمين - ط) و (النقود العربية وعلم النميات - ط) و (الفوز بالمراد في تاريخ بغداد - ط) و (خلاصة تاريخ العراق - ط) و (أديان العرب - ط) و (تاريخ الكرد - خ) و (جمهرة اللغات - خ) و (اللمع التاريخية والعلمية - خ) جزآن كبيران، و (مزارات بغداد وتراجم بعض العلماء - خ) ذكرته مجلة سومر، و (العرب قبل الإسلام - خ) و (أمثال العوام في بغداد والموصل والبصرة - خ) واستمر محتفظا " بثوبه الرهباني إلى أن توفي ببغداد.وللاستاذ كوركيس عواد (الاب أنستاس ماري الكرملي، حياته ومؤلفاته - ط)، ويحيل الزركلي الى (1) تاريخ نصارى العراق 160 وتقويم بكفيا 260 وروفائيل بطي، في مجلة لغة العرب 4: 387 ثم 7: 60 ومجلة الحرية - بغداد -: شباط 1924 وكوركيس عواد، في مجلة المجمع العلمي العربي 23: 608 ومعجم المطبوعات 481 والدليل العراقي 863 ومجلة سومر 13: 75 ومجلة المشرق 13: 119
(2) في معجم ما استعجم 1: 199 (أنس، بفتح أوله وكسر ثانيه، جبل في ديار الهان، سمي بأنس ابن الهان) وفي الاكليل 10: 7 (أنس بن الهان، وإليه ينسب جبل أنس، وهو ضوران) وفي معجم البلدان 5: 442 (ضوران، من حصون اليمن لبني الهرش، وضوران اسم جبل هذه الناحية فوقه، سميت به)
بعض من رسائل
الشيخ قاسم بن محمد
آل ثاني
رحمه الله
أو مما ورد ذكره فيها
الفهرس
الموضوع الصفحة
ـ مقدمة 5
ـ ملامح من شخصية الشيخ قاسم بن محمد 10
بروز دوره مع شخصيات أخرى 20
ـ دور الشيخ قاسم في قطر 24
ـ بدايات التعليم في قطر 27
ـ الشيخ قاسم مؤرخاً 33
ـ اهتمام الشيخ قاسم بالشعر النبطي 41
ـ دور الشيخ قاسم الثقافي ورأي لآخرين به 46
ـ مراسلات الشيخ قاسم مع علماء عصره 68
ـ شخصيات وردت في الكتاب 98
الطواش
15-12-2011, 03:32 PM
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77224&stc=1&d=1323952067
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77225&stc=1&d=1323952121
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77226&stc=1&d=1323952177
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77226&stc=1&d=1323952177
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77226&stc=1&d=1323952177
الطواش
15-12-2011, 03:42 PM
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77229&stc=1&d=1323952447
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77230&stc=1&d=1323952447
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77231&stc=1&d=1323952447
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77232&stc=1&d=1323952447
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77233&stc=1&d=1323952447
الطواش
15-12-2011, 03:45 PM
http://www.qatarshares.com/vb/attachment.php?attachmentid=77234&stc=1&d=1323953115
الزعفراني
16-12-2011, 09:15 AM
يعطيك العافيه أخوي الطواش ، ورحم الله المؤلف ورحم الله الشيخ جاسم مؤسس قطر ، رغم أن الكتاب تناول الجانب الثقافي إلا أن نسبة كبيرة من الناس خصوصا أبناء هذا الجيل ينتظر تناول الجانب السياسي للمؤسس وإسهاماته وحكمه وعلاقته بحكام الخليج والقبائل في تلك الفترة ، والذي كثير منهم يجهله ، لأن تلك الحقبه ملئية بالأحداث المثيرة والفاصلة التي أدت إلى بروز قطر وريادتها في وقتنا الحال ، وما نراه اليوم ومايقوم به سمو الأمير إنما هو على خطى المؤسس رحمه الله وأطال الله في عمر سمو الأمير .
أؤمن تماما أن تناول مثل هذه المرحلة قد يسبب نوعا من الحساسية والتوتر لدى البعض خصوصا في دول الخليج إلا أنه يمكن تناوله بصيغة تتناسب مع فهم عامة الناس وبمصادر موثوقة .
عموما نتأمل مستقبلا قراءة مثل هذا الكتاب الذي يؤرخ لمرحله مهمة لتاريخ قطر السياسي ، والإفصاح عن الشيء البسيط عن هذا التاريخ المشرف .
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions Inc. All rights reserved.