تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سوق التأمين .. إعادة النظر قبل الترخيص



شمعة الحب
30-05-2006, 02:08 AM
سوق التأمين .. إعادة النظر قبل الترخيص
عبد الرحمن عقيل الخطيب - متخصص في التأمين - - 02/05/1427هـ
Ak300@hotmail.com

عملت مؤسسة النقد السعودي على منع الشركات العاملة بشكل غير نظامي من العمل في سوق التأمين لحماية حقوق حملة وثائق التأمين والارتقاء بخدمة العملاء، يأتي ذلك بعد استغلال بعض الشركات الفترة الانتقالية لتنظيم السوق ومحاولة الاستفادة من نقص الإجراءات التنظيمية لسوق التأمين السعودية، التي يقدر حجم أقساط التأمين فيها بنحو خمسة مليارات ريال وهي نسبة لا تتعدى 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2005م (الناتج المحلى: هو عبارة عن مجموع قيم السلع النهائية والخدمات التي ينتجها المجتمع خلال فترة زمنية معينة عادة ما تكون سنة). وهذا يوضح تواضع قطاع التأمين في السعودية مقارنة بالدول المتقدمة، حيث يشكل التأمين فيها ما بين 6 في المائة و12 في المائة من الناتج المحلي.
ويرجع انخفاض الإنفاق التأميني في المملكة الذي لا يتعدى 150 ريالا سعوديا سنوياً إلى عدة أسباب، أهمها انخفاض الوعي التأميني، عدم وجود آلية لضمان تفعيل التأمين الإلزامي، بعض المعتقدات الدينية غير المؤيدة للتأمين، وعدم تفعيل نظام التأمين التعاوني.
من المتوقع نمو سوق التأمين السعودية خلال السنوات الخمس المقبلة بنسبة تفوق 2 في المائة من الناتج المحلي لتتجاوز بذلك أقساط التأمين 15 مليار ريال، وتستند تلك التقديرات إلى زيادة الطلب المتوقع على التأمين لسد احتياجات الاقتصاد الوطني والتزام الحكومة بتطبيق برامج التخصيص، إضافة إلى تفعيل إلزامية التأمين على المسؤولية تجاه الغير للمركبات، والتأمين الطبي، وتأمين الأخطاء المهنية والتأمين الهندسي الذي يعد من أقدم أنواع التأمين الإلزامي في المملكة، علماً بأن بعض الدول تشترط تأمين السفر للحصول على تأشيرة دولها حسب اتفاقية "شانغان"، إضافة إلى أن هناك مشروع إلزامية التأمين الطبي على الحجاج والمعتمرين حيث يزور المملكة سنوياً ما يقارب خمسة ملايين حاج ومعتمر.
وتنتظر 31 شركة تأمين الترخيص لها من مؤسسة النقد العربي السعودي وسيتم طرح جزء من أسهمها في سوق الأوراق المالية بمجرد حصولها على هذا الترخيص (وهناك خمس منها تم الرفع فيها للمقام السامي) رغبة منها المشاركة في ذلك القطاع الحيوي كونه من الخدمات المالية ذات الأهمية لنجاح الاقتصاد ولأنه الوعاء الادخاري الرئيسي في الدول المتقدمة اقتصادياً.
نتمنى أن يكون ارتفاع نصيب الفرد من الإنفاق التأميني خلال المرحلة المقبلة ناتجا عن الوعي التاميني واستخدام التأمين كآلية لتفادي النكبات المالية التي قد تواجهه في حال تعرضه لحادث "التأمينات العامة".
كما نتمنى أيضاً أن يؤدي تنظيم السوق إلى تفادي الظواهر السلبية السائدة بما فيها استغلال التأمين من قبل بعض مقدمي الخدمة من مستشفيات أو ورش إصلاح، إضافة إلى استغلال البعض للتأمين عن طريق الممارسات غير النظامية للتحايل على استثناءات وشروط الوثيقة مما يكبد شركات التأمين خسائر قد يتجاوز معدلها 70 في المائة وتصل إلى 90 في المائة في تأمين السيارات والتأمين الطبي بل وتفوق 250 في المائة في تأمين الرخصة.
إن وجود مثل هذه الظواهر السلبية يدفع الشركات إلى زيادة اسعار الخدمات التأمينية نتيجة ارتفاع معدلات الخسائر وزيادة المصروفات الإدارية لذا نحتاج إلى قطاع تأمين مزدهر بمفهومه المالي والفني.
من الملاحظ أن نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني ركز على جانب الملاءة المالية وهذا شيء جيد ولكن لا بد من التركيز أيضاً على النواحي التنظيمية والإجرائية لخلق بيئة مواتية لصناعة تأمين متطورة. ولإيجاد تلك البيئة لا بد من تفعيل لجنة فض المنازعات التي شكلها مجلس الوزراء وتحديد الوضع القانوني لعقد التأمين وإيجاد قواعد للربط الإلكتروني بين مختلف الأطراف المشاركة في عقد التأمين، فضلا عن التأكيد على المنافسة الحرة المبنية على أسس الخدمات وليس الأسعار كما حدث سابقاً، إضافة إلى ضرورة وضع البرامج الكافية لتأهيل الشباب السعوديين لقيادة ذلك القطاع الذي سيوفر عشرة آلاف فرصة عمل مستقبلاً.
نأمل أن يتم تفعيل لجنة فض المنازعات بحيث تكون قادرة على تطبيق القواعد القانونية للتأمين وأن تحظى بكادر مؤهل وخبير فى مجال التأمين كون قراراتها ستكون عرضة للرقابة الدولية من قبل شركات إعادة التأمين التي لها مصلحة في حفظ حقوق مساهميها.
عليه نتمنى أن يعاد النظر في تكوين سوق التأمين قبل إصدار التصاريح لكيلا تواجه السوق ما حدث سابقاً، علماً بأن كل كيان جديد يحتاج إلى تعديل، إلا أن سوق التأمين السعودية لا تحتاج إلى حلول مؤقتة لمعالجة واقع التأمين المريض، بل تحتاج إلى أسس وقواعد علمية تقوم عليها وإلى جهة واحـدة تتناول جميع جوانب صناعة التأمين وتتحمل المسوؤلية كما هو الحال في القطاع البنكي.

متخصص فى التأمين