Arab!an
03-01-2012, 05:51 PM
ارسل لي اخي وجهة نظره في موضوع الفصل بين الدين والدولة
واردت ان اشرككم في نقاش حول هذا الموضوع , هنا انشره بدون اي تدخل
..
بسم الله والحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين, وبعد
ففي ربيع الثورات العربية, وفي معمعة الأحداث, لا يسع المسلم إلا أن ينظر في موقفه ويسأل نفسه: أين أنا من هذه الأحداث؟ وهل أنا مع أم ضد؟, ومع الاعتقاد الذي ينبغي أن يعيه كل مسلم, وهو أن مدار هذا الكون وكل ما فيه هو "الله" , فهو خالق كل شيء والقادر على كل شيء والمالك لكل شيء, فإن أطعنا الله سعدنا في الدنيا والآخرة, بأي شكل وبأي طريقة وعلى كافة المستويات, سواءاً أدركنا ذلك أم لم ندركه أو علمنا ذلك أم لم نعلمه, والعكس صحيح, فإذا عرفنا ذلك وأردنا كأمة الرجوع إلى الله حتى يصلح لنا أحوالنا, فما هو المطلوب والذي ينبغي علينا عمله؟, وهذا السؤال كثيراً ما نسمع الناس يخوضون فيه, حتى أصبح الجميع محللين سياسيين , ومما سمعت في هذا المجال بعض من يطالبون بفصل الدين عن الدولة, وبعيداً عن العواطف فأردت أن أناقش هذا الرأي وطرح وجهة نظري فيه, فأقول والله المستعان, ففي البداية فإن لفظ فصل الدين عن الدولة لفظ خاطئ, فلا يمكن فصل الدين عن الدولة, فعندنا كمسلمين فإن الدين أساس كل شيء , معاملات , معاشرات , اقتصاد, حاكم, محكوم, فهذا التصور بالنسبة لي لا ينبغي أن يكون , خاصة إذا علمنا أن الدولة عند المسلمين أول أهدافها وأولوياتها هي الدين, الحفاظ عليه ونشره, فكل فئات المجتمع تخضع للدستور وكل قاعدة قانونية تخالف الدستور تقع باطلة, ودستورنا القرآن والسنة, سواءاً استنبطنا منه بعض البنود لتنظيم الحكم وجعلناها مكتوبة, أم لم نكتبها, فمن يقول بفصل الدين عن الدولة في بلاد الإسلام كأنه الأمريكي الذي يطالب بفصل الدولة عن القانون والدستور!!
والذي أراه أن الفصل يجب أن يكون, بل أرى أن الأفضل أن نأخذ بأفضل طرق الحكم المتوافرة اليوم وإن كانت أنظمة غربية, فالحكمة ضالة المؤمن, ولا يعني ذلك مخالفة دستورنا, إذاً ما هو الفصل المقصود؟
الحكم هو نظام لإدارة دنيا الناس (والدنيا تخضع للدستور العام), فقد قال الصحابة رضي الله عنهم عن أبي بكر (رضينا لدنيانا من رضاه رسول الله لديننا) ويقصدون أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه بالصلاة بالناس قبل موته, ومن الغباء أن نظن أن الصحابة يقصدون فصل الدين عن الدولة بالمعنى الوجود اليوم, فمن المتصور فصل الدين المسيحي عن الدولة, لأن عند المسيحيين رجال دين, وعندهم كنيسة, وعند المسلمين كل مسلم هو رجل دين, ولهذا قال الصحابة ذلك, أما إذا خرجت لنا مؤسسات في بلاد الإسلام تريد تكرار دور الكنيسة مع الاختلاف في المسمى فينبغي لنا أن نرفض أملاءاتها علينا, وأن نطالب بفصلهم عن الدولة والشعب!!
مبدأ الأخذ من الغير ما يفيد المسلمين في حياتهم ما لم يكن مخالفاً لدستورهم هو مبدأ أخذ به الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون من بعده كالنظام النقدي (البيزنطي) وتدوين الدواوين, وهذا شيء واضح في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام, ولكن مبدأ أخذ أي شيء من الغير وإن كان مخالفاً لدستورنا فهذا غير موجود في سيرة مشرعنا الأول وقدوتنا صلى الله عليه وسلم.
فكل من يطالب بشيء لا يخالف الدستور العظيم فهو حق مشروع له, وإن طالب بالبرلمان أو النظام الديمقراطي, أو تداول السلطة, وليس لي ولا لأي كان أن ينكر عليه حقه, ولكن!
أقول إن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو ما لاحظته من نطق بعض الناس بكلام قد يؤدي إلى ما تحمد عقباه عند الله وعند بعض الناس, فكلمة فصل الدين عن الدولة إذا كانت على إطلاقها فهي غير مستساغة للمسلم وغير مفهومة ولا مدركة, إذا كان هذا المسلم يعتقد أن الدولة أساسها الدين, ولا أريد أن أطيل في تفصيل الدولة وشكلها , والواقع إن الحديث في هذا الجانب لا يجذبني ولكن أحببت أن أوصل فكرتي لإخواني ممن يلقون بدلائهم في مثل هذه الأحداث, فعلينا توخي الحذر والتأني قبل النطق بالكلام لأننا محاسبين, والعاقل لا ينطق بكل ما يعلم.
أما بالنسبة للأحوال التي تمر بها الأمة في هذا الوقت, فلنعلم أن الإنسان مدفوعاً بالهوى و تأثير البيئة المحيطة يحب أن يربط الأسباب بمسبباتها, والله يريد أن نربط كل شيء به,قال تعالى " وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون".
فالفاعل الحقيقي هو الله, وصلاح البلاد والعباد بطاعة الله ورسوله, ومن قال أنه يعلم ذلك وهو لا يعمل به فهو لا يعلم!, ولله سنن كونية لا تتبدل ولا تتغير, فهذه الأحوال حتى نرجع إلى الله, والله تكفل لنا إذا رجعنا إليه كأمه بالآتي:
1- التمكين في الأرض, بمعنى سيادة الأرض, والاستخلاف فيها, قال تعالى: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون"
2- رغد العيش, قال تعالى: " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض"
3- الأمن, قال تعالى: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"
4- الأولاد والأموال والجنات (البساتين) والأنهار والأمطار, قال تعالى مخبراً عن نوح : " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً (10) يرسل السماء عليكم مدراراً (11) ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهاراً "
5- هذه الأحوال ستحصل في زمن عيسى عليه السلام, فقد ذكر صلى الله عليه وسلم زمن المسيح وقال: طوبى للعيش بعد المسيح, أو كما قال صلى الله عليه وسلم, أي أن وعد الله حق, وأنه إذا أدينا الشرط تحقق الشرط.
وربط الأحداث المحيطة بنا بنظام الغيب هو جزء من الإيمان بالله, فالنظام المشاهد مرتبط بالنظام الغيبي بلا شك ولا ريب, وأنا أعلم أن هذا الطرح لا يعجب بعض الناس, ولكن يجب أن يعجب كل مسلم, وعلى المؤمنين أن يذكّر بعضهم بعضاً به, فمهما أتى شخص متفيقه ومتعالم ومتسايس ومتذاكي ومتحضر ومتغرب و أشياء أخرى, وقال ما قال, وأثبت ما أثبت, وطرح ما طرح, فأن ما ذكرته سابقاً هو الصحيح, فالله سبحانه وتعالى هو الفاعل وهو القادر وهو المتصرف, شاء من شاء وأبى من أبى, ولكن نصرنا وتطورنا كأمه إذا سلمنا أنه بالرجوع إلى الله, فيجب أن يكون بعمل محسوس ومادي يرتبط مع الإيمان بالله والثقة به, فقد قال تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ", وهذه قاعدة عامة سواءاً على المستوى الفردي أم على المستوى الجماعي, ولكن إصلاح الإيمان أولاً, ثم بعد ذلك الإصلاح المادي, والمتعلق بكافة المجالات, كالمجال الاقتصادي أو نظام الحكم أو أي مجال آخر.
وفي التاريخ لنا عبرة, فذكر ابن كثير عن وهب بن منبه في قصة خراب بيت المقدس فقال:
أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرميا، حين ظهرت فيهم المعاصي: أن قم بين ظهراني قومك، فأخبرهم أن لهم قلوبا ولا يفقهون، وأعينا ولا يبصرون، وآذانا ولا يسمعون، وإني تذكرت صلاح آبائهم فعطفني ذلك على أبنائهم، فسلهم كيف وجدوا غب طاعتي، وهل سعد أحد ممن عصاني بمعصيتي، وهل شقي أحد ممن أطاعني بطاعتي؟
إن الدواب تذكر أوطانها فتنزع إليها، وإن هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت عليه آباءهم والتمسوا الكرامة من غير وجهها، أما أحبارهم فأنكروا حقي، وأما قراؤهم فعبدوا غيري، وأما نساكهم فلم ينتفعوا بما علموا، وأما ولاتهم فكذبوا علي وعلى رسلي، خزنوا المكر في قلوبهم، وعودوا الكذب ألسنتهم.
وإني أقسم بجلالي وعزتي لأهيجن عليهم جيولا لا يفقهون ألسنتهم، ولا يعرفون وجوههم، ولا يرحمون بكاءهم، و لأبعثنّ فيهم ملكا جبارا قاسيا، له عساكر كقطع السحاب، ومواكب كأمثال الفجاج، كأن خفقان راياته طيران النسور، وكأن حمل فرسانه كر العقبان، يعيدون العمران خرابا، ويتركون القرى وحشة، فيا ويل إيليا وسكانها، كيف أذللهم للقتل، وأسلط عليهم السباع، وأعيد بعد لجب الأعراس صراخا،
وبعد صهيل الخيل عواء الذئاب، وبعد شرافات القصور مساكن السباع، وبعد ضوء السرج وهج العجاج، وبالعز ذلا، وبالنعمة العبودية، وأبدلن نساءهم بعد الطيب التراب، وبالمشي على الزرابي الخبب، ولأجعلن أجسادهم زبلا للأرض، وعظامهن ضاحية للشمس، ولأدوسنهم بألوان العذاب، ثم لآمرن السماء فتكون طبقا من حديد، والأرض سبيكة من نحاس، فإن أمطرت لم تنبت الأرض، وإن أنبتت شيئا في خلال ذلك فبرحمتي للبهائم.
ثم أحبسه في زمان الزرع، وأرسله في زمان الحصاد، فإن زرعوا في خلال ذلك شيئا سلطت عليه الآفة، فإن خلص منه شيء نزعت منه البركة، فإن دعوني لم أجبهم، وإن سألوا لم أعطهم، وإن بكوا لم أرحمهم، وإن تضرعوا صرفت وجهي عنهم. رواه ابن عساكر بهذا اللفظ.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.
واردت ان اشرككم في نقاش حول هذا الموضوع , هنا انشره بدون اي تدخل
..
بسم الله والحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين, وبعد
ففي ربيع الثورات العربية, وفي معمعة الأحداث, لا يسع المسلم إلا أن ينظر في موقفه ويسأل نفسه: أين أنا من هذه الأحداث؟ وهل أنا مع أم ضد؟, ومع الاعتقاد الذي ينبغي أن يعيه كل مسلم, وهو أن مدار هذا الكون وكل ما فيه هو "الله" , فهو خالق كل شيء والقادر على كل شيء والمالك لكل شيء, فإن أطعنا الله سعدنا في الدنيا والآخرة, بأي شكل وبأي طريقة وعلى كافة المستويات, سواءاً أدركنا ذلك أم لم ندركه أو علمنا ذلك أم لم نعلمه, والعكس صحيح, فإذا عرفنا ذلك وأردنا كأمة الرجوع إلى الله حتى يصلح لنا أحوالنا, فما هو المطلوب والذي ينبغي علينا عمله؟, وهذا السؤال كثيراً ما نسمع الناس يخوضون فيه, حتى أصبح الجميع محللين سياسيين , ومما سمعت في هذا المجال بعض من يطالبون بفصل الدين عن الدولة, وبعيداً عن العواطف فأردت أن أناقش هذا الرأي وطرح وجهة نظري فيه, فأقول والله المستعان, ففي البداية فإن لفظ فصل الدين عن الدولة لفظ خاطئ, فلا يمكن فصل الدين عن الدولة, فعندنا كمسلمين فإن الدين أساس كل شيء , معاملات , معاشرات , اقتصاد, حاكم, محكوم, فهذا التصور بالنسبة لي لا ينبغي أن يكون , خاصة إذا علمنا أن الدولة عند المسلمين أول أهدافها وأولوياتها هي الدين, الحفاظ عليه ونشره, فكل فئات المجتمع تخضع للدستور وكل قاعدة قانونية تخالف الدستور تقع باطلة, ودستورنا القرآن والسنة, سواءاً استنبطنا منه بعض البنود لتنظيم الحكم وجعلناها مكتوبة, أم لم نكتبها, فمن يقول بفصل الدين عن الدولة في بلاد الإسلام كأنه الأمريكي الذي يطالب بفصل الدولة عن القانون والدستور!!
والذي أراه أن الفصل يجب أن يكون, بل أرى أن الأفضل أن نأخذ بأفضل طرق الحكم المتوافرة اليوم وإن كانت أنظمة غربية, فالحكمة ضالة المؤمن, ولا يعني ذلك مخالفة دستورنا, إذاً ما هو الفصل المقصود؟
الحكم هو نظام لإدارة دنيا الناس (والدنيا تخضع للدستور العام), فقد قال الصحابة رضي الله عنهم عن أبي بكر (رضينا لدنيانا من رضاه رسول الله لديننا) ويقصدون أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه بالصلاة بالناس قبل موته, ومن الغباء أن نظن أن الصحابة يقصدون فصل الدين عن الدولة بالمعنى الوجود اليوم, فمن المتصور فصل الدين المسيحي عن الدولة, لأن عند المسيحيين رجال دين, وعندهم كنيسة, وعند المسلمين كل مسلم هو رجل دين, ولهذا قال الصحابة ذلك, أما إذا خرجت لنا مؤسسات في بلاد الإسلام تريد تكرار دور الكنيسة مع الاختلاف في المسمى فينبغي لنا أن نرفض أملاءاتها علينا, وأن نطالب بفصلهم عن الدولة والشعب!!
مبدأ الأخذ من الغير ما يفيد المسلمين في حياتهم ما لم يكن مخالفاً لدستورهم هو مبدأ أخذ به الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون من بعده كالنظام النقدي (البيزنطي) وتدوين الدواوين, وهذا شيء واضح في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام, ولكن مبدأ أخذ أي شيء من الغير وإن كان مخالفاً لدستورنا فهذا غير موجود في سيرة مشرعنا الأول وقدوتنا صلى الله عليه وسلم.
فكل من يطالب بشيء لا يخالف الدستور العظيم فهو حق مشروع له, وإن طالب بالبرلمان أو النظام الديمقراطي, أو تداول السلطة, وليس لي ولا لأي كان أن ينكر عليه حقه, ولكن!
أقول إن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو ما لاحظته من نطق بعض الناس بكلام قد يؤدي إلى ما تحمد عقباه عند الله وعند بعض الناس, فكلمة فصل الدين عن الدولة إذا كانت على إطلاقها فهي غير مستساغة للمسلم وغير مفهومة ولا مدركة, إذا كان هذا المسلم يعتقد أن الدولة أساسها الدين, ولا أريد أن أطيل في تفصيل الدولة وشكلها , والواقع إن الحديث في هذا الجانب لا يجذبني ولكن أحببت أن أوصل فكرتي لإخواني ممن يلقون بدلائهم في مثل هذه الأحداث, فعلينا توخي الحذر والتأني قبل النطق بالكلام لأننا محاسبين, والعاقل لا ينطق بكل ما يعلم.
أما بالنسبة للأحوال التي تمر بها الأمة في هذا الوقت, فلنعلم أن الإنسان مدفوعاً بالهوى و تأثير البيئة المحيطة يحب أن يربط الأسباب بمسبباتها, والله يريد أن نربط كل شيء به,قال تعالى " وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون".
فالفاعل الحقيقي هو الله, وصلاح البلاد والعباد بطاعة الله ورسوله, ومن قال أنه يعلم ذلك وهو لا يعمل به فهو لا يعلم!, ولله سنن كونية لا تتبدل ولا تتغير, فهذه الأحوال حتى نرجع إلى الله, والله تكفل لنا إذا رجعنا إليه كأمه بالآتي:
1- التمكين في الأرض, بمعنى سيادة الأرض, والاستخلاف فيها, قال تعالى: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون"
2- رغد العيش, قال تعالى: " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض"
3- الأمن, قال تعالى: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"
4- الأولاد والأموال والجنات (البساتين) والأنهار والأمطار, قال تعالى مخبراً عن نوح : " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً (10) يرسل السماء عليكم مدراراً (11) ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهاراً "
5- هذه الأحوال ستحصل في زمن عيسى عليه السلام, فقد ذكر صلى الله عليه وسلم زمن المسيح وقال: طوبى للعيش بعد المسيح, أو كما قال صلى الله عليه وسلم, أي أن وعد الله حق, وأنه إذا أدينا الشرط تحقق الشرط.
وربط الأحداث المحيطة بنا بنظام الغيب هو جزء من الإيمان بالله, فالنظام المشاهد مرتبط بالنظام الغيبي بلا شك ولا ريب, وأنا أعلم أن هذا الطرح لا يعجب بعض الناس, ولكن يجب أن يعجب كل مسلم, وعلى المؤمنين أن يذكّر بعضهم بعضاً به, فمهما أتى شخص متفيقه ومتعالم ومتسايس ومتذاكي ومتحضر ومتغرب و أشياء أخرى, وقال ما قال, وأثبت ما أثبت, وطرح ما طرح, فأن ما ذكرته سابقاً هو الصحيح, فالله سبحانه وتعالى هو الفاعل وهو القادر وهو المتصرف, شاء من شاء وأبى من أبى, ولكن نصرنا وتطورنا كأمه إذا سلمنا أنه بالرجوع إلى الله, فيجب أن يكون بعمل محسوس ومادي يرتبط مع الإيمان بالله والثقة به, فقد قال تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ", وهذه قاعدة عامة سواءاً على المستوى الفردي أم على المستوى الجماعي, ولكن إصلاح الإيمان أولاً, ثم بعد ذلك الإصلاح المادي, والمتعلق بكافة المجالات, كالمجال الاقتصادي أو نظام الحكم أو أي مجال آخر.
وفي التاريخ لنا عبرة, فذكر ابن كثير عن وهب بن منبه في قصة خراب بيت المقدس فقال:
أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرميا، حين ظهرت فيهم المعاصي: أن قم بين ظهراني قومك، فأخبرهم أن لهم قلوبا ولا يفقهون، وأعينا ولا يبصرون، وآذانا ولا يسمعون، وإني تذكرت صلاح آبائهم فعطفني ذلك على أبنائهم، فسلهم كيف وجدوا غب طاعتي، وهل سعد أحد ممن عصاني بمعصيتي، وهل شقي أحد ممن أطاعني بطاعتي؟
إن الدواب تذكر أوطانها فتنزع إليها، وإن هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت عليه آباءهم والتمسوا الكرامة من غير وجهها، أما أحبارهم فأنكروا حقي، وأما قراؤهم فعبدوا غيري، وأما نساكهم فلم ينتفعوا بما علموا، وأما ولاتهم فكذبوا علي وعلى رسلي، خزنوا المكر في قلوبهم، وعودوا الكذب ألسنتهم.
وإني أقسم بجلالي وعزتي لأهيجن عليهم جيولا لا يفقهون ألسنتهم، ولا يعرفون وجوههم، ولا يرحمون بكاءهم، و لأبعثنّ فيهم ملكا جبارا قاسيا، له عساكر كقطع السحاب، ومواكب كأمثال الفجاج، كأن خفقان راياته طيران النسور، وكأن حمل فرسانه كر العقبان، يعيدون العمران خرابا، ويتركون القرى وحشة، فيا ويل إيليا وسكانها، كيف أذللهم للقتل، وأسلط عليهم السباع، وأعيد بعد لجب الأعراس صراخا،
وبعد صهيل الخيل عواء الذئاب، وبعد شرافات القصور مساكن السباع، وبعد ضوء السرج وهج العجاج، وبالعز ذلا، وبالنعمة العبودية، وأبدلن نساءهم بعد الطيب التراب، وبالمشي على الزرابي الخبب، ولأجعلن أجسادهم زبلا للأرض، وعظامهن ضاحية للشمس، ولأدوسنهم بألوان العذاب، ثم لآمرن السماء فتكون طبقا من حديد، والأرض سبيكة من نحاس، فإن أمطرت لم تنبت الأرض، وإن أنبتت شيئا في خلال ذلك فبرحمتي للبهائم.
ثم أحبسه في زمان الزرع، وأرسله في زمان الحصاد، فإن زرعوا في خلال ذلك شيئا سلطت عليه الآفة، فإن خلص منه شيء نزعت منه البركة، فإن دعوني لم أجبهم، وإن سألوا لم أعطهم، وإن بكوا لم أرحمهم، وإن تضرعوا صرفت وجهي عنهم. رواه ابن عساكر بهذا اللفظ.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.