رمادي
04-01-2012, 11:55 AM
مقاله لصديقي وابن عمي ارسلها لي عبر الاميل احب ان نستفيد منها :
(بانتظارك خبر سار يغير مجرى حياتك ويملأ قلبك سرورا. يوم السعد الاثنين- رقم الحظ 10).
هذا ما قرأته في فقرة (برجك لهذا اليوم) في إحدى الصحف يوم كنت صغيرا، فقد كنت أصدق مثل هذه الخزعبلات جهلا مني. (وأرجو ألا تسألوني عن برجي... أستحي).
بدأت أعد الساعات لمجيء يوم الإثنين وكأنها أيام، وكنت أتساءل في نفسي: يا ترى ما هو الخبر السار الذي سأتلقاه يوم الإثنين؟ هل سيفي أخي الأكبر بوعده ويشتري لي (بايسكل) بمناسبة نجاحي؟ أم تراه سيشتري لي ملابس رياضية (أكشخ) بها أمام زملائي في فريق القرية الذي كان يحصل دائما على المركز الأول في بطولات الفرق الشعبية – من الأسفل؟
وجاء يوم الإثنين، وكلي استنفار لتلقي الخبر السعيد. فانقضى الصباح دون شيء، فقلت لعل الخبر يأتي ظهرا. وانتهت الظهيرة دون جديد. وقبيل أفول شمس ذلك اليوم، وتحديدا عند وصولها قمة نخلتنا (التي لدغني فوقها زنبور قليل الأدب)، دخل علي أخي الاكبر بتوثية [ التوثيه تعني عصا غليظه من شجر التوت ] لا أراكم الله مثلها في الدنيا ولا في الآخرة... ولم يتركني الا بعد ان كسرها على ظهري. وكان أخي (ابو قلب حنين) هذا- أثناء قيامه بالواجب معي- يصرخ بصوت ذكرني بكعكي: "كم مرة قلت لك لا تشخبط عالحايط... يعني انت ما تجي ألا بالعين الحمرة؟" (ويا ليتها كانت مجرد "عين حمرة" أو أي لون آخر.. ولا توثية).
أعترف لكم أني كنت أمارس كتابة بعض العبارات والرسومات على أي جدار نظيف يصادفني، لكني أقسم لكم أن ما كنت (أشخبطه) لم يكن شعارات تدعو إلى إسقاط أخي أو إعدامه أو إحالته إلى محكمة لاهاي (ولا ذيچ)، وإنما مجرد (قلب حب يخترقه سهم وعبارات غرامية من قيس دون ليلى- ليس إلا).
وقد تعجبون من قسوة قلب أخي الذي رأى العصا تتكسر على ظهري ولم يشفق عليها. لكن لا داعي للعجب، فما أكثر التواثي في قرية أكثر أشجارها التوت )!
بعد أن تجاوزت الصدمة وبدأ ألم التوثية بالتلاشي، سألت نفسي: "أهذا هو الخبر السار الذي بشرني به برجي والذي ملأ ظهري قروحا بدلا من ملء قلبي سرورا؟"
لقد حرمت على نفسي - منذ تلك اللحظة – قراءة أي برج، وكرهت كل ما يذكرني بذلك (حتى برج الاتصالات كيوتل)، وكرهت كل ثيران القرية - بما فيها ثورنا الذي لا ذنب له سوى صلة قرابته ببرجي (أرجو ألا أكون قد كشفت عنه).
لكن مهلا... فلقد كان هناك خبر سار فعلا، غيرَ أنه جاء متنكرا بهيئة تلك التوثية - التي نبهتني إلى أمرين مهمين:
1- بطلان مزاعم المنجمين في ادعائهم علم الغيب، وأنه لا يعلم الغيب إلا الله.
2- الأمور تأخذ بجواهرها لا بظواهرها. فقد يكون الخير فيما نراه شرا. فتعرضي للضرب بتلك التوثية، وإن كان مؤلما (والذي لا يصدق يجرب!)، إلا أنه صحح لي خطأ عقائديا مهما. ولو أن أخي قد دخل علي بهدية بدل التوثية لرسخ اعتقادي الخاطئ بالمنجمين (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ). (البقرة: 216)
دمتم بعافيه
(بانتظارك خبر سار يغير مجرى حياتك ويملأ قلبك سرورا. يوم السعد الاثنين- رقم الحظ 10).
هذا ما قرأته في فقرة (برجك لهذا اليوم) في إحدى الصحف يوم كنت صغيرا، فقد كنت أصدق مثل هذه الخزعبلات جهلا مني. (وأرجو ألا تسألوني عن برجي... أستحي).
بدأت أعد الساعات لمجيء يوم الإثنين وكأنها أيام، وكنت أتساءل في نفسي: يا ترى ما هو الخبر السار الذي سأتلقاه يوم الإثنين؟ هل سيفي أخي الأكبر بوعده ويشتري لي (بايسكل) بمناسبة نجاحي؟ أم تراه سيشتري لي ملابس رياضية (أكشخ) بها أمام زملائي في فريق القرية الذي كان يحصل دائما على المركز الأول في بطولات الفرق الشعبية – من الأسفل؟
وجاء يوم الإثنين، وكلي استنفار لتلقي الخبر السعيد. فانقضى الصباح دون شيء، فقلت لعل الخبر يأتي ظهرا. وانتهت الظهيرة دون جديد. وقبيل أفول شمس ذلك اليوم، وتحديدا عند وصولها قمة نخلتنا (التي لدغني فوقها زنبور قليل الأدب)، دخل علي أخي الاكبر بتوثية [ التوثيه تعني عصا غليظه من شجر التوت ] لا أراكم الله مثلها في الدنيا ولا في الآخرة... ولم يتركني الا بعد ان كسرها على ظهري. وكان أخي (ابو قلب حنين) هذا- أثناء قيامه بالواجب معي- يصرخ بصوت ذكرني بكعكي: "كم مرة قلت لك لا تشخبط عالحايط... يعني انت ما تجي ألا بالعين الحمرة؟" (ويا ليتها كانت مجرد "عين حمرة" أو أي لون آخر.. ولا توثية).
أعترف لكم أني كنت أمارس كتابة بعض العبارات والرسومات على أي جدار نظيف يصادفني، لكني أقسم لكم أن ما كنت (أشخبطه) لم يكن شعارات تدعو إلى إسقاط أخي أو إعدامه أو إحالته إلى محكمة لاهاي (ولا ذيچ)، وإنما مجرد (قلب حب يخترقه سهم وعبارات غرامية من قيس دون ليلى- ليس إلا).
وقد تعجبون من قسوة قلب أخي الذي رأى العصا تتكسر على ظهري ولم يشفق عليها. لكن لا داعي للعجب، فما أكثر التواثي في قرية أكثر أشجارها التوت )!
بعد أن تجاوزت الصدمة وبدأ ألم التوثية بالتلاشي، سألت نفسي: "أهذا هو الخبر السار الذي بشرني به برجي والذي ملأ ظهري قروحا بدلا من ملء قلبي سرورا؟"
لقد حرمت على نفسي - منذ تلك اللحظة – قراءة أي برج، وكرهت كل ما يذكرني بذلك (حتى برج الاتصالات كيوتل)، وكرهت كل ثيران القرية - بما فيها ثورنا الذي لا ذنب له سوى صلة قرابته ببرجي (أرجو ألا أكون قد كشفت عنه).
لكن مهلا... فلقد كان هناك خبر سار فعلا، غيرَ أنه جاء متنكرا بهيئة تلك التوثية - التي نبهتني إلى أمرين مهمين:
1- بطلان مزاعم المنجمين في ادعائهم علم الغيب، وأنه لا يعلم الغيب إلا الله.
2- الأمور تأخذ بجواهرها لا بظواهرها. فقد يكون الخير فيما نراه شرا. فتعرضي للضرب بتلك التوثية، وإن كان مؤلما (والذي لا يصدق يجرب!)، إلا أنه صحح لي خطأ عقائديا مهما. ولو أن أخي قد دخل علي بهدية بدل التوثية لرسخ اعتقادي الخاطئ بالمنجمين (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ). (البقرة: 216)
دمتم بعافيه