المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إقبل معاذير من يأتيك معتذراّ



امـ حمد
07-01-2012, 03:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



إقبل معاذير من يأتيك معتذراً



وهي قاعدة مرتبطة بقاعدة العفو والصفح ، ولكن لها خصوصيتها التي جعلت من المستحسن إفرادها كقاعدة من قواعد التعامل مع الناس,وهذه الخصوصية هي أن يطلب المخطئ العفو، ويرجو ممن أساء إليه الصفح، ويقدم اعتذاره





وانكساره واعترافه بزلته، وربما يتعهد بعدم العودة إليها,أما العفو فيمكن أن يكون دون أن يطلب المخطئ الصفح ممن أساء إليه,إن قبول اعتذار المعتذر خلق كريم يدل على فضل صاحبه وعلو شأنه، ولا يليق بالمسلم أن يرد هذا الاعتذار





ويرفض ذلك الانكسار، لا سيما إذا جاءه المعتذر إلى بيته أو مجلسه أو إلى مقر عمله أو شفع له بعض الكرام من أهل العلم والدين والمروءة والوجاهة وكبر السن,إن أصعب شيء على نفوس الناس أن يتوقعوا الخير أو يرجوه من إنسان ثم





يفاجئهم بخلاف ذلك، فتنكسر قلوبهم، وتسود الدنيا أمامهم,ولقد اعتاد الناس أن يصفوا من يرد اعتذار المعتذر بالنذالة والخسة واللؤم وسوء الخلق، وغالباً ما يحجمون عن التعامل معه، ويصرمون علاقتهم به,لقد ختم الإمام أحمد بن حنبل





رحمه الله حياته بالعفو عن الجلاد الذي ألهب بالسياط ظهره ، وذلك عندما سمع الناس صائحاً ينادي خارج المنزل ويقول,يا أحمد، يا أحمد، فأوسعوا له حين استدعاه الإمام أحمد ، فإذا هو شيخ كبير ينشج نشيج النساء في لوعة وحرقة





ويقول,لقد كنت ممن قام بتعذيبك في عهد المعتصم وإني لأرجو المعذرة, فيهز الموقف الإمام أحمد، وينسيه غمرات الموت، فيلتفت إلى الشيخ مخففاً عنه مستغفراً له عما اقترفت يداه، وهنا سأله ابنه عمن آذاه، ولماذا يستغفر لهم، فقال




الإمام أحمد,يا بني (وليعفوا وليصفحوا) ماذا ينفعك أن يعذب أخوك بسببك,وقد قال تعالى (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)فإذا كانت القيامة، وجثت الأمم بين يدي الله رب العالمين، نودوا, ليقم من كان أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا في





الدنيا، وإني لأرجو أن أكون واحداً منهم,وقيل للمهلب بن أبي صفرة,ما تقول في العفو والعقوبة, قال,هما بمنزلة الجود والبخل فتمسك بأيهما شئت,وقال بعض أهل العلم,الكريم من أوسع المغفرة إذا ضاقت بالذنب المعذرة,وقال آخر,شفيع






المذنب إقراره، وتوبته اعتذاره,وقال بعض البلغاء,من لم يقبل التوبة عظمت خطيئته، ومن لم يحسن إلى التائب قبحت إساءته, وقال بعض الحكماء, من عاشر إخوانه بالمسامحة دامت له مودتهم,وأكرم من قبول اعتذار المعتذر أن تعفو عنه





وتصفح إذا جاءك معتذراً دون أن تلجئه إلى مزيد من الاعتذار أو تضطره إلى الكذب فيه حتى يرضيك،ولكن بالرغم من ضرورة الصفح وقبول اعتذار المعتذر، إلا أنه لا ينبغي أن يكون ذلك في كل الأحوال، ومع كل الناس، إذ يمكن




للمرء أحياناً أن لا يقبل الاعتذار وذلك إذا تيقن أن هذا القبول لا ينفع المعتذر ولا يؤدبه، أو إذا علم أن المعتذر يستخدم هذا الاعتذار من قبيل المراوغة والمخادعة والاستغفال والاستسهال,أما غير ذلك وفي غالب الأحوال والظروف، فإن




الأولى بالمرء أن يسمو بنفسه فيقبل انكسار المنكسرين واعتذار المعتذرين,العفو هو ما نفعله عندما نتخطى مشاعر الغضب الناتجة عن أذى تعرضنا له والعفو لا يعني النسيان بل هو محاولة للتقدم للأمام ويؤدي إلى السلامة العقلية


والجسدية ، ولا يكفي أن نقول سامحتك وإنما يجب أن نهذب سلوكنا ،





فاعتذروا لتسموا نفوسكم وتكبروا في أعين أنفسكم قبل أن تكبروا في أعين الآخرين وسامحوا لتصفوا قلوبكم من كل حقد وكراهية.