المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمير الدولة يحتفي بشيخ الدعوة



GULFSUN
08-01-2012, 08:04 AM
http://www.majedup.com/uploads/_majedup13259981431.jpg (http://www.majedup.com/)

http://www.majedup.com/uploads/_majedup13259981432.jpg (http://www.majedup.com/)






بقلم: محمد بن عبدالله بن عمر بن إبراهيم آل الشيخ - المملكة العربية السعودية:

دعوات الحق الصادقة بعْثُها وحمْلُها يكون على أيدي رجال هم المنتهى والغاية في هذه المعاني يتجردون لله ويصدقون معه وينصحون للأمة فمن ينهض برسالات الدين هم سادات القوم ورجالات الكون شرفاً وفضلاً عقلاً ورأياً، جالت هذه الخواطر في نفسي وأنا أستمع لسمو أمير البلاد المفدى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وهو يخاطب العالم بأسره بكلمات لا أجد لها مثيلاً جمال تعبير ودقة تصوير لواقع وحال الدعوة السلفية وحقيقة أمرها ففي مشهد مهيب وموقف عظيم ومحفل خالد كساه المكان هيبة وجلالاً كانت صورة الأمير حفظه الله ورعاه تعود بي للوراء كثيراً وتحديداً لقرون الأمة المفضلة وكأني أشاهد سادات عبد شمس وأرمق بهاليل بني العباس في فتوحاتهم يحملون معهم مشاعل الهداية ويقيمون صروح الشريعة ويبنون حضارة خالدة نهلت منها البشرية كلها قروناً طويلة وكانت أعظم روافد الحضارة المعاصرة.
ثَلَاثَةٌ تُشْرِقُ الدُّنْيَا بِبَهْجَتِهِمْ
شَمْسُ الضُّحَى وأَبُو مشعلٍ وَالْقَمَرُ
يُضَاهِي جُودُهُ جُودَ الثُّرَيَّا
وَيَحْكِي وَجْهُه بَدْرَ التَّمَامِ
جَاور حَمداً واسْمَع بهِ وانْظُر إلَيْهِ
تَجِد مِلءَ المسَامِعِ والأَفْواهِ والمُقَلِ
بـوجـهٍ هُـوَ الْـبَـدْرُ الْـمُـنـيرُ نَـفَـى الـدُجى
سَنَاهُ وَأَخْلاقٍ هي الْأَنجمُ الزُّهرُ
أَضَاء لَنَا أُفْقَ الْبِلاد وَكَشَّفَتْ
مَشَاهِدُهُ ما لا يُكَّشفُهُ الْفَجْرُ
نَجْلُو بِغُرَّته الدُّجَى فَكَأنَّنا
نَسْرِي بِبَدرٍ في اللَّيالِي السُّوَّدِ
ملكٌ بِحُسنِ جَبينِهِ
نَسْرِي وَبَحْرُ اللَّيلِ طَامِي
فَأَسْفَر وَجْهُ الشَّرْقِ حَتَّى كَأَنَّمَا
تَبَلَّجَ فِيهِ الْبَدْر ُبَعْدَ أُفُوْلِهِ
وَاْفْتَنَ فِيْكَ النَّاظِرُون فَإِصْبَعٌ
يُومِي إِلَيْكَ بِهَا وَعَينٌ تَنْظُرُ
سَرَيْنَا وَنَجْمٌ قَدْ أَضَاءَ فَمُذْ بَدَا
مُحَيَّاكَ أَخْفَى ضَوْؤُهُ كُلَّ شَارِقِ
تُشْرِقُ أَعْرَاضُهُمْ وَأَوجُهُهُمْ
كَأَنَّها في نُفُوسِهِمْ شِيَمُ
فتىً لا يُبَالي الْمُدلجُونَ بِنُورِهِ
إِلَى بَابهِ أَلَا تُضِيء الْكَوَاكِبُ
لقد جلجل صوت الأمير في وجدان الأمة وهز ضمائر المسلمين وهو يُشَدد على وجوب عودتها للينابيع الصافية لتستقي منها أصول دينها ومعتقدها الصحيح خالصةً من شوائب الشرك بعيدة عن ضلالات البدع وجهالات الخرافة.
إنها رسالة ودعوة حملها الغر الميامين من آل ثاني وظلوا أوفياء لها وجاهدوا في سبيلها وأخلصوا لمبادئها وحرصوا على بثها ونشرها فلم يكن موقفهم من الدعوة نظرياً فحسب أو مجرد دعاوى تتباين وتتعارض حين ننظر للواقع أو تتناقض مع ما هو ممارس وقائم فكانت دولتهم ميداناً عظيماً ومضماراً فسيحاً لتطبيقات هذه الدعوة على أرض قطر الطاهرة فصانت سيوف آل ثاني عقائد التوحيد هناك وحمتها من المعتقدات الفاسدة والمقالات المنحرفة فكثرت الهجرة لها وتوافد أهل التوحيد نحوها فوجدوا في صدور حكامها سعة أكبر من صحرائها وكرماً أعمق من خلجانها فأقاموا بينهم ردحاً من الزمان في أطيب عيشٍ وأنعمه وبعضهم طابت لهم السكنى فجعلوها وطناً عزيزاً ولقوا فيها مقاماً كريماً.
فعلاقة آل ثاني بالدعوة قديمة جداً وثيقة للغاية والصلة بينهما قوية العُرى قامت على أسمى وأوثق ما يدوم ويبقى ألا وهي العقيدة نعم وشائج القربى وصلة النسب والدم والأعراق تنتمي لأرومة واحدة فالأسرة الحاكمة آل ثاني والإمام محمد بن عبدالوهاب أبناء عمومه وهي بالتأكيد ذات تأثير قوي وشديد دون شك لا يمكن أن يُغْفِلَ جانِبَها أو يَتَجَاهَلَهَا باحث عند حديثه عن الدعوة ودراسته لجوانب علاقة آل ثاني بها ولكن هذه القرابة وحين كان هناك عداءٌ للدعوة ورفضٌ لها ظلت عقيمة لم تجد شيئاً في تغيير مواقف بعض خصوم الشيخ ودعوته رغم اللُحمة التي تجمعهم به وصلة نسبهم معه لكنه الدين الآصرة القوية والرابطة الحقيقية التي تتضاءل أمامها وتسقط معها كل الصلات وترتفع وتتسامى على كل الأعراق والعلاقات.
لاَ عُذْرَ للشَّجَرِ الَّذِي طَاْبَتْ
لَهُ أَعُراقُهُ أن لاَ يَطِيبَ جَناهُ
ومَا كَانَ مِنْ خَيرٍ أَتَوْهُ فَإنَّمَا
تَوَارَثَهُ أَبَاءُ أَبائِهمْ قَبْلُ
وَفي الشَّرَفِ الْحَـدِيثِ دَلِيـلُ صِـدْقٍ لِمُخْتَبرٍ عَلَى الشَّرفِ الْقَدِيمِ
كُلُّ آبائِه كِرامُ بَني الدُّنْيَا
وَلكِنَّهُ كَرِيمُ الْكِرَاْمِ
رسالة جاءت من أعماق قلب رجل مؤمن تجرد عن الغايات والمقاصد الدنيوية والأهداف الشخصية وهي مشاعر صادقة يحملها سمو الأمير في قلبه تجاه الدعوة وإمامها تمثل أعظم معاني الوفاء من حاكم صنع التاريخ وأوقف حركة الحياة وغير مسار الأحداث ورسم وجهاً آخر لمسيرة بلاده.
فنهض بدولته في زمن يسير فأصبحت قبلة العالم ومعيار النهوض ورمز العدل والحرية وكعبة الضيوف ومقصد الوفود فأعلى منار الحق فيها وشاد حضارة ناهضة في قلب الصحراء وجرى ذكره على كل لسان وأقام شواهد شامخة تنطق بقدرته وصدق نيته ومقصده حين يأتي الحديث عن بناء الإنسان كرامة وحقوقاً والدول نهضة وتطويراً حتى إنه ليودُ كل مَن على وجه البسيطة أنه من رعيته أو يقيم على أرضه.
وَقَدْ عَلِمَ الأَقْوَامُ أَنَّكَ مَاجِدٌ
وَلَيْثٌ إِذَا مَاْ الْحَربُ شَبَّ شِهَابُهَا
فَبَشَّرتُ آمَاْلِي بِملكٍ هُو َالْوَرَىْ
وَدَارٍ هِيَ الدُّنْيَا وَيَومٍ هُوَ الدَّهْرِ
لَوْ زُرْتُهُ لَرَأيْتَ النَّاسَ فيِ رَجُلٍ
وَالدَّهْرَ فيِ سَاعَةٍ والأَرْضَ فيِ دَارٍ
تَـحَاسَـدَتِ الـبُلْـدَاْنُ حَتَّىْ لَوْ أَنًّها نُفُوس
لَسَارَ الشَّرْقُ وَالْغَرْبُ نَحْوَكَا
أَرْضٌ لَهَا شَرَفٌ سِوَاهَا مِثْلُهَا
لَوْ كَانَ مِثْلُكَ فيِ سِوَاهَا يُوْجَدُ
تَنَافَسَ النَّاسُ فيِ أَيَّامِ دَوْلَتِهِ
فَمَا يَبِيعُونَ سَاعَاتٍ بِأَعْوَامٍ
يَبِينُ ظَـلاْمُ اللَّـيْلِ مِـنْ حُسْنِ وَجْهِهِ
وَيَهْدِي بِطِيبِ الرَّيحِ مَنْ جَاءَ مِنْ نَـــجْدِ
ولا شك أن أعظم مباني شخصية المسلم وأول ما يُعنى بها هي عقيدته وما يمسها، فالمؤمن يستعلي بدينه ويشمخ بملته فالرأي والفكر سلامتهما منوطان بصحة المعتقد وسلامة المنهج.
علاقة أبدية قامت على التجرد لله والصدق معه والمبالغة في نصرة الحق والوقوف خلفه فأسلاف آل ثاني كما هو حال خلفهم اليوم لهم أشرف المقامات تأييداً لدعوة التوحيد ونصرة لهذا الدين ولقد ورث سمو الأمير الجليل حب هذه الدعوة عن آبائه فخالطت شغاف قلبه وملكت عليه نفسه.
حينما حلت نكبة الدرعية وسقطت عاصمة الدولة وفعل إبراهيم باشا ما فعل عليه من الله ما يستحق فقتل ومثل وطارد ولاحق وأتى من الكبائر والموبقات ما تقشعر منه الأبدان ويشيب لهوله الولدان فسام علماء الدعوة وأهلها قتلاً وخسفاً وتتبعهم في كل مكان وأرصد لهم الجواسيس وأعانه على ذلك من لا يؤمن بالله واليوم الآخر كانت نواحي وجهات قطر حصناً وكهفاً منيعاً لجأ إليه بعض علماء آل الشيخ في فترات زمنية ماضية.
هَذِى مَنَازِلُ أَقْوَامٍ عَهِدْتُهُمُ يُوفُونَ
بِالْعَهْدِ مُذْ كَانُوا وَبِالذِّمَمِ
في مرحلة عصيبة وفترة خطيرة تشتد فيها الحملة على دعوة التوحيد فتلقى محاربة وهجوماً عنيفاً من جميع الأطياف وتواجه حرباً شرسة وافتراءً وبهتاناً من غالب الفرق والأحزاب كونها شجى في حلوق المبتدعة وأهل الضلال يجيء موقف الأمير وكأنما كانت كلماتُهُ وعباراته أيدّه اللهُ روحاً سرت في جسد الدعوة فبعثت الحياة فيها وبثت القوة والصمود في أهلها وأحيت الاستعلاء في أتباعها فألهب دفاعه عنها وتبنيه لها الحماسة في نفوس دُعاتها فجاءت كلمات الأمير دعوة صريحة لأهل الحق وإلهاماً وتوجيهاً للسائرين على طريقه بضرورة وأهمية التمسك بما معهم من النور وما علموا من الحق ووجوب دلالة الأمة عليه وهدايتها إليه هذا الجامع العظيم في حقيقة أمره تنبيه وتذكير بدور الحاكم وأهميته في حماية الحق والدفاع عنه وحمل الناس عليه فهو متبوع يقود الجموع ويوجه الرعية ويهديهم مسالك الحق ويدلهم عليها.
فالدعوة مهما كانت قوة أدلة وجلاء حقائق وسلامة منهج وسطوع حق ووضوح حجج وصدق براهين ستظل في الصدور والصدع بها يتفاوت بين أتباعها ويختلف عند مؤيديها بين الجهر والصمت ناهيكم عن تطبيقها واقعاً فسيقف أهل الشر حتماً ضدها ويحولون دون ذلك.
لقد ضرب الأمير المبجل أعظم صور الوفاء وجَسَّد نموذجاً نادر الحدوث في عناية الحكام بالعلماء ونهض بدورِ تفتقده الأمة وتحتاجه ألا وهو تنبيه المسلمين على المعاني الجليلة والمقاصد العظيمة للعقيدة وبيان حقائقها فبادر ودعا الجميع لاقتفاء الأثر والسير على الطريق فرفع رايتها ولا غرو فلطالما تعاقب آل بيته على حملها وساروا بها فظلت هذه العقيدة نوراً يشتعل في قلوب أسلافه وحباً يسري في دمائهم يتوارثونه خلفاً عن سلف وأباً عن جد ويتعاهدون حمايتها والعناية بها.
فآل ثاني وهم بيت الحكم الشهير والتاريخ المدوي صور قائمةٌ وصادقة لمبادئ الإسلام وقيم العروبة ففيهم يتجلى ماضي العرب جاهلية وإسلاماً جمال صفاتٍ وكمال أخلاق يُذْكَرُونَ فتتداعى المعاني السامية كلها في الأذهان وتتوارد أكرم صورها وتحضر أجمل وأجل شواهدها فتشمل أوسع دوائرها زعامةً وسيادة رجولةً وشرفاً شموخاً وإباءً وشمماً شجاعةً وكرماً فهم كما وصفهم الواصفون وقد صدقوا في ذلك وجوههم للصباحة وأيديهم للسماحة وألسنتهم للفصاحة.
أَضَاْءَتْ لَهُم أَحْسَابُهُم وَوُجُوهُهُم
دُجَى اللَّيلِ حَتَّى نَظَّم الْجَزْعَ ثَاْقِبُهُ
مِنَ الْبيِضِ الْوُجُوهِ بَنِي ثَانٍ
لَوْ أنَّكَ تَسْتَضِيء بِهِمْ أَضَاؤُوا
وُجُوهٌ لَو أَنّ المُدْلِجِيْنَ اعْتَشَوْا بِهَا
صَدَعْنَ الدُّجَى حَتَّى تَرَى اللَّيْلَ يَنْجَلي
وُجُوهٌ لَوْ أَنّ الأَرضَ فِيهَا كَوَاكِبٌ
تَوَقَّدُ لِلسَّارِي لَكَانُوا كَوَاكِبَا
مِـنَ النّـَفَــرِ الْــعَالِينَ فيِ السَّلْمِ وَالْوَغَىْ
وَأَهْلِ الْمَعَالِي وَالْعَوَالِي وَآلِهَا
فَلَوْ أَنَّ السَّماءَ دَنَتْ لِمَجْدٍ
وَمَكْرُمَةٍ دَنَتْ لَهُم السَّمَاءُ
قَوْمٌ قَاسَمَ أَبُوهُمُ حِينَ تَنْسِبهُم
طَابُوْا وَطَاْبَ مِنَ الْأَوْلادِ مَاْ وَلَدُوا
إِنْسٌ إِذَاْ أَمِنُوا جِنٌ إِذَا فَزِعُوا
مُرَزَّؤُونَ بَهَالِيلٌ إِذَاْ جُهِدُوا
لا أظن أحداً من أئمة المسلمين وحكامهم حالياً قد بالغ في تعظيم عالم وتكريمه والتنويه بقدره وبيان فضله وما يجب لشخصه كما فعل أمير البلاد الشيخ حمد آل ثاني، إذ جاءت تسمية هذا الجامع بمبادرة شخصية منه أقامها برهاناً ساطعا ودليلاً قاطعاً على عراقة نسبه وشرف منبته وكرم محتده ففي سموه تناهت الرجولة وتكاملت الأخلاق شاهدةً بنسبه الصريح وعقله الصحيح وما يَعمُرُ قلبه من إيمان صادق ويخالج نفسه من نوازع الخير وما تفيض به جوانحه من معاني التدين الصحيح وما يملأ صدرهُ من حبٍ عميق لدعوة التوحيد وإجلال لإمامها.
عَجِبْتُ لِدَوْحةِ ابْنَ الْخَلِيفَةِ
كَيْفَ تَعُومُ وَلا تَغْرَقُ
وَبَحْرانِ مِنْ فَوْقِهَا وَاحِدُ
وَآخَرُ مِنْ تَحْتِهَا مُطْبَقُ
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَاكَ عِيدَانُهَا
وَقَدْ مَسَّهَا كَيْفَ لَا تُورِقُ
وَللنَّفْسِ أَخْلاْقٌ تَدُلُ عَلَىْ الْفَتَىْ
أَكَاْنَ سَخَاءً مَاْ أَتَىْ أَمْ تَسَاْخِياً
وَيُمِيتُ قَبْلَ قِتَالِهِ وَيَبَشُّ
قَبْلَ نَوَالِهِ وَيُنِيلُ قَبْلَ سُؤَاْلِهِ
لَيْسَ يُعْطِيكَ لِلرَّجَاءِ ولِلْخَوْفِ
وَلَكِن يَلَذُّ طَعْمَ الْعَطَاءِ
مُقَّبل ظَهْر ِالْكَفِ وَهَّابُ بَطْنِهَا
لَهُ رَاحَةٌ فِيهَا الْحَطِيمُ وَزَمْزَمُ
مُفِيدُ وَمِتْلافٌ إِذَا مَاْ أَتَيْتُهُ
تَهَلَّلَ وَاهْتَزَّ اهْتِزَازَ المُهنَّدِ
لَوْ أَنَّ كَفَّاً أْعْشبَّت لِسَماحَةٍ
لَبَدَاْ بِرَاحَتَيْهِ النَّبَاتُ الأخْضَرُ
لَهُ هِزَّةٌ مِنْ أَريحِيَّة جُوْدِهِ تَكَادُ
لَهَا الأَرْضُ الْجَدِيْبَةُ تُعْشِبُ
فَلَيَنبُعَنَّ سَمَاحُ جُودِكَ فيِ الثَّرَىْ
وَلَيُورِقَنَّ بِقُرْبِكَ الصَّخْرُ
مستشار شرعي
لقد جرت العادة ومضت الطريقة أن الجوامع العظيمة والمساجد الكبيرة تسمى بأسماء الملوك والخلفاء والأمراء لتبقى لهم شواهد صدق تنطق بفضلهم وتذكّر بآثارهم وتحيي مآثرهم وتنبه على تاريخهم فتستنطق الدعاء لهم من الألسن وتودع حبهم في القلوب، لكن سموه وهو وحيد دهره وفريد عصره والعظيم في قومه والسيد في أخلاقه ترعرع على حب العلم فجادت نفسه الكريمة وآثرت قريبه الإمام محمد بن عبد الوهاب بهذا الجامع وخصته بهذه التسمية وسيحفظ التاريخ لسموه هذه المنقبة.
في جملة ما سيبقى ويخلّد من مآثر لسموه وما أكثرها وأجلها يرقق بعضها بعضاً ويُنسي الآخر منها الأولَ تشمل الدين والدنيا فأثقل كاهل التاريخ حملها كيف لا وقد أضاءت أنوارها ظلام الليل البهيم وكُسِفت مع ذكرها الشمس تصاغراً أمامها وحياءً منها فعُمِرَت بمحامده مجالس القوم وتزينت الدنيا بذكره وتاه العصر بوجوده. لقد جعل الأمير من نفسه أسوةً حسنة وقدوة كريمة ما أجمل التشبه بها والسير على آثارها والعمل بمقتضاها من عموم الحكام تجاه العلماء.
إِذَا نَزَلُوا اخْضَرَّ الثَّرَىَ مِنْ نُزُولِهِمْ وَإِنْ نَازَلُوا احْمَّر الْقَنَا مِنْ نِزَالِهَا
آل ثاني أهل الفعال والمقال أرباب السيف والقلم أنصار دعوة وحماة عقيدة تلبسهم حبها وتمكنت من نفوسهم وتغلغلت في قلوبهم فحين تقرأ في تاريخ هذه الأسرة تُذهل لأحوالهم وسيرهم وتهتزُ لمواقفهم فحكامهم علماء نقف أمام سيرة سادةً هم في ذواتهم وحقائق نفوسهم ومآثرهم تواريخ شامخة وأمجاد باذخة.
بَهَالِيلٌ في الإِسْلامِ سَادُواْ وَلَمْ يٌٌَكُنْ
كَأوَّلِهِم في الْجَاهِلِيَّةِ أَوَّلُ
هُــــمُ الْـقَـوْمُ إِنْ قَالُوا أَصَــابُوا وَإِنْ دُعُـــــوا
أَجَــابُوا وَإِنْ أَعْطُواْ أَطَـابُـواْ وَأَجْــزَلُوا
وَمَا يَسْطِيعُ الْفَاعِلُونَ فِعَالَهُمْ
وَإِنْ أَحْـسَنُوا فيِ النـَّـائِــبَاتِ وَأَجْــمـَلُوا
مَا شَيَّدَ اللهُ مِنْ مَجْدٍ لِسَالِفِهِمْ
إِلَّا وَنَحْنُ نَرَاهُ فِيهِمُ الآنَا
إِنْ كُوتِبُوا أَوْ لُـوقُواْ أَو حُورِبُوا وُجِـــــدُوا
فيِ الْخــَطِّ وَالَّلـفْـظِ وَالْـهَيْجَــــاءِ فُـــرْسَاناً
كَـأَنّ أَلْـسِنَتَهُم فيِ النـُّـطـق قَـدْ جُــــعِلَتْ
عَــلَــى رِمَــاحِــهِمُ فيِ الطَّـعْنِ خُرصَاناً
عَيْبُ بَنِي ثَانٍ سَمَاحَتُهُمْ
وَأنَّهُم يُتْلِفُونَ مَاْ وَجَدُوا
حين تقرأ سيرة الأمير الشيخ قاسم آل ثاني تجد نفسك أمام ظاهرة بشرية نادرة الوقوع والحدوث فقد كان من عجائب الدهر وغرائب الزمان ونوادر البشر ومفاخر أهل الإسلام فقد ذكر المؤرخون عنه رحمه الله أنه كان عالم البلاد وفقيهها ومفتيها منه تصدر وعنه تخرج التوجيهات الشرعية وهو أمير البلاد وحاكمها وزعيمها بلا منازع وهو القاضي الذي تصدر منه الأحكام بين الخصوم وهو الخطيب في الجمع والأعياد وهو المحسن الكبير الذي لا يجارى كرماً وبذلا وعطاء وإحساناً جمع وأنفق الأموال في سبيل البر والإحسان وكان ينفق على رعيته من حُرّ ماله، يُذكر أن الأمير قاسم آل ثاني رحمه الله زار ذات مرة حوطة بني تميم وأعجبه بعض بساتينها فأراد أن يشتريه ليوقفه على أعمال الخير وفي سُبُل الإحسان فكاشف أحد الموجودين فيه برغبته في شراء هذا البستان وكانت نية الأمير رحمه الله أن يجعله وقفاً كما هي عادته المشهورة عنه فأجابه هذا الرجل بأن هذا البستان لا يمكن أن يشتريه وحين سأل عن السبب أفاده بأنه وقف للأمير قاسم ولم يكن يعلم أن الذي أمامه هو الأمير قاسم نفسه كما أن الأمير قاسم رحمه الله ولكثرة ما أوقف وما صنع من المعروف وأسدى من الخير لم يعلم أن هذا البستان من جملة أوقافه وضمن مبراته ولا أظن أحداً منذُ بني أمية جمع كل هذه الصفات وتحلى بهذه السجايا سِواه يُترجمُ له مع الحكام ويُعد من كبار العلماء والفقهاء عند أهل الإسلام تَرجَمَ له الشيخ عبد الله البسّام في كتابه "علماء نجد خلال ثمانية قرون" الجزء الخامس الصفحة (405).
فنَعتَهُ بأجملِ النُعوت وأكملَ الأوصاف وأجلّ الأخلاق فذكر مآثره وفضائله وعدد مناقبه وكيف كان صاحب السلطتين الزمانية والمكانية وهو الأديب والشاعر له معرفةٌ دقيقة بالشعر وعنايةٌ بالشعراء فقد عاشوا في بلاطه فَسَقى أشجار أدبهم بماء مُكرماته وترعرعت أغصانها في ظلاله فعاشوا في كنفه ولازموا مجالسه فصلتهم به وثيقة وعلاقتهم معه وطيدة ولا عجب في ذلك فهو الشاعر المفلق والخطيب المصقع والأديب البليغ حفظت الأيام كلامه وضمت الصدور والقلوب نفائس أقواله رحلوا إليه وأقاموا لديه فصار شعرهم مقصوراً عليه وغرر مدائحهم خالصةً له فشاعرٌ فَحلٌ كابن عثيمين عاش حياته كلها يرتحل نحوه ويَفدُ إليه نَظَمَ فيه عيون وخوالد شعره وما وفّاه حقه ولا قام بأداء ذرة من فضله وما أحسن نعته ولا أتقن وصفه. مع أن شعره فيه من الجزالة والقوة ما يسامي به ويقارب فحول شعراء العربية الأولى ولكن ممدوحه أعيت أخلاقه الوصف وحار في محاسنه اللفظ.
وجاء بعده ابنه الشيخ الأمير عبد الله فسار على نهج أبيه وكان محباً للعلم وأهلِه طُبع على نفقته من الكتب والمراجع ما لا يُعد ولا يحصى وخلفه ولده الشيخ علي فكان عالماً بالأدب والشعر ومضى على سنة أبيه وسار سيرة جده فكان مثالاً نادراً للرجل الذي عاش في الدنيا وهمه الأخرى أقبل بقلبه على ربه زاهداً في متاعها ومباهجها وكان غاية في التوحيد والعبادة.


فيديو:

http://www.pal10.com/pages/view/5702/%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88-%D8%A5%D9%81%D8%AA%D8%AA%D8%A7%D8%AD-%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%B7%D8%B1

صور:

http://www.qatarshares.com/vb/showthread.php?t=490892

المصدر:

http://www.al-sharq.com/articles/more.php?id=273352&date=2012-01-08

بوخالد911
08-01-2012, 08:06 AM
يسلموو للنقل

GULFSUN
08-01-2012, 08:08 AM
يسلموو للنقل

الله يسلمك :)