qatarface
10-01-2012, 05:46 PM
فلنتقِ الله في الموظف القطري!
نِسَب تقييم الأداء مأساة تتكرر كل عام
من أهم الموضوعات التي تتطرق لها تشريعات وقوانين الوظائف العامة تقارير تقييم الأداء الوظيفي، لما لها من أثر على الموظف وعلى المرفق العام. وهي من الخطورة بمكان، خصوصاً على مستقبل الموظف الوظيفي، لارتباطها بالترقية وإنهاء الخدمة والعلاوة الدورية وغيرها من الأمور.
ومن يطلع على قانون إدارة الموارد البشرية الصادر بالقانون رقم (8) لسنة 2009 يجد المشرع ربط بين الترقية ومستوى تقييم أداء الموظف، وحرم كل من يقل أداؤه في السنتين الأخيرتين لتاريخ استحقاق الترقية عن مستوى جيد جداً من الترقية للدرجة التالية. وبذلك من يحصل على مستوى جيد ناهيك عن مقبول ليس له في الطيب نصيب.
وهذا الأمر يعتبر تشدداً مبالغاً فيه من قبل المشرع القطري، لأنه اعتنق أكثر الآراء تطرفاً في تحديد موانع الترقية، ويخالف كل التشريعات الخليجية المشابهة، فمثلاً قانون الخدمة المدنية في دولة الإمارات العربية المتحدة رقم (21) لسنة 2001 لا يجيز فقط ترقية الموظف، الذي يقدم عنه تقرير تقييم أداء بدرجة ضعيف وفقط خلال السنة التي قدم فيها التقرير.
أما المشرع البحريني فيمنع الترقية عن الموظف إذا ما قل مستوى أدائه عن تقدير جيد، وذلك فقط في آخر تقييم أداء قبل تاريخ استحقاق الترقية، وهذا ما نصت عليه المادة (52) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية البحريني والصادرة بالقرار رقم (37) لسنة 2007.
أما المشرع الكويتي فيحرم الموظف الذي يحصل على تقرير نهائي بأنه ضعيف من أول علاوة دورية أو ترقية تستحق له. ويستمر هذا الحرمان إلى أن يقدم عنه رئيسه المباشر تقريراً بأنه جيد. انظر مرسوماً في شأن نظام الخدمة المدنية في الكويت الصادر بقصر السيف بتاريخ 4 أبريل 1979. وبذلك نكتشف أن المشرع القطري دون سواه في دول مجلس التعاون الخليجية بالغ في وضع الموانع أمام حق الموظف القطري في الترقية إلى الدرجة الأعلى، حيث اشترط لترقية الموظف القطري أن لا تقل درجة تقييم الأداء له عن درجة جيد جداً ولسنتين متتاليتين قبل تاريخ استحقاق الترقية.
وليت المشرع القطري اكتفى بهذا التشدد في تحديد موانع الترقية، وحرمان الموظف القطري منها إذا قل أداء تقييمه عن جيد جداً خلال السنتين السابقتين لاستحقاق الترقية. وإنما فوق ذلك جعل من تقييم الأداء طريقاً لإنهاء خدمة الموظف إذا ما قدمت عنه ثلاثة تقارير متتالية بدرجة ضعيف.
وكذلك حرم الموظف القطري الحاصل على تقييم أداء بمستوى أقل من جيد جداً من المكافأة السنوية التي تمنح للموظفين القطريين إذا ما وصل راتبهم إلى نهاية مربوط الدرجة وتوقفت عنهم العلاوة الدورية. وهذا يعني أن الموظف القطري الذي يصل إلى نهاية مربوط درجته ويكون تقييم أدائه أقل من جيد جداً يحرم من الترقية ومن العلاوة الدورية ومن المكافأة السنوية. انظر المادة (23) والمادة (24) من قانون إدارة الموارد البشرية، وهذا الأمر يبعث على الإحباط الوظيفي، وله آثار سلبية كبيرة على نفسية الموظف القطري.
أما ثالثة الأثافي في موضوع تقييم الأداء الوظيفي في تشريعات الوظيفة العامة في قطر فهو التعميم الصادر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بخصوص مشروع نماذج تقارير تقييم الأداء الوظيفي الذي وافق عليه –للأسف- مجلس الوزراء الذي يفرض على الجهات الحكومية «وبحد السيف» مستويات تقييم الأداء الوظيفي بنسب لا تتجاوز %25 لدرجة الامتياز و%30 لدرجة جيد جداً، وهذا الأمر له تداعيات خطيرة على حقوق الموظفين، لأنه يحرم %45 من الموظفين القطريين من الترقية -وبجرة قلم وبأداة تشريعية أقل مرتبة من القانون- وذلك سنوياً، وقد تصل النسبة إلى أكثر من ذلك بكثير عندما يحصل الموظف على تقدير امتياز أو جيد جداً في سنة، وفي السنة التالية التي تسبق تاريخ استحقاق الترقية مباشرة لا يمنح إلا تقييم أداء بدرجة أقل من ذلك، وبذلك يحرم من الترقية، ويضاف هذا الموظف إلى خانة %45 الذين حرموا من قبل.
والغريب في هذا التعميم أنه أراد معالجة مشكلة عدم الجدية والتساهل، اللذين كانا ديدن الجهات الحكومية عند تقييم أداء موظفيها تحت مظلة قانون الخدمة المدنية السابق، ولكنه عالج الأمر بخلق مشكلة أكبر، وحارب تساهل القيادات في هذه الجهات الحكومية بالضرب بيد من حديد على يد الموظف القطري الغلبان. وترك من تسبب في الضرر يلهو ويلعب بعد أن رفع عنه قلم المحاسبة. فمتى نفهم أن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر وأشنع منه، وأن الموظف القطري ليس هو من خلق الإشكالية وتسبب في الخلل الإداري؟ إن هذا التعميم أصاب الغالبية العظمى من الموظفين -إن لم نقل كلهم- بالخوف على مستقبلهم الوظيفي، لأن المشرع لم يعالج المشكلة الأصلية، ولم يحاسب من يستحق المحاسبة، وإنما «وقعت الفأس في رأس الطوفة الهبيطة» ألا وهو الموظف القطري، ولم نسمع أن القيادات العليا أو القيادات الإشرافية التي كانت سبباً من أسباب هذا التعنت التشريعي أصابها التضييق في شيء. فمن يضمن الآن للموظف القطري الجاد أن لا يقع فريسة للتحيز من قبل الرئيس المباشر، الذي بيده إعداد تقارير تقييم الأداء أو أن يكون ضحية تصفية حسابات أو تصيد أخطاء، خصوصاً أن التنافس على درجة الامتياز ودرجة جيد جداً كبير، لأن الطلب أكثر من العرض، والمصيبة أن يتحول هذا التكالب على هذه العظمة إلى تنافس غير شريف، ويفوز في الأخير من يملك الحظوة ويمتلك الواسطة، ويضيع في الرجلين من هو أجدر الناس بتلك النسبة ولكنه أقصي عمداً عنها، لأنه لا ينزل لسي السيد الرئيس المباشر من زور.
وهذا التعميم أتى بمانع جديد من موانع الترقية لم يذكره قانون إدارة الموارد البشرية ولم يشر إليه، وبذلك تجاوز هذا التعميم دوره كمنفذ للقانون وتقمص دور القانون نفسه، وأضاف مانعاً من عنده إلى الموانع التي ذكرت في قانون إدارة الموارد البشرية.
وفوق ذلك فإن تعميم نسب تقييم الأداء يخالف مبادئ عظيمة من مثل تكافؤ الفرص بين الموظفين، والمساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتشابهة، والعدالة في إعطاء كل ذي حق حقه، لأن فرض نسب مئوية ثابتة لمن يستحق درجة الامتياز ودرجة الجيد جداً على الجهات الحكومية لا تتغير ولا تتبدل بتغير أداء الموظفين في هذه الجهات ظلم بين. ينتج عنه أن عملية التقييم تصبح كالآلة الصماء توزع النسب بشكل عشوائي لا يعتمد فيها على ملفات وسجلات الموظف، وإنما على قرب وبعد الموظف من هوى ومزاج من بيده سلطة توزيع هذه النسب.
من الملاحظ في هذه السنوات الأخيرة أن هناك كثيراً من القرارات والتعاميم التي تصدر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء تثير اللغط حولها، لآثارها المزعجة على حقوق الموظفين القطريين، ولافتقارها إلى مراجعة هادئة قبل إقرارها من مثل هذا القرار، ومن مثل نماذج عقود التوظيف للقطريين، ومن مثل حرمان الموظفة القطرية من إجازة الأمومة إذا لم يكن أطفالها من فئة المعاقين أو فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.
نحن نطالب الأمانة العامة بمراجعة هذا القرار الذي صدم الموظفين القطريين، وجعل الترقية أمامهم مثل بيض الصعو يسمعون به ولا يتمكنون منه، ونتمنى عدم الاستمرار في تطبيقه، خصوصاً وأكثر من كتب عنه أو تحدث عنه لا يستسيغه ويعتبره علاجاً متسرعاً لأخطاء وقعت في الماضي من قبل الإدارات الحكومية، ولا يتحمل مسؤوليتها الموظف القطري وحده. وأنه ينتهك حرمة الحقوق الإدارية والمالية للموظف، لأن نسب تقييم الأداء الوظيفي تحددها عناصر هذا التقييم ومدى قرب أو بعد الموظف عنها، ولكل موظف الحق في الحصول على الدرجات العليا في هذه التقييمات متى ما توافرت في حقه شروط استحقاق هذه الدرجات، حتى ولو بلغت نسبة من يستحقون درجة الامتياز ما بلغت، لأن هذا حق من حقوقه، ولكل مجتهد نصيب، ومن زرع حصد. ولا يجوز حرمانه منه تحت أية ذريعة، ولا يوجد دافع مبرر لهذا التشدد والحرمان، لذلك إذا أراد المشرع السير على بصيرة وهدى في هذا الأمر فليعهد لجهة محايدة بالنظر في تقارير تقييم الأداء الوظيفي ومراقبة ومحاسبة عمل الجهات الحكومية في هذا المجال. والتثبت من أن درجات التقييم أعطيت لمن يستحقها، وأنها تعكس الواقع الوظيفي لهذا الموظف وذاك بكل شفافية ومصداقية.
أما الاكتفاء بتضييق الخناق على الموظف وفرض نسب معينة كهذه على المرفق العام تقلل من فرص الترقية أمام موظفيه، وتحرمهم من الأمان الوظيفي، وتجعل المستقبل الوظيفي لهم قاتماً. فليس من الحكمة في شيء ولا يتوافق مع مقتضيات العدالة، وإنما هو توجه يحمل الموظف مسؤولية وتبعات جناية ارتكبها غيره.
فحتى متى يخر سقف التخبط الإداري عندنا على رأس الموظف القطري؟ وإلى متى يستمر التشريع القطري في تبني الآراء المتشددة في مجال حقوق المواطنين؟ وخلاصة القول، لماذا تقوم أداة تشريعية أقل بتفريغ الأداة التشريعية الأعلى من مضمونها، وتضع قيوداً على الحقوق لم ينزل الله بها من سلطان؟!
وفي الأخير فلنتق الله في الموظف القطري المغلوب على أمره، الذي لا يملك من حطام الدنيا إلا هذه الترقية، ولا نحرمه من حقه فيها بدعوى محاربة الفساد الإداري، ولا نلقي بتبعات إصلاح ما أفسده دهر الجهات الحكومية على عاتقه وفوق رأسه، لأن الخلل الإداري السابق يتحمله النظام الإداري ككل وليس الموظف وحده.
والسلام
نِسَب تقييم الأداء مأساة تتكرر كل عام
من أهم الموضوعات التي تتطرق لها تشريعات وقوانين الوظائف العامة تقارير تقييم الأداء الوظيفي، لما لها من أثر على الموظف وعلى المرفق العام. وهي من الخطورة بمكان، خصوصاً على مستقبل الموظف الوظيفي، لارتباطها بالترقية وإنهاء الخدمة والعلاوة الدورية وغيرها من الأمور.
ومن يطلع على قانون إدارة الموارد البشرية الصادر بالقانون رقم (8) لسنة 2009 يجد المشرع ربط بين الترقية ومستوى تقييم أداء الموظف، وحرم كل من يقل أداؤه في السنتين الأخيرتين لتاريخ استحقاق الترقية عن مستوى جيد جداً من الترقية للدرجة التالية. وبذلك من يحصل على مستوى جيد ناهيك عن مقبول ليس له في الطيب نصيب.
وهذا الأمر يعتبر تشدداً مبالغاً فيه من قبل المشرع القطري، لأنه اعتنق أكثر الآراء تطرفاً في تحديد موانع الترقية، ويخالف كل التشريعات الخليجية المشابهة، فمثلاً قانون الخدمة المدنية في دولة الإمارات العربية المتحدة رقم (21) لسنة 2001 لا يجيز فقط ترقية الموظف، الذي يقدم عنه تقرير تقييم أداء بدرجة ضعيف وفقط خلال السنة التي قدم فيها التقرير.
أما المشرع البحريني فيمنع الترقية عن الموظف إذا ما قل مستوى أدائه عن تقدير جيد، وذلك فقط في آخر تقييم أداء قبل تاريخ استحقاق الترقية، وهذا ما نصت عليه المادة (52) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية البحريني والصادرة بالقرار رقم (37) لسنة 2007.
أما المشرع الكويتي فيحرم الموظف الذي يحصل على تقرير نهائي بأنه ضعيف من أول علاوة دورية أو ترقية تستحق له. ويستمر هذا الحرمان إلى أن يقدم عنه رئيسه المباشر تقريراً بأنه جيد. انظر مرسوماً في شأن نظام الخدمة المدنية في الكويت الصادر بقصر السيف بتاريخ 4 أبريل 1979. وبذلك نكتشف أن المشرع القطري دون سواه في دول مجلس التعاون الخليجية بالغ في وضع الموانع أمام حق الموظف القطري في الترقية إلى الدرجة الأعلى، حيث اشترط لترقية الموظف القطري أن لا تقل درجة تقييم الأداء له عن درجة جيد جداً ولسنتين متتاليتين قبل تاريخ استحقاق الترقية.
وليت المشرع القطري اكتفى بهذا التشدد في تحديد موانع الترقية، وحرمان الموظف القطري منها إذا قل أداء تقييمه عن جيد جداً خلال السنتين السابقتين لاستحقاق الترقية. وإنما فوق ذلك جعل من تقييم الأداء طريقاً لإنهاء خدمة الموظف إذا ما قدمت عنه ثلاثة تقارير متتالية بدرجة ضعيف.
وكذلك حرم الموظف القطري الحاصل على تقييم أداء بمستوى أقل من جيد جداً من المكافأة السنوية التي تمنح للموظفين القطريين إذا ما وصل راتبهم إلى نهاية مربوط الدرجة وتوقفت عنهم العلاوة الدورية. وهذا يعني أن الموظف القطري الذي يصل إلى نهاية مربوط درجته ويكون تقييم أدائه أقل من جيد جداً يحرم من الترقية ومن العلاوة الدورية ومن المكافأة السنوية. انظر المادة (23) والمادة (24) من قانون إدارة الموارد البشرية، وهذا الأمر يبعث على الإحباط الوظيفي، وله آثار سلبية كبيرة على نفسية الموظف القطري.
أما ثالثة الأثافي في موضوع تقييم الأداء الوظيفي في تشريعات الوظيفة العامة في قطر فهو التعميم الصادر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بخصوص مشروع نماذج تقارير تقييم الأداء الوظيفي الذي وافق عليه –للأسف- مجلس الوزراء الذي يفرض على الجهات الحكومية «وبحد السيف» مستويات تقييم الأداء الوظيفي بنسب لا تتجاوز %25 لدرجة الامتياز و%30 لدرجة جيد جداً، وهذا الأمر له تداعيات خطيرة على حقوق الموظفين، لأنه يحرم %45 من الموظفين القطريين من الترقية -وبجرة قلم وبأداة تشريعية أقل مرتبة من القانون- وذلك سنوياً، وقد تصل النسبة إلى أكثر من ذلك بكثير عندما يحصل الموظف على تقدير امتياز أو جيد جداً في سنة، وفي السنة التالية التي تسبق تاريخ استحقاق الترقية مباشرة لا يمنح إلا تقييم أداء بدرجة أقل من ذلك، وبذلك يحرم من الترقية، ويضاف هذا الموظف إلى خانة %45 الذين حرموا من قبل.
والغريب في هذا التعميم أنه أراد معالجة مشكلة عدم الجدية والتساهل، اللذين كانا ديدن الجهات الحكومية عند تقييم أداء موظفيها تحت مظلة قانون الخدمة المدنية السابق، ولكنه عالج الأمر بخلق مشكلة أكبر، وحارب تساهل القيادات في هذه الجهات الحكومية بالضرب بيد من حديد على يد الموظف القطري الغلبان. وترك من تسبب في الضرر يلهو ويلعب بعد أن رفع عنه قلم المحاسبة. فمتى نفهم أن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر وأشنع منه، وأن الموظف القطري ليس هو من خلق الإشكالية وتسبب في الخلل الإداري؟ إن هذا التعميم أصاب الغالبية العظمى من الموظفين -إن لم نقل كلهم- بالخوف على مستقبلهم الوظيفي، لأن المشرع لم يعالج المشكلة الأصلية، ولم يحاسب من يستحق المحاسبة، وإنما «وقعت الفأس في رأس الطوفة الهبيطة» ألا وهو الموظف القطري، ولم نسمع أن القيادات العليا أو القيادات الإشرافية التي كانت سبباً من أسباب هذا التعنت التشريعي أصابها التضييق في شيء. فمن يضمن الآن للموظف القطري الجاد أن لا يقع فريسة للتحيز من قبل الرئيس المباشر، الذي بيده إعداد تقارير تقييم الأداء أو أن يكون ضحية تصفية حسابات أو تصيد أخطاء، خصوصاً أن التنافس على درجة الامتياز ودرجة جيد جداً كبير، لأن الطلب أكثر من العرض، والمصيبة أن يتحول هذا التكالب على هذه العظمة إلى تنافس غير شريف، ويفوز في الأخير من يملك الحظوة ويمتلك الواسطة، ويضيع في الرجلين من هو أجدر الناس بتلك النسبة ولكنه أقصي عمداً عنها، لأنه لا ينزل لسي السيد الرئيس المباشر من زور.
وهذا التعميم أتى بمانع جديد من موانع الترقية لم يذكره قانون إدارة الموارد البشرية ولم يشر إليه، وبذلك تجاوز هذا التعميم دوره كمنفذ للقانون وتقمص دور القانون نفسه، وأضاف مانعاً من عنده إلى الموانع التي ذكرت في قانون إدارة الموارد البشرية.
وفوق ذلك فإن تعميم نسب تقييم الأداء يخالف مبادئ عظيمة من مثل تكافؤ الفرص بين الموظفين، والمساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتشابهة، والعدالة في إعطاء كل ذي حق حقه، لأن فرض نسب مئوية ثابتة لمن يستحق درجة الامتياز ودرجة الجيد جداً على الجهات الحكومية لا تتغير ولا تتبدل بتغير أداء الموظفين في هذه الجهات ظلم بين. ينتج عنه أن عملية التقييم تصبح كالآلة الصماء توزع النسب بشكل عشوائي لا يعتمد فيها على ملفات وسجلات الموظف، وإنما على قرب وبعد الموظف من هوى ومزاج من بيده سلطة توزيع هذه النسب.
من الملاحظ في هذه السنوات الأخيرة أن هناك كثيراً من القرارات والتعاميم التي تصدر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء تثير اللغط حولها، لآثارها المزعجة على حقوق الموظفين القطريين، ولافتقارها إلى مراجعة هادئة قبل إقرارها من مثل هذا القرار، ومن مثل نماذج عقود التوظيف للقطريين، ومن مثل حرمان الموظفة القطرية من إجازة الأمومة إذا لم يكن أطفالها من فئة المعاقين أو فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.
نحن نطالب الأمانة العامة بمراجعة هذا القرار الذي صدم الموظفين القطريين، وجعل الترقية أمامهم مثل بيض الصعو يسمعون به ولا يتمكنون منه، ونتمنى عدم الاستمرار في تطبيقه، خصوصاً وأكثر من كتب عنه أو تحدث عنه لا يستسيغه ويعتبره علاجاً متسرعاً لأخطاء وقعت في الماضي من قبل الإدارات الحكومية، ولا يتحمل مسؤوليتها الموظف القطري وحده. وأنه ينتهك حرمة الحقوق الإدارية والمالية للموظف، لأن نسب تقييم الأداء الوظيفي تحددها عناصر هذا التقييم ومدى قرب أو بعد الموظف عنها، ولكل موظف الحق في الحصول على الدرجات العليا في هذه التقييمات متى ما توافرت في حقه شروط استحقاق هذه الدرجات، حتى ولو بلغت نسبة من يستحقون درجة الامتياز ما بلغت، لأن هذا حق من حقوقه، ولكل مجتهد نصيب، ومن زرع حصد. ولا يجوز حرمانه منه تحت أية ذريعة، ولا يوجد دافع مبرر لهذا التشدد والحرمان، لذلك إذا أراد المشرع السير على بصيرة وهدى في هذا الأمر فليعهد لجهة محايدة بالنظر في تقارير تقييم الأداء الوظيفي ومراقبة ومحاسبة عمل الجهات الحكومية في هذا المجال. والتثبت من أن درجات التقييم أعطيت لمن يستحقها، وأنها تعكس الواقع الوظيفي لهذا الموظف وذاك بكل شفافية ومصداقية.
أما الاكتفاء بتضييق الخناق على الموظف وفرض نسب معينة كهذه على المرفق العام تقلل من فرص الترقية أمام موظفيه، وتحرمهم من الأمان الوظيفي، وتجعل المستقبل الوظيفي لهم قاتماً. فليس من الحكمة في شيء ولا يتوافق مع مقتضيات العدالة، وإنما هو توجه يحمل الموظف مسؤولية وتبعات جناية ارتكبها غيره.
فحتى متى يخر سقف التخبط الإداري عندنا على رأس الموظف القطري؟ وإلى متى يستمر التشريع القطري في تبني الآراء المتشددة في مجال حقوق المواطنين؟ وخلاصة القول، لماذا تقوم أداة تشريعية أقل بتفريغ الأداة التشريعية الأعلى من مضمونها، وتضع قيوداً على الحقوق لم ينزل الله بها من سلطان؟!
وفي الأخير فلنتق الله في الموظف القطري المغلوب على أمره، الذي لا يملك من حطام الدنيا إلا هذه الترقية، ولا نحرمه من حقه فيها بدعوى محاربة الفساد الإداري، ولا نلقي بتبعات إصلاح ما أفسده دهر الجهات الحكومية على عاتقه وفوق رأسه، لأن الخلل الإداري السابق يتحمله النظام الإداري ككل وليس الموظف وحده.
والسلام