المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية



Abu Omar
01-06-2006, 04:17 PM
حرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية
د / محمد مورو



مفكرة الإسلام: المتتبع للإجراءات الأمريكية ، ومن ثم الغربية ، وما يفرض منها على بعض الحكومات العربية والإسلامية أن تتخذه حيال الجمعيات الخيرية الإسلامية ؛ يكتشف للوهلة الأولى أن المسألة عميقة جداً واستراتيجية ، وليست مجرد رد فعل طارئ سيأخذ مداه ثم يهدأ ويسكن ، وأن الحرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية هي حرب عالمية على الإسلام ديناً وحضارة وقيماً وسلوكاً وجهاداً .



وهل من المفيد هنا أن ننقل عن فضيلة الشيخ [ صالح الحصين ] الذي نقله بدوره عن واحد من الباحثين الذي وضع فرضية مبدئية وأدخلها في حاسبه الشخصي ، وظل يرصد الأحداث وتصريحات السياسيين التي لها صلة بهذه الفرضية ، وكان يدهش كيف أن الوقائع ظلت تؤيد فرضيته ؛ لقد بنى هذه الفرضية في شكل هرم كتب على ثلثه الأعلى الجهاد ، وعلى ثلثه الأوسط المؤسسات الخيرية والمؤسسات المالية ، وعلى قاعدته القيم والمبادئ ، وقد افترض أن الغارة على الإسلام في صراع الحضارات سوف يكون هدفها الأول الجهاد ، وهدفها الأخير القيم والمبادئ ، مروراً بالمؤسسات الخيرية والمالية .



وهل تلك الفرضية التي افترضها هذا الباحث من الدقة والذكاء بحيث تلخص المسألة كلها : حقيقتها ، أهدافها ، آلياتها ؟ .

وقبل أن نسهب في شرح ذلك يجب أن نضع بعض الملاحظات حول الحرب الأمريكية والغربية على الجمعيات الخيرية . .

- فمن ناحية ؛ فإن خطاب العولمة المزعوم وخطاب قادة الفكر والسياسيين في الغرب ؛ بل حتى مشروعات ومبادرات الإصلاح المزعوم التي يتقدم بها الرؤساء والباحثون ، ومراكز الأبحاث ودوائر وزارات الخارجية . . . الخ ، وآخرها مبادرة الشرق الأوسط الكبير ؛ كلها أكدت على ضرورة دعم ما يسمى بالمجتمع المدني - غير الحكومي - باعتباره إحدى ركائز الديمقراطية وأحد أهم بنود الأجندة العالمية حالياً ، وبديهي أن من يدعم المجتمع المدني لا يمكن بأية حال من الأحوال أن يمنع هو هذا المجتمع المدني أو يصادر جمعيات خيرية هي إحدى خصائص هذا المجتمع المدني المزعوم ، أو يدعو الحكومات العربية والإسلامية إلى بسط سيطرتها على تلك الجمعيات . . إنها مناقضة صارخة ، وازدواج معايير واضح ، وهذا يكشف حقيقة الأجندة الأمريكية الغربية بخصوص هذا المجتمع المدني المزعوم ؛ فالمطلوب دعم الجمعيات والهيئات والمؤسسات غير الحكومية التي تعمل وفق الأجندة الغربية ، والتي تتلقى تمويلاً من الجهات الغربية ، أي التي تعمل في إطار خدمة المشروع [ الأمريكي - الصهيوني ] بوعي أو بدون وعي ؛ أما من يعمل مستقلاً في التمويل ، مستقلاً في الأهداف ، غير منضبط تماماً على نغمة الأجندة الأمريكية فهو مرفوض ومتهم بالإرهاب ، وسوف تصدر القرارات بمنعه ومصادرته وهكذا فإن الحرب الأمريكية الغربية على الجمعيات الأهلية الخيرية الإسلامية كشفت ضمن ما كشفت عن نفاق أمريكي وغربي واضح .

- ليس المطلوب إذاً جمعيات تساعد الفقراء ، أو تعين المحتاجين أو تحفر الآبار في إفريقيا وآسيا ، أو تساعد ضحايا العدوان الصهيوني على الفلسطينيين ، أو تبني المساجد أو ترعى الأيتام ؛ بل المطلوب جمعيات تهدم القيم عن طريق تحريض المرأة على الخروج على تعاليم الإسلام ، أو التمهيد للقبول بإسرائيل بدعوى القبول بالآخر ، أو الترويج للقيم الأمريكية بدعوى أنها قيم عالمية . .

Abu Omar
01-06-2006, 04:17 PM
خدمة المشروع الأمريكي



وهكذا فإن أول أهداف الحرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية هو منع امتداد المجتمع الأصلي الصحيح وإزاحته ليحل محله المجتمع الأهلي المزيف والعميل .

هذا بالطبع لخدمة المشروع الأمريكي ، وهو أيضاً إحساس داخلي عميق بخطورة المجتمع الأهلي الإسلامي مُمثلاً في الجمعيات الخيرية ، لأن آلية العدوان الأمريكي قادرة على السيطرة على كل ما هو حكومي ومعروف ومبرمج ، أما العمل الأهلي فهو الأكثر صعوبة والأقدر على الاستمرار وخلق حالة من المقاومة أو الصمود أو الرفض ، وتحقيق نوع من المناعة للمجتمعات . .



- إن استخدام عنوان الإرهاب كذريعة للحرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية أمر لم يكن لينطلي على أحد ؛ فالكلمة نفسها تستخدم بمناسبة وبدون مناسبة لوصف كل مناهض لأمريكا وإسرائيل ؛ بل أصبحت الكلمة والتهمة تستخدم من قبل كل من يريد استعداء أمريكا وإسرائيل والغرب ، أو إرهاب الآخرين وتخويفهم وإسكاتهم على جماعة أو دولة أو فرد ، وبديهي فإن الحرب على الإرهاب لا علاقة لها بالعمل الخيري أساساً ، ويمكن حساب فرد أو مجموعة على ما قامت به بافتراض هذا صحيحاً دون المساس بالفكرة أو العمل الخيري عموماً . على كل حال ؛ فإن ما لاحظناه حول استخدام كلمة الإرهاب بطريقة فجة وممجوجة ومزدوجة المعايير ومنافقة هو في حد ذاته دليل على تهافت التهمة الموجهة للجمعيات الخيرية الإسلامية .



- يربط البعض عادة بين الحرب على الجمعيات الإسلامية أو الإسلام أو المظاهر الإسلامية وبين أحداث 11 سبتمبر 2001 ، وهو ربط غير صحيح من وجهة نظرنا ؛ فلا علاقة سببية بين الاثنين ؛ بل يمكن القول إن الحادث قد استخدم كذريعة أو تبرير أو مناسبة لتصعيد الهجوم على المظاهر الإسلامية ، والحقيقة أن هناك وجدان صليبي غربي معروف ، وهو يمثل الظاهرة الرئيسة في التاريخ ، وحتى الآن قد تخفت أحياناً بسبب وجود تناقضات ثانوية [ كالتناقض السابق بين الاتحاد السوفييتي وأمريكا ] ، ولكن ما أن يتم حل هذه التناقضات الثانوية حتى يبرز التناقض الأساسي والجوهري ، وهكذا فإن الحرب على الإسلام والظواهر الإسلامية لم تتوقف منذ ظهور الإسلام وحتى اليوم ، وهذه طبيعة الصراع الإسلامي الشيطاني ، ولكن المناسبة الأكبر لتسارع وتيرة هذه الحرب هو سقوط الاتحاد السوفييتي السابق والمنظومة الشيوعية وليس أحداث 11 سبتمبر .



- إن من المعروف في قواعد مناهضة أية فكرة أو حركة ضرورة ضرب حلقاتها الوسيطة باعتبارها الرابط بين الجذر والثمار المرجوة ؛ لأن من المستحيل عملياً اقتلاع الجذور ، أو أن ذلك صعب جداً . أما قطع الساق فهو الطريق الأسهل لمنع ظهور الثمار ، وهكذا ووفقاً لفرضية الباحث المذكور سابقاً من أن الجمعيات الخيرية هي الحلقة الوسيطة بين القيمة والجهاد ؛ فإن ضرب الإسلام يقتضي ضرب تلك الحلقة الوسيطة .



- وهل من المفيد هنا انطلاقاً من النقطة السابقة أن نبحث عن الأسباب العامة والخاصة الاستراتيجية والتكتيكية لضرب الجمعيات الخيرية الإسلامية ، فهي تأتي في الصراع الحضاري الممتد في التاريخ والجغرافيا بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية ؛ أي في إطار الصراع بين فكرة التوحيد والعدل والحرية واللا عنصرية والتسامح ، وبين العنف والقهر والنهب والوثنية والعنصرية والظلم وازدواج المعايير ، وهي تأتي في محاولة فرض قبول الرأسمالية على العالم ، وذلك أنه بعد انهيار الشيوعية وثبوت فشلها نظرياً وفلسفياً وتطبيقياً ؛ فإن المنظومة الإسلامية هي الوحيدة المرشحة لمناهضة الرأسمالية ؛ ليس بالنسبة للمسلمين فقط ؛ بل بالنسبة لكل سكان العالم المتضررين من الرأسمالية ، لأن الإسلام يمتلك خطاباً عالمياً ، ويمتلك خطاباً منحازاً للمستضعفين والفقراء ، وينصفهم ولا يظلمهم ، ويمتلك خطاباً غير عنصري ، وهو بهذه المثالية يمكن أن يكون أيديولوجية للمستضعفين في العالم ، والراغبين في مناهضة العولمة والرأسمالية ، بالإضافة إلى كونه ديناً ، ومنظومة قيمية للمسلمين تحُول دون خضوعهم أو قبولهم بالانصياع للقيمة الغربية والأمريكية ، وهكذا فهو الأساس الصحيح لظهور الرفض والمقاومة ، وعدم الانصياع وتعطيل مشروع الهيمنة [ الأمريكي – الصهيوني ] على العالم ، وبالتالي فإن ضرب وتصفية الجمعيات الخيرية الإسلامية هو نوع من الحرب الاستباقية ضد الدور الإسلامي المتوقع ، وهو نوع من الحرب الدعائية الإعلامية غير المباشرة ، فبدلاً من أن تقوم تلك الجمعيات بتزويد المجتمعات الإسلامية بقدر أكبر من القدرة على الاستمرار والصمود ، ونشر القيمة الإسلامية ، وبدلاً من أن يتم الحديث عن الإسلام باعتباره يرعى اليتيم ، ويساعد الفقير ، ويُبقي بئر الماء ، ويساعد على التعليم ؛ يتم الحديث عنه فقط - زوراً - بلفظ الإرهاب والعنف والبربرية ؛ وبالتالي تنجح الحملة العالمية الأمريكية الصهيونية في تشويه صورة الإسلام وحصاره .

Abu Omar
01-06-2006, 04:18 PM
في مواجهة التنصير والتغريب

بالإضافة إلى ذلك فإن العمل الخيري الإسلامي هو نوع من المانع الضروري لشل قدرة جماعات التنصير والتغريب عن العمل ، والتي تخدع الناس وتحاول شراء وجدانهم بالمساعدات ، ومن المعروف أن هناك علاقة جدلية بين التنصير والاستعمار فكلاهما يخدم الآخر ، وكل منهما يؤدي إلى الآخر ، وبالتالي فإن إزاحة العوائق من أمام المنصَّرين هدف أمريكي استعماري صهيوني مباشر واستراتيجي ، وفي هذا الصدد ؛ فإن الحرب على الجمعيات الخيرية يصبح ضرورياً لنجاح مخطط التنصير .



بالطبع فإن العمل الخير الإسلامي به أخطاء ولكن الأخطاء يمكن إدراكها ومعرفتها وحلها ولن يخلو عمل بشري من الأخطاء قط ، ونزعم أن العمل الخيري الإسلامي هو الأفضل من حيث شفافيته ، ولكن الأخطاء فيه بالنسبة للجمعيات الخيرية اليهودية أو المسيحية ، ورغم كل الفضائح والجرائم التي ارتكبتها الجمعيات المسيحية واليهودية ؛ فإن أحداً لم يطالب بإلغائها أو تصفيتها وهكذا فإن تهافت مبررات الحرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية بينت أن المسألة حرب على الإسلام تأخذ أشكالاً متعددة ؛ منها الحرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية ! .