تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأسهم بين لعبة المؤشر وعودة الثقة!



شمعة الحب
03-06-2006, 03:52 PM
الأسهم بين لعبة المؤشر وعودة الثقة!
د. مقبل صالح أحمد الذكير - 07/05/1427هـ
mdukair@yahoo.com

أفضل ما ميّز سوق الأسهم في الأسبوع الماضي أن تحسن وضعه العام وميله إلى الاستقرار جاء من خلال تفاعل قوى العرض والطلب من داخل السوق وليس كرد فعل لقرارات تنظيمية من خارج السوق، أو بسبب شائعات تنتشر هنا وهناك. والسوق، في الواقع، كان في حاجة إلى الاستقرار ولم يكن في حاجة إلى الشائعات أو الأخبار. فأسعار معظم شركات السوق انتهت من عمليات التصحيح، وهبط نتيجة ذلك متوسط مكرر ربح السوق إلى 20.5 ضعف، وهو مستوى قريب من متوسطه خلال الـ 15 سنة الماضية الذي يدور حول 18 ضعفا. لكن تأثير معظم شركات السوق في المؤشر العام لا يتجاوز 5 في المائة, كما هو معروف. في الوقت نفسه، كان الضغط مستمرا في الأسابيع السابقة للأسبوع الماضي على أسعار الشركات القيادية المؤثرة في المؤشر العام للسوق. وقد بدا أن هذا الضغط يعكس حركة يمكن أن نسميها حركة "لعبة المؤشر"! كان الغرض منها الضغط على المؤشر وعلى نفسيات المتعاملين لشراء أسهم شركات قيادية بأسعار منخفضة وإعادة بيعها لملاكها السابقين المضطربين بأسعار أعلى، أو لغرض تبديل المراكز في بعض المحافظ الاستثمارية الكبيرة.
قبل أكثر من أسبوعين كان المؤشر مرتفعا نسبيا بينما أسعار أسهم بعض الشركات كانت منخفضة. ثم انعكس الحال في الأسبوع الماضي، فأصبح قيمة المؤشر أقل مما كانت من قبل، لكن أسعار أسهم بعض الشركات حققت ارتفاعات ملحوظة. ولذلك فمن فهم هذه اللعبة الجديدة في السوق، كان واحدا من اثنين, إما أنه امتنع عن متابعة السوق واحتفظ بأسهمه حتى يستقر السوق ويتخذ له اتجاها واضحا. وإما أنه كان مضاربا محترفا مسايرا لاتجاه السوق، فركّز على ما يمتلكه من أسهم بصرف النظر عن حركة المؤشر. فكان يبيع قبل نقاط المقاومة ويشتري عند نقاط الدعم، ليحقق بعض المكاسب التي تغطي خسائره السابقة. هكذا كانت صفة السوق في الآونة الأخيرة، صفة المضاربة اليومية السريعة، حيث لا يحتفظ خلالها المضاربون المحترفون بأسهمهم في محافظهم لأكثر من يوم أو يومين، لعدم يقينهم بما سوف يجرى في اليوم التالي!
لكن في الأسبوع الماضي، بدا وكأن السوق أخذ يعود إلى قدر من الاستقرار. فقد تخلص المضاربون من حالة عدم اليقين التي كانت تحكم قراراتهم وتحد من قدرتهم على التصرف، وظهر على تصرفاتهم قدر ملحوظ من الثقة التي كانوا يفتقدونها سابقا. يدل على ذلك مؤشران مهمان: الأول: أن المؤشر العام كان يتذبذب صعودا وهبوطا في نطاق محدود لأول مرة منذ أسابيع عديدة.
والثاني: أن أسعار أغلب الشركات كانت تتغير دون تحقيق نسب ارتفاع أو انخفاض قصوى خلال التعامل اليومي.
هذه إشارات تدل على بداية استقرار في السوق بحول الله، وقد ترتب عليها عودة السيولة للسوق بحجم تعاملات بلغ نحو 20 مليارا يوميا في بعض الأيام. وهي إشارة إيجابية جدا، لأن هذا الحجم من السيولة يمكن أن يعادل تقريبا سيولة السوق قبل انهياره في 25 شباط (فبراير) الماضي. فعندما كان المؤشر يلامس 20 ألف نقطة كانت السيولة في حدود 40 مليار ريال يوميا، وعندما أصبح المؤشر الآن في حدود عشرة آلاف نقطة، نرى حجم سيولة عند مستوى 20 مليار ريال. وهي كمية مناسبة بالنظر إلى أسعار الأسهم الراهنة المنخفضة جدا عن مستوياتها قبل الانهيار. فحجم المعاملات عند هذه المستويات المنخفضة من أسعار الأسهم يحتاج إلى نصف كمية السيولة التي كانت سائدة سابقا عند الأسعار العالية من أجل إتمام حجم الصفقات الحالية.
قاد التحسن النسبي في السوق مع نهاية الأسبوع الماضي، التحسن الذي طرأ على أسعار سهمي "سابك" و"الراجحي". وقد كان من حسن الطالع تحرك سعر "سابك" بجانب سعر "الراجحي", خاصة أن سعر سهم "سابك" لا يزال أمامه فرص لمواصلة التحسن قبل أن يصل إلى نقطة المقاومة المرحلية له عند سعر 162 ريالا. والجانب الإيجابي في تحسن "سابك" مع "الراجحي"، هو أن اعتماد السوق على ارتفاع سعر سهم "الراجحي" فقط، كان من الممكن أن يُبقي درجة الغموض في السوق ولا يوحي برغبة حقيقية في الشراء، نظرا إلى ما يتوقعه الجميع من انخفاض أرباح البنوك في بيانات الربع السنوي الثاني المقبل، نتيجة تراجع مكاسب سوق الأسهم. ولكن يبدو أن هناك طلبات حقيقية بدأت تجري في السوق بغرض التجميع والاستفادة من الأسعار المنخفضة السائدة حاليا قبل بداية الإجازة الصيفية. ومما يؤكد هذه الصورة الإيجابية للسوق، التحسن النسبي الذي طرأ على بعض المؤشرات الفنية كمؤشر التدفق النقدي MFI ومؤشر القوة النسبية RSI.
لكن المتابع لما جرى في السوق في الأسبوع الماضي، يمكن أن يلاحظ بعض التصرفات الذكية من بعض المضاربين. فبعضهم يتعمد عرض كميات كبيرة نسبيا من الأسهم التي يحوزها، عندما ترتفع إلى مستوى معين، بغرض التحكم في نسب الارتفاع حتى يكون ارتفاعا مقننا ومحدودا يمنعه من الوصول إلى النسب العليا. ثم يعود ويضع طلبات شراء قبل أن يصل السعر إلى المستويات الدنيا. كذلك علينا أن نلاحظ أن التداول العالي على سهم ما، لا يعني بالضرورة أن هناك تجميعا يجري عليه، فقد يكون مجرد تدوير ليس إلا!
عموما إذا تأكد تحسن السوق، فإن ذلك يعني أنه أسس, بحول الله, قاعا جديدا له عند مستوى 10500 نقطة، وهو متوسط المؤشر للأيام العشرة الماضية حتى نهاية الأسبوع الماضي، لينطلق بعدها المؤشر إلى مستويات جديدة. وبالفعل كسر المؤشر الخميس الماضي نقطة المقاومة 11500، واستقر فوقها عند نقطة 11610، وهو ما يعني أن المؤشر سيغادر منطقة العشرة آلاف نقطة، ليواصل تحركه نحو مستوى جديد باتجاه 12000 نقطة. وهي النقطة التي متى ما تم اختراقها، فإنها ستقودنا بدورها إلى مستوى 14000 نقطة التي يجب أن يتوخى الجميع الحذر عندها أو قبلها بمائة نقطة، لاحتمال حدوث تصحيح قوي حينها قد يكون بمقدار 2000 نقطة. وفي تصوري أن القرارات الأخيرة التي صدرت الخميس الماضي، والمتعلقة بإلغاء تداول يوم الخميس وتخفيض عمولة الوسطاء (البنوك) ، سوف تدفع السوق إيجابيا نحو مزيد من التحسن.
بل أعتقد أنه لو كانت طبيعة الموجة الصاعدة التي سيتخذها مؤشر السوق هي من النوع الممتد، وكانت جميع الظروف الأخرى إيجابية ومنها اتجاه أزمة إيران النووية نحو الهدوء والحل السلمي، وهو ما أميل إليه الآن، فلا أستبعد أن يواصل المؤشر انطلاقه ليصبح هدفه بعد ذلك هو الوصول إلى نقطة 16500. وقد يصل إلى ما هو أبعد من ذلك مع نهاية العام الحالي، لكن من المهم الانتباه في كل مرحلة إلى حركة التصحيح القوية التي ستصاحبها.
أما في المدى القريب، ومع استمرار التحسن في درجة الثقة بالسوق بالصورة التي سادت في الأسبوع الماضي، فإن أي هبوط سيكون بحول الله هبوطا يسيرا من قبيل التصحيح الإيجابي بقصد جني الأرباح، لا أكثر. وعندها ستصبح أسعار الأسهم السائدة حاليا من أخبار الماضي التي تصعب رؤيتها في الفترة المقبلة. لذا يجب على الجميع الانتباه لسياسة التجميع التدريجي الذي يجرى على الأسهم القيادية ذات العوائد بقصد الاستثمار والاحتفاظ بها فترة طويلة.
أعتقد أن المضارب المحترف سيركّز الآن على تحركات أسعار الأسهم التي يملكها، ولن يكترث كثيرا لتحركات المؤشر العام . أما المستثمر الذي لا يحسن المضاربة، فإنه سيحتفظ بأسهمه ويبتعد عن مراقبة تغيرات السوق اليومية.
الصورة العامة إيجابية كما أراها، والخير قادم بحوله تعالى!