ROSE
16-02-2012, 06:27 AM
الأمين العام للتخطيط التنموي:الاقتصاد القطري قادر على مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية
النابت: اقتصادنا نما بمعدلات عالية فاقت التوقعات ومن الصعب الاستمرار في هذا النمو
التنويع الاقتصادي والتحول نحو اقتصاد المعرفة من أولويات استراتيجية التنمية الوطنية
الاقتصاد القطري سيكون قادراً على إضافة قيم في مختلف القطاعات بحلول 2014
اقتصاد قطر لديه قوة دفع ذاتية وقادر على الاستدامة والنمو
وزارة الأعمال والتجارة قامت بدور مهم في الحد من المشاكل والتعقيدات أمام الشركات
نسبة التضخم قريبة من مستويات العام الماضي وهناك زيادات لبعض السلع والخدمات
تقرير قطري يتوقع نمواً قدره 15% للناتج المحلي الإجمالي للعام المالي 2011
لا توجد زيادة في الإيجارات وهناك عدد كبير من الوحدات السكنية المعروضة
الدوحة – قنا: أكد الدكتور صالح محمد النابت الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي قدرة الاقتصاد القطري على مواجهة التحديات التي تعترض الاقتصاد العالمي وتجاوز الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم اليوم.
وقال الدكتور النابت في حديث خاص مع وكالة الأنباء القطرية "قنا": إن دولة قطر ليست معزولة تماما عن العالم لكنها ستتجاوز الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم اليوم لأسباب كثيرة وكانت لها تجارب ناجحة في تجاوز آثار العديد من الأزمات الاقتصادية في الماضي، مضيفا أن دولة قطر استثمرت ثرواتها في وقت مبكر ومناسب جعلها في موقع أفضل للتعامل مع هذه المتغيرات والتحديات. وحول كيفية المحافظة على معدل نمو لا يقل عن 9 بالمائة بعد عام 2014 عند الانتهاء من المشاريع الاستثمارية في قطاعات النفط والغاز، قال الدكتور النابت "أعتقد أنه بالوصول الى ذلك الزمن سيكون الاقتصاد القطري قادرا على اضافة قيم في مختلف القطاعات وهذا يعني وجود قطاع خدمات نشط وقطاع انتاجي كفء وقطاع اسثتمارات ضخم جدا في ذلك الوقت، مما سيسهم في جعل الاقتصاد القطري لديه قوة دفع ذاتية وقادرا على الاستدامة والنمو وإضافة أنشطة جديدة والقدرة على المنافسة بشكل أفضل في جميع القطاعات".
وحول التوقعات التي وردت في تقرير الافاق الاقتصادية لدولة قطر الذي صدر عن الأمانة العامة قبل اسابيع ومدى مطابقة تلك التوقعات للواقع، أوضح الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي أن التقرير تحدث عن السنة الحالية وعن عام 2011 والأرقام النهائية لهما لم تخرج بعد، لافتا إلى أن التقرير كان حذراً جداً في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية وحاول ان يكون متحفظاً وعملياً ويعكس فعلا الفرص والتحديات التي تواجه الاقتصاد القطري في العامين 2011 و2012. وكان التقرير المذكور قد توقع أن تحقق قطر نمواً قدره 15 بالمائة للناتج المحلي الاجمالي للعام المالي 2011 وذلك بفضل زيادة طاقتها الإنتاجية في القطاع الهيدوركربوني .. فيما سيتراجع النمو - وفقا للتقرير - إلى 1ر5 بالمائة عام 2012 بعد أن أنهت الدولة بنجاح برنامج استثماراتها الهيدروكربونية والذي استغرق عقدين من الزمن. وبشأن تضارب الأرقام ذات الصلة بمعدلات النمو الحقيقي للعام 2011 ما بين 15 بالمائة كما توقع تقرير الأفاق الاقتصادية الصادر عن الأمانة العامة و20 بالمائة كما توقعت جهات اقتصادية أخرى، أوضح الدكتور النابت أن اختلاف التوقعات لايعني أن هناك تضارباً في الأرقام، قائلا "نحن نتحدث عن مستقبل والمستقبل لايمكن تحديده بدقة وثانيا ان هناك متغيرا يؤثر بشكل كبير على النمو وهو أسعار النفط والغاز وهو متغير جوهري في الاقتصاد القطري وهذا يجعل التوقعات المستقبلية الدقيقة صعبة جدا". وأضاف "في الغالب اختلاف التوقعات أمر وارد قياسا على قراءة كل جهة لأسعار النفط والغاز الطبيعي ونحن نتحدث عن مستقبل مما يخلق هذا الاختلاف وليس التضارب".
مستقبل الاقتصاد خلال 5 سنوات
وحول مستقبل الاقتصاد القطري في السنوات الخمس المقبلة، نبه الدكتور صالح محمد النابت الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي إلى أن الاقتصاد القطري نما خلال السنوات الماضية بمعدلات عالية فاقت التوقعات ومن الصعب الاستمرار في هذا النمو المرتفع جدا بنفس المستويات، مبينا "إذا كان الاقتصاد القطري لم يشهد نموا عاليا خلال السنتين الأخيرتين لكان من السهل ان يكون الرقم المستهدف للنمو 10 إلى 15 بالمائة خلال السنة القادمة -على سبيل المثال- لكن اقتصادنا نما بشكل كبير خلال السنوات الماضية ما يجعل من الصعب الاستمرار في النمو بمعدلات عالية". غير أن الدكتور النابت أشار إلى أن الانجاز الأكبر سيكون في ارتفاع مساهمة القطاعات غير النفطية في هذا النمو ، وقال "في الغالب سيكون النفط والغاز قريبا من مستواه من حيث الكميات لكن المساهم الرئيسي في النمو ستكون القطاعات غير النفطية". وبين أن تقرير الآفاق الاقتصادية توقع مساهمة القطاعات غير النفطية بنحو 9 بالمائة خلال العام الحالي .. ووصفها بالنسبة الممتازة كونها تحقق أحد الأهداف الرئيسية لاستراتيجية التنمية الوطنية المتمثل في بناء اقتصاد قطري حيوي متنوع قادر على الاستدامة .. كما أكد أن "تنمية القطاعات غير النفطية" موضوع جوهري وحيوي في الاقتصاد القطري لاستدامة النمو وتلبية احتياجات الاقتصاد المحلي. وشدد الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي على أن التنويع الاقتصادي والتحول نحو اقتصاد المعرفة من اولويات استراتيجية التنمية الوطنية، مشيرا إلى أن هناك الكثير من المشاريع التى تخدم هذا التوجه. وبشأن الاستثمارات الأجنبية بالدولة ودورها في النمو الاقتصادي، أكد الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي انها من أنجح الاستثمارات وتعد من أعلى مستويات الاستثمار الخارجي في المنطقة والعالم، مشيرا إلى أن دولة قطر نجحت ليس فقط في جلب استثمارات ضخمة وإنما جلب الكثير من المعرفة في قطاعات حيوية مثل (الاستكشاف والاستخراج والنقل والتوزيع والتسويق في قطاع الهيدروكربون) .
وعن تسهيل الاستثمارات الخارجية لفت الدكتور صالح النابت إلى أن وزارة الأعمال والتجارة قامت بدور مهم في الحد من المشاكل والتعقيدات أمام الشركات، وقال "أقول بكل صراحة ان المشاكل تقلصت الى حد كبير ووزارة الأعمال والتجارة تقوم الآن بالتعامل عبر النافذة الواحدة وكذلك في الجمارك هناك النافذة الواحدة والتخليص السريع للمعاملات من حيث الترخيص أو الاستيراد وغيرها من الأمور". أما بشأن الاستثمارات القطرية في الخارج ، فشدد الدكتور النابت على ان لهذه الاستثمارات دورا حيويا ومهما كونها واحدة من الأدوات التى تستثمرها الدولة لتجنب الآثار السيئة للاضطرابات التي تحصل في الاقتصاد العالمي، لافتا إلى أن لهذه الاستثمارات دورها الكبير في الناتج القومي الاجمالي من ناحية وكذلك في ايرادات الميزانية العامة واحتياطات الاجيال القادمة والتأكد من استمرارية الرفاه الاقتصادي لها.
زيادة الرواتب تزيد الإنفاق وترفع الأسعار
وحول توقعات التضخم في ضوء زيادة رواتب الموظفين القطريين، أوضح الدكتور النابت في حديثه لـ /قنا/ أن أي زيادة في الدخل ستنعكس بشكل أو بآخر على الانفاق وهو أحد مصادر الطلب وبالتالي أحد مصادر ارتفاع الأسعار ، لكنه نبه إلى أن هناك عدة عوامل قد تكبح جماح التضخم في قطر وتجعل التأثير طفيفا للغاية. وأوضح أن من بين تلك العوامل ان الفئة المستفيدة من الزيادة اقتصرت على القطريين وسيكون التأثير محدودا بمحدودية الفئة التي استفادت من الزيادة ، فضلا أن دخل القطريين مرتفع أصلا ، "والميل الحدي للاستهلاك يقل غالبا مع ارتفاع الدخل"، معرباً عن اعتقاده بأن هذا الدخل الإضافي لن يتجه كله نحو الإنفاق وإنما سيوجه في الغالب للاستثمار أو الادخار أو الخدمات الإضافية مما سيقلل من التضخم. ووصف الاقتصاد القطري بالاقتصاد المفتوح فعندما يزيد الطلب على سلعة ما في الغالب يمكن توفير العرض عن طريق الاستيراد وهذا الجانب يقلل من التأثيرات السلبية على التضخم ، متوقعا أن تبقى نسبة التضخم قريبة من مستوياتها خلال العام الماضي "حيث أن هناك زيادات حصلت وستحصل في المستقبل لبعض السلع والخدمات لكن هناك قطاعات تعكس هذا الاتجاه مثل الإيجارات التي تمثل نحو 30 بالمائة أو أكثر من السلعة ما يؤدي إلى نوع من التوازن".
وبشأن التوقعات في قطاع الإيجارات، أوضح أن البيانات الأخيرة الفعلية لم تشر إلى زيادة في الإيجارات، لافتا في الوقت ذاته إلى أن هناك عدداً كبيراً من الوحدات السكنية المعروضة أو المتوقع عرضها مما قد يؤدي إلى التوازن ويقلل من التغيرات الحاصلة في هذا القطاع . وأعرب عن اعتقاده بأن قطاع الإيجارات مقبل على نوع من الاستقرار بين العرض والطلب، قائلا "في الاقتصاد المفتوح لايمكن الجزم باستقرار أو بارتفاع لكن أعتقد إذا أخذنا العديد من العوامل المختلفة فان قطاع الايجارات مقبل على نوع من الاستقرار بين العرض والطلب". وحول استراتيجية التنمية الوطنية 2011/2016 التي اطلقت قبل عام تقريبا، شدد على أن هذه الاستراتيجية تستمد زخما عاليا من جميع الجهات ذات العلاقة فجميعها مهتمة بالاستراتيجية وتسعى لتطبيقها، مؤكدا أن بعض الجهات تقدمت للأمام وبعضها لايزال يؤسس لإعداد استراتيجية قطاعية حتى ينطلق الجميع إلى تنفيذ المشاريع المتضمنة فيها وتحقيق أهدافها.
تحديات تواجه استراتيجية التنمية الوطنية
وعبر الدكتور صالح النابت عن ارتياحه للمرحلة التي وصلتها الاستراتيجية والأثر الجانبي الإيجابي الذي أحدثته والمتمثل في تركيز الجهات على بناء الاستراتيجيات والنظرة المستقبلية لمشاريعها والتركيز على التعاون والتنسيق بين الأطراف ذات العلاقة والتفكير المبكر بالميزانيات المعتمدة على العوائد لكل مشروع ، مشيرا إلى أن استراتيجية التنمية الوطنية رسخت ثقافة بناء الاستراتيجيات والخطط داخل الوزارات والجهات بحيث تكون ملزمة لكل فرد يعمل داخل هذه الجهة أو الوزارة، وتتحول إلى أجندة عمل سواء بقي المسؤول أو تغير. وقال النابت "من يأتي إلى هذه الجهة أو تلك يجد أجندة جاهزة يعمل على أساسها حيث توضح للعاملين في المؤسسة ما هو دورهم ودور المؤسسة وما هي التوقعات من هذه الجهة، ويعرف كل شخص مسؤولياته وحدودها ولديه نظرة مستقبلية لهذه المؤسسة التي يعمل بها وإلى أين تتجه وما أهدافها المتوسطة وقصيرة المدى وماهو دورها في المنظومة الحكومية والدولة بشكل عام".
وحول التوعية داخل المؤسسات والوزارات بأهمية الاستراتيجية، أكد الدكتور صالح محمد النابت الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي أن هذا من المطالب الاساسية تقع مسؤوليته على الجهات نفسها، مشيراً إلى أن كثيرا منها قامت بهذا الجهد وانتهت الى استراتيجيات وخطط واضحة ، كما أنه قد تم تنظيم الكثير من الورش وكان للأمانة العامة للتخطيط التنموي دور المساندة الفنية لبعض الجهات وشرح القواعد الاساسية لبناء الاستراتيجية أو بناء الخطة. وبشأن التحديات التي قد تواجه الاستراتيجية رأى الدكتور صالح النابت "أن هناك تحديين رئيسيين يواجهان تنفيذ الاستراتيجية الأول يتمثل في كونها أول استراتيجية والناس غير معتادين على الالتزام بخطط متوسطة المدى مما يخلق نوعا من المقاومة الطبيعية لوضع أجندة طويلة المدى لأي مؤسسة ، فيما التحدي الثاني - هو ماقد يبدو- تداخلا في اختصاصات بعض الجهات مما قد يستهلك الكثير من الوقت والجهد لمعالجة آثاره".
وأضاف أن هذين التحديين متوقعان ويمكن تجاوزهما فالأول ينتهي مع ترسيخ ثقافة بناء الاستراتيجيات والخطط .. فيما يمكن مواجهة التحدي الآخر من خلال التنسيق والتعاون واستصدار الأدوات التشريعية المناسبة ، قائلا "عمل بهذا الحجم تعتريه صعوبات لكن لحسن الحظ كانت تلك الصعوبات متوقعة، وفي إطار الصعوبات التي يمكن حلها". وفيما يتعلق بتدخل الأمانة العامة للتخطيط لتذليل الصعوبات ، أوضح "ان احدى مهام الأمانة العامة تقديم العون الفني للجهات وكثير من تلك الجهات تطلب العون ونقدمه بقدر ما نستطيع ، وبقدر ما نمتلك من امكانات"، مؤكدا أن الأمانة العامة لم تصلها أي شكوى أو صعوبة في تنفيذ مشروع معين وانما وصلت طلبات المساعدة بشأن الدعم الفني لبناء الاستراتيجيات ووضعها فى اطار صحيح بما يتسق مع توجهات الاستراتيجية الوطنية كاملة.
وفي رده على سؤال بشأن انشاء اللجنة العليا للتخطيط التنموي ، نبه الى أن انشاء اللجنة لم يغير شيئا في مهام الأمانة العامة للتخطيط "كون اللجنة مظلة واسعة لعمل التخطيط داخل الدولة إعدادا وتنفيذا" ، معتبرا انشاء اللجنة إضافة نوعية وقوية لاستراتيجية التنمية الوطنية ورؤية قطر 2030 ، حيث "نعول عليها كثيرا لتوفير التوجيهات المناسبة لعمل الامانة العامة للتخطيط التنموي وجميع الجهات في تننفيذ ومتابعة وتقييم استراتيجية التنمية الوطنية". وكشف عن ان الأمانة العامة للتخطيط بصدد التحضير للمراجعة النصفية الأولى لاستراتيجية التنمية الوطنية التي ستتم خلال العام المقبل ، وان المشاورات بهذا الخصوص قد بدأت فعلا .. وقال "سيكون للجنة العليا للتخطيط التنموي دور في المراجعة ونتوقع ان تصلنا منها التوجيهات المناسبة والموافقة على المراجعة النصفية للاستراتيجية". وأضاف "بعد ثلاث سنوات من اطلاقها ينبغي مراجعة الاستراتيجية وتقييمها" لأن بعض الاستراتيجيات القطاعية متفائلة اكثر من اللازم فيما تغيب بعض البيانات عن جهات أخرى وتحتاج استراتيجياتها القطاعية الى تعديل بسيط لايمس الجوهر". وعن عمليات المتابعة والرصد للاستراتيجية ، أوضح الدكتور النابت أن الأمانة العامة تقوم بالمتابعة من خلال علاقتها وتواصلها المباشر مع مختلف الجهات المعنية المختلفة التي ساهمت بفعالية في تطوير الاستراتيجية ، لافتا إلى أن عملية المتابعة تهدف الى معرفة المرحلة التي وصلت اليها الاستراتيجية القطاعية لكل جهة ومحاولة تذليل الصعوبات ان وجدت. وأكد أن المتابعة مستقبلا ستكون رسمية من خلال "فورمات" معينة للتقييم ، منبها الى "الرسمية الشديدة" في المتابعة غير ضرورية في الوقت الراهن لأنها تتم من خلال العلاقات المباشرة مع الجهات المعنية بالتنفيذ.
الاستراتيجية الوطنية قادرة على التعامل مع المتغيرات
وحول تأثير الأحداث والتقلبات السياسية والاقتصادية الاقليمية والدولية على تنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية ، أكد ان الاستراتيجية تتمتع بمرونة كبيرة وقدرة على التعامل مع المتغيرات وبالتالي من السهل جدا التدخل لايقاف مشروع واعطاء اولوية لمشروع آخر عليه ، مبينا ان هذا حصل في بعض القطاعات وخصوصا في القطاع الاقتصادي لانه مرتبط بتقلبات الاقتصاد العالمي والاقيلمي. وحول الآليات لضمان التنفيذ الصحيح للاستراتيجية ، نبه الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي إلى أن هذه الاستراتيجية التنموية صدرت بتشريع فأصبحت ملزمة للجميع .. وقال " فضلا عن هذا الالتزام بالتنفيذ هناك قناعة تامة بأهميتها في هذه المرحلة".
النابت: اقتصادنا نما بمعدلات عالية فاقت التوقعات ومن الصعب الاستمرار في هذا النمو
التنويع الاقتصادي والتحول نحو اقتصاد المعرفة من أولويات استراتيجية التنمية الوطنية
الاقتصاد القطري سيكون قادراً على إضافة قيم في مختلف القطاعات بحلول 2014
اقتصاد قطر لديه قوة دفع ذاتية وقادر على الاستدامة والنمو
وزارة الأعمال والتجارة قامت بدور مهم في الحد من المشاكل والتعقيدات أمام الشركات
نسبة التضخم قريبة من مستويات العام الماضي وهناك زيادات لبعض السلع والخدمات
تقرير قطري يتوقع نمواً قدره 15% للناتج المحلي الإجمالي للعام المالي 2011
لا توجد زيادة في الإيجارات وهناك عدد كبير من الوحدات السكنية المعروضة
الدوحة – قنا: أكد الدكتور صالح محمد النابت الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي قدرة الاقتصاد القطري على مواجهة التحديات التي تعترض الاقتصاد العالمي وتجاوز الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم اليوم.
وقال الدكتور النابت في حديث خاص مع وكالة الأنباء القطرية "قنا": إن دولة قطر ليست معزولة تماما عن العالم لكنها ستتجاوز الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم اليوم لأسباب كثيرة وكانت لها تجارب ناجحة في تجاوز آثار العديد من الأزمات الاقتصادية في الماضي، مضيفا أن دولة قطر استثمرت ثرواتها في وقت مبكر ومناسب جعلها في موقع أفضل للتعامل مع هذه المتغيرات والتحديات. وحول كيفية المحافظة على معدل نمو لا يقل عن 9 بالمائة بعد عام 2014 عند الانتهاء من المشاريع الاستثمارية في قطاعات النفط والغاز، قال الدكتور النابت "أعتقد أنه بالوصول الى ذلك الزمن سيكون الاقتصاد القطري قادرا على اضافة قيم في مختلف القطاعات وهذا يعني وجود قطاع خدمات نشط وقطاع انتاجي كفء وقطاع اسثتمارات ضخم جدا في ذلك الوقت، مما سيسهم في جعل الاقتصاد القطري لديه قوة دفع ذاتية وقادرا على الاستدامة والنمو وإضافة أنشطة جديدة والقدرة على المنافسة بشكل أفضل في جميع القطاعات".
وحول التوقعات التي وردت في تقرير الافاق الاقتصادية لدولة قطر الذي صدر عن الأمانة العامة قبل اسابيع ومدى مطابقة تلك التوقعات للواقع، أوضح الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي أن التقرير تحدث عن السنة الحالية وعن عام 2011 والأرقام النهائية لهما لم تخرج بعد، لافتا إلى أن التقرير كان حذراً جداً في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية وحاول ان يكون متحفظاً وعملياً ويعكس فعلا الفرص والتحديات التي تواجه الاقتصاد القطري في العامين 2011 و2012. وكان التقرير المذكور قد توقع أن تحقق قطر نمواً قدره 15 بالمائة للناتج المحلي الاجمالي للعام المالي 2011 وذلك بفضل زيادة طاقتها الإنتاجية في القطاع الهيدوركربوني .. فيما سيتراجع النمو - وفقا للتقرير - إلى 1ر5 بالمائة عام 2012 بعد أن أنهت الدولة بنجاح برنامج استثماراتها الهيدروكربونية والذي استغرق عقدين من الزمن. وبشأن تضارب الأرقام ذات الصلة بمعدلات النمو الحقيقي للعام 2011 ما بين 15 بالمائة كما توقع تقرير الأفاق الاقتصادية الصادر عن الأمانة العامة و20 بالمائة كما توقعت جهات اقتصادية أخرى، أوضح الدكتور النابت أن اختلاف التوقعات لايعني أن هناك تضارباً في الأرقام، قائلا "نحن نتحدث عن مستقبل والمستقبل لايمكن تحديده بدقة وثانيا ان هناك متغيرا يؤثر بشكل كبير على النمو وهو أسعار النفط والغاز وهو متغير جوهري في الاقتصاد القطري وهذا يجعل التوقعات المستقبلية الدقيقة صعبة جدا". وأضاف "في الغالب اختلاف التوقعات أمر وارد قياسا على قراءة كل جهة لأسعار النفط والغاز الطبيعي ونحن نتحدث عن مستقبل مما يخلق هذا الاختلاف وليس التضارب".
مستقبل الاقتصاد خلال 5 سنوات
وحول مستقبل الاقتصاد القطري في السنوات الخمس المقبلة، نبه الدكتور صالح محمد النابت الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي إلى أن الاقتصاد القطري نما خلال السنوات الماضية بمعدلات عالية فاقت التوقعات ومن الصعب الاستمرار في هذا النمو المرتفع جدا بنفس المستويات، مبينا "إذا كان الاقتصاد القطري لم يشهد نموا عاليا خلال السنتين الأخيرتين لكان من السهل ان يكون الرقم المستهدف للنمو 10 إلى 15 بالمائة خلال السنة القادمة -على سبيل المثال- لكن اقتصادنا نما بشكل كبير خلال السنوات الماضية ما يجعل من الصعب الاستمرار في النمو بمعدلات عالية". غير أن الدكتور النابت أشار إلى أن الانجاز الأكبر سيكون في ارتفاع مساهمة القطاعات غير النفطية في هذا النمو ، وقال "في الغالب سيكون النفط والغاز قريبا من مستواه من حيث الكميات لكن المساهم الرئيسي في النمو ستكون القطاعات غير النفطية". وبين أن تقرير الآفاق الاقتصادية توقع مساهمة القطاعات غير النفطية بنحو 9 بالمائة خلال العام الحالي .. ووصفها بالنسبة الممتازة كونها تحقق أحد الأهداف الرئيسية لاستراتيجية التنمية الوطنية المتمثل في بناء اقتصاد قطري حيوي متنوع قادر على الاستدامة .. كما أكد أن "تنمية القطاعات غير النفطية" موضوع جوهري وحيوي في الاقتصاد القطري لاستدامة النمو وتلبية احتياجات الاقتصاد المحلي. وشدد الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي على أن التنويع الاقتصادي والتحول نحو اقتصاد المعرفة من اولويات استراتيجية التنمية الوطنية، مشيرا إلى أن هناك الكثير من المشاريع التى تخدم هذا التوجه. وبشأن الاستثمارات الأجنبية بالدولة ودورها في النمو الاقتصادي، أكد الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي انها من أنجح الاستثمارات وتعد من أعلى مستويات الاستثمار الخارجي في المنطقة والعالم، مشيرا إلى أن دولة قطر نجحت ليس فقط في جلب استثمارات ضخمة وإنما جلب الكثير من المعرفة في قطاعات حيوية مثل (الاستكشاف والاستخراج والنقل والتوزيع والتسويق في قطاع الهيدروكربون) .
وعن تسهيل الاستثمارات الخارجية لفت الدكتور صالح النابت إلى أن وزارة الأعمال والتجارة قامت بدور مهم في الحد من المشاكل والتعقيدات أمام الشركات، وقال "أقول بكل صراحة ان المشاكل تقلصت الى حد كبير ووزارة الأعمال والتجارة تقوم الآن بالتعامل عبر النافذة الواحدة وكذلك في الجمارك هناك النافذة الواحدة والتخليص السريع للمعاملات من حيث الترخيص أو الاستيراد وغيرها من الأمور". أما بشأن الاستثمارات القطرية في الخارج ، فشدد الدكتور النابت على ان لهذه الاستثمارات دورا حيويا ومهما كونها واحدة من الأدوات التى تستثمرها الدولة لتجنب الآثار السيئة للاضطرابات التي تحصل في الاقتصاد العالمي، لافتا إلى أن لهذه الاستثمارات دورها الكبير في الناتج القومي الاجمالي من ناحية وكذلك في ايرادات الميزانية العامة واحتياطات الاجيال القادمة والتأكد من استمرارية الرفاه الاقتصادي لها.
زيادة الرواتب تزيد الإنفاق وترفع الأسعار
وحول توقعات التضخم في ضوء زيادة رواتب الموظفين القطريين، أوضح الدكتور النابت في حديثه لـ /قنا/ أن أي زيادة في الدخل ستنعكس بشكل أو بآخر على الانفاق وهو أحد مصادر الطلب وبالتالي أحد مصادر ارتفاع الأسعار ، لكنه نبه إلى أن هناك عدة عوامل قد تكبح جماح التضخم في قطر وتجعل التأثير طفيفا للغاية. وأوضح أن من بين تلك العوامل ان الفئة المستفيدة من الزيادة اقتصرت على القطريين وسيكون التأثير محدودا بمحدودية الفئة التي استفادت من الزيادة ، فضلا أن دخل القطريين مرتفع أصلا ، "والميل الحدي للاستهلاك يقل غالبا مع ارتفاع الدخل"، معرباً عن اعتقاده بأن هذا الدخل الإضافي لن يتجه كله نحو الإنفاق وإنما سيوجه في الغالب للاستثمار أو الادخار أو الخدمات الإضافية مما سيقلل من التضخم. ووصف الاقتصاد القطري بالاقتصاد المفتوح فعندما يزيد الطلب على سلعة ما في الغالب يمكن توفير العرض عن طريق الاستيراد وهذا الجانب يقلل من التأثيرات السلبية على التضخم ، متوقعا أن تبقى نسبة التضخم قريبة من مستوياتها خلال العام الماضي "حيث أن هناك زيادات حصلت وستحصل في المستقبل لبعض السلع والخدمات لكن هناك قطاعات تعكس هذا الاتجاه مثل الإيجارات التي تمثل نحو 30 بالمائة أو أكثر من السلعة ما يؤدي إلى نوع من التوازن".
وبشأن التوقعات في قطاع الإيجارات، أوضح أن البيانات الأخيرة الفعلية لم تشر إلى زيادة في الإيجارات، لافتا في الوقت ذاته إلى أن هناك عدداً كبيراً من الوحدات السكنية المعروضة أو المتوقع عرضها مما قد يؤدي إلى التوازن ويقلل من التغيرات الحاصلة في هذا القطاع . وأعرب عن اعتقاده بأن قطاع الإيجارات مقبل على نوع من الاستقرار بين العرض والطلب، قائلا "في الاقتصاد المفتوح لايمكن الجزم باستقرار أو بارتفاع لكن أعتقد إذا أخذنا العديد من العوامل المختلفة فان قطاع الايجارات مقبل على نوع من الاستقرار بين العرض والطلب". وحول استراتيجية التنمية الوطنية 2011/2016 التي اطلقت قبل عام تقريبا، شدد على أن هذه الاستراتيجية تستمد زخما عاليا من جميع الجهات ذات العلاقة فجميعها مهتمة بالاستراتيجية وتسعى لتطبيقها، مؤكدا أن بعض الجهات تقدمت للأمام وبعضها لايزال يؤسس لإعداد استراتيجية قطاعية حتى ينطلق الجميع إلى تنفيذ المشاريع المتضمنة فيها وتحقيق أهدافها.
تحديات تواجه استراتيجية التنمية الوطنية
وعبر الدكتور صالح النابت عن ارتياحه للمرحلة التي وصلتها الاستراتيجية والأثر الجانبي الإيجابي الذي أحدثته والمتمثل في تركيز الجهات على بناء الاستراتيجيات والنظرة المستقبلية لمشاريعها والتركيز على التعاون والتنسيق بين الأطراف ذات العلاقة والتفكير المبكر بالميزانيات المعتمدة على العوائد لكل مشروع ، مشيرا إلى أن استراتيجية التنمية الوطنية رسخت ثقافة بناء الاستراتيجيات والخطط داخل الوزارات والجهات بحيث تكون ملزمة لكل فرد يعمل داخل هذه الجهة أو الوزارة، وتتحول إلى أجندة عمل سواء بقي المسؤول أو تغير. وقال النابت "من يأتي إلى هذه الجهة أو تلك يجد أجندة جاهزة يعمل على أساسها حيث توضح للعاملين في المؤسسة ما هو دورهم ودور المؤسسة وما هي التوقعات من هذه الجهة، ويعرف كل شخص مسؤولياته وحدودها ولديه نظرة مستقبلية لهذه المؤسسة التي يعمل بها وإلى أين تتجه وما أهدافها المتوسطة وقصيرة المدى وماهو دورها في المنظومة الحكومية والدولة بشكل عام".
وحول التوعية داخل المؤسسات والوزارات بأهمية الاستراتيجية، أكد الدكتور صالح محمد النابت الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي أن هذا من المطالب الاساسية تقع مسؤوليته على الجهات نفسها، مشيراً إلى أن كثيرا منها قامت بهذا الجهد وانتهت الى استراتيجيات وخطط واضحة ، كما أنه قد تم تنظيم الكثير من الورش وكان للأمانة العامة للتخطيط التنموي دور المساندة الفنية لبعض الجهات وشرح القواعد الاساسية لبناء الاستراتيجية أو بناء الخطة. وبشأن التحديات التي قد تواجه الاستراتيجية رأى الدكتور صالح النابت "أن هناك تحديين رئيسيين يواجهان تنفيذ الاستراتيجية الأول يتمثل في كونها أول استراتيجية والناس غير معتادين على الالتزام بخطط متوسطة المدى مما يخلق نوعا من المقاومة الطبيعية لوضع أجندة طويلة المدى لأي مؤسسة ، فيما التحدي الثاني - هو ماقد يبدو- تداخلا في اختصاصات بعض الجهات مما قد يستهلك الكثير من الوقت والجهد لمعالجة آثاره".
وأضاف أن هذين التحديين متوقعان ويمكن تجاوزهما فالأول ينتهي مع ترسيخ ثقافة بناء الاستراتيجيات والخطط .. فيما يمكن مواجهة التحدي الآخر من خلال التنسيق والتعاون واستصدار الأدوات التشريعية المناسبة ، قائلا "عمل بهذا الحجم تعتريه صعوبات لكن لحسن الحظ كانت تلك الصعوبات متوقعة، وفي إطار الصعوبات التي يمكن حلها". وفيما يتعلق بتدخل الأمانة العامة للتخطيط لتذليل الصعوبات ، أوضح "ان احدى مهام الأمانة العامة تقديم العون الفني للجهات وكثير من تلك الجهات تطلب العون ونقدمه بقدر ما نستطيع ، وبقدر ما نمتلك من امكانات"، مؤكدا أن الأمانة العامة لم تصلها أي شكوى أو صعوبة في تنفيذ مشروع معين وانما وصلت طلبات المساعدة بشأن الدعم الفني لبناء الاستراتيجيات ووضعها فى اطار صحيح بما يتسق مع توجهات الاستراتيجية الوطنية كاملة.
وفي رده على سؤال بشأن انشاء اللجنة العليا للتخطيط التنموي ، نبه الى أن انشاء اللجنة لم يغير شيئا في مهام الأمانة العامة للتخطيط "كون اللجنة مظلة واسعة لعمل التخطيط داخل الدولة إعدادا وتنفيذا" ، معتبرا انشاء اللجنة إضافة نوعية وقوية لاستراتيجية التنمية الوطنية ورؤية قطر 2030 ، حيث "نعول عليها كثيرا لتوفير التوجيهات المناسبة لعمل الامانة العامة للتخطيط التنموي وجميع الجهات في تننفيذ ومتابعة وتقييم استراتيجية التنمية الوطنية". وكشف عن ان الأمانة العامة للتخطيط بصدد التحضير للمراجعة النصفية الأولى لاستراتيجية التنمية الوطنية التي ستتم خلال العام المقبل ، وان المشاورات بهذا الخصوص قد بدأت فعلا .. وقال "سيكون للجنة العليا للتخطيط التنموي دور في المراجعة ونتوقع ان تصلنا منها التوجيهات المناسبة والموافقة على المراجعة النصفية للاستراتيجية". وأضاف "بعد ثلاث سنوات من اطلاقها ينبغي مراجعة الاستراتيجية وتقييمها" لأن بعض الاستراتيجيات القطاعية متفائلة اكثر من اللازم فيما تغيب بعض البيانات عن جهات أخرى وتحتاج استراتيجياتها القطاعية الى تعديل بسيط لايمس الجوهر". وعن عمليات المتابعة والرصد للاستراتيجية ، أوضح الدكتور النابت أن الأمانة العامة تقوم بالمتابعة من خلال علاقتها وتواصلها المباشر مع مختلف الجهات المعنية المختلفة التي ساهمت بفعالية في تطوير الاستراتيجية ، لافتا إلى أن عملية المتابعة تهدف الى معرفة المرحلة التي وصلت اليها الاستراتيجية القطاعية لكل جهة ومحاولة تذليل الصعوبات ان وجدت. وأكد أن المتابعة مستقبلا ستكون رسمية من خلال "فورمات" معينة للتقييم ، منبها الى "الرسمية الشديدة" في المتابعة غير ضرورية في الوقت الراهن لأنها تتم من خلال العلاقات المباشرة مع الجهات المعنية بالتنفيذ.
الاستراتيجية الوطنية قادرة على التعامل مع المتغيرات
وحول تأثير الأحداث والتقلبات السياسية والاقتصادية الاقليمية والدولية على تنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية ، أكد ان الاستراتيجية تتمتع بمرونة كبيرة وقدرة على التعامل مع المتغيرات وبالتالي من السهل جدا التدخل لايقاف مشروع واعطاء اولوية لمشروع آخر عليه ، مبينا ان هذا حصل في بعض القطاعات وخصوصا في القطاع الاقتصادي لانه مرتبط بتقلبات الاقتصاد العالمي والاقيلمي. وحول الآليات لضمان التنفيذ الصحيح للاستراتيجية ، نبه الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي إلى أن هذه الاستراتيجية التنموية صدرت بتشريع فأصبحت ملزمة للجميع .. وقال " فضلا عن هذا الالتزام بالتنفيذ هناك قناعة تامة بأهميتها في هذه المرحلة".