المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لست متشائماً، ولكن آمل في الوصول إلى الأفضل!



شمعة الحب
07-06-2006, 03:55 PM
لست متشائماً، ولكن آمل في الوصول إلى الأفضل!
نبيل بن عبد الله المبارك - 11/05/1427هـ
أمنية: أتمنى على الدولة أن تبقى على نسبة ما تملكه من أسهم في الشركات المساهمة ولا تطرحه، وأن تستمر في إدارة الشركات الناجحة مثل "سابك" و"الاتصالات"، وألا تسلمها لمجالس إدارات يجيرونها لمصالحهم الشخصية، كما لا يخفى على حالة كثير من الشركات المساهمة القائمة وهي مثل جذع النخلة الخاوية منذ عقود من الداخل والخارج، تحتاج فقط إلى أن تُدفع قليلاً كي تسقط على الأرض.
قد تكون مناسبة هذا المقال رداً على أحد الإخوة المتصلين في حلقة برنامج "المؤشر" في قناة "الإخبارية" مع الزميل المبدع خالد الشهوان, الذي نعتني فيه هذا المتصل مشكورا بأني المتشائم الدائم (أو كما وصفني أحد خفافيش المنتديات بوجه البومة، أو غيرها من الأوصاف التي لا يسمح المقام بذكرها). ولا أخفي عليكم سرا إذا ما قلت إني فكرت بعض الوقت في هذا الوصف (أقصد وصف المتشائم) وحاولت أن أعيد شريط الذكريات لأرى إذا ما كنت فعلا متشائما أكثر مما يجب، أم أنني واقعي وهو ما يجعل الحقيقة تظهر بشكل سوداوي, وبالتالي تعطي نبرة التشاؤم.
لقد رجعت بعد نعتي بالتشاؤم إلى كل ما كتبت وقلت (غالبا ما أحرص على تسجيل المقابلات والاحتفاظ بها مسجلة)، ووجدت أني منذ بداية مشوار الكتابة القصير جداً في عمر الصحافة الطويل وهو ثلاث سنوات, وهنا استطراد، حيث أود توجيه الشكر لجريدة "الرياض" على فتح المجال لي, وهي فعلا مدرسة تخرج فيها العديد من رموز الكتابة في المملكة, وأرجو الله أن أكون بعد عمر منهم, إن كل ما قلت وحذرت منه في سوق الأسهم ودون تفاخر أو تشف في أحد أراه على أرض الواقع وقد تحقق، كما أن كثيراً من تعليقاتي التلفزيونية كانت وصفا مباشرا لما يجري, وحدث كثير مما توقعت، وبالتالي حمدت الله على أني واقعي ولست متشائماً رغم أني مؤمن أن التشاؤم والتفاؤل نسبي مثل الجمال ونقيضه.
وعودة إلى موضوع مقال اليوم الذي يتحدث عن خبر عابر مر على الجميع دون استغراب إلا القلة القليلة, وتمنيت من الإعلام الاقتصادي بأنواعه كافة أن يعطيه تغطية كافية بدلا من ترديد أسطوانات القمة والقاع، وتصحيح أو جني أرباح. وسبق أن كتبت في جريدة "الرياض" أكثر من مقال أو تحليل عن هذه الظاهرة التي فعلا تؤكد أن شركات المساهمة في خطر إلا تلك التي تملكها الحكومة أو التي يديرها مستثمرون استراتيجيون, وهم غالباً المؤسسون.
والسؤال: ما هذا الخطر الذي أتحدث عنه؟
قبل الإجابة سوف أنقل بالحرف الخبر كما ورد في موقع "تداول" دون إضافة أو تعديل فيما عدا حذف اسم الشركة وتاريخ الخبر. ويقول الخبر "عقدت ........... الجمعية العمومية العادية السابعة عشرة يوم أمس الأربعاء في مقر ......... بحضور رئيس مجلس الإدارة والأعضاء ومساهم واحد فقط. وكانت نتائج الجمعية كالتالي: (1) الموافقة بالإجماع على ما جاء في تقرير مجلس الإدارة عن السنـة المالية المنتهية في 31/12/2005. (2) الموافقة بالإجماع على قائمة المركز المالي وقائمة الدخل وتقرير مراقب الحسابات للسنة المالية المنتهية في 31/12/2005. (3) عدم موافقة المساهم على إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة. (4) الموافقة بالإجماع على اختيار مراقب الحسابات من بين المرشحين من قبل لجنة المراجعة, لمراجعة القوائم المالية للعام المالي 2006 والبيانات المالية الربع السنوية وتحديد أتعابه".
هل تصدقون أنه لم يحضر الجمعية العمومية لهذه الشركة المساهمة الذي يتجاوز رأسمالها 100 مليون ريال سوى مساهم واحد فقط؟ نعم مساهم واحد فقط. ولكن الجزء الممتلئ من الكأس أن هذا المساهم المثابر الذي أرفع له القبعة (عندنا الشماع) إجلالاً وتكبيراً لموقفه الأخلاقي بالدرجة الأولى ولتكبده عنا الحضور ومحاولة مساءلة مجلس الإدارة حيث رفض هذا المساهم إبراء ذمة مجلس الإدارة الذي أعتقد أن المجلس لم يتمالك نفسه من الضحك على حال هذا المساهم، رغم أنهم وفي دواخل أنفس أعضاء مجلس الإدارة أعتقد مؤمنا أنه زعزع كيان كل واحد منهم.
وعودة إلى أخي الذي يصفني بالمتشائم لأقول له هذا حال جزء لا يستهان به من شركاتنا المساهمة، فهل هذا تشاؤم أم واقعية؟ هل يمكن أن نتوقع نتائج من شركات لا تسُأل عما تفعل؟ بل هل نتوقع تصنيع أو زراعة أو خدمات من تلك الشركات التي تسرح وتمرح ووزارة التجارة في محل جر مفعول به مبني للمعلوم؟ هل نتوقع نتائج مالية دون تشريع خاص يُفعل حوكمة الشركات ويخلصنا مِمَن جثموا على كيانات الشركات المساهمة لعقود مستفيدين من الوضع الراهن بنسبة 100 في المائة، فيما الشركات وعامة مساهميها الذي لا يُسألون إما جهلا منهم أو أن همهم الأول المضاربة في سوق الأسهم التي حصدوا منها ما زرعوا بكل أسف.
المشكلة أخي العزيز الذي وصفني بالتشاؤم وإخواني المساهمين جميعاً، أن سوق الأسهم ليس مضاربات بأسهم ورقية أصبحت شبيهة بقمار لاس فيجاس، سوق الأسهم يمثل شركات لها أهداف أعطيت الرخصة بموجب تلك الأهداف ولموافقتها للأهداف الاقتصادية للمملكة على المستوى الكلي، وإذا لم تتحقق تلك الأهداف فلن تتحقق أهداف البلد، خصوصا نحن نتجه للتخصيص بشكل تدريجي، خصوصا نحن عضو في منظمة التجارة العالمية. وليكن واضحا أن التحدي لم يكن في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بل التحدي الحقيقي هو ما بعد الانضمام إلى المنظمة، وسوف نتذكر هذا الكلام قريباً جداً، فالالتزامات كثيرة والمنافسة قادمة وبشراسة، والشركات إذا لم يتوافر لها مجالس إدارة ذات كفاءة استراتيجية ورؤية واضحة، فإن الطرف القادم من الخلف سوف يكسب، ويخسر أصحاب الشركات وبالتالي يخسر الوطن. ولا أتذكر في هذا المقام سوى قصة سباق الأرنب والسلحفاة، الذي استهترت فيه الأرنب مثابرة السلحفاة وسعيها إلى الوصول إلى خط النهاية إلى أن خسرت الأرنب السباق وربحت السلحفاة، فما بالك إذا كان الجميع يسعى إلى أن يكونوا غزلانا.
وفي الختام مقارنة بسيطة للتذكير والتفكير فقط، ألا تلاحظون أن معظم الشركات المساهمة التي تمتلك الدولة فيها جزءا كبيرا أو يوجد فيها مستثمر استراتيجي أجنبي أو محلي ناجحة جداً, وللتدليل هناك "سابك", "الاتصالات", و"التعاونية للتأمين" وكذلك قطاع البنوك وقطاع الأسمنت دون استثناء، أما الشركات الأخرى فهي تئن تحت وطأة مجالس إدارة يستخدمون تلك الشركات لمصالحهم الشخصية، ويا نفس لا تحزني ولا تتشاءمي، فإني متفائل بالمستقبل رغما عني، وكلي أمل ألا تصاب مسيرة إصلاح سوق المال بخيبة أمل، كما أصيب الدكتور غازي القصيبي في مسيرة السعودة و"تاء التأنيث".