تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لكي لا يدخلنا سوق الأسهم كتاب غينس للأرقام القياسية..



شمعة الحب
08-06-2006, 01:49 PM
لكي لا يدخلنا سوق الأسهم كتاب غينس للأرقام القياسية
د. عبد العزيز الغدير - - - 12/05/1427هـ
Abdalaziz3000@hotmail.com

هناك قصة ظريفة قد تكون من نسج الخيال إلا أنها ذات مغزى أود أن أبدأ بها مقالتي لعلها تثير لديكم التساؤلات التي أود إثارتها لديكم "كل من موقعه" لعلنا نتعاون في معالجة وضع سوق الأسهم السعودية ليكون ملاذا استثماريا آمنا وقناة استثمارية مفضلة لكل من يريد توظيف مدخراته لتنمو بشكل طبيعي دون خوف أو وجل من خسارتها في أيام معدودة فالأسواق تحتاج إلى أموال استثمارية لتستقر والمضاربة هي فقط بهار السوق وليست جل السوق وهذا بالطبع يخالف سوقنا هذه الأيام فتوجه الأموال الساخنة "أموال تدخل وتخرج بسرعة" لشركات المضاربة "إحداها تسجل النسبة القصوى منذ أسبوع وهي شركة استهلكت نصف رأسمالها، وحسب معايير الأسواق العالمية هي أقرب للإعلان للإفلاس منها للتداول".
تقول القصة إن تاجرا طلب من القرويين الإمساك بالقرود على أن يشتري منهم كل قرد بـ 10، تحمس القرويون و"جمعوا اللي يقدرون عليه" ودفع لهم, وبعد فترة بدأوا يتكاسلون عن الصيد فرفع القيمة إلى 20 فرجع الصيد أكثر, وهو يشتري منهم، وعندما بدأوا يكسلون رفع السعر إلى 25 ففرحوا ورجعوا للصيد وهو يشتري منهم كل قرد بـ 25، ثم رجعوا للتكاسل فرفع السعر مرة واحدة إلى 50 ليحثهم على تجميع أكبر قدر من القرود، ووعدهم بأن يشتري أي قرد بـ 50 بعد عودته من المدينة. سافر الأخ إلى المدينة وترك مساعده لرعاية القرود التي جمعها من عمليات الشراء السابقة، التي كانت بأسعار 10, 20, 25، المساعد لقاها فرصة وأقنع القرويين بأن يشتروا آلاف القرود المجتمعة عنده بسعر 35 على أن يبيعوها على التاجر بسعر 50 كما طلبها منهم عند عودة التاجر من المدينة. طبعا القرويون فرحوا بذلك وأحضروا كل ما يملكون لشراء القردة بـ 35 حتى باعها المساعد لهم، ولكن المشكلة أن المساعد رحل بالأموال ليلحق بالتاجر الذي اتفق معه ولم يرجع أي منهما للقرية التي ذهبت أموالها إلى غير رجعة.
والتساؤلات التي يمكن أن تثيرها تلك القصة من وجهة نظري، أولا لماذا توجه التاجر إلى هذا النوع من التجارة رغم أنها قائمة على الغش والخداع وغير ذات قيمة مضافة؟ هل هي رغبة بالنصب أم لضيق القنوات الاستثمارية؟ أم لإيمانه بضعف وعي من يريد أن ينصب عليهم؟ وثانيا هل الطلب على القردة طلب حقيقي أم مصطنع؟ وثالثا لماذا اشترى القرويون القردة بالرغم من علمهم الأكيد بأنها لا تساوي 35 وأن سعرها هو دون ذلك بكثير؟ ورابعا هل يمكننا اعتبار بعض الأسهم المتداولة في سوقنا من فصيلة تلك القرود التي لا تستحق تلك القيمة السوقية بحال من الأحوال؟
وللإجابة عن هذه التساؤلات أقول بأن التاجر قد يكون نصابا وهذا احتمال قائم وقوي، وقد يكون بحث في البدائل الاستثمارية فوجدها ضيقة جدا فوجه أمواله إلى سوق القردة رغم عزوف الناس عنه ليخلق طلبا مصطنعا وبالتالي خلق متتالية من العرض والطلب المصطنع الذي لا يمت للعرض والطلب الحقيقيين بصلة، ومن خلال خلق حالة العرض والطلب المصطنعين وبتكتيكات ذكية استطاع أن يجعل لتلك القردة أسعارا كبيرة أكثر من أسعارها الحقيقية حتى تمكن من تحقيق أرباح كبيرة من خلال بيعها بتلك الأسعار على من لا يريد الاستفادة منها كقردة بل يريد أن يبيعها بسعر أعلى رغم معرفته بأنها لا تساوي هذه القيمة.
وبظني أن هذا التاجر لم يلتفت لدرجة الوعي الاستثماري لأهالي القرية، بل لعب على صفة الطمع البغيضة التي توجد بداخل كل إنسان منا والتي تنشط في مناخات معينة لتطغى على العقل وتجعله منقادا لها حتى تورد صاحبها المهالك والمآسي، نعم هذا ما راهن عليه هذا التاجر وغيره من التجار الذين يرغبون بتحقيق أرباح خيالية بفترات زمنية قصيرة.

وللحقيقة أقول إن حالنا في سوق الأسهم السعودية لا يختلف عن حال التاجر والقرويين في شراء وبيع القرود التي لا فائدة منها، ذلك أن معظم الأسهم في السوق السعودية قام بتضخيمها كبار المضاربين في متتالية ذكية من العرض والطلب المصطنعين حتى أوهموا معظم صغار المستثمرين بأنه مهما كان سعر شراء الأسهم اليوم سيستطيعون بيعها بعد فترة بسعر أعلى، مما جعلهم يشترون أسهما لا حاجة لهم بها لأنها ببساطة لا تحقق عوائد مالية البته، بل اشتروها اليوم ليبيعونها غدا بسعر أعلى، حتى جاء اليوم الذي انسحب فيه الكبار من السوق "كما فعل تاجر القردة" وتركوا الصغار ليتقاذفوا الأسهم كالجمرة بينهم حتى رجعت إلى أسعارها الحقيقية التي تتفق مع نظرية العرض والطلب الحقيقيين.
وإذا كان الأمر كذلك وأدرك معظم صغار المضاربين هذه الحقيقة المرة بعد أن خسروا معظم مدخراتهم، لماذا يكرر كبار المضاربين اللعبة مرة أخرى وفي فترة وجيزة ؟ ولماذا يستجيب صغار المضاربين للمرة الثانية؟ فها نحن نرى ارتفاعات غير مبررة للأسهم الهزيلة "القرود" دون مبرر منطقي .
والإجابة باعتقادي لسببين رئيسين، الأول أن المضاربين رغم ما يمتلكونه من أموال كبيرة لم يجدوا من سبيل لاستثمارها في مشاريع كبيرة تتناسب وحجم أموالهم إلا بالعودة إلى سوق الأسهم مرة أخرى مراهنين على دهائهم وعلى صفة الطمع لدى معظم الناس، نعم لم يجد المضاربون أمامهم إلا الروتين والبيروقراطية والتعقيدات التي تمنع كل ذي لب من الاستثمار في سوق إذا عرف المستثمر مدخله فيها فإنه لن يعرف مخرجه، والسبب الثاني أن أصحاب المدخرات هم الآخرون لا يجدون بدائل استثمارية أخرى لمدخراتهم تنميها بشكل متوازن سوى سوق الأسهم رغم خطورته التي جربوها في الثلاثة أشهر الماضية، ولم يعوا ولم يتعظوا.

لذا ولكي لا نصاب بأزمتين في وقت متقارب لندخل كتاب غينس من هذا الباب البغيض، أرجو من الحكومة أعزها الله رحمة بنا وبأبنائنا وأحفادنا واقتصادنا أن تشكل غرفة طوارئ من كافة الجهات الاقتصادية المعنية بفتح القنوات الاستثمارية لامتصاص السيولة الكبيرة وتحويلها لمشاريع عملاقة في كافة القطاعات الاقتصادية التي تعاني من شح بالمستثمرين مثل قطاعات التعليم والصحة والنقل والإسكان والترفيه، لنضرب عصفورين بحجر، تخفيف الضغط على سوق الأسهم من السيولة الزائدة "وخصوصا أننا رأينا عدم تأثر السوق البتة بطرح آخر الاكتتابات" ليصبح سوقنا أكثر عمقا واعتدالا ورحمة بالمستثمرين به، والثاني لنحصل على شركات قيادية في كافة القطاعات الاقتصادية تساهم بفعالية في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في البلاد.