تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يا عزيزي .. السوق ليست لها نخبة ...



شمعة الحب
09-06-2006, 02:56 PM
يا عزيزي .. السوق ليست لها نخبة
د. محمد أل عباس - كاتب اقتصادي 13/05/1427هـ
maalabbas@kku.edu.sa

علمتني مقاعد الدراسة أن الاختلاف ضرورة علمية وأساس لبناء المعرفة. علمتني أيام البحث والمناقشة وكراسات الإجابة أن الحقيقة ذات أوجه نتبارى في وصفها بأحرف نتباهى بترانيمها وتراكيبها, ولذلك نختلف. وتعلمت فيما تعلمت أننا خلقنا مختلفين نبحث عن نقاط اتفاق, وأن الاتفاق هبة ونعمة يمن الله بها علينا ولذلك خلقنا, وأن الاختلاف في الرأي الباحث عن الحقيقة لا يفسد للود قضية. وتعلمت أن المراء والجدل مفسدة للرأي أي مفسدة، ومن تعلم علما ليجادل به العلماء ويباهي به السفهاء فقد اختلف مع نفسه اختلافا لا اتفاق معه.
وفي رحلتي للبحث عن الحقيقة العلمية عرفت أيضا أن الاختلاف بحر لا بد أن نعبره إلى جزر المعرفة ثم نعود لنتركها اختلافا إلى جزيرة اتفاق أخرى. وأننا ننتقل بين الجزر على متن مركب الحوار ولذلك نعشقه لأنه يعني بقاء الحياة واستمرار رحلة البحث عن الحقيقة.
لكن بحور الاختلاف في بينها اختلاف وتتبارى قنواتنا الفضائية في إبداع سفن الحوار لكل بحر ولذلك نتابعها علنا نظفر بمعرفة جديدة. وفي موضوع انهيار سوق الأسهم السعودية والأسواق الخليجية كافة كانت أمواج الخلاف عاتية جدا لم تصمد أمامها بعض سفننا الفضائية. ومن خلال متابعتي بعض تلك الحوارات خرجت باختلاف جديد وسؤال جاد: لماذا اتهم المستثمر الصغير والقسوة عليه اتهاما وصل إلى التهكم والسخرية؟ من ماسح أحذية كان يجب أن يبقى عند مدخل البنك ولا يدخله, إلى بائع خضرة يجب عليه أن يموت ويحيا بين خضرته, أما سوق الأسهم فلها من يفهمها. اسمع ذلك فأقول يا عزيزي المحاور: السوق ليست لها نخبة.

السوق هي السوق سواء كانت للأسهم أم الخضار أم السيارات المستعملة. هناك عرض وطلب ومعلومة, وهناك مشترون وبائعون وكلهم من بني البشر. المال هو المال يسعى دوما إلى تحقيق النماء والأرباح, وتجارة طماطم رائجة ومتنامية خير ألف مرة من أسهم كاسدة وخاسرة، ولو كانت لأكبر شركة بتروكمياويات في الشرق الأوسط. وأرباح ذات تدفق مستمر ومتوازنة ومقسمة على عرض السوق بطريقة عادلة أهم بكثير من طفرة سعرية تمكن من تحقيق أرباح كبيرة في وقت قصير.
ومن المعروف في عالم الاستراتيجيات أن الأرباح الكبيرة في الأجل القصير قد تعني هبوطا في الأسعار على المستوى البعيد لأنها تجلب معها آلاف البائعين والداخلين الجدد مما يرفع نسب العرض إلى المستويات القصوى فتعود الأسعار بسرعة كما صعدت بسرعة وتنهار السوق. عندما يحدث ذلك فلا تعيب يا عزيزي على الداخل الجديد إنما على من احتكر السوق فترة ولم يستطع أن يحقق تمهيدا للدخل تتوازن معه السوق ولا يغري داخلين جددا, لأن السوق ليست لها نخبة ولا فرق في ذلك بين الأسواق, ولنا يا عزيزي في منظمة أوبك وأيام طفرة السبعينيات عظة وعبرة ودرس.
لا عيب أراه في ماسح أحذية أو بائع خضرة أو موظف صغير وجدوا أن الأرباح المتعاظمة في سوق الأسهم تمكنهم من الحصول على عوائد مرضية على مدخرات السنين وفائض كدح الأيام. شرفاء دخلوا سوقا يحسبون أن المنطق يحكمها كبقية أسواق العالم. مع ارتفاع العوائد في سوق الأسهم انخفض كثير من معوقات الدخول التي من بينها الحاجة إلى رأسمال كبير, المعرفة المتخصصة, قدرة على التنبؤ بحركة الأسهم (تقييم المخاطر), وتوفر معلومات عن الشركات وصدقها.
ارتفعت العوائد في سوق الأسهم السعودية بشكل جعل وضع الشركة المالي وأخبارها غير ذات أهمية وتأثير- لذلك اشتر في أي شركة وستربح في غضون أيام (التدبيلة)- ولا المعلومات أو التحليلات ـ "سابك" تربح 19 مليارا وتخسر وغيرها شركة خسرانة وتحقق (التدبيلة). من أوصل السوق إلى هذه المرحلة من الأرباح المتعاظمة بغض النظر عن كل أسرار السوق وفنونها؟ إنهم من تراهم النخبة يا عزيزي وليس الداخلين الجدد Newcomers, ماسحو أحذية كانوا أم أهل حلقة الخضار أو بسطات السوق الشعبية.
تقول القصة الأمريكية عن ماسح الأحذية والمضارب الكبير إن المضارب الكبير قرر البيع والخروج من السوق في حركة نخبوية بحجة أن السوق سوف تنهار لدخول أمثال ماسح الأحذية, وحدث ما توقع ذلك الهمام. يا عزيزي لم تنهر السوق لأن المسكين دخل بل لأن مدعي النخبوية خرجوا بطريقة غبية وفوضوية. لو كانوا محترفي سوق فعلا وأهلا له لما سمحوا بانخفاض عوائق الدخول وتعريض الاقتصاد إلى الهزات، وعندما بدأت الأسعار ترتفع بسبب زيادة الطلب وتدفق السيولة إلى السوق فلماذا لم يقم ذلك النخبوي المحترم, وأمثاله لدينا كثر, بإخراج جزء من سيولتهم لتحقيق التوازن المنشود وتوزيع استثماراتهم على نواحي الاقتصاد المتعددة؟ لماذا لم يبدعوا في تحويل مكاسبهم المتراكمة أو جزء منها إلى شركات صناعية تدخل سوق الأسهم لتمتص السيولة المتعاظمة بدلا من الهروب وانتظار السوق تنهار ثم يأتوننا في ثياب المنقذين الشرفاء؟
القضية ليست قضية نخبة بل قضية اختلاف, فسوق الأسهم كسوق الخضار مشتر وبائع بينهما سلعة. في سوق الخضار السلعة بينة والمعلومات متاحة للجميع فلا مشاحة على السعر والأرباح, أما في سوق الأسهم فالسلعة رأسمالية لا تلمس أو ترى لكنها توصف بمعلومات دونها ألف كذبة وغترة بيضاء ومدعي نخبة. توجه هيئة السوق اهتمامها إلى الداخلين الجدد وتنسى أن عليها تدريب وتوجيه كبار المضاربين ومدعي النخبوية في السوق كيف يتصرفون إذا ازدادت السيولة وتعاظمت المخاطر, كيف ومن خلال الهيئة يمكنهم تحقيق التوازن والعودة بالأسعار بهدوء من خلال توزيع المحافظ. لذلك أرى من خلال الأحداث الأخيرة أن على الهيئة أن توجه جزءا من برامجها التوعوية إلى كبار المضاربين لتعريفهم كيف توزع المحافظ الاستثمارية على كامل حقائب الاقتصاد وكيف يخرجون, إذا لزم الأمر, بطريقة منظمة وعادلة لا تضر بالسوق أو الاقتصاد.


تعليقات الزوار
13/05/1427هـ ساعة 9:55 صباحاً (السعودية)

بارك الله فيك ، مقال قيم جدا

شمعة الحب
09-06-2006, 03:06 PM
بارك الله فيك د. محمد أل عباس..وجزاك الله خيرا ..تعال يامدير سوق الدوحة ..اقراْ بمقولته السوق لن يرجع الا ان يخرج راعي الخضره ..وراعي الغنم وراعي .....الخ يمكن هذول عندهم تجاره يعرفون شلون يحافظون السهم نفس تجارتهم ..لكن اللي ماقدر يحافظ على سوق برمته شنقول عنه لي طلعوا اللي طلعوا طلع او ادخلوا معاهم ..نظف السوق من الاوامر الوهمية اولا اللي مستفيد منها الحابل والنابل واتباعه قبل ماتحارب المال الحقيقي وتلغي شماعة اخطائك عليهم ..