ROSE
18-04-2012, 03:08 AM
قطر تشهد طفرة عمرانية تُواكب المشروعات العملاقة
الأصول العقارية أصبحت جزءاً أساسياً من المنظومة الاقتصادية الحديثة
ضرورة تقنين مهنة التثمين العقاري من خلال التشريعات والأنظمة الإدارية
وزارة العدل تُؤكد على أهمية البُعد القانوني لنشاط التثمين العقاري
أخطاء الدُخلاء على المهنة يضُر بأداء الحقوق وإقامة العدل بين الناس
جاسم بن حمد: الاستثمارات العقارية أصبحت من اللبنات الأساسية لاقتصاديات الدول
التثمين العقاري أصبح صناعة تقوم على أسس ومعايير تحكم جوانبها
المصرف حريص على استمرارية دوره الريادي في تطوير الصيرفة الإسلامية
مشاري: التثمين العقاري يُشكل أهمية لاقتصاديات دول المنطقة
قيمة العقار تجعل الرهن العقاري أقل مخاطرة وتكلفة لتمويل العقارات
كتب: يوسف الحرمي :
أكد سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم وزير العدل أن الانطلاقة الاقتصادية التي تشهدها قطر تتطلب دعماً من كافة القطاعات في الدولة وقال في كلمته التي ألقاها أمس في افتتاح مؤتمر التثمين العقاري الدولي الذي يُقام تحت رعايته والذي يهدف إلى البحث في دور التثمين المهني في الارتقاء بالقطاع العقاري وتعزيز النشاط الاقتصادي كما يهدف إلى نشر الوعي بافضل الممارسات المهنية والمعايير الدولية في مجال التثمين العقاري، والنظر في سبل تطويره هذه الصناعة وتعزيزها في قطر والشرق الأوسط عبر إطلاق حوار بين مختلف الجهات المعنية بمجال التثمين العقاري فضلاً عن السعي إلى تحديد معايير مرجعية لمهنة التثمين العقاري.
إن دور الثروة العقارية يأتي ليكون حافزاً لهذه الانطلاقة وأساساً لها، موضحاً أن القاصي والداني يشهد بالطفرة العمرانية التي تواكب المشروعات الاقتصادية العملاقة بدولة قطر وهو ما يجعل الحاجة ملحة لأدوات الحفاظ على هذه الثروة العقارية، لافتاً أنه من أهم هذه الأدوات التثمين الصحيح الواقعي لها مما يؤدي إلى تقييمها على نحو لا إفراط ولا تفريط وهو ما يعظم دور مهنة التثمين العقاري في الفترة الحاضرة والقادمة.
وقال وزير العدل لقد أرسى خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم أساس التعامل في الثروة العقارية منذ أكثر من اربعة عشر قرناً من الزمان يوم أن أراد صلوات الله وسلامه عليه ان يؤسس المسجد في المدينة المنورة حين قال: "يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا" فهذا القول الكريم أوضح أن التعامل في العقار لابد أن يكون على أساس تقييم وتثمين صحيح حقيقين ومن هنا يبرز دور المثمن العقاري وما يقوم به من تقدير ليكون دليلاً على قيمة الثروة العقارية بالدولة مشيراً إلى ان هذه المهنة التي أدرك المسؤولون بالدولة مدى أهمية وضرورة قيامها على أسس ومعايير وضوابط علمية وقانونية لما لهذا النشاط من تأثير مباشر وقوي على الضمان العقاري بالمصارف والتأمين مما يقتضي من الدولة وضع الضوابط والمعايير والشروط لممارسة مهنة التثمين العقاري، وكذا أسس الرقابة عليها مما يؤدي إلى تحسين أداء هذه المهنة والارتقاء بخبرات ومعرفة القائمين بها، لكل ذلك نقدر لمصرف قطر الاسلامي سبقه في تنظيم هذا المؤتمر للفت الانتباه إلى مدى أهمية وخطورة النشاط على الاستثمار العقاري والتقدم الاقتصادي بصفة عامة.
وقال: إن وزارة العدل تؤكد على أهمية البعد القانوني لنشاط التثمين العقاري وضرورة شموله بالتنظيم وضبط إجراءاته ومقوماته موضحا أن كثرة الجهات المشتغلة بالتثمين العقاري والتضارب في الأنظمة المتبعة بينها فضلا عن أخطاء الدخلاء على هذا المجال والذين تعوزهم الخبرة والمعرفة العلمية بأسسه وأساليبه الصحيحة والحديثة مشيرا إلى أن كل ذلك يضر بأداء الحقوق وإقامة العدل بين الناس كما يضر التمويل والاستثمار العقاري ويؤثر على سمعة الممول في السوق فضلاً عن تأثيره السلبي على النظام المالي والاقتصادي عامة وما ذلك إلا لأن الاصول العقارية من أراض وممتلكات أصبحت جزءاً أساسياً من المنظومة الاقتصادية الحديثة يتناولها الأخذ والعطاء والبيع والرهن والإرث والدين.
وشدد وزير العدل على ضرورة تقنين مهنة التثمين العقاري من خلال التشريعات والأنظمة الادارية التي تحمي وتنظم هذه المهنة وتضع لها الأسس التي تتلاءم مع طموحات المختصين والخبراء وتحقق احتياجات المجتمع، وترتقي بها شأنها في ذلك شأن بقية المهن في المجتمع كما عبر سعادة الوزير عن شكره لمصرف قطر الاسلامي على المبادرة بعقد هذا المؤتمر.
من جهته قال سعادة الشيخ جاسم بن حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس إدارة مصرف قطر الإسلامي إننا نتطلع ان يكون مؤتمر المصرف الدولي للتثمين العقاري فرصة لجميع المشاركين للاطلاع على المفاهيم الحديثة للتثمين العقاري الذي أصبح يشكل ضرورة أساسية للمستثمرين في هذا القطاع الاقتصادي الهام.
وأضاف إن المصرف يقوم بتنظيم هذا المؤتمر في اطار استراتيجيته التي تهدف لبناء شراكة حقيقية مع عملائه بصفة عامة وعملاء القطاع العقاري بصفة خاصة موضحاً أن هذه الشراكة لن تكون محصورة في تقديم الخدمات المصرفية والاستثمارية المتميزة فقط، وإنما تمتد للمبادرة بنقل وتقديم الخبرات المعرفية والمبادرات العالمية الناجحة من أجل مساعدة العملاء في تطوير أعمالهم واستثماراتهم، وذلك باتخاذ القرارات الصحيحة المبنية على معلومات دقيقة ورؤية واضحة.
واشار إلى أن اختيار موضوع "التثمين العقاري" ليكون عنواناً لهذا المؤتمر جاء من منطلق أن الاستثمارات العقارية أصبحت من اللبنات الأساسية التي تقوم عليها اقتصاديات الدول ومصالح المستثمرين أفراداً وشركات، ولهذا يصبح التثمين العادل مطلباً أساسياً لمعرفة القيمة الحقيقية للأصول العقارية لأي عملية استثمارية يشكل العقار جزءاً منها.
وقال: إدراكاً من المصرف لأهمية التثمين العقاري الذي أصبح صناعة تقوم على أسس ومعايير تحكم جوانبها المالية والقانونية والشرعية حرصاً على أن يتم تنظيم هذا المؤتمر بالتعاون مع شركة "سي بي ريتشارد إليس" العالمية المتخصصة في الخدمات والاستشارات العقارية نظراً لما لها من خبرات رفيعة في هذا المجال، وكذلك الاستعانة بخبرات قطرية وخليجية لها خبرة سنوات طويلة في مجال التثمين العقاري.
وقال: إن المصرف يؤكد تنظيمه لهذا المؤتمر وحرصه على استمرارية دوره الريادي في تطوير الصيرفة الاسلامية، وتعزيز مساهمته في النهضة الاقتصادية الحديثة التي تشهدها بلادنا في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وسمو ولي عهده الأمين معرباً للجميع الاستفادة القصوى من الأفكار والمعارف التي يطرحها الخبراء والمختصين الذين يتحدثون في الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال.
وقال السيد أحمد مشاري الرئيس التنفيذي بالإنابة لمصرف قطر الإسلامي إن مداخلات خبراء العقار والتثمين في الجلسة الأولى أكدوا جميعاً على الأهمية البالغة للتثمين العقاري بالنسبة لاقتصاديات دول المنطقة عموماً والقطاع العقاري خصوصاً والحاجة الماسة إلى تقنين مهنة التثمين من خلال التشريعات والأنظمة الادارية المناسبة، ونحن كمصرفيين إذ نشاطر هذا التوجه وندعمه ونعتقد أن التثمين العقاري السليم يعد من الأهمية بمكان بالنسبة للقطاع المصرفي وعاملاً مهماً من عوامل الاستقرار المالي وأنا على يقين أن زملائي من المتحدثين في هذه الجلسة سلطوا الضوء على جوانب مالية متنوعة وهامة للتثمين العقاري.
وقال مشاري إن التثمين العقاري الدقيق والشفاف يُعتبر ضرورة لا غنى عنها بالنسبة للتمويل العقاري لأنه يعزز الثقة في القطاع المصرفي ككل ويقوي نزاهة الرهونات والضمانات Collateral التي تحصل عليها المصارف ومن هذا المنطلق يمثل التثمين ركيزة أساسية من ركائز نظام الرهن العقاري لان الثقة في قيمة العقار تجعل التمويل بالرهن العقاري طريقة اقل مخاطرة وتكلفة لتمويل العقارات مما يصبح معه حلم تملك سكن شخصي واقعا ملموسا للعديد من العملاء.
وأكد انه مما لاشك فيه سوف تساعد الشفافية في أساليب وطرق التثمين العقاري والتقارير التي تنجز على ضوئه في التقليل من المخاطر المرتبطة بالتمويل العقاري على نحو كبير وهذا ما سيؤدي الى ثقة أكبر في الاسواق العقارية من طرف مالكي العقارات والمصارف والمستثمرين.
وقال: لعله من المفيد التذكير بأن من بين أغراض قواعد نظام بازل ٢ هو جعل رأس المال أكثر حساسية للمخاطر مما يعني القيام بتقدير أفضل وأدق للمخاطر التي تواجهها المؤسسات المالية بهدف توزيع فعال لرأس المال وبطبيعة الحال تنطوي هذه القاعدة على أبعاد مهمة بالنسبة للتثمين لاغراض التمويل العقاري اذ تعتمد متطلبات رأس المال بالنسبة للتمويل العقاري بنظام الرهن أو الإجارة على جملة من المعايير لعل أبرزها نسبة القيمة الى القرض Loan to Value Ratio LTV التي تتراوح عادة بين ٦٠٪ و٨٠٪ مع امكانية الرفع منها في حالات التمويل المحفوف بمخاطر أكبر وهذا ما يجعل هذه المقاربة المبنية على عامل المخاطر عمليات تثمين أكثر دقة وشفافية.
واضاف اننا ندرك كمصرفيين ان التمويل العقاري لاغراض تجارية يخضع لمقاربة مغايرة نوعا ما فعندما تقدم المصارف على منح التمويل للشركات العقارية أو لموجودات تجارية تقوم بجملة من عمليات التقييم الكمي والنوعي اذ ينصب التقييم النوعي غالبا على مالكي شركات العقار أو من يتحكم في هياكلها في حين يركز التقييم الكمي بشكل اساسي على السيولة المالية للمقترض وقدرته على تسديد الدين، ويبقى تقييم الرهونات التي تحصل عليها المصارف من الاهمية بمكان الا انها ليست العامل الاوحد.
مشيرا الى انه بالاضافة الى ذلك يعتبر تقييم المركز المالي للشركة طالبة التمويل عاملا حاسما ايضا ويفيد هذا التركيز على السيولة المالية ان تحليل سوق الايجارات له اهمية بالغة بالنسبة لتقييم الاستقرار المالي للشركة ويقوم تقييم الرهونات على اساس حجم القرض مقارنة بالقيمة السوقية للعقار وغالبا يكون معدل القيمة مقارنة بالتمويل في حدود ٦٠-٧٥ % الا انه قد تكون المعدلات اعلى من ذلك خاصة بالنسبة للعقارات السكنية المعدة للايجار والتي اثبتت التجربة ان سوقها اكثر استقرارا من سوق العقار التجاري.
وقال اذا كانت اغلب البنوك لديها مثمنين ضمن كوادرها من الموظفين فإنه يلاحظ اعتماد المصارف بشكل متزايد على خبراء تثمين عقاري مستقلين في حالة التمويل العقاري وتتنوع طرق التثمين التي تستخدمها المصارف بين اسلوب مقارنة المبيعات أي تحليل الصفقات المنجزة في السوق وبيان السيولة المالية وتقديرات المداخيل وعادة ما تطلع المصارف على معلومات عقود الايجار وتقوم بعملية مراجعة للعقارات لتقييم حالة الصيانة ومدى حاجتها لاعادة الاستثمار.
وذكر مشاري ان الاعتماد على خبراء تثمين معتمدين للقيام بعملية التثمين واصدار تقارير دقيقة وفق أعلى المعايير الدولية صار مطلبا ملحا أكثر من اي وقت مضي فتلك التقارير مفيدة في مختلف العمليات المالية فعلى سبيل المثال اذا تم استخدام العقار المثمن كضمان مقابل التمويل تكون عملية الموافقة على التمويل من طرف البنك اسرع مما اذا كان تقرير تثمين العقار معتمداً من لدن مثمن عقاري قانوني ويكون هذا الاعتماد ضروريا ايضا في حالات مختلفة حيث قيمة العقار أو الممتلكات لها بعد قانوني ملزم في حالات مثل: الميراث، والوصية، والتأمين، والتقارير المالية للشركتات وغيرها.
وقال بهذا الخصوص نثمن عاليا في مصرف قطر الاسلامي مرة اخرى ما جاء على لسان سعادة وزير العدل من تأكيده على البعد القانوني لنشاط التثمين العقاري وضرورة شموله بالتنظيم وضبط اجراءاته ومقوماته بما يحمي وينظم هذه المهنة على نحو يتلاءم مع طموحات المختصين والخبراء.
ومن جانبه قال اسامة عبدالرزاق رئيس التدقيق الشرعي بمصرف قطر الاسلامي إن التعريف الاصطلاحي للتثمين العقاري بمعناه التسعير بانه تقدير بدل عن كل بيع له أصل وقرار ثابت كالارض والدور ونحوها ويتم بالحدس والتخمين ولا يكون التثمين الا في المفاوضات وهي ما فيها المبادلة بعوض ولا يدخل التثمين في التعويضات في التصرفات المنقضية للضمان كالإتلاف والغضب بل يدخل فيها التقويم مشيرا الى ان تعريف التقويم العقاري هو تقدير بدل نقدي عن كل عين او منفعة لها أصل وقرار ثابت كالارض والدور ونحوها أي القيمة التي يعادلها في حال المعارضة به عنها حقيقة أو اقتراضا وبناء عليه فان التعريف الثاني الذي يفسر التثمين بالتقويم لا يختص بالمفاوضات بل يدخل ايضا في التعويضات وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في صفة عمل المثمن فمنهم من يرى ان المثمن كالحاكم والتثمين هو من قبيل الحكم وهو قول عند المالكية.
ومنهم من يرى ان المثمن كالمخبر والتثمين من قبيل الخبر وهو قول عند الحنابلة. ومنهم من يرى ان المثمن كالشاهد فيكون التثمين من قبيل الشهادة.
وحول شروط المثمن العقاري قال ان للمثمن شروطاً لابد من توافرها فيه عند القيام بعمل التثمين ومن هذه الشروط.
الشرط الأول العدد وهو محل خلاف بين الفقهاء على قولين القول الاول الا يقل عدد المثمنين عن اثنين وهو مذهب الشافعية والحنابلة وقول عند المالكية وقول محمد بن الحسن من الحنفية وذلك من منظور الشهادة، والقول الثاني انه لا يشترط العدد بل يكفي مثمن واحد وهو قول جمهور الحنفية وقول عند المالكية وقول ضعيف عند الحنابلة من منظور الحاكم ويرجع الاختلاف في العدد بين الفقهاء هل هو من قبيل الشهادة أم الحكم أم الخبر، فمن يرى انه من قبيل الشهادة فإنه يشترط العدد بحيث لا يقل عن اثنين كما هو حال الشهادة ووجه شبهه بالشهادة انه الزام لمعين ومن يرى ان التثمين من قبيل الحكم أو الخبر فإنه لا يشترط العدد بل يكتفي فيه بالواحد كما هو الحال في الأحكام أو الاخبار.
والشرط الثاني التكليف (البلوغ والعقل) فلا تصح الاستعانة بالصبي ولا المجنون أو المعتوه وذلك لان من شرط المثمن كما سيأتي العدالة والخبرة وهذا متعذر في الصبي في الغالب وغير متحقق في غير العاقل كما ان المثمن إما أن يكون كالحاكم أو الشاهد والتكليف شرط فيهما.
والشرط الثالث: العدالة وقد عرفها الماوردي بقوله :ان يكون صادق اللهجة ظاهر الامانة عفيفا عن المحارم متوقيا المآثم بعيدا من الريب مأمونا في الرضا والغضب مستعملا لمروءة مثله في دينه ودنياه وتتحقق العدالة باجتناب الكبائر وعدم الاصرار على الصغائر والبعد عما يقدح في المروءة ويشترط في المثمن العدالة، لانه إما أن يكون بمنزلة الشاهد أو الحاكم والعدالة معتبرة فيهما والشرط الخامس الخبرة يشترط في المثمن ان يكون خبيرا بالشيء الذي يراد تثمينه مطلعا على قيمته وما يطرأ عليها من ارتفاع أو هبوط عارفا بالعوامل المؤثرة في ذلك والشرط السادس: انتقاء التهمة يشترط في المثمن ان تنتفي التهمة عنه وذلك بان يكون خاليا من الغرض فيما يتصل بالتثمين ليكون تثمينه مقبولا وقد نص على هذا الحنفية في تثمين الاعيان كما يجب مشاهدة العين المراد تثمينها والاحاطة بجمع صفحاتها.
الأصول العقارية أصبحت جزءاً أساسياً من المنظومة الاقتصادية الحديثة
ضرورة تقنين مهنة التثمين العقاري من خلال التشريعات والأنظمة الإدارية
وزارة العدل تُؤكد على أهمية البُعد القانوني لنشاط التثمين العقاري
أخطاء الدُخلاء على المهنة يضُر بأداء الحقوق وإقامة العدل بين الناس
جاسم بن حمد: الاستثمارات العقارية أصبحت من اللبنات الأساسية لاقتصاديات الدول
التثمين العقاري أصبح صناعة تقوم على أسس ومعايير تحكم جوانبها
المصرف حريص على استمرارية دوره الريادي في تطوير الصيرفة الإسلامية
مشاري: التثمين العقاري يُشكل أهمية لاقتصاديات دول المنطقة
قيمة العقار تجعل الرهن العقاري أقل مخاطرة وتكلفة لتمويل العقارات
كتب: يوسف الحرمي :
أكد سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم وزير العدل أن الانطلاقة الاقتصادية التي تشهدها قطر تتطلب دعماً من كافة القطاعات في الدولة وقال في كلمته التي ألقاها أمس في افتتاح مؤتمر التثمين العقاري الدولي الذي يُقام تحت رعايته والذي يهدف إلى البحث في دور التثمين المهني في الارتقاء بالقطاع العقاري وتعزيز النشاط الاقتصادي كما يهدف إلى نشر الوعي بافضل الممارسات المهنية والمعايير الدولية في مجال التثمين العقاري، والنظر في سبل تطويره هذه الصناعة وتعزيزها في قطر والشرق الأوسط عبر إطلاق حوار بين مختلف الجهات المعنية بمجال التثمين العقاري فضلاً عن السعي إلى تحديد معايير مرجعية لمهنة التثمين العقاري.
إن دور الثروة العقارية يأتي ليكون حافزاً لهذه الانطلاقة وأساساً لها، موضحاً أن القاصي والداني يشهد بالطفرة العمرانية التي تواكب المشروعات الاقتصادية العملاقة بدولة قطر وهو ما يجعل الحاجة ملحة لأدوات الحفاظ على هذه الثروة العقارية، لافتاً أنه من أهم هذه الأدوات التثمين الصحيح الواقعي لها مما يؤدي إلى تقييمها على نحو لا إفراط ولا تفريط وهو ما يعظم دور مهنة التثمين العقاري في الفترة الحاضرة والقادمة.
وقال وزير العدل لقد أرسى خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم أساس التعامل في الثروة العقارية منذ أكثر من اربعة عشر قرناً من الزمان يوم أن أراد صلوات الله وسلامه عليه ان يؤسس المسجد في المدينة المنورة حين قال: "يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا" فهذا القول الكريم أوضح أن التعامل في العقار لابد أن يكون على أساس تقييم وتثمين صحيح حقيقين ومن هنا يبرز دور المثمن العقاري وما يقوم به من تقدير ليكون دليلاً على قيمة الثروة العقارية بالدولة مشيراً إلى ان هذه المهنة التي أدرك المسؤولون بالدولة مدى أهمية وضرورة قيامها على أسس ومعايير وضوابط علمية وقانونية لما لهذا النشاط من تأثير مباشر وقوي على الضمان العقاري بالمصارف والتأمين مما يقتضي من الدولة وضع الضوابط والمعايير والشروط لممارسة مهنة التثمين العقاري، وكذا أسس الرقابة عليها مما يؤدي إلى تحسين أداء هذه المهنة والارتقاء بخبرات ومعرفة القائمين بها، لكل ذلك نقدر لمصرف قطر الاسلامي سبقه في تنظيم هذا المؤتمر للفت الانتباه إلى مدى أهمية وخطورة النشاط على الاستثمار العقاري والتقدم الاقتصادي بصفة عامة.
وقال: إن وزارة العدل تؤكد على أهمية البعد القانوني لنشاط التثمين العقاري وضرورة شموله بالتنظيم وضبط إجراءاته ومقوماته موضحا أن كثرة الجهات المشتغلة بالتثمين العقاري والتضارب في الأنظمة المتبعة بينها فضلا عن أخطاء الدخلاء على هذا المجال والذين تعوزهم الخبرة والمعرفة العلمية بأسسه وأساليبه الصحيحة والحديثة مشيرا إلى أن كل ذلك يضر بأداء الحقوق وإقامة العدل بين الناس كما يضر التمويل والاستثمار العقاري ويؤثر على سمعة الممول في السوق فضلاً عن تأثيره السلبي على النظام المالي والاقتصادي عامة وما ذلك إلا لأن الاصول العقارية من أراض وممتلكات أصبحت جزءاً أساسياً من المنظومة الاقتصادية الحديثة يتناولها الأخذ والعطاء والبيع والرهن والإرث والدين.
وشدد وزير العدل على ضرورة تقنين مهنة التثمين العقاري من خلال التشريعات والأنظمة الادارية التي تحمي وتنظم هذه المهنة وتضع لها الأسس التي تتلاءم مع طموحات المختصين والخبراء وتحقق احتياجات المجتمع، وترتقي بها شأنها في ذلك شأن بقية المهن في المجتمع كما عبر سعادة الوزير عن شكره لمصرف قطر الاسلامي على المبادرة بعقد هذا المؤتمر.
من جهته قال سعادة الشيخ جاسم بن حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس إدارة مصرف قطر الإسلامي إننا نتطلع ان يكون مؤتمر المصرف الدولي للتثمين العقاري فرصة لجميع المشاركين للاطلاع على المفاهيم الحديثة للتثمين العقاري الذي أصبح يشكل ضرورة أساسية للمستثمرين في هذا القطاع الاقتصادي الهام.
وأضاف إن المصرف يقوم بتنظيم هذا المؤتمر في اطار استراتيجيته التي تهدف لبناء شراكة حقيقية مع عملائه بصفة عامة وعملاء القطاع العقاري بصفة خاصة موضحاً أن هذه الشراكة لن تكون محصورة في تقديم الخدمات المصرفية والاستثمارية المتميزة فقط، وإنما تمتد للمبادرة بنقل وتقديم الخبرات المعرفية والمبادرات العالمية الناجحة من أجل مساعدة العملاء في تطوير أعمالهم واستثماراتهم، وذلك باتخاذ القرارات الصحيحة المبنية على معلومات دقيقة ورؤية واضحة.
واشار إلى أن اختيار موضوع "التثمين العقاري" ليكون عنواناً لهذا المؤتمر جاء من منطلق أن الاستثمارات العقارية أصبحت من اللبنات الأساسية التي تقوم عليها اقتصاديات الدول ومصالح المستثمرين أفراداً وشركات، ولهذا يصبح التثمين العادل مطلباً أساسياً لمعرفة القيمة الحقيقية للأصول العقارية لأي عملية استثمارية يشكل العقار جزءاً منها.
وقال: إدراكاً من المصرف لأهمية التثمين العقاري الذي أصبح صناعة تقوم على أسس ومعايير تحكم جوانبها المالية والقانونية والشرعية حرصاً على أن يتم تنظيم هذا المؤتمر بالتعاون مع شركة "سي بي ريتشارد إليس" العالمية المتخصصة في الخدمات والاستشارات العقارية نظراً لما لها من خبرات رفيعة في هذا المجال، وكذلك الاستعانة بخبرات قطرية وخليجية لها خبرة سنوات طويلة في مجال التثمين العقاري.
وقال: إن المصرف يؤكد تنظيمه لهذا المؤتمر وحرصه على استمرارية دوره الريادي في تطوير الصيرفة الاسلامية، وتعزيز مساهمته في النهضة الاقتصادية الحديثة التي تشهدها بلادنا في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وسمو ولي عهده الأمين معرباً للجميع الاستفادة القصوى من الأفكار والمعارف التي يطرحها الخبراء والمختصين الذين يتحدثون في الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال.
وقال السيد أحمد مشاري الرئيس التنفيذي بالإنابة لمصرف قطر الإسلامي إن مداخلات خبراء العقار والتثمين في الجلسة الأولى أكدوا جميعاً على الأهمية البالغة للتثمين العقاري بالنسبة لاقتصاديات دول المنطقة عموماً والقطاع العقاري خصوصاً والحاجة الماسة إلى تقنين مهنة التثمين من خلال التشريعات والأنظمة الادارية المناسبة، ونحن كمصرفيين إذ نشاطر هذا التوجه وندعمه ونعتقد أن التثمين العقاري السليم يعد من الأهمية بمكان بالنسبة للقطاع المصرفي وعاملاً مهماً من عوامل الاستقرار المالي وأنا على يقين أن زملائي من المتحدثين في هذه الجلسة سلطوا الضوء على جوانب مالية متنوعة وهامة للتثمين العقاري.
وقال مشاري إن التثمين العقاري الدقيق والشفاف يُعتبر ضرورة لا غنى عنها بالنسبة للتمويل العقاري لأنه يعزز الثقة في القطاع المصرفي ككل ويقوي نزاهة الرهونات والضمانات Collateral التي تحصل عليها المصارف ومن هذا المنطلق يمثل التثمين ركيزة أساسية من ركائز نظام الرهن العقاري لان الثقة في قيمة العقار تجعل التمويل بالرهن العقاري طريقة اقل مخاطرة وتكلفة لتمويل العقارات مما يصبح معه حلم تملك سكن شخصي واقعا ملموسا للعديد من العملاء.
وأكد انه مما لاشك فيه سوف تساعد الشفافية في أساليب وطرق التثمين العقاري والتقارير التي تنجز على ضوئه في التقليل من المخاطر المرتبطة بالتمويل العقاري على نحو كبير وهذا ما سيؤدي الى ثقة أكبر في الاسواق العقارية من طرف مالكي العقارات والمصارف والمستثمرين.
وقال: لعله من المفيد التذكير بأن من بين أغراض قواعد نظام بازل ٢ هو جعل رأس المال أكثر حساسية للمخاطر مما يعني القيام بتقدير أفضل وأدق للمخاطر التي تواجهها المؤسسات المالية بهدف توزيع فعال لرأس المال وبطبيعة الحال تنطوي هذه القاعدة على أبعاد مهمة بالنسبة للتثمين لاغراض التمويل العقاري اذ تعتمد متطلبات رأس المال بالنسبة للتمويل العقاري بنظام الرهن أو الإجارة على جملة من المعايير لعل أبرزها نسبة القيمة الى القرض Loan to Value Ratio LTV التي تتراوح عادة بين ٦٠٪ و٨٠٪ مع امكانية الرفع منها في حالات التمويل المحفوف بمخاطر أكبر وهذا ما يجعل هذه المقاربة المبنية على عامل المخاطر عمليات تثمين أكثر دقة وشفافية.
واضاف اننا ندرك كمصرفيين ان التمويل العقاري لاغراض تجارية يخضع لمقاربة مغايرة نوعا ما فعندما تقدم المصارف على منح التمويل للشركات العقارية أو لموجودات تجارية تقوم بجملة من عمليات التقييم الكمي والنوعي اذ ينصب التقييم النوعي غالبا على مالكي شركات العقار أو من يتحكم في هياكلها في حين يركز التقييم الكمي بشكل اساسي على السيولة المالية للمقترض وقدرته على تسديد الدين، ويبقى تقييم الرهونات التي تحصل عليها المصارف من الاهمية بمكان الا انها ليست العامل الاوحد.
مشيرا الى انه بالاضافة الى ذلك يعتبر تقييم المركز المالي للشركة طالبة التمويل عاملا حاسما ايضا ويفيد هذا التركيز على السيولة المالية ان تحليل سوق الايجارات له اهمية بالغة بالنسبة لتقييم الاستقرار المالي للشركة ويقوم تقييم الرهونات على اساس حجم القرض مقارنة بالقيمة السوقية للعقار وغالبا يكون معدل القيمة مقارنة بالتمويل في حدود ٦٠-٧٥ % الا انه قد تكون المعدلات اعلى من ذلك خاصة بالنسبة للعقارات السكنية المعدة للايجار والتي اثبتت التجربة ان سوقها اكثر استقرارا من سوق العقار التجاري.
وقال اذا كانت اغلب البنوك لديها مثمنين ضمن كوادرها من الموظفين فإنه يلاحظ اعتماد المصارف بشكل متزايد على خبراء تثمين عقاري مستقلين في حالة التمويل العقاري وتتنوع طرق التثمين التي تستخدمها المصارف بين اسلوب مقارنة المبيعات أي تحليل الصفقات المنجزة في السوق وبيان السيولة المالية وتقديرات المداخيل وعادة ما تطلع المصارف على معلومات عقود الايجار وتقوم بعملية مراجعة للعقارات لتقييم حالة الصيانة ومدى حاجتها لاعادة الاستثمار.
وذكر مشاري ان الاعتماد على خبراء تثمين معتمدين للقيام بعملية التثمين واصدار تقارير دقيقة وفق أعلى المعايير الدولية صار مطلبا ملحا أكثر من اي وقت مضي فتلك التقارير مفيدة في مختلف العمليات المالية فعلى سبيل المثال اذا تم استخدام العقار المثمن كضمان مقابل التمويل تكون عملية الموافقة على التمويل من طرف البنك اسرع مما اذا كان تقرير تثمين العقار معتمداً من لدن مثمن عقاري قانوني ويكون هذا الاعتماد ضروريا ايضا في حالات مختلفة حيث قيمة العقار أو الممتلكات لها بعد قانوني ملزم في حالات مثل: الميراث، والوصية، والتأمين، والتقارير المالية للشركتات وغيرها.
وقال بهذا الخصوص نثمن عاليا في مصرف قطر الاسلامي مرة اخرى ما جاء على لسان سعادة وزير العدل من تأكيده على البعد القانوني لنشاط التثمين العقاري وضرورة شموله بالتنظيم وضبط اجراءاته ومقوماته بما يحمي وينظم هذه المهنة على نحو يتلاءم مع طموحات المختصين والخبراء.
ومن جانبه قال اسامة عبدالرزاق رئيس التدقيق الشرعي بمصرف قطر الاسلامي إن التعريف الاصطلاحي للتثمين العقاري بمعناه التسعير بانه تقدير بدل عن كل بيع له أصل وقرار ثابت كالارض والدور ونحوها ويتم بالحدس والتخمين ولا يكون التثمين الا في المفاوضات وهي ما فيها المبادلة بعوض ولا يدخل التثمين في التعويضات في التصرفات المنقضية للضمان كالإتلاف والغضب بل يدخل فيها التقويم مشيرا الى ان تعريف التقويم العقاري هو تقدير بدل نقدي عن كل عين او منفعة لها أصل وقرار ثابت كالارض والدور ونحوها أي القيمة التي يعادلها في حال المعارضة به عنها حقيقة أو اقتراضا وبناء عليه فان التعريف الثاني الذي يفسر التثمين بالتقويم لا يختص بالمفاوضات بل يدخل ايضا في التعويضات وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في صفة عمل المثمن فمنهم من يرى ان المثمن كالحاكم والتثمين هو من قبيل الحكم وهو قول عند المالكية.
ومنهم من يرى ان المثمن كالمخبر والتثمين من قبيل الخبر وهو قول عند الحنابلة. ومنهم من يرى ان المثمن كالشاهد فيكون التثمين من قبيل الشهادة.
وحول شروط المثمن العقاري قال ان للمثمن شروطاً لابد من توافرها فيه عند القيام بعمل التثمين ومن هذه الشروط.
الشرط الأول العدد وهو محل خلاف بين الفقهاء على قولين القول الاول الا يقل عدد المثمنين عن اثنين وهو مذهب الشافعية والحنابلة وقول عند المالكية وقول محمد بن الحسن من الحنفية وذلك من منظور الشهادة، والقول الثاني انه لا يشترط العدد بل يكفي مثمن واحد وهو قول جمهور الحنفية وقول عند المالكية وقول ضعيف عند الحنابلة من منظور الحاكم ويرجع الاختلاف في العدد بين الفقهاء هل هو من قبيل الشهادة أم الحكم أم الخبر، فمن يرى انه من قبيل الشهادة فإنه يشترط العدد بحيث لا يقل عن اثنين كما هو حال الشهادة ووجه شبهه بالشهادة انه الزام لمعين ومن يرى ان التثمين من قبيل الحكم أو الخبر فإنه لا يشترط العدد بل يكتفي فيه بالواحد كما هو الحال في الأحكام أو الاخبار.
والشرط الثاني التكليف (البلوغ والعقل) فلا تصح الاستعانة بالصبي ولا المجنون أو المعتوه وذلك لان من شرط المثمن كما سيأتي العدالة والخبرة وهذا متعذر في الصبي في الغالب وغير متحقق في غير العاقل كما ان المثمن إما أن يكون كالحاكم أو الشاهد والتكليف شرط فيهما.
والشرط الثالث: العدالة وقد عرفها الماوردي بقوله :ان يكون صادق اللهجة ظاهر الامانة عفيفا عن المحارم متوقيا المآثم بعيدا من الريب مأمونا في الرضا والغضب مستعملا لمروءة مثله في دينه ودنياه وتتحقق العدالة باجتناب الكبائر وعدم الاصرار على الصغائر والبعد عما يقدح في المروءة ويشترط في المثمن العدالة، لانه إما أن يكون بمنزلة الشاهد أو الحاكم والعدالة معتبرة فيهما والشرط الخامس الخبرة يشترط في المثمن ان يكون خبيرا بالشيء الذي يراد تثمينه مطلعا على قيمته وما يطرأ عليها من ارتفاع أو هبوط عارفا بالعوامل المؤثرة في ذلك والشرط السادس: انتقاء التهمة يشترط في المثمن ان تنتفي التهمة عنه وذلك بان يكون خاليا من الغرض فيما يتصل بالتثمين ليكون تثمينه مقبولا وقد نص على هذا الحنفية في تثمين الاعيان كما يجب مشاهدة العين المراد تثمينها والاحاطة بجمع صفحاتها.