طبيب قطري
29-04-2012, 04:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
استمرارا لمسلسل الاتقادات للقطاع الصحي في الدوله وبعد ان صدمنا في الاونة الاخيرة بكثرة حوادث الاهمال الطبي وتجاهل التحقيق في العديد من شكاوي المرضي .. جاء اليوم الاستاذ صادق محمد العماري مشكورا وفتح هذا الملف مرة اخرى وبعنوان جريء وتفاصيل اجرأ .. فهل نجد استجابة هذه المرة من المسؤولين في القطاع الصحي ؟؟؟
اترككم مع المقال:
القطاع الصحي في غرفة الإنعاش
في الذكرى الثالثة لتولي الوزير مهامه
وزير الصحة يتعمد تجميل الواقع .. ومساعدوه يروجون للحلول المؤقته
لماذا تأخر الوزير 3 سنوات عن مواجهة مشكلة نقص الكوادر المؤهلة ؟
تصريحات الوزير عن سقف أعلى لأسعار الدواء .. لا علاقه له بالواقع
المسكنات فشلت في حل مشاكل القطاع الصحي من الزحام على الدواء
انتقادات واسعة لبطء وعدم شفافية لجنة العلاج بالخارج
الأخطاء ونقص الكوادر خلقت أزمة ثقة بين المواطن والطبيب
بقلم- صادق محمد العماري:
لم يعد السكوت عن تراجع مستوى الخدمات الصحية مقبولا، بعد أن فشلت كل الحلول المؤقتة التي تحاول وزارة الصحة ترويجها في مؤتمراتها الصحفية.
كنا نتصور أن سعادة السيد عبدالله بن خالد القحطاني الذي مضى أمس 3 سنوات بالتمام والكمال على تعيينه وتوليه منصب وزير الصحة، قادر على استيعاب ما يمر به القطاع الصحي من أزمات، لا أن يشارك مساعديه في مهمة تجميل الواقع بالشعارات والعبارات الرنانة. قبل أيام خرج الوزير ليبشر المواطنين بوجود سقف لأسعار جميع الأدوية الصيدلانية المسجلة لجميع وكلاء شركات الأدوية المعتمدين، وأن الوزارة تسعى لاعتماد رقابة الكترونية للدواء ومتابعة سيره من المصنع حتى وصوله للمريض للتأكد من سلامته.
ولأن الواقع يناقض كلام الوزير، فإن المواطنين لم يتحمسوا لتلك التصريحات، فليس هناك سقف حقيقي لأسعار الدواء، كما أن الرقابة التي تحدث عنها الوزير لم يلمسها المواطن يوما .. بدليل الأسعار الفلكية التي وصل إليها الدواء.
تصريحات وزير الصحة الخاوية جاءت خلال رده على انتقادات المجلس البلدي حول أسعار الدواء والعلاج بالمستشفيات التخصصية ونقص الكوادر البشرية المؤهلة أعادت للأذهان تصريحات أخرى للوزير أطلقها قبل شهرين كشف فيها عن دراسة شاملة سيتم إجراؤها قريبا للتعرف على حاجة سوق العمل للوظائف المتعلقة بالقطاع الصحي بالدولة لمدة 15 سنة قادمة.. وبالطبع لم يستوقف أحد وزير الصحة ليسأله .. وماذا عن النقص الحالي في الكوادر الطبية المؤهلة؟ ولماذا تأخرت تلك الدراسة 3 سنوات من تاريخ توليه المنصب؟ وهل اعتراف الوزير بـ "النقص الحاصل في القطاع الصحي من الكوادر المؤهلة" يعفيه من مسؤولية التقصير؟
البعض يتحدث عن الدور الغائب مساعدي الوزير في توضيح الصورة الكاملة والاكتفاء بتجميل الواقع أمام الوزير .. كنوع من تبرير الأداء المرتبك لقطاع الصحة .. فالحقيقة دائما صادمة .. لكنها في النهاية لا تقبل القسمة إذا ما أردنا أن نغير الواقع .. وإذا كان هذا المبرر مقبولا عند البعض فدعونا نصدم وزير الصحة بالصورة الكاملة لواقع القطاع الصحي الذي لم يعد يحتمل التجميل.
فمشاكل القطاع الصحي تحاصر المواطن يوميا حتى أصبحت المعاناة من قوائم الانتظار ونقص الأسِرّة وتراجع الكفاءة الطبية والمعاناة في الحصول على العلاج في كثير من الأحيان بالإضافة للتضييق الشديد في العلاج بالخارج .. لتصبح تلك المعاناة قاسما مشتركا في شكاوى كل بيت، رغم ما توفره الدولة من إمكانيات مادية وتقنية تحتاج لمن يقدمها بجودة وكفاءة.
وعلى الرغم من ضرورة الإقرار بما يواجهه هذا القطاع من ضغط كبير في الفترات الأخيرة إلا أن ثغرات الصحة تحولت إلى أزمات مزمنة لم تعد المسكنات تجدي في حلها فأصبح القطاع وما يقدمه من خدمات طاردا للمواطنين.. هذا ما أكده تقرير لمجلس الشورى في إحدى جلساته مؤخرا، دعا خلاله لضرورة وضع خطة شاملة وعاجلة للنهوض بهذا القطاع الحيوي من عثراته من خلال المتابعة المستمرة وتشديد الرقابة عبر إنشاء هيئة رقابية مستقلة بهدف تحسين مستوى الخدمات الصحية في مؤسسة حمد الطبية والمراكز الصحية، والعمل على سرعة استصدار قانون التأمين الصحي للمواطنين شاملا جميع الخدمات الصحية وضرورة تمييز المواطن فيما يتعلق بالرعاية الصحية حتى يخرج القطاع الصحي من غرفة العناية المركزة ويعود جاذبا للمواطنين.
وتتضمن ثغرات القطاع الصحي عددا كبيرا من المشاكل اليومية والأزمات المزمنة .. بعضها قديم وبعضها الآخر مستجد ، إلا أن القاسم المشترك بين كافة الثغرات أن المواطن هو من يدفع ثمنها باستمرار.
الزحام وقوائم الانتظار
يمثل الزحام العقبة الأولى التي تواجه المواطن في رحلته لتلقى الخدمة الطبية سواء في مستشفيات مؤسسة حمد الطبية وكذلك في المراكز الصحية وتبدأ مشكلة الزحام مع دخول المريض للمستشفى حيث يصطدم بندرة المواقف واستحالتها في بعض الأحيان فكل من يقصد مستشفى حمد العام يواجه معاناة كبيرة ويقضي أغلبهم وقتا طويلا لإيجاد موقف للسيارة وبالرغم من كل الحلول التي أوجدتها إدارة مستشفى حمد لهذه المشكلة إلا أنها لم تـُجْدِ نفعا مع تضاعف الأعداد فأصبح الحصول على موقف همًّا لكل مرتادي المستشفى من المرضى حتى ظهرت تجارة بيع المواقف من قبل بعض السائقين، وقد تصل قيمة الموقف إلى 50 ريالا، كما امتد الزحام إلى الصيدليات فأصبح صرف الدواء معاناة تضاف إلى المريض في الانتظار في طوابير طويلة أملا في الحصول على الدواء وفي انتظار حلول جذرية تريحه من مشقة الزحام.
قوائم الانتظار
أما قوائم الانتظار فهي إحدى السلبيات المزمنة في القطاع الصحي فالمشكلة المركبة نتجت عن عدة عوامل أبرزها تضاعف أعداد المراجعين والمرضى في وقت لم يتواكب مع تلك الزيادة المطردة إنشاء المستشفيات الجديدة أو التوسع في أعداد الغرف والأسِرّة وبالرغم من حزمة التوسعات التي أجرتها حمد الطبية للزيادة إلا أنها لم تعد سوى مسكنات لأزمة تحتاج حلولا جذرية فلم تنجح التوسعات في إنهاء أزمة نقص الغرف والأسرة وكما يعلم الجميع فإن طاقة مستشفى حمد العام الحالية لايمكن أن تتحمل الزيادة السكانية التي شهدتها الدولة منذ افتتاح المستشفى منذ مايقارب 30 عاما فأصبح المرضى يضطرون إلى الانتظار لأسابيع وأشهر بالرغم من احتياجهم لإجراء عمليات عاجلة بسبب عدم توفر الغرف والأزمة في ظل غياب استراتيجية واضحة أو حل نهائي يرحم المرضى والمراجعين من معاناتهم و اضطرارهم للانتظار لفترات طويلة حتى يتم علاجهم.
وتشمل أزمة قوائم الانتظار الحصول على موعد في العيادات الخارجية فحتى وقت قريب كان المواطنون يواجهون مشكلة حقيقية في الحصول على موعد لمقابلة طبيب العيادات الخارجية في ظل وجود قوائم انتظار تمتد لأشهر حتى يمكنهم مقابلة أطبائهم.
تعاني العديد من المستشفيات والمراكز الصحية من عدم توفر العدد الكافي من الأطباء والاستشاريين من ذوي الخبرة والممارسة الطويلة في جميع التخصصات كما أن هناك افتقارا واضحا لتنمية الكوادر الطبية القطرية إضافة لقيام الممارسين العامين ممن ليس لديهم خبرة في معالجة المرضى، الأمر الذي انعكس سلبا على فعالية التشخيص والعلاج للحالة المرضية.
وأدى ذلك إلى حدوث الكثير من المضاعفات للمرضى وتدهور حالتهم إضافة إلى أخطاء في التشخيص ووصف العلاج وصرف الأدوية ما أدى إلى أزمة ثقة واضحة بين المواطن والطبيب ما دفع الكثير من الأسر القطرية للسفر للعلاج بالخارج وعزوفهم عن مستشفيات الدولة، ما يكلف الدولة والمواطنين أعباء مالية كبيرة نظير العلاج بالخارج، فضلا عن هدر المال والوقت.
الرأي العام أصبح يطالب بإنشاء هيئة رقابية مستقلة للرقابة على عمل الأطباء والصيادلة وأطقم التمريض للوقوف على مدى الجودة والالتزام بالمهنية خلال تقديمهم للخدمة الطبية كما تعالت الدعوات إلى أهمية وضع خطة شاملة لتغطية التخصصات الفعلية لحاجات المستشفيات، بحيث تلبي مخرجات التعليم هذا الجانب المهم من خلال ابتعاث الشباب القطري وتشجعيهم على دراسة التخصصات الطبية لإيجاد جيل جديد من الكوادر الطبية الوطنية تتحمل أعباء تلك المسؤولية للنهوض بالواقع الصحي بالدولة.
العلاج بالخارج
ويرى العديد من المواطنين أن هناك قصورا في الرد السريع على طلبات المواطنين المرضى والذين يحتاجون للعلاج السريع بالخارج وهو ما يعرضهم إلى مضاعفات مرضية كان من الممكن تجنبها في حال ما إذا تم علاج حالاتهم بشكل أسرع كما تؤكد غالبية الآراء إن لجنة العلاج بالخارج تقدم أسبابا لرفض عدد كبير من الطلبات التي تنظرها يوميا لأسباب غير مقنعة.
انتقادات عديدة وجهت إلى اللجنة بدعوى تبريرها الدائم على رفض الطلبات بحجة توفر العلاج في الدوحة باعتبار أن ذلك لايعد سببا وجيها يدفع اللجنة إلى الإقرار برفض الطلبات فكثير من الطلبات يعاني أصحابها من حالات طبية دقيقة و صعبة تحتاج إلى اتخاذ قرار سريع بالعلاج في الخارج لحاجتها الماسة إلى خبرات وقدرات علاجية لا تتوفر في مستشفيات الدوحة وهو ما يضطر أصحاب تلك الحالات إلى اللجوء إلى الجمعيات الخيرية و وسائل الإعلام لعلها تساعدهم في إيجاد حل لمعاناتهم
المواطنون طالبوا مرارا اللجنة الطبية بالإعلان عن التعامل بشفافية مع طلبات العلاج في الخارج من خلال توضيح الضوابط التي تحدد أسباب القبول أو الرفض لاسيما أن الدولة لا تبخل على توفير العلاج في أفضل دول العالم للمواطنين.
غلاء الأدوية
دفع غلاء الأدوية العديد من المواطنين إلى السفر للدول المجاورة لشراء الأدوية خاصة بعض الأنواع التي تعالج الأمراض المزمنة في ظل اختلاف كبير يصل في بعض الأحيان إلى 50% انخفاضا في تلك الدول مقارنة بأسعار الدواء في السوق المحلي.
وقد اعتبر المواطنون أن الدواء كسلعة استراتيجية تمس الصحة العامة لايخضع للرقابة الكافية من قبل الجهات المختصة في تشديد الانضباط على الشركات المستوردة والصيدليات لوقف الارتفاع غير المبرر في الأسعار.
وتساؤلات رجل الشارع لم تنقطع عن دور المجلس الأعلى للصحة و إدارة حماية المستهلك في مواجهة الانفلات الحادث في سعر الدواء مشيرا إلى أنه منذ صدور قانون تحرير أسعار الأدوية لم نسمع عن حملات تفتيشية على الصيدليات للتأكد من الالتزام بالأسعار القانونية بالرغم من شكاوى جميع المواطنين من الغلاء الجنوني الذي أصاب أسعار كافة أنواع الأدوية
والمشكلة دفعت المواطنين إلى الدعوة لتنظيم حملات رقابية مستمرة و إعلان نتائجها لضبط الأسعار و تحديد نسب الربح في ظل الدعم الذي تقدمه الدولة للسلع الدوائية وضرورة العمل على حث الشركات والوكلاء المستوردين للأدوية للعمل على تخفيض أسعار الأدوية أسوة بما قامت به إحدى الشركات مؤخرا بتخفيض ما يزيد عن 70 صنفا دوائيا بما يقارب 21 % مؤكدين أن ذلك سيسهم في زيادة المنافسة بين الشركات بما يعود نفعا على المواطنين و سيقلل من أسعار الدواء.
خدمات الإسعاف
هناك عوائق تحد من تحقيق الاستفادة المرجوة من الخدمات الإسعافية على رأسها الشكاوى المستمرة من تأخر وصول الإسعاف إلى مكان الحادث، وهذا يرجع إلى عدة عوامل أبرزها الحفريات بالشوارع التي تؤدي إلى اختناقات مرورية وعدم دراية سائقي السيارات بأسماء الشوارع والمناطق بالدولة، ما يستدعي تدريب وتأهيل سائقي سيارات الإسعاف والمسعفين وتوفير عدد كاف من السائقين القطريين (المسعفين) ممن لديهم المعرفة الجغرافية بمناطق وشوارع الدولة من أجل الوصول بسرعة إلى المصابين والمرضى لإسعافهم، مع منح الحوافز والدرجات الوظيفية التي تساعد على استقطابهم للعمل في هذا المجال.
ورغم تعالي المطالب بضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة في ربط الإسعاف بتقنية الـ "جي بي إس" وتوفير عدد كاف من طائرات الهليكوبتر (الإسعاف الطائر)، والتنسيق مع وزارة البلدية والتخطيط العمراني وهيئة الأشغال العامة لتوفير متطلبات سيارات الإسعاف في الطرق السريعة من مداخل ومخارج وأماكن الدوران وجوانب للطرق ومناطق هبوط آمنة للإسعاف الطائر.. إلا أن كل هذه المطالب ذهبت أدراج الرياح أو وجدت من يجمدها بتصريحات وردية عن خطط مستقبلية لا ترى النور أبداً.
تأخر المشاريع
وما زال ملف التوسع بإنشاء مرافق يتصدر المطالب الجماهيرية الملحة بعد أن أظهرت الزيادة الكبيرة التي شهدتها أغلب مرافق القطاع الصحي في السنوات الماضية ضرورة ملحة في التوسع بإنشاء مرافق جديدة تشمل المستشفيات و المراكز الصحية والخدمات العلاجية الأخرى.
وبالرغم من أن الاستراتيجية الوطنية للصحة حملت في بنودها حزمة واسعة من المشاريع الجديدة للارتقاء بالمرافق الصحية إلا أن كثيرا من تلك المشروعات متعثرة حتى الآن، فلم يتم الانتهاء من مشروع المدينة الطبية التي من المفترض أن تسهم في إحداث نقلة نوعية في توفير الخدمات الصحية وتخفيف الضغط عن مستشفى حمد العام ، كذلك لايزال المواطنون في انتظار افتتاح مستشفى الوكرة الذي سيقدم خدمة صحية لشريحة واسعة من المواطنين من سكان المناطق الجنوبية وبالرغم من بدء العمل بعدد من أفرع المستشفى إلا أن موعد دخوله للخدمة بطاقته الكاملة لايزال غامضا
ولايختلف الوضع بالنسبة للمراكز الصحية التي لم تعد قادرة على استيعاب الكثافة المتزايدة من المراجعين لتقديم خدمات الرعاية الأولية وتحمل الأجندة عددا من مشاريع إنشاء مراكز صحية جديدة إلا أن المطالب تؤكد على أهمية الإسراع بتنفيذ تلك المشروعات لإيجاد منافذ صحية جديدة تقدم خدماتها للمواطن بجودة عالية ودون معاناة.
تلك كانت صورة بانورامية لواقع القطاع الطبي .. نهديها لوزير الصحة وهو على أعتاب سنة رابعة في منصبه .. لا نسعى من ورائها إلا للصالح العام ومستقبل أفضل لأجيال جديدة تتطلع لفرص أفضل للعلاج.
استمرارا لمسلسل الاتقادات للقطاع الصحي في الدوله وبعد ان صدمنا في الاونة الاخيرة بكثرة حوادث الاهمال الطبي وتجاهل التحقيق في العديد من شكاوي المرضي .. جاء اليوم الاستاذ صادق محمد العماري مشكورا وفتح هذا الملف مرة اخرى وبعنوان جريء وتفاصيل اجرأ .. فهل نجد استجابة هذه المرة من المسؤولين في القطاع الصحي ؟؟؟
اترككم مع المقال:
القطاع الصحي في غرفة الإنعاش
في الذكرى الثالثة لتولي الوزير مهامه
وزير الصحة يتعمد تجميل الواقع .. ومساعدوه يروجون للحلول المؤقته
لماذا تأخر الوزير 3 سنوات عن مواجهة مشكلة نقص الكوادر المؤهلة ؟
تصريحات الوزير عن سقف أعلى لأسعار الدواء .. لا علاقه له بالواقع
المسكنات فشلت في حل مشاكل القطاع الصحي من الزحام على الدواء
انتقادات واسعة لبطء وعدم شفافية لجنة العلاج بالخارج
الأخطاء ونقص الكوادر خلقت أزمة ثقة بين المواطن والطبيب
بقلم- صادق محمد العماري:
لم يعد السكوت عن تراجع مستوى الخدمات الصحية مقبولا، بعد أن فشلت كل الحلول المؤقتة التي تحاول وزارة الصحة ترويجها في مؤتمراتها الصحفية.
كنا نتصور أن سعادة السيد عبدالله بن خالد القحطاني الذي مضى أمس 3 سنوات بالتمام والكمال على تعيينه وتوليه منصب وزير الصحة، قادر على استيعاب ما يمر به القطاع الصحي من أزمات، لا أن يشارك مساعديه في مهمة تجميل الواقع بالشعارات والعبارات الرنانة. قبل أيام خرج الوزير ليبشر المواطنين بوجود سقف لأسعار جميع الأدوية الصيدلانية المسجلة لجميع وكلاء شركات الأدوية المعتمدين، وأن الوزارة تسعى لاعتماد رقابة الكترونية للدواء ومتابعة سيره من المصنع حتى وصوله للمريض للتأكد من سلامته.
ولأن الواقع يناقض كلام الوزير، فإن المواطنين لم يتحمسوا لتلك التصريحات، فليس هناك سقف حقيقي لأسعار الدواء، كما أن الرقابة التي تحدث عنها الوزير لم يلمسها المواطن يوما .. بدليل الأسعار الفلكية التي وصل إليها الدواء.
تصريحات وزير الصحة الخاوية جاءت خلال رده على انتقادات المجلس البلدي حول أسعار الدواء والعلاج بالمستشفيات التخصصية ونقص الكوادر البشرية المؤهلة أعادت للأذهان تصريحات أخرى للوزير أطلقها قبل شهرين كشف فيها عن دراسة شاملة سيتم إجراؤها قريبا للتعرف على حاجة سوق العمل للوظائف المتعلقة بالقطاع الصحي بالدولة لمدة 15 سنة قادمة.. وبالطبع لم يستوقف أحد وزير الصحة ليسأله .. وماذا عن النقص الحالي في الكوادر الطبية المؤهلة؟ ولماذا تأخرت تلك الدراسة 3 سنوات من تاريخ توليه المنصب؟ وهل اعتراف الوزير بـ "النقص الحاصل في القطاع الصحي من الكوادر المؤهلة" يعفيه من مسؤولية التقصير؟
البعض يتحدث عن الدور الغائب مساعدي الوزير في توضيح الصورة الكاملة والاكتفاء بتجميل الواقع أمام الوزير .. كنوع من تبرير الأداء المرتبك لقطاع الصحة .. فالحقيقة دائما صادمة .. لكنها في النهاية لا تقبل القسمة إذا ما أردنا أن نغير الواقع .. وإذا كان هذا المبرر مقبولا عند البعض فدعونا نصدم وزير الصحة بالصورة الكاملة لواقع القطاع الصحي الذي لم يعد يحتمل التجميل.
فمشاكل القطاع الصحي تحاصر المواطن يوميا حتى أصبحت المعاناة من قوائم الانتظار ونقص الأسِرّة وتراجع الكفاءة الطبية والمعاناة في الحصول على العلاج في كثير من الأحيان بالإضافة للتضييق الشديد في العلاج بالخارج .. لتصبح تلك المعاناة قاسما مشتركا في شكاوى كل بيت، رغم ما توفره الدولة من إمكانيات مادية وتقنية تحتاج لمن يقدمها بجودة وكفاءة.
وعلى الرغم من ضرورة الإقرار بما يواجهه هذا القطاع من ضغط كبير في الفترات الأخيرة إلا أن ثغرات الصحة تحولت إلى أزمات مزمنة لم تعد المسكنات تجدي في حلها فأصبح القطاع وما يقدمه من خدمات طاردا للمواطنين.. هذا ما أكده تقرير لمجلس الشورى في إحدى جلساته مؤخرا، دعا خلاله لضرورة وضع خطة شاملة وعاجلة للنهوض بهذا القطاع الحيوي من عثراته من خلال المتابعة المستمرة وتشديد الرقابة عبر إنشاء هيئة رقابية مستقلة بهدف تحسين مستوى الخدمات الصحية في مؤسسة حمد الطبية والمراكز الصحية، والعمل على سرعة استصدار قانون التأمين الصحي للمواطنين شاملا جميع الخدمات الصحية وضرورة تمييز المواطن فيما يتعلق بالرعاية الصحية حتى يخرج القطاع الصحي من غرفة العناية المركزة ويعود جاذبا للمواطنين.
وتتضمن ثغرات القطاع الصحي عددا كبيرا من المشاكل اليومية والأزمات المزمنة .. بعضها قديم وبعضها الآخر مستجد ، إلا أن القاسم المشترك بين كافة الثغرات أن المواطن هو من يدفع ثمنها باستمرار.
الزحام وقوائم الانتظار
يمثل الزحام العقبة الأولى التي تواجه المواطن في رحلته لتلقى الخدمة الطبية سواء في مستشفيات مؤسسة حمد الطبية وكذلك في المراكز الصحية وتبدأ مشكلة الزحام مع دخول المريض للمستشفى حيث يصطدم بندرة المواقف واستحالتها في بعض الأحيان فكل من يقصد مستشفى حمد العام يواجه معاناة كبيرة ويقضي أغلبهم وقتا طويلا لإيجاد موقف للسيارة وبالرغم من كل الحلول التي أوجدتها إدارة مستشفى حمد لهذه المشكلة إلا أنها لم تـُجْدِ نفعا مع تضاعف الأعداد فأصبح الحصول على موقف همًّا لكل مرتادي المستشفى من المرضى حتى ظهرت تجارة بيع المواقف من قبل بعض السائقين، وقد تصل قيمة الموقف إلى 50 ريالا، كما امتد الزحام إلى الصيدليات فأصبح صرف الدواء معاناة تضاف إلى المريض في الانتظار في طوابير طويلة أملا في الحصول على الدواء وفي انتظار حلول جذرية تريحه من مشقة الزحام.
قوائم الانتظار
أما قوائم الانتظار فهي إحدى السلبيات المزمنة في القطاع الصحي فالمشكلة المركبة نتجت عن عدة عوامل أبرزها تضاعف أعداد المراجعين والمرضى في وقت لم يتواكب مع تلك الزيادة المطردة إنشاء المستشفيات الجديدة أو التوسع في أعداد الغرف والأسِرّة وبالرغم من حزمة التوسعات التي أجرتها حمد الطبية للزيادة إلا أنها لم تعد سوى مسكنات لأزمة تحتاج حلولا جذرية فلم تنجح التوسعات في إنهاء أزمة نقص الغرف والأسرة وكما يعلم الجميع فإن طاقة مستشفى حمد العام الحالية لايمكن أن تتحمل الزيادة السكانية التي شهدتها الدولة منذ افتتاح المستشفى منذ مايقارب 30 عاما فأصبح المرضى يضطرون إلى الانتظار لأسابيع وأشهر بالرغم من احتياجهم لإجراء عمليات عاجلة بسبب عدم توفر الغرف والأزمة في ظل غياب استراتيجية واضحة أو حل نهائي يرحم المرضى والمراجعين من معاناتهم و اضطرارهم للانتظار لفترات طويلة حتى يتم علاجهم.
وتشمل أزمة قوائم الانتظار الحصول على موعد في العيادات الخارجية فحتى وقت قريب كان المواطنون يواجهون مشكلة حقيقية في الحصول على موعد لمقابلة طبيب العيادات الخارجية في ظل وجود قوائم انتظار تمتد لأشهر حتى يمكنهم مقابلة أطبائهم.
تعاني العديد من المستشفيات والمراكز الصحية من عدم توفر العدد الكافي من الأطباء والاستشاريين من ذوي الخبرة والممارسة الطويلة في جميع التخصصات كما أن هناك افتقارا واضحا لتنمية الكوادر الطبية القطرية إضافة لقيام الممارسين العامين ممن ليس لديهم خبرة في معالجة المرضى، الأمر الذي انعكس سلبا على فعالية التشخيص والعلاج للحالة المرضية.
وأدى ذلك إلى حدوث الكثير من المضاعفات للمرضى وتدهور حالتهم إضافة إلى أخطاء في التشخيص ووصف العلاج وصرف الأدوية ما أدى إلى أزمة ثقة واضحة بين المواطن والطبيب ما دفع الكثير من الأسر القطرية للسفر للعلاج بالخارج وعزوفهم عن مستشفيات الدولة، ما يكلف الدولة والمواطنين أعباء مالية كبيرة نظير العلاج بالخارج، فضلا عن هدر المال والوقت.
الرأي العام أصبح يطالب بإنشاء هيئة رقابية مستقلة للرقابة على عمل الأطباء والصيادلة وأطقم التمريض للوقوف على مدى الجودة والالتزام بالمهنية خلال تقديمهم للخدمة الطبية كما تعالت الدعوات إلى أهمية وضع خطة شاملة لتغطية التخصصات الفعلية لحاجات المستشفيات، بحيث تلبي مخرجات التعليم هذا الجانب المهم من خلال ابتعاث الشباب القطري وتشجعيهم على دراسة التخصصات الطبية لإيجاد جيل جديد من الكوادر الطبية الوطنية تتحمل أعباء تلك المسؤولية للنهوض بالواقع الصحي بالدولة.
العلاج بالخارج
ويرى العديد من المواطنين أن هناك قصورا في الرد السريع على طلبات المواطنين المرضى والذين يحتاجون للعلاج السريع بالخارج وهو ما يعرضهم إلى مضاعفات مرضية كان من الممكن تجنبها في حال ما إذا تم علاج حالاتهم بشكل أسرع كما تؤكد غالبية الآراء إن لجنة العلاج بالخارج تقدم أسبابا لرفض عدد كبير من الطلبات التي تنظرها يوميا لأسباب غير مقنعة.
انتقادات عديدة وجهت إلى اللجنة بدعوى تبريرها الدائم على رفض الطلبات بحجة توفر العلاج في الدوحة باعتبار أن ذلك لايعد سببا وجيها يدفع اللجنة إلى الإقرار برفض الطلبات فكثير من الطلبات يعاني أصحابها من حالات طبية دقيقة و صعبة تحتاج إلى اتخاذ قرار سريع بالعلاج في الخارج لحاجتها الماسة إلى خبرات وقدرات علاجية لا تتوفر في مستشفيات الدوحة وهو ما يضطر أصحاب تلك الحالات إلى اللجوء إلى الجمعيات الخيرية و وسائل الإعلام لعلها تساعدهم في إيجاد حل لمعاناتهم
المواطنون طالبوا مرارا اللجنة الطبية بالإعلان عن التعامل بشفافية مع طلبات العلاج في الخارج من خلال توضيح الضوابط التي تحدد أسباب القبول أو الرفض لاسيما أن الدولة لا تبخل على توفير العلاج في أفضل دول العالم للمواطنين.
غلاء الأدوية
دفع غلاء الأدوية العديد من المواطنين إلى السفر للدول المجاورة لشراء الأدوية خاصة بعض الأنواع التي تعالج الأمراض المزمنة في ظل اختلاف كبير يصل في بعض الأحيان إلى 50% انخفاضا في تلك الدول مقارنة بأسعار الدواء في السوق المحلي.
وقد اعتبر المواطنون أن الدواء كسلعة استراتيجية تمس الصحة العامة لايخضع للرقابة الكافية من قبل الجهات المختصة في تشديد الانضباط على الشركات المستوردة والصيدليات لوقف الارتفاع غير المبرر في الأسعار.
وتساؤلات رجل الشارع لم تنقطع عن دور المجلس الأعلى للصحة و إدارة حماية المستهلك في مواجهة الانفلات الحادث في سعر الدواء مشيرا إلى أنه منذ صدور قانون تحرير أسعار الأدوية لم نسمع عن حملات تفتيشية على الصيدليات للتأكد من الالتزام بالأسعار القانونية بالرغم من شكاوى جميع المواطنين من الغلاء الجنوني الذي أصاب أسعار كافة أنواع الأدوية
والمشكلة دفعت المواطنين إلى الدعوة لتنظيم حملات رقابية مستمرة و إعلان نتائجها لضبط الأسعار و تحديد نسب الربح في ظل الدعم الذي تقدمه الدولة للسلع الدوائية وضرورة العمل على حث الشركات والوكلاء المستوردين للأدوية للعمل على تخفيض أسعار الأدوية أسوة بما قامت به إحدى الشركات مؤخرا بتخفيض ما يزيد عن 70 صنفا دوائيا بما يقارب 21 % مؤكدين أن ذلك سيسهم في زيادة المنافسة بين الشركات بما يعود نفعا على المواطنين و سيقلل من أسعار الدواء.
خدمات الإسعاف
هناك عوائق تحد من تحقيق الاستفادة المرجوة من الخدمات الإسعافية على رأسها الشكاوى المستمرة من تأخر وصول الإسعاف إلى مكان الحادث، وهذا يرجع إلى عدة عوامل أبرزها الحفريات بالشوارع التي تؤدي إلى اختناقات مرورية وعدم دراية سائقي السيارات بأسماء الشوارع والمناطق بالدولة، ما يستدعي تدريب وتأهيل سائقي سيارات الإسعاف والمسعفين وتوفير عدد كاف من السائقين القطريين (المسعفين) ممن لديهم المعرفة الجغرافية بمناطق وشوارع الدولة من أجل الوصول بسرعة إلى المصابين والمرضى لإسعافهم، مع منح الحوافز والدرجات الوظيفية التي تساعد على استقطابهم للعمل في هذا المجال.
ورغم تعالي المطالب بضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة في ربط الإسعاف بتقنية الـ "جي بي إس" وتوفير عدد كاف من طائرات الهليكوبتر (الإسعاف الطائر)، والتنسيق مع وزارة البلدية والتخطيط العمراني وهيئة الأشغال العامة لتوفير متطلبات سيارات الإسعاف في الطرق السريعة من مداخل ومخارج وأماكن الدوران وجوانب للطرق ومناطق هبوط آمنة للإسعاف الطائر.. إلا أن كل هذه المطالب ذهبت أدراج الرياح أو وجدت من يجمدها بتصريحات وردية عن خطط مستقبلية لا ترى النور أبداً.
تأخر المشاريع
وما زال ملف التوسع بإنشاء مرافق يتصدر المطالب الجماهيرية الملحة بعد أن أظهرت الزيادة الكبيرة التي شهدتها أغلب مرافق القطاع الصحي في السنوات الماضية ضرورة ملحة في التوسع بإنشاء مرافق جديدة تشمل المستشفيات و المراكز الصحية والخدمات العلاجية الأخرى.
وبالرغم من أن الاستراتيجية الوطنية للصحة حملت في بنودها حزمة واسعة من المشاريع الجديدة للارتقاء بالمرافق الصحية إلا أن كثيرا من تلك المشروعات متعثرة حتى الآن، فلم يتم الانتهاء من مشروع المدينة الطبية التي من المفترض أن تسهم في إحداث نقلة نوعية في توفير الخدمات الصحية وتخفيف الضغط عن مستشفى حمد العام ، كذلك لايزال المواطنون في انتظار افتتاح مستشفى الوكرة الذي سيقدم خدمة صحية لشريحة واسعة من المواطنين من سكان المناطق الجنوبية وبالرغم من بدء العمل بعدد من أفرع المستشفى إلا أن موعد دخوله للخدمة بطاقته الكاملة لايزال غامضا
ولايختلف الوضع بالنسبة للمراكز الصحية التي لم تعد قادرة على استيعاب الكثافة المتزايدة من المراجعين لتقديم خدمات الرعاية الأولية وتحمل الأجندة عددا من مشاريع إنشاء مراكز صحية جديدة إلا أن المطالب تؤكد على أهمية الإسراع بتنفيذ تلك المشروعات لإيجاد منافذ صحية جديدة تقدم خدماتها للمواطن بجودة عالية ودون معاناة.
تلك كانت صورة بانورامية لواقع القطاع الطبي .. نهديها لوزير الصحة وهو على أعتاب سنة رابعة في منصبه .. لا نسعى من ورائها إلا للصالح العام ومستقبل أفضل لأجيال جديدة تتطلع لفرص أفضل للعلاج.