شمعة الحب
16-06-2006, 12:32 PM
رسائل من مستثمر صغير في سوق الأسهم (1)
د. محمد أل عباس - كاتب اقتصادي 20/05/1427هـ
maalabbas@kku.edu.sa
هي رسائل من مستثمر صغير تبدو عليه علامات القلق والحيرة، لم يعد يعرف ما الذي أوصله إلى هذه الحال وما هو القرار الأنسب؟ عندما قرر دخول السوق كانت الأبواب مشرعة من مستثمرين ومشغلي أموال إلى صناديق استثمارية وإعلانات تملأ الصحف, ومن توصيات أرهقت الجوّال إلى صالات مشرعة للدخول وشاشات مذهلة مع محللين مدهشين بدا وكأنهم حقا يعرفون ما يحدث حتى أتى أمر الله وتغير الحال.
رسائل استشفها من استفسارات عدة ومناقشات متعددة مع العديد من صغار المستثمرين وأبعثها إلى من يهمه الأمر على أساس أن نختلف اختلاف المتفقين على أهمية عودة الأمور إلى نصابها وأن نعي ما حدث ونتعلم منه ما يقدم الرخاء إلى هذا البلد المعطاء.
لا لوم عندما اندفع الناس نحو سوق الأسهم كنتيجة طبيعية للعوائد والوعود، مَن يرفض عائدا يصل إلى 200 في المائة؟! كان على هيئة السوق مهمة تنظيمه ولكي تُقبل قراراتها وتنجز مهامها فإن عليها أن تبني صروحها على أكتاف الاستقلال. لم يوضح نظام الهيئة كيف يمكن ضمان استقلالها عن السوق والمتعاملين فيه وخاصة استقلالها الفكري لأن الاستقلال نوعان ظاهري Appearance وفكري Mental. يبدو أن الهيئة لم تستطع أن تظهر استقلالا كاملا في النواحي الفكرية على الأقل حيث بدا وكأن قراراتها تأثرت بما يفرضه كبار المضاربين على السوق واتجاهاتها. كما لم تستطع الهيئة أن تتخذ القرار بطريقة تتسم بالاستقلال في عدة أمور تتعلق بالصناديق الاستثمارية والتصرفات التي مارستها البنوك وكان لها أثر كبير في السوق. ويبدو لي أن للعلاقة الحميمة بين الهيئة ومؤسسة النقد أثرا في الخلفية الفكرية والثقافية للهيئة, خاصة أن جماز السحيمي رئيس الهيئة السابق، كان من أبناء مؤسسة النقد وتلاميذ مدرستها الفكرية. تلك المدرسة التي تعتبر البنوك أساس الاقتصاد ومحوره ولا بد من ضمان عدم المساس بها. وعلى الرغم من أن ثأثر الاستقلال الظاهري للهيئة، كمؤسسة، يظل شديد الحضور لما يترتب عليه تنظيم السوق من المشاورة والمناورة لكنها قضية تبدو ثانوية لو اتسمت قرارات الهيئة بالاستقلال الفكري, خاصة عن البنوك وصناديقها الاستثمارية التي نجت حتى الآن من أي لوم أو عتاب رسمي بل فُسر كثير من تصرفاتها باقتناص الفرص.
ومع قبول تأثير الضغوط الإعلامية التي تعرضت لها الهيئة فقد كان أداؤها في موضوع الشفافية ذا أثر كبير ولم يزل. تبدأ الشفافية في السوق من الهيئة وتنتهي إليها. تسربت أنباء كثيرة حول تقسيم السوق وتخفيض النسبة كان لها صدى في الأسعار وحركة المؤشرات وتنبؤات المحللين، كما تأثرت السوق ببعض التصريحات غير الواضحة واضطرت الهيئة أن تعيد صياغتها بطريقة أكثر غموضا. الشفافية والإفصاح فن قبل أن يكون قرارات وتوصيات. إن الشفافية في السوق تعني تقليل فرص الحصول على أرباح غير عادية لبعض الأفراد أو المؤسسات نتيجة قدرتهم على تحليل ومعرفة أثر المعلومات في الأسعار قبل غيرهم, وبوقت كاف. يمكن تحقيق ذلك المستوى الفاعل من الشفافية بأن نضمن وصول المعلومات واتجاهات الهيئة وقراراتها ونتائج اجتماعاتها إلى أكبر شريحة من السوق مع أو قبل أن تصل إلى الصناديق الاستثمارية وكبار المضاربين. بذلك تحقق الهيئة خطوة إيجابية لتحجيم الأرباح غير العادية التي يحققها الكبار على حساب الصغار. قد ترد الهيئة بأن تصريحاتها تصل إلى السوق عن طريق موقع "تداول", لكن إعلانات الهيئة على الموقع لا تشمل وجهة نظر الهيئة, خاصة عن القرارات تحت الدراسة التي تسربت أو من المحتمل أن تتسرب ولا تشمل رؤيتها عن اتجاهات السوق ومدى الرضا عنها. لماذا لا تمارس الهيئة التصريح الصحافي الأسبوعي من خلال مؤتمر صحافي أو من خلال نشرة "تداول", وذلك لتوضيح وجهة نظر الهيئة عن اتجاهات السوق بشكل عام وعن نتائج أي اجتماع أو ترد على أي سؤال أو إشاعة؟
في العدد الأخير من نشرة "تداول" الصادر عن الربع الأول 2006 العدد 16 كان الموضوع الرئيس هو الإفصاح والشفافية في الشركات ومدى الالتزام بذلك, وفي اعتقادي أن على الهيئة أن تناقش مستواها في الإفصاح والشفافية أولا وبكل صراحة وقبول الرأي الآخر. قد ترد الهيئة بأنها تخشى أن يتأثر السوق بمجرد نقاشات لم تصل إلى مستوى القرار النهائي الإلزامي لذلك تتجنب الحديث مثل هذا الموضوع. المشكلة أن الهيئة حسنة النية أكثر من اللازم لأنه ومع معرفة الكثير أن القرار لا يزال تحت الدراسة الأولية مع وجود اتجاه عام بعدم الجدية في اتخاذه إلا أن هناك من يستطيع أن يستخدم هذه المعلومة في الحصول على عوائد مميزة بطريقة فاعلة. لا بد للهيئة أن تمارس الشفافية لضمان توزيع المعلومة على جميع شرائح السوق وبذلك سيكون تأثيرها محدودا إلى درجة كبيرة.
أعود فأقول إن من الأدوات الفاعلة لتعزيز شفافية الهيئة هي الاستخدام الفاعل لنشرة "تداول", وهي نشرة جيدة, لكن لماذا كل ربع سنة, لماذا وإمكانيات الهيئة أكبر من ذلك بكثير؟ أرى أن على الهيئة أن تبذل جهدا أكبر وأكثر حرفية في إيصال المعلومة في الوقت المناسب ويمكن توزيع هذه النشرة كل سبت أو أربعاء على المتداولين في الصالات (وتعتبر خدمة إلزامية على البنك) توضح فيها الهيئة وجهة نظرها عن أمور عدة. أما إذا بقيت الأمور على ما هي عليه بحيث تصل المعلومة إلى الكبار قبل الصغار أو يفسرها الكبار بما يتناسب مع هيكلية محافظهم ولم يكن للصغار وسيلة سهلة لتحليل تلك المعلومة أو التأكد من صدقها فإن فارق الأرباح سيكون كبيرا وكافيا لتعود الدائرة كما كانت.
وقفة مع
قدمت جمعية الاقتصاد السعودية تحفة سميت "الاقتصاد" وليست مجرد نشرة. التهاني للدكتور محمد القنيبط، أبدعت في العرض والمواضيع والطرح وفوق كل هذا وذاك أسلوب جديد وتعاون مثمر من خلال الجريدة الرائعة دوما "الاقتصادية".
د. محمد أل عباس - كاتب اقتصادي 20/05/1427هـ
maalabbas@kku.edu.sa
هي رسائل من مستثمر صغير تبدو عليه علامات القلق والحيرة، لم يعد يعرف ما الذي أوصله إلى هذه الحال وما هو القرار الأنسب؟ عندما قرر دخول السوق كانت الأبواب مشرعة من مستثمرين ومشغلي أموال إلى صناديق استثمارية وإعلانات تملأ الصحف, ومن توصيات أرهقت الجوّال إلى صالات مشرعة للدخول وشاشات مذهلة مع محللين مدهشين بدا وكأنهم حقا يعرفون ما يحدث حتى أتى أمر الله وتغير الحال.
رسائل استشفها من استفسارات عدة ومناقشات متعددة مع العديد من صغار المستثمرين وأبعثها إلى من يهمه الأمر على أساس أن نختلف اختلاف المتفقين على أهمية عودة الأمور إلى نصابها وأن نعي ما حدث ونتعلم منه ما يقدم الرخاء إلى هذا البلد المعطاء.
لا لوم عندما اندفع الناس نحو سوق الأسهم كنتيجة طبيعية للعوائد والوعود، مَن يرفض عائدا يصل إلى 200 في المائة؟! كان على هيئة السوق مهمة تنظيمه ولكي تُقبل قراراتها وتنجز مهامها فإن عليها أن تبني صروحها على أكتاف الاستقلال. لم يوضح نظام الهيئة كيف يمكن ضمان استقلالها عن السوق والمتعاملين فيه وخاصة استقلالها الفكري لأن الاستقلال نوعان ظاهري Appearance وفكري Mental. يبدو أن الهيئة لم تستطع أن تظهر استقلالا كاملا في النواحي الفكرية على الأقل حيث بدا وكأن قراراتها تأثرت بما يفرضه كبار المضاربين على السوق واتجاهاتها. كما لم تستطع الهيئة أن تتخذ القرار بطريقة تتسم بالاستقلال في عدة أمور تتعلق بالصناديق الاستثمارية والتصرفات التي مارستها البنوك وكان لها أثر كبير في السوق. ويبدو لي أن للعلاقة الحميمة بين الهيئة ومؤسسة النقد أثرا في الخلفية الفكرية والثقافية للهيئة, خاصة أن جماز السحيمي رئيس الهيئة السابق، كان من أبناء مؤسسة النقد وتلاميذ مدرستها الفكرية. تلك المدرسة التي تعتبر البنوك أساس الاقتصاد ومحوره ولا بد من ضمان عدم المساس بها. وعلى الرغم من أن ثأثر الاستقلال الظاهري للهيئة، كمؤسسة، يظل شديد الحضور لما يترتب عليه تنظيم السوق من المشاورة والمناورة لكنها قضية تبدو ثانوية لو اتسمت قرارات الهيئة بالاستقلال الفكري, خاصة عن البنوك وصناديقها الاستثمارية التي نجت حتى الآن من أي لوم أو عتاب رسمي بل فُسر كثير من تصرفاتها باقتناص الفرص.
ومع قبول تأثير الضغوط الإعلامية التي تعرضت لها الهيئة فقد كان أداؤها في موضوع الشفافية ذا أثر كبير ولم يزل. تبدأ الشفافية في السوق من الهيئة وتنتهي إليها. تسربت أنباء كثيرة حول تقسيم السوق وتخفيض النسبة كان لها صدى في الأسعار وحركة المؤشرات وتنبؤات المحللين، كما تأثرت السوق ببعض التصريحات غير الواضحة واضطرت الهيئة أن تعيد صياغتها بطريقة أكثر غموضا. الشفافية والإفصاح فن قبل أن يكون قرارات وتوصيات. إن الشفافية في السوق تعني تقليل فرص الحصول على أرباح غير عادية لبعض الأفراد أو المؤسسات نتيجة قدرتهم على تحليل ومعرفة أثر المعلومات في الأسعار قبل غيرهم, وبوقت كاف. يمكن تحقيق ذلك المستوى الفاعل من الشفافية بأن نضمن وصول المعلومات واتجاهات الهيئة وقراراتها ونتائج اجتماعاتها إلى أكبر شريحة من السوق مع أو قبل أن تصل إلى الصناديق الاستثمارية وكبار المضاربين. بذلك تحقق الهيئة خطوة إيجابية لتحجيم الأرباح غير العادية التي يحققها الكبار على حساب الصغار. قد ترد الهيئة بأن تصريحاتها تصل إلى السوق عن طريق موقع "تداول", لكن إعلانات الهيئة على الموقع لا تشمل وجهة نظر الهيئة, خاصة عن القرارات تحت الدراسة التي تسربت أو من المحتمل أن تتسرب ولا تشمل رؤيتها عن اتجاهات السوق ومدى الرضا عنها. لماذا لا تمارس الهيئة التصريح الصحافي الأسبوعي من خلال مؤتمر صحافي أو من خلال نشرة "تداول", وذلك لتوضيح وجهة نظر الهيئة عن اتجاهات السوق بشكل عام وعن نتائج أي اجتماع أو ترد على أي سؤال أو إشاعة؟
في العدد الأخير من نشرة "تداول" الصادر عن الربع الأول 2006 العدد 16 كان الموضوع الرئيس هو الإفصاح والشفافية في الشركات ومدى الالتزام بذلك, وفي اعتقادي أن على الهيئة أن تناقش مستواها في الإفصاح والشفافية أولا وبكل صراحة وقبول الرأي الآخر. قد ترد الهيئة بأنها تخشى أن يتأثر السوق بمجرد نقاشات لم تصل إلى مستوى القرار النهائي الإلزامي لذلك تتجنب الحديث مثل هذا الموضوع. المشكلة أن الهيئة حسنة النية أكثر من اللازم لأنه ومع معرفة الكثير أن القرار لا يزال تحت الدراسة الأولية مع وجود اتجاه عام بعدم الجدية في اتخاذه إلا أن هناك من يستطيع أن يستخدم هذه المعلومة في الحصول على عوائد مميزة بطريقة فاعلة. لا بد للهيئة أن تمارس الشفافية لضمان توزيع المعلومة على جميع شرائح السوق وبذلك سيكون تأثيرها محدودا إلى درجة كبيرة.
أعود فأقول إن من الأدوات الفاعلة لتعزيز شفافية الهيئة هي الاستخدام الفاعل لنشرة "تداول", وهي نشرة جيدة, لكن لماذا كل ربع سنة, لماذا وإمكانيات الهيئة أكبر من ذلك بكثير؟ أرى أن على الهيئة أن تبذل جهدا أكبر وأكثر حرفية في إيصال المعلومة في الوقت المناسب ويمكن توزيع هذه النشرة كل سبت أو أربعاء على المتداولين في الصالات (وتعتبر خدمة إلزامية على البنك) توضح فيها الهيئة وجهة نظرها عن أمور عدة. أما إذا بقيت الأمور على ما هي عليه بحيث تصل المعلومة إلى الكبار قبل الصغار أو يفسرها الكبار بما يتناسب مع هيكلية محافظهم ولم يكن للصغار وسيلة سهلة لتحليل تلك المعلومة أو التأكد من صدقها فإن فارق الأرباح سيكون كبيرا وكافيا لتعود الدائرة كما كانت.
وقفة مع
قدمت جمعية الاقتصاد السعودية تحفة سميت "الاقتصاد" وليست مجرد نشرة. التهاني للدكتور محمد القنيبط، أبدعت في العرض والمواضيع والطرح وفوق كل هذا وذاك أسلوب جديد وتعاون مثمر من خلال الجريدة الرائعة دوما "الاقتصادية".