المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعادة الهيكلة ... "الراجحي" مثلا



شمعة الحب
16-06-2006, 12:38 PM
إعادة الهيكلة ... "الراجحي" مثلا
محمد بن ناصر الجديد - كلية الاقتصاد والإدارة، جامعة أدنبرة - المملكة المتحدة 20/05/1427هـ
mjadeed@hotmail.com

مجموعة من الشركات السعودية أعيت هيكلتها بما يتوافق وتوجهها المستقبلي. من "سابك"، مروراً بـ "الأهلي"، وصولاً لـ "الكهرباء"، وقوفا عند "التعاونية"، وانتهاء بـ "الاتصالات". تباينت نتائج هذه المشاريع من شركة إلى أخرى بسبب ظهور تحديات لم تكن بالحسبان عند وضع الدراسات الأولية.
قد تعطي القراءة السريعة لإعادة هيكلة "الراجحي" خلال منتصف التسعينيات لمحة شمولية حول التحديات التي تواجه الشركات السعودية عند إعادة هيكلتها.
يستحوذ "الراجحي" على نسبة ليست بالقليلة من حجم القطاع المصرفي السعودي. عشر الأصول، وثلث قنوات التوزيع، وخمس صافي الأرباح. لم تكن المحافظة على هذه الحصة خلال الفترة المنصرمة بالمهمة اليسيرة.
عمل "الراجحي" خلال النصف الأول من التسعينيات الميلادية تحت مظلة عرف تقليدي. تميز العرف، من جهة، بالتوسع السريع في شبكة الفروع. ومن جهة أخرى، باتباع سياسة متحفظة في النفقات. رسمت هذه المظلة ملامح شبكة فروع "الراجحي" خلال تلك الفترة. من أهمها، تجهيزات متواضعة، وتصاميم تقليدية، وتمركز في شوارع تجارية متوسطة. انعكست هذه المظلة إيجابيا على توجه نفقات التشغيل لصالح صافي الأرباح التشغيلية.
تزامنت تلك الفترة مع حدوث طفرة اقتصادية محدودة انعكست بشكل إيجابي على كفاءة المصارف السعودية. فتحسن مستوى إقراضها المحلي، وزادت رساميلها، وتحسنت ملاءتها المالية، وتضاعفت حقوق مساهميها، وطرحت تدريجيا خدمات، ومنتجات شبيهة بتلك التي يقدمها "الراجحي".
أيقن "الراجحي" في خضم هذه التطورات المتلاحقة بأن مستقبله قد يكون ملبدا بالغيوم. عندها أقر نهاية 1994م أكبر مشروع في تاريخه لإعادة هيكلته بما يتوافق وسياسته المستقبلية. بدأ التنفيذ في منتصف 1995م بتطوير محكومية "الراجحي"، وكل ما تحتويه من سياسات، وأنظمة.
أنتقل المشروع بعد ذلك إلى مرحلة ميكنة ما نصت عليه المحكومية الجديدة. عرف المشروع بـ "التاج"، وتم تنفيذه عن طريق بعض التحالفات الاستراتيجية. استغرق "التاج" قرابة ثلاثة أعوام حتى أصبح جاهزا للاستخدام.
حدثت بعض التطورات الفنية، والتنافسية، قبيل تدشين "التاج"، وانعكست بشكل مباشر على مسيرة "الراجحي". فنيا، دشن نظام التحويلات المالية السريعة "سريع"، وبدأت المصارف بتحديث أنظمتها بما يتوافق والمستجدات الفنية ذات العلاقة. وتنافسيا، أعلنت "سامبا" الاندماج مع البنك السعودي المتحد، وبدأت بعض المصارف بتغيير مواقعها في خريطة القطاع التنافسية.
بدأ "الراجحي" بتطوير محور ارتكازه في القطاع المصرفي لمواجهة هذه التطورات. فأدخل محور ارتكاز جديدا تمثل في تلبية جميع احتياجات عملائه من الخدمات، والمنتجات المصرفية. صاحب هذا التطور انفتاح في سياسة نفقات التشغيل، ساهم بشكل مباشر في اختلال معادلة عوائد التشغيل.
دخل "الراجحي" الألفية بوضع تنافسي أفضل بكثير من سابقه، وبنظام تقني متطور ساهم إلى حد كبير في دعم عمليات التشغيل خلال الفترة الحالية. كما انتقل في الوقت نفسه مشروع إعادة الهيكلة إلى مرحلة زيادة "كفاءة" عمليات التشغيل، تحت مظلة مشروع "الإبداع-1".
لم يمض وقت طويل حتى لحق "الإبداع-1" مشروع آخر سمي بـ "الإبداع- 2". هدف التالي إلى تحقيق أقصى درجات "الفاعلية" في عمليات التشغيل عن طريق الطرح التدريجي لمنتجات، وخدمات مصرفية إلكترونية.
استجدت خلال تلك الفترة تطورات مهمة في القطاع المصرفي، والاقتصاد المحلي، وانعكست بشكل مباشر على مسيرة "الراجحي". على صعيد الاقتصاد المحلي، بدأت طفرة الأسهم، وما صاحبها من موجات عمت بنفعها جميع جوانب الحياة الاقتصادية، والاجتماعية.
وعلى صعيد القطاع، بدأ الانفتاح على المصارف غير السعودية، وأعلن عن دخول "بنك الخليج الدولي"، و"بنك الإمارات"، جنبا إلى جنب مع المصارف السعودية. كما زادت مرونة القطاع بقبول إنشاء مصارف سعودية جديدة. ففتح "بنك البلاد"، أبوابه، ووضع "مصرف الإنماء" أساساته. وعلى الرغم من أن بعض هؤلاء الأعضاء الجدد لم يشكلوا تنافسا مباشرا لـ "الراجحي"، إلا أنه لا يمكن تجاهل مزاحمتهم في بعض الخدمات، والمنتجات المصرفية.
انعكست هذه التطورات على محوري ارتكاز "الراجحي" في القطاع المصرفي. فبدأ "الراجحي" في إضافة محور ثالث تمثل في تزويد عملائه بمنتجات، وخدمات مصرفية متنوعة. منها على سبيل المثال، التحالف مع "الاتصالات" في مجال دفع رسوم الهاتف، والاستفادة من طفرة الأسهم في تدشين برنامج "وطني" لتمويل المتاجرة بالأسهم.
ركز مشروع إعادة هيكلة "الراجحي" على بعض الجوانب، عوضا عن جوانب أخرى، وتباينت تباعا العوائد من كل جانب. وعلى الرغم من ظهور تحديات عديدة، إلا أن المشروع أضاف قيمة إلى موقع "الراجحي" في خريطة القطاع المصرفي التنافسية.
تنتهي جدوى إعادة الهيكلة بعد مرور عقد من الزمن. يلزم بعدها إعادة الهيكلة مرة أخرى بما يتوافق والتوجه المستقبلي للشركة. مثل هذه المعلومات لا تخفى بطبيعة الحال على "الراجحي". وهو ما قد يفسر التطورات الأخيرة في مسيرة "الراجحي"، كتغير الاسم، وتطوير الشعار، والتوسع في السوق الماليزي. نتائج التقارير السنوية بعد مرور فترتي التأسيس، والتنفيذ لمشروع إعادة الهيكلة المتوقع ستحمل في طياتها إجابات حول مدى نجاح "الراجحي" في إعادة الكَرّة.