شمعة الحب
17-06-2006, 05:37 PM
http://www.aleqt.com/admpic/196.jpg
ما الأخبار التي تحرك الأسواق؟
روبرت جيه. شيللر - 21/05/1427هـ
أظهرت أسواق الأوراق المالية في أغلب أنحاء العالم انحداراً تراكمياً حاداً بداية من العاشر من أيار (مايو) تقريباً، وكانت الفترة التي شهدت أغلب الهبوط هي مدة الأسبوعين التي دامت حتى الثالث والعشرين من أيار (مايو)، لكن الأسعار ما زالت مستمرة في الهبوط في المتوسط منذ ذلك الوقت. تُـرى هل من الضروري أن يعاني الاقتصاد العالمي من المتاعب نتيجة للمتاعب التي تشهدها أسواق الأوراق المالية حول العالم؟
فلنراجع معاً أشد حالات الهبوط. من بين مؤشرات الدول الكبرى، كان أضخم انهيار مالي في الهند، حيث هبطت أسعار الأسهم بنسبة 16.9 في المائة منذ العاشر إلى الثاني والعشرين من أيار (مايو). وكان الانهيار على الجانب الآخر من العالم على القدر نفسه من الضخامة تقريباً، وانحصرت أقصى المؤشرات ارتفاعاً وهبوطاً خلال يوم أو يومين من المؤشرات في الهند: ففي الأرجنتين هبطت أسعار الأسهم بنسبة 16.1 في المائة، وفي البرازيل هبطت بنسبة 14.7 في المائة، وفي المكسيك هبطت بنسبة 13.8 في المائة.
كما تعرضت الأسواق الأوروبية لخسائر ضخمة. ففي السويد هبطت أسعار الأسهم بنسبة 15.2 في المائة خلال الفترة من التاسع إلى الثاني والعشرين من أيار (مايو)؛ وخلال الفترة نفسها تقريباً هبطت الأسعار بنسبة 9.7 في المائة في ألمانيا، وبنسبة 9.4 في المائة في فرنسا والمملكة المتحدة، وبنسبة 9.3 في المائة في إيطاليا. وفي آسيا كانت الأحوال مشابهة، حيث هبطت أسعار الأسهم بنسبة 11.5 في المائة في كوريا، وبنسبة 9.3 في المائة في هونج كونج، وبنسبة 8 في المائة في اليابان، وذلك خلال الفترة نفسها تقريباً.
يحاول الكثير من المعلقين الربط بين هذه الأحداث والتطورات الجارية في الولايات المتحدة. لكن أسعار الأسهم في الولايات المتحدة لم تهبط إلا بنسبة 5.2 في المائة خلال الفترة من التاسع إلى الرابع والعشرين من أيار (مايو). ولا يبدو أن الصين كانت وراء هذا الانحدار العالمي، حيث ارتفعت أسعار الأسهم هناك خلال الفترة نفسها.
في الواقع، تدور تفسيرات خبراء الاقتصاد الاعتيادية حول السياسة النقدية. ففي أعقاب الهلع الذي أصاب العالم خشية حدوث انكماش عالمي في عام 2003، بادرت البنوك المركزية في أنحاء العالم كافة إلى تخفيض أسعار الفائدة، الأمر الذي أدى إلى ازدهار المضاربة في أسواق الأوراق المالية وأسواق المساكن. ولكن الآن، وطبقاً لوجهة النظر هذه، فقد بدأت أسعار الفائدة المرتفعة في إحداث المشاكل، وهو ما ينذر بدوره بالمزيد من الانحدار في أسعار الأصول.
مما لا شك فيه أن هذه الحجة تحمل قدراً كبيراً من الصدق. فقد بادر بنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة إلى رفع الأسعار في العاشر من أيار (مايو)، وفي ذلك الوقت أشار رئيسه بن بيرنانك إلى احتمالات زيادة الأسعار في المستقبل. وكانت أخبار تفاقم التضخم سوءاً في الولايات المتحدة قد ذاعت في السابع عشر من أيار (مايو)، الأمر الذي يوحي بأن المزيد من الإجراءات النقدية المحكمة ما زال أمراً وارداً.
يعشق خبراء الاقتصاد النظر إلى العالم باعتباره كياناً منطقياً يسهل التعامل معه، وهو ما يعني ضمناً أنهم يفهمون ماذا يحدث من حولهم. لكنهم، حين يفعلون هذا، كثيراً ما يبالغون في تقدير الدور الذي تلعبه البنوك المركزية. والحقيقة أن زيادة الأسعار في الولايات المتحدة كانت مجرد حلقة من سلسلة من ارتفاعات الأسعار ـ السادسة عشرة على التوالي. ولم تبادر أية بنوك مركزية كبرى أخرى إلى رفع الأسعار بعد أن بدأ هبوط أسواق الأوراق المالية في شهر أيار (مايو)، وذلك حتى السابع أو الثامن من حزيران (يونيو) حين بدأ عدد كبير منها في رفع الأسعار (البنك المركزي الأوروبي، وبنك كوريا الجنوبية، وبنك جنوب إفريقيا، وبنك تايلاند، وبنك تركيا).
وتأتي أسعار النفط كعامل آخر وراء هذه الظاهرة، حيث ارتفعت بنسبة 24 في المائة في الفترة من الثاني والعشرين من آذار (مارس) إلى الثاني من أيار (مايو)، مسجلة أعلى الأرقام القياسية. لقد كان ذلك حدثاً ضخماً من شأنه بالفعل أن يؤثر على أسواق الأوراق المالية في كل أنحاء العالم. فقد كان ارتفاع أسعار النفط المتهم الرئيسي المتسبب في كل فترات الركود الاقتصادي التي شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
مع ذلك فإن الزيادات في أسعار النفط لا تتطابق مع الفترة الزمنية في منتصف شهر أيار (مايو) حين كان هبوط مؤشرات أسواق الأوراق المالية أكثر حدة من أي وقت آخر. وعلى ذلك فإذا ما قلنا إن الزيادات في أسعار النفط كانت السبب وراء الهبوط الذي شهدته أسواق الأوراق المالية، فإننا بهذا نغفل فترة زمنية تصل إلى أسابيع عديدة.
لكن أسواق الأوراق المالية أيضاً لا تتسم بالمنطقية، وربما حدث رد فعل متأخر إزاء الصدمات الناجمة عن أسعار النفط. وكما هي الحال مع أي من الأسعار الأخرى في الأسواق المالية، فإن الزيادة تسترعي الانتباه. فحين ترتفع أسعار النفط بسرعة، يبادر الناس إلى مراقبة الأنباء المرتبطة بأسعار النفط وتبادل الأحاديث حول أسعار النفط، الأمر الذي يترتب عليه نشوء حالة من الحساسية المبالغ فيها تجاه هذه الأنباء.
ترتبط الأزمة الجارية في الشرق الأوسط بأسعار النفط، ولقد هيمنت تلك الأزمة على الأنباء طيلة شهر أيار (مايو). ومن المحتمل أن تكون العلامات المنذرة بالسوء واللغة القوية التي استخدمها العديد من الشخصيات السياسية البارزة، قد تضخمت في أذهان المستثمرين بسبب الزيادات في أسعار النفط. ففي الثامن من أيار (مايو)، قال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي بيريز في رده على تصريحات عدائية من جانب الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد: "يتعين على رئيس إيران أن يدرك أن إيران أيضاً من الممكن أن تُمحى من على الخريطة".
على نحو مماثل، وقبل بداية انهيار أسواق الأوراق المالية في أيار (مايو) بمدة بسيطة، قام أحمدي نجاد بزيارة إندونيسيا، الدولة التي تحوي أكبر تعداد للسكان من المسلمين بين دول العالم كافة، وذكرت تقارير الصحف في الثالث عشر من أيار (مايو) أنه استقبل بحفاوة بالغة من قِبَل الطلاب في جامعتين من أهم الجامعات في البلاد. وربما فسر بعض المحللين هذه القصة باعتبارها دليلاً على أن استعراض القوة الذي أبداه أحمدي نجاد فيما يتصل بالقضية النووية كان مجزياً بالنسبة له على الصعيد السياسي، الأمر الذي أدى إلى تغذية مفهوم مفاده أن الموقف المتوتر في الشرق الأوسط قد يفضي إلى المزيد من الارتفاع في أسعار النفط.
قد تبدو هذه القصص الإخبارية بعيدة عن سوق الأوراق المالية مقارنة بالسياسة النقدية. لكن تجاوب الرأي العام مع هذه الأخبار، علاوة على الزيادات الأخيرة في أسعار النفط، قد يعمل كمقياس جيد للتغيير في سيكولوجية السوق. إن المواقف إزاء المجازفات تتغير مع الوقت، والأحداث الجارية مثل تعليقات أحمدي نجاد وبيريز قد تؤدي إلى التعجيل بحدوث مثل هذه التغييرات. من هنا، وعلى الرغم من أن مثل هذه الأمور قد تحدث بطريقة يصعب قياسها كمياً، إلا أنه ربما كان لزاماً على المحللين أن ينتبهوا إلى كلمات أحمدي نجاد بالقدر الذي لا يقل عن اهتمامهم بكلمات بيرنانك حين يحاولون فهم الاتجاه الذي قد تسلكه أسواق الأوراق المالية العالمية.
قد لا يحب خبراء الاقتصاد التركيز على التوجه العقلي لعامة الناس والكيفية التي يتفاعل بها ذلك التوجه مع التغييرات التي تشهدها الأسعار، والأنباء العالمية، وآليات المضاربة. ذلك أنهم بإقرارهم بأهمية هذه العوامل يلمحون ضمناً إلى أن الأحداث الاقتصادية أقل قابلية للتنبؤ بها (وأن معرفة خبراء الاقتصاد محدودة) مما يحبون أن يتصوروا. لكن مثل هذا التركيز يعبر عن ميل إلى الحدس. تُـرى ماذا يدور حقاً في أذهان المستثمرين؟ إن أحمدي نجاد يتمتع بشخصية كاريزمية؛ على العكس من بيرنانك. وأحمدي نجاد على وشك الدخول إلى مغامرة؛ على العكس من بيرنانك. وربما كان في المقام الأول من الأهمية أن أحمدي نجاد يتمتع بتأثير مسبب لعدم الاستقرار؛ على العكس من بيرنانك.
في الحقيقة، أياً كان السبب الأساسي وراء الهبوط الذي شهدته أسعار الأوراق المالية في أنحاء العالم كافة خلال فترة منتصف شهر أيار (مايو)، فإن ذلك الهبوط يشير إلى عدم استقرار سيكولوجية السوق. ومن الصعب أن نصدق أن الهبوط كان مرتبطاً فقط بالآراء حول السياسات النقدية المحتملة، وليس بقضايا أشد ضخامة وأكثر عمقاً، بما في ذلك أمور مثل الطاقة والتوترات السياسية، التي ينبني عليها أداء الاقتصاد العالمي.
روبرت جيه. شيللر أستاذ الاقتصاد في جامعة ييل، وكبير خبراء الاقتصاد في مركز أبحاث الأسواق الشاملة LLC الذي شارك في تأسيسه، (زوروا موقع المركز على شبكة الإنترنت في العنوان التالي:
www.macromarkets.com
)، وهو مؤلف كتاب "الوفرة الطائشة"، وكتاب "النظام المالي الجديد: المجازفة في القرن الواحد والعشرين".
خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2006.
www.project-syndicate.org
ما الأخبار التي تحرك الأسواق؟
روبرت جيه. شيللر - 21/05/1427هـ
أظهرت أسواق الأوراق المالية في أغلب أنحاء العالم انحداراً تراكمياً حاداً بداية من العاشر من أيار (مايو) تقريباً، وكانت الفترة التي شهدت أغلب الهبوط هي مدة الأسبوعين التي دامت حتى الثالث والعشرين من أيار (مايو)، لكن الأسعار ما زالت مستمرة في الهبوط في المتوسط منذ ذلك الوقت. تُـرى هل من الضروري أن يعاني الاقتصاد العالمي من المتاعب نتيجة للمتاعب التي تشهدها أسواق الأوراق المالية حول العالم؟
فلنراجع معاً أشد حالات الهبوط. من بين مؤشرات الدول الكبرى، كان أضخم انهيار مالي في الهند، حيث هبطت أسعار الأسهم بنسبة 16.9 في المائة منذ العاشر إلى الثاني والعشرين من أيار (مايو). وكان الانهيار على الجانب الآخر من العالم على القدر نفسه من الضخامة تقريباً، وانحصرت أقصى المؤشرات ارتفاعاً وهبوطاً خلال يوم أو يومين من المؤشرات في الهند: ففي الأرجنتين هبطت أسعار الأسهم بنسبة 16.1 في المائة، وفي البرازيل هبطت بنسبة 14.7 في المائة، وفي المكسيك هبطت بنسبة 13.8 في المائة.
كما تعرضت الأسواق الأوروبية لخسائر ضخمة. ففي السويد هبطت أسعار الأسهم بنسبة 15.2 في المائة خلال الفترة من التاسع إلى الثاني والعشرين من أيار (مايو)؛ وخلال الفترة نفسها تقريباً هبطت الأسعار بنسبة 9.7 في المائة في ألمانيا، وبنسبة 9.4 في المائة في فرنسا والمملكة المتحدة، وبنسبة 9.3 في المائة في إيطاليا. وفي آسيا كانت الأحوال مشابهة، حيث هبطت أسعار الأسهم بنسبة 11.5 في المائة في كوريا، وبنسبة 9.3 في المائة في هونج كونج، وبنسبة 8 في المائة في اليابان، وذلك خلال الفترة نفسها تقريباً.
يحاول الكثير من المعلقين الربط بين هذه الأحداث والتطورات الجارية في الولايات المتحدة. لكن أسعار الأسهم في الولايات المتحدة لم تهبط إلا بنسبة 5.2 في المائة خلال الفترة من التاسع إلى الرابع والعشرين من أيار (مايو). ولا يبدو أن الصين كانت وراء هذا الانحدار العالمي، حيث ارتفعت أسعار الأسهم هناك خلال الفترة نفسها.
في الواقع، تدور تفسيرات خبراء الاقتصاد الاعتيادية حول السياسة النقدية. ففي أعقاب الهلع الذي أصاب العالم خشية حدوث انكماش عالمي في عام 2003، بادرت البنوك المركزية في أنحاء العالم كافة إلى تخفيض أسعار الفائدة، الأمر الذي أدى إلى ازدهار المضاربة في أسواق الأوراق المالية وأسواق المساكن. ولكن الآن، وطبقاً لوجهة النظر هذه، فقد بدأت أسعار الفائدة المرتفعة في إحداث المشاكل، وهو ما ينذر بدوره بالمزيد من الانحدار في أسعار الأصول.
مما لا شك فيه أن هذه الحجة تحمل قدراً كبيراً من الصدق. فقد بادر بنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة إلى رفع الأسعار في العاشر من أيار (مايو)، وفي ذلك الوقت أشار رئيسه بن بيرنانك إلى احتمالات زيادة الأسعار في المستقبل. وكانت أخبار تفاقم التضخم سوءاً في الولايات المتحدة قد ذاعت في السابع عشر من أيار (مايو)، الأمر الذي يوحي بأن المزيد من الإجراءات النقدية المحكمة ما زال أمراً وارداً.
يعشق خبراء الاقتصاد النظر إلى العالم باعتباره كياناً منطقياً يسهل التعامل معه، وهو ما يعني ضمناً أنهم يفهمون ماذا يحدث من حولهم. لكنهم، حين يفعلون هذا، كثيراً ما يبالغون في تقدير الدور الذي تلعبه البنوك المركزية. والحقيقة أن زيادة الأسعار في الولايات المتحدة كانت مجرد حلقة من سلسلة من ارتفاعات الأسعار ـ السادسة عشرة على التوالي. ولم تبادر أية بنوك مركزية كبرى أخرى إلى رفع الأسعار بعد أن بدأ هبوط أسواق الأوراق المالية في شهر أيار (مايو)، وذلك حتى السابع أو الثامن من حزيران (يونيو) حين بدأ عدد كبير منها في رفع الأسعار (البنك المركزي الأوروبي، وبنك كوريا الجنوبية، وبنك جنوب إفريقيا، وبنك تايلاند، وبنك تركيا).
وتأتي أسعار النفط كعامل آخر وراء هذه الظاهرة، حيث ارتفعت بنسبة 24 في المائة في الفترة من الثاني والعشرين من آذار (مارس) إلى الثاني من أيار (مايو)، مسجلة أعلى الأرقام القياسية. لقد كان ذلك حدثاً ضخماً من شأنه بالفعل أن يؤثر على أسواق الأوراق المالية في كل أنحاء العالم. فقد كان ارتفاع أسعار النفط المتهم الرئيسي المتسبب في كل فترات الركود الاقتصادي التي شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
مع ذلك فإن الزيادات في أسعار النفط لا تتطابق مع الفترة الزمنية في منتصف شهر أيار (مايو) حين كان هبوط مؤشرات أسواق الأوراق المالية أكثر حدة من أي وقت آخر. وعلى ذلك فإذا ما قلنا إن الزيادات في أسعار النفط كانت السبب وراء الهبوط الذي شهدته أسواق الأوراق المالية، فإننا بهذا نغفل فترة زمنية تصل إلى أسابيع عديدة.
لكن أسواق الأوراق المالية أيضاً لا تتسم بالمنطقية، وربما حدث رد فعل متأخر إزاء الصدمات الناجمة عن أسعار النفط. وكما هي الحال مع أي من الأسعار الأخرى في الأسواق المالية، فإن الزيادة تسترعي الانتباه. فحين ترتفع أسعار النفط بسرعة، يبادر الناس إلى مراقبة الأنباء المرتبطة بأسعار النفط وتبادل الأحاديث حول أسعار النفط، الأمر الذي يترتب عليه نشوء حالة من الحساسية المبالغ فيها تجاه هذه الأنباء.
ترتبط الأزمة الجارية في الشرق الأوسط بأسعار النفط، ولقد هيمنت تلك الأزمة على الأنباء طيلة شهر أيار (مايو). ومن المحتمل أن تكون العلامات المنذرة بالسوء واللغة القوية التي استخدمها العديد من الشخصيات السياسية البارزة، قد تضخمت في أذهان المستثمرين بسبب الزيادات في أسعار النفط. ففي الثامن من أيار (مايو)، قال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي بيريز في رده على تصريحات عدائية من جانب الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد: "يتعين على رئيس إيران أن يدرك أن إيران أيضاً من الممكن أن تُمحى من على الخريطة".
على نحو مماثل، وقبل بداية انهيار أسواق الأوراق المالية في أيار (مايو) بمدة بسيطة، قام أحمدي نجاد بزيارة إندونيسيا، الدولة التي تحوي أكبر تعداد للسكان من المسلمين بين دول العالم كافة، وذكرت تقارير الصحف في الثالث عشر من أيار (مايو) أنه استقبل بحفاوة بالغة من قِبَل الطلاب في جامعتين من أهم الجامعات في البلاد. وربما فسر بعض المحللين هذه القصة باعتبارها دليلاً على أن استعراض القوة الذي أبداه أحمدي نجاد فيما يتصل بالقضية النووية كان مجزياً بالنسبة له على الصعيد السياسي، الأمر الذي أدى إلى تغذية مفهوم مفاده أن الموقف المتوتر في الشرق الأوسط قد يفضي إلى المزيد من الارتفاع في أسعار النفط.
قد تبدو هذه القصص الإخبارية بعيدة عن سوق الأوراق المالية مقارنة بالسياسة النقدية. لكن تجاوب الرأي العام مع هذه الأخبار، علاوة على الزيادات الأخيرة في أسعار النفط، قد يعمل كمقياس جيد للتغيير في سيكولوجية السوق. إن المواقف إزاء المجازفات تتغير مع الوقت، والأحداث الجارية مثل تعليقات أحمدي نجاد وبيريز قد تؤدي إلى التعجيل بحدوث مثل هذه التغييرات. من هنا، وعلى الرغم من أن مثل هذه الأمور قد تحدث بطريقة يصعب قياسها كمياً، إلا أنه ربما كان لزاماً على المحللين أن ينتبهوا إلى كلمات أحمدي نجاد بالقدر الذي لا يقل عن اهتمامهم بكلمات بيرنانك حين يحاولون فهم الاتجاه الذي قد تسلكه أسواق الأوراق المالية العالمية.
قد لا يحب خبراء الاقتصاد التركيز على التوجه العقلي لعامة الناس والكيفية التي يتفاعل بها ذلك التوجه مع التغييرات التي تشهدها الأسعار، والأنباء العالمية، وآليات المضاربة. ذلك أنهم بإقرارهم بأهمية هذه العوامل يلمحون ضمناً إلى أن الأحداث الاقتصادية أقل قابلية للتنبؤ بها (وأن معرفة خبراء الاقتصاد محدودة) مما يحبون أن يتصوروا. لكن مثل هذا التركيز يعبر عن ميل إلى الحدس. تُـرى ماذا يدور حقاً في أذهان المستثمرين؟ إن أحمدي نجاد يتمتع بشخصية كاريزمية؛ على العكس من بيرنانك. وأحمدي نجاد على وشك الدخول إلى مغامرة؛ على العكس من بيرنانك. وربما كان في المقام الأول من الأهمية أن أحمدي نجاد يتمتع بتأثير مسبب لعدم الاستقرار؛ على العكس من بيرنانك.
في الحقيقة، أياً كان السبب الأساسي وراء الهبوط الذي شهدته أسعار الأوراق المالية في أنحاء العالم كافة خلال فترة منتصف شهر أيار (مايو)، فإن ذلك الهبوط يشير إلى عدم استقرار سيكولوجية السوق. ومن الصعب أن نصدق أن الهبوط كان مرتبطاً فقط بالآراء حول السياسات النقدية المحتملة، وليس بقضايا أشد ضخامة وأكثر عمقاً، بما في ذلك أمور مثل الطاقة والتوترات السياسية، التي ينبني عليها أداء الاقتصاد العالمي.
روبرت جيه. شيللر أستاذ الاقتصاد في جامعة ييل، وكبير خبراء الاقتصاد في مركز أبحاث الأسواق الشاملة LLC الذي شارك في تأسيسه، (زوروا موقع المركز على شبكة الإنترنت في العنوان التالي:
www.macromarkets.com
)، وهو مؤلف كتاب "الوفرة الطائشة"، وكتاب "النظام المالي الجديد: المجازفة في القرن الواحد والعشرين".
خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2006.
www.project-syndicate.org