المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاستعباد السياسي المؤدي للمآسي



زعيم الريان
19-06-2012, 05:27 PM
الاستعباد السياسي المؤدي للمآسي الذي حذرنا منه رسولنا الكريم ، وما وردت قصة (موسى وفرعون) 23 مرة إلا لنتجنبه حتى لا ينطلي علينا !!!

حين ينظر المرء إلى الرحلة البشرية الممتدة ويتأمل رحلات الصعود والهبوط الكبرى سيدرك أن البوابة السياسية هي أهم بوابات إصلاح الحياة الدنيوية أو إفسادها . والأهم من ذلك أنه سيدرك أن متطلبات التحرير السياسي تتعاظم وتتعقد وتتشابك عبر الزمـن ، وذلك في مقابل سهولة وتلقائية وكثرة مداخل الاستعباد السياسي .

وبقدر التنبه إلى هذا الطابع المعقد الذي يتطلبه تحقيق الحرية السياسية وحمايتها في مقابل السهولة الشديدة التي يتطلبها الاستعباد السياسي ، وبقدر الانطلاق من الإيمان باستيعاب نصوص الوحي لمجمل تطورات المستقبل ، فإن المرء لن يشعر بالغرابة حين يجد أن موضوع الاستعباد السياسي على وجه التحديد يحتل أوسع وأطول مساحة قصصية في القرآن الكريم ، وذلك من خلال قصة فرعون . ومهما حاول المرء أن يفهم سر المساحة الكبرى التي تحتلها قصة فرعون ، وسر تثبيتها في كتاب الله الخالد والأمر بتدبر آياتها والتعبد بتلاوتها ، فإنه لن يجد الجواب سوى في مسألة التحرير السياسي ومقدار ما تتطلبه من وعي وجهد وتأسيس ونضال .

قد يُظن بأن أمر فرعون يختلف عن معظم الطغاة والمستبدين ، وذلك بحكم ادعائه الألوهية . والواقع أن ادعاء الألوهية اتخذ في عهد فرعون شكلاً صريحاً ومباشراً ، أما في ظل حكومات التغلُّب التي عرفها تاريخنا ويعرفها حاضرنا فقد اتخذ ادعاء الألوهية مضموناً عملياً عميقاً وواسعاً إلى أبعد الحدود !!.

إنهم فوق المساءلة والمحاسبة والنقد . هم لا يُسألون عما يعملون ، وكل الإمكانات مسخرة لتثبيت وترسيخ دعائم حكمهم المطلق وكل المنابر لا تكاد تعرف سوى الثناء عليهم والإشادة بهم وتمجيدهم .يستطيع الناس في الكثير من المجتمعات الإسلامية الخاضعة لحكومات التغلُّب أن يكتبوا كتابات إلحادية وأن يمسوا الذات الإلهية وأن ينالوا من الدين ومن الرسول دون أن يصيبهم الأذى ، بل قد يحظون بالدعم والمباركة من قبل حكام التغلُّب ، ولكن الناس لا يستطيعون أن يمسوا هؤلاء الحكام ولو بصورة غير مباشرة . وإن فعلوا فإنهم معرضون لشتى أنواع الأذى !!.


وفي ضوء ذلك ، فإنه لا يوجد فارق جوهري من الناحية السياسية بين ادعاء فرعون الألوهية ، وبين سمات وخصائص الألوهية التي يصر حكام التغلب على التمتع بها ، فطالما أنهم فوق المساءلة والمحاسبة والنقد ، وطالما أنهم لا يُسألون عما يعملون ، وطالما أن كل الإمكانات مسخرة لتثبيت وترسيخ دعائم حكمهم المطلق وكل المنابر لا تكاد تعرف سوى الثناء عليهم والإشادة بهم وتمجيدهم ، فإنهم يضفون على أنفسهم بعض السمات والخصائص التي لا ينبغي أن تكون إلا لله . وبمجرد أن يتأمل المرء عالم الرهبة والخوف أو التردد والصمت الذي يصنعه حكم التغلب ، وعالم النفاق والارتزاق ومساحات النفوذ الهائلة وانعكاساتها على الحقوق والواجبات والقيم والأخلاق سيدرك أنه يوجد بالفعل عبودية سياسية ضخمة وتأليه سياسي واسع . ولو تأملنا تفاصيل قصة فرعون فسنجد أن معاني العبودية والألوهية تشمل هذا البعد السياسي . ويتضح ذلك من حديث موسى عليه السلام عن تعبيد بني إسرائيل ، كما في قوله تعالى ( وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) ، وحديث فرعون وملئه عن عبادة قوم موسى لهم ، كما في قوله تعالى ( فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ) .لننظر إلى الأسلوب الذي يعمل من خلاله حكام التغلُّب على تثبيت دعائم استعبادهم للناس ، وهو أسلوب " فـرق تسد " كما يشير إلى ذلك قوله تعالى ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِـنَ الْمُفْسِدِينَ ] . ويحظى بنو إسرائيل بسنة الله في التغيير [ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَـوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ . وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُـوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) .


وتتتابع الآيات إلى أن يأمر الله موسى وهـارون بالذهاب إلى فرعون ( اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي . اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى . فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى . قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى . قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى . فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ) . ولكن حكام التغلُّب لا يكاد يشغلهم سوى الحديث عن النعم التي أنعمـوا بها على رعاياهم ( قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ . وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِـرِينَ ] يشير إلى الرجـل الذي وكزه موسى فقضى عليه [ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ . فَفَـرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ . وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ]!!.

وحكام التغلُّب لا يزلزلهم شيء قدر محاولة إخضاع الناس لغيرهم ، ولذلك فهم يقابلون الداعين إلى هذا التغيير بالسخرية منهم واستعداء الآخرين عليهم [ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ . قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ . قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ]!!.

وحين لا تنفع السخرية والاستعداء يكون نصيب الداعي إلى التغيير هو التخـويف منه والتشكيك فيه [ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ . قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ].

وهكذا ، فإن الأبواب موصدة أمام أي خضوع لغير حكام التغلُّب [ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ . قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ] . وهذا هو القانون في عالم التغلُّب : إما الخضوع وإما العقاب !!.

وحيال ذلك عمد موسى عليه السلام إلى تقديم حجج حسية لا يجـرؤ على تكذيبها إلا مكابر [ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ . قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ . فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ . وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ] فكيف كان رد فعل الحاكم المتغلُّب ؟.


لقد عمد ككل حكام التغلُّب في كل زمان ومكان إلى استثارة المستفيدين من الحكم للدفاع عن امتيازاتهم [ قَالَ لِلْمَلَإِحَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ . يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ . قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ . يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ) .

وهكذا ، فالوسيلة لدى حكام التغلُّب هي استثارة المنتفعين المحيطين بهم ( قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ ) والرسالـة هي إشعارهم بالخطر لدفعهم نحو حماية أوضاعهم وامتيازاتهم ( يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) !!

والشعب حين يفقد حقه في اختيار الحاكم ويصبح حقه الوحيد هو الخضوع للحاكم المتغلِّب فإن مبادئه تتحطم وولاءه لوطنه يهتز ، ويصبح كل همِّه هـو الحصول على الأموال والمناصب . وهكذا بادر السحرة فرعـون بقولهم ( ...... إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ . قَـالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) .


وإذن فالحافز هو الحصول على المال ( إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا ) والحاكم المتغلِّب لديه المال والمناصب ( قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) !!. وهذه هي العلاقة التي تربط حكام التغلُّب بالمستعبَدين لديهم . وكلما زاد حجم
الخضوع والـذل زاد حجم الطغيان ، كما نلمس في قـول بعض السحرة ( ...... أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ . قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) .

وتقع المواجهة بين موسى عليه السلام والسحرة ، ويرون من الحق ما جعلهم يتمردون على الحاكم المتغلِّب . فكيف استقبل هذا الموقف ؟.

لقد جعـل داعية الإصلاح ( موسى عليه السلام ) كبير السحرة ، فقـال ( ...... إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ....... ) واستغرب خروج السحرة على طاعته ، وعدَّ ذلك مؤامرة تستهدف ضرب مكتسبات الشعب ( قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) .

وهكذا ، فما قامـوا به هو مكر مكروه في المدينة ( مؤامـرة ) ، والهدف هو الإضـرار بالشعب ( إخـراج أهل المدينة منها ) .

ويصدر الحكم بحق المتآمرين الذين تمردوا على الحاكم المتغلِّب ( لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) . وهنا نرى أثر التحرر من أسر المستعبِدين السياسيين ، فالسحرة الذين كان كل همهم قبل منازلة موسى عليه السلام هو الحصول على الأموال والمناصب تتغير مقاييسهم تماماً بعد انهيار القيد الذي كان يأسرهم ( قَالُـوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ . وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ) .

ورغم أن المحيطين بالحاكم المتغلِّب رأوا من الحق ما وقر في نفوسهم إلا أنهم ظلوا على استكبارهم وعلوهم ، كما قـال الله عنهم ( فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُـوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ . وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ..... ) .

وجهد المحيطين بحكام التغلُّب يظل منصباً على ضمان استمراره في استعباد الناس ، وذلك حفاظاً على الامتيازات والمكتسبات ( وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَـوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِـدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَـالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُـمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِـرُونَ ) .

وهكذا ، فالمحيطون بالحاكم المتغلِّب ( الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَـوْنَ ) يمارسون التحريض ( أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِـدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ ) !!.

ويظل المحيطـون بالحاكم المتغلِّب يزينون له سـوء أعماله ويضخمون لـه أوهامه حتى يصدقها ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِـدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ . وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ) . أي أن الادعـاءات التي يتم ضخها في ذهـن الحاكم باستمـرار ( الألوهية في حالة فرعون ) تصبح حقائـق يرددها حتى بين المحيطين به ( يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ) !!.

وكان لا بد بعد حدوث المؤامرة من القيام بحملة إعلامية واسعة ضد الشرذمة المتآمرة ، وإخبار الشعب بأن الاحتياطات قد وضعت لضمان عدم تكرار المؤامـرة ( فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ . إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ . وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ . وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ) .

لقد تم إيفاد الرسل إلى جميع المدن لإخبار الناس بأن المؤامرة تمت من قبل حفنة من المخربين ( إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ) وجميع السلطات المختصة واقفة بالمرصاد لأمثالهم ( وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ) !!.

وحين توأد الحرية فإن فرص الإصـلاح تتقلص ، وهكذا لم يؤمن لموسى عليه السلام إلا بعض قومه ( فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَـوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَـوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ) .

ويستمر الحاكم المتغلِّب في تحقير ذكاء شعبه وازدراء وعيهم ، فتراه يحدثهم عن حرصه على حمايتهم من المخربين والمفسدين ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ) .

وهكذا ، فالحاكم المتغلِّب سيقتل المخرب ( موسى عليه السلام ) حرصاً على دين الناس ( إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) وخشية من حدوث الفساد ( أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ) !!.

ويحـاول من آمن من آل فرعـون ثني الحاكم المتغلِّب وأعوانه عن المساس بموسـى عليه السلام ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ . يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ] وهنا يعلن الحاكم المتغلِّب قانون المتغلبين الذي نراه يتكرر في كل زمان ومكان يوجدون فيه [ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ) .

وهكذا ، فلا رأي يعلو فوق رأي الحاكم المتغلِّب أو يخالفه أو يعارضه ( مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى) ورأيه دوماً سديد ورشيد ( وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ) !!.

"]ويعرض القرآن الكريم موقف موسى عليه السلام وقومه من أعمال فرعون ، ثم يشير إلى سنن الله في ابتلاء فرعون وقومه وتمحيص ما في قلوبهم ( قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ . وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ . فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ) .

[COLOR="Black"]ويستمر الحاكم المتغلِّب في إعلان استعباده للناس وملكيته لكل شيء ، وهي نفس الفلسفة التي يتصرف بوحيها كل حكام التغلُّب ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) .

وهكذا ، فالوطن مملوك للحاكم المتغلِّب ( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ) وهو معزول عن صنوف معاناة الناس ، فهو لا يرى إلا الترف والمتعة ( وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ) !!.

ثم يشير الله إلى مسؤولية الشعوب عن صناعة الطغاة ، وذلك حين يتخلون عن ولايتهم ويمنحونها لحكام التغلب ، حيث يقول تعالى ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ) .

ويحين موعد نهاية الطاغية ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ . آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ . فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) . منقول

عاهد بن علي
19-06-2012, 05:33 PM
مساء الخير استاذي
ممكن نعرف من وين منقول او من هو الكاتب

زعيم الريان
19-06-2012, 05:40 PM
http://www.alnhiah.com/vb/thread4205.html

سهم ماينزل
19-06-2012, 05:49 PM
والمقصد أو بمعنى آخر الفائدة

عاهد بن علي
19-06-2012, 05:56 PM
اشكرك استاذي الكريم

زعيم الريان
19-06-2012, 06:00 PM
المقصد والفايده إذا ما فهمت بتشوفه على الواقع على الجزيزة يمكن تفهم أكثر

سهم ماينزل
19-06-2012, 06:06 PM
المقصد والفايده إذا ما فهمت بتشوفه على الواقع على الجزيزة يمكن تفهم أكثر

جزاك الله خير أنت اللي ناقل الموضوع ومانقلته أنت إلا أنك رأيت فائدة ومقصد نحب أن تدلو بدلوك جزاك الله خير

زعيم الريان
19-06-2012, 06:10 PM
جزاك الله خير أنت اللي ناقل الموضوع ومانقلته أنت إلا أنك رأيت فائدة ومقصد نحب أن تدلو بدلوك جزاك الله خير



أسئل الله العظيم أن يريك وأن يرنا الحق حقا" ويرزقنا إتباعه

سهم ماينزل
19-06-2012, 06:11 PM
أسئل الله العظيم أن يريك وأن يرنا الحق حقا" ويرزقنا إتباعه

اللهم آمين:eek5::eek5:

.خالد
19-06-2012, 11:11 PM
شكرا على هذا الموضوع

زعيم الريان
20-06-2012, 09:52 PM
حياك الله يا خالد وأتمنى الناس تستفيد من الموضوع