.خالد
20-06-2012, 07:29 PM
اورد لكم بيان من د طارق السويدان يرد عن من اتهمه بانه يعطي الحق لاي شخص ان يرفض كلام الله ورسوله حتى لو كان مسلما :-(عذرا على طول الموضوع ولكن لابد ان نورده كما هو ، فهو حق لابد من اظهاره)
https://twitter.com/TareqAlSuwaidan/statuses/215435207883501568
بيان من الدكتور طارق #السويدان
(الحرية حق شرعي مقدس)
الحمد لله الذي يعلم السر وأخفى، يحكم بالعدل، ويقضي بالقسط، له الكمال وحده، والصلاة والسلام على قرة العيون وحبيب القلوب محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،،
فإن الله عز وجل يقول في كتابه ( و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا و إثما مبينا ) .
وقد شكك في عقيدتي و في ديني بعض من لم يدقق فيما ينقل ويشيع، وبهتني بما لم أرد قوله، فنشر مقطعا باسم ( طارق السويدان و حرية التعبير ) وهو مقطع مدته لا تتجاوز أربعين ثانية من محاضرة طويلة مدتها أكثر من ساعة ونصف ، صحيح أنّه نقل المقطع بصوتي لكنّه جانبه الصواب حينما أوهم الناس أني أقول ماقلته في سياق منفصل عمّا يرتبط به في أول المحاضرة، فلو قال إنسان : إنّ الله عز وجل يقول ( ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة ) لكان صادقا في قوله كاذبا فيما يزعم، فإنّ للآية تتمّة لا تصح إلاّ بها وهي ( لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى )
وقد شاع هذا المقطع وانتشرت تلك الشائعة، وأطلق البعض العنان لأحكامهم وآرائهم وتحليلاتهم، فكان من حقي ومن حق الناس علي أن أبين الأمر وأوضح القصد.
و إني لما رأيت ذلك أحببت أن أصدر بياناً أبين فيه رأيي الشرعي و الفكري في هذه القضية بتفصيل قريبٍ للأفهام مبتعداً قدر المستطاع عن التطويل الممل والاختصار المخل, رجاء أن يكون فيه تطميناً للمشفق وشفاءً للناقد.
اما الحاسد الحاقد -عفى الله عنه- فأمره الى الله
كما قال الأول:
كل العداوات قد ترجى إقالتها ... الا عداوة من عاداك عن حسد
أقول و بالله التوفيق:
منَ المولى عز وجل علي أن استعملني في العمل الدعوي الاسلامي مدةً تجاوزت الأربعين خريفاً، عايشت فيها كباحث مفاهيم الاسلام الكبرى و تعلمت خلالها كدارس مقاصد الشريعة العظمى، و من المفاهيم التي كانت و ماتزال تشكل تحديات عظيمة و تحمل في طياتها إشكالات عميقة داخل الفكر الاسلامي هو مفهوم "الحرية" و منزلتها داخل المنظومة الفكرية الاسلامية. و التي سأحاول جاهدًا من خلال هذا البيان تسليط الضوء على أهمية و مكانة هذا المفهوم ، كما سأبين قناعتي و ما توصلت إليه من نتائج من خلال بحث طويل في متاهات هذه القضية
وحتى أبين الأمر على حقيقته وأجليه لكل منصف وباحث عن الحقيقة فإني أقسم بياني وردي إلى نقاط عدة وعناوين رئيسة.
أولا : مقدمات هامة
1- أؤكد أنه ليس في بياني هذا تغيير لرأيي أو رجوع عما قلته سابقا، لكنه توضيح لسوء الفهم الذي وقع فيه البعض وكان سببه اجتزاء الكلام من سياقه وإخراجه عن مراده.
2- كما أؤكد أن الحوار الذي جرى ويجري حول أفكاري لم يضايقتي أبدا، بل أسعدني، لأن بداية النهضة تكون بحرية الفكر، ومقارعة الحجة بالحجة، وإعمال العقل، كما أن الحوار قد ساهم في نشر أفكاري، والحوار حولها قد ساهم في إنضاجها عندي ودفعني لزيادة البحث والتأصيل، لكن مايضايق المرء أن يتجاوز البعض أخلاق الحوار إلى التسفيه أو التفسيق بل حتى الوصول إلى التكفير والإساءات الشخصية التي يترفع عنها الفضلاء.
3- وإني حين طرحت كلامي طرحته بشكل علني فكان من حق الناس والعلماء أن يردوا أو يناقشوا بشكل علني ، ولا يحتاج الأمر نصيحة في السر فإن ماطرحته لم يكن سرا أو فعلا شخصيا، لكن كنت أتمنى أن لايرد أحد حتى يتثبت، ولا يطلق أحكاما حتى يتبين.
4- وكان من المحزن و المؤلم أن يتلقف بعض الدعاة والمشايخ غفر الله لي ولهم هذا المقطع من غير تبيّن و لا تثبّت، ومن غير أن يكلفوا أنفسهم عناء سماع المحاضرة كاملة، أوحتى الاتصال بي أو التواصل معي بأي طريق ممكن، وبعضهم تربطني به علاقات منذ عشرات السنين أو نلتقي في محافل عامة وخاصة، لكنهم تلقفوا هذا المقطع المجتزأ و بنوا عليه مابنوا من الأحكام والآراء، مع أن الواجب على الدعاة أن يثق بعضهم ببعض، وأن يحسن الجميع الظن بالآخرين، خاصة فيما يتعلق بالعقيدة والإيمان، وأن يتمثلوا قول الله عز وجل ( لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين )
5- والأغرب من ذلك أن البعض شكك في عقيدتي وفي إيماني مع معرفته بي ومع مشوار طويل في الدعوة إلى الله، علما أن عقيدتي واضحة جلية معروفة منذ أن نشرت كتابي ( مختصر العقيدة الاسلامية ) سنة 1976م.
فليتهم - وهم العقلاء وظني بهم أنهم ماحركهم إلا الغيرة على دين الله عز وجل - اتبعوا أمر الله عز وجل ( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا ) أو قول الشاعر :
تمهل ولا تعجل بلومك صاحباً لعلّ له عذراً و أنت تلوم
6- وإنّي لا أحمل في قلبي مثقال ذرّة من بغض أو حقد على كل من أخطأ في حقي أو تعجل في الحكم علي، فأصحب الهوى أمرهم إلى الله، ومن تعجل فسامحه الله، وأما العلماء فهم أهلي وإخواني والعلم رحم بين أصحابه، وإنّ البعض إن قطع هذا الرحم فإني أرجو أن أصله بعون الله تعالى :
وإن الذي بيني و بين بني أبي و بين بني عمّي لمختلف جدا
فإن يكلوا لحمي وفرت لحمهم و إن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
و إن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم وإن هم هووْا غيي هويت لهم رشدا
7- وأعلم أن لي إخوة صادقين وأحبابا مخلصين دافعوا وذبوا عني بحسن ظنهم وصدق أخوتهم، فأسأل الله أن يذب النار عن وجوهم وأن ينصرهم في موطن يحبون فيه نصرته، وأن يغفر لكل من أساء إلي بقصد أو دون قصد.
8- وإني إذ أشكو بعضا من عتب , لكني أؤكد احترامي وحبي لكافة العلماء الأجلاء والإخوة الدعاة الفضلاء، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ عبدالعزيز عبدالله آل الشيخ بعلمه ( مفتي المملكة العربية السعودية ) وفقه الله تعالى لكل خير ونفع الذي كان منصفا في جوابه على من سأله فقال: ( إن كان يقصد كذا فالحكم كذا ) وهذا جواب دقيق، وفتوى رجل حكيم، ولأني لم أقصد ما ذهب إليه السائل، فإن الحكم بالتالي لاينطبق علي.
9- كما أتقدم بشكر خاص للشيخ نايف العجمي فإنه من القلة الذين رجعوا لكلامي وتثبتوا من آرائي, فكان نقاشه رصينا وطرحه عاقلا أديبا، فإني أسعد بهكذا نقاش حتى وإن لم يوافقني الرأي ورد علي بكل ماأوتي من قوة الدليل وقناعة الرأي، لكنه التزم ماأرشدنا إليه الإسلام من أدب الاختلاف، فكان راقيا مؤدبا يستحق الشكر.
ثانيا : مبادئ متفق عليها
لا أظن أن مؤمنا – سواء كان عالما أو غير عالم - يخالف أو يشكك فيما سأطرحه من مبادئ وثوابت لدى كل المسلمين، لكن دخول الشك في نفوس البعض تجاه إخوانهم يجعلنا نؤكد على هذه النقاط :
حرمة رد القرآن والسنة ووجوب التمسك بهما.
وجوب تطبيق حكم الله تعالى في كل جوانب الحياة
الاعتراض على الله أو على رسوله فيما أوحى له به كفر صريح وردة لاتقبل النقاش.
وهذه أمور ثابتة معلومة من الدين بالضرورة, أثبتها الله سبحانه وتعالى في كتابه فقال: ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) وقال أيضا ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ), وهو القائل سبحانه ( وما كان لمؤمن ولامؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )
فمن شكك في هذا أو رد قول الله عز وجل الثابت فهو كافر بلاشك، بل مجرد الاعتراض على الله سبحانه وتعالى أو على نبيه في أمور الوحي خروج من الإسلام والايمان، لأن الإيمان يعني التصديق المطلق والإسلام يقتضي الاستسلام الكامل لحكم الله سبحانه.
لكني هنا أؤكد على أمر هام جدا، وهو أن بعض الناس يعطي فهمه لكلام الله القداسة نفسها التي يعطيها لكلام الله عز وجل، فالقرآن أمر وفهمي لبعض آيات القرآن أمر آخر، لايجوز أن أخلط هذا بهذا، وهذه إشارة أحببت أن أشير إليها مع أنها ليست في صلب موضوعنا لكنها تكشف لبسا يقع في الكثيرون.
ثالثا : حرية التعبير والاعتراض
1- أما المقطع المجتزأ المنشور والذي اتهمني فيه من نشره أني أجيز الاعتراض على الله سبحانه وتعالى وحاشا لمؤمن أن يقول ذلك، فردي على من فهمه على غير وجهه، وسمعه مجتزأ من سياقه، أني كنت أتكلم عن الدولة المسلمة التي أتمنّى أن تقوم، وعن شكلها وضوابطها ورؤيتها وطريقة قيامها وحكمها، وكانت حرية التعبير جزءا من هذه الرؤية، ولا شكّ أن حرية التعبير ومعها حرية الاعتقاد والدين مكفولة بنص القرآن و الأحاديث الشريفة وبواقع السيرة النبوية المطهرة.
2- فأنا حينما أقول إنه يجوز لليهودي أن يمارس طقوسه في دولة الإسلام لايكون معنى الجواز هنا بمعنى الإباحة الشرعية أي إنّه يجوز للمسلمين أيضاً أن يدخلوا اليهودية و أن يمارسوا طقوسها، فهذا فهم سقيم ومنطق عقيم، لأنّ الجواز هنا بمعنى أنّي أدعه و شأنه حيث إن حرية الدّين مكفولة له في الإسلام , وإن كنت لاأقره على دينه ولاأعتبره صحيحا أو صوابا.
3- وكذلك حينما قلت إنّه يجوز الاعتراض على الله عز و جل وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم, أي إنّنا في دولة الإسلام لانتعرض لمن يعترض على الله عز وجل و على نبيّه صلى الله عليه وسلم بل ندعوه ونناقشه ونقيم الحجة عليه والا كيف سنهديه الى الاسلام.
4- وهذا لا يعني أنّه يجوز لنا نحن المسلمين أن نعترض على دين الله أو ذاته أو حكمه أو على نبيّه صلى الله عليه وسلم، حاشا لمؤمن أن يقول ذلك (إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله و رسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا ) إنما كنت أقرّر مسألة الحريّة في بلاد الإسلام و ما ينبغي أن تكون عليه، وحينما قلت إنه لا توجد مشكلة لدي أن يعترض على الله من يريد أن يعترض، فقد كانت في سياق منظوري للدولة و تعاملها مع مواطنيها سواء من المسلمين و غير المسلمين، ففرق كبير بين الجواز بمعنى أنّه يباح لكلّ مسلم أن يفعل ذلك و العياذ بالله، وبين ترك الكفرة يعترضون من باب حرية التعبير طالما أنهم لايحاربون دين الله بالقوة ويمنعون نشره، فشتّان بين الكفر و نقل الكفر!! و قد كان اليهود يعترضون على الله عز وجل وعلى نبيّه صلى الله عليه وسلم ولا يحبسهم أو يقتلهم، وكان المنافقون يثيرون الشبه فينزل فيهم القرآن يدحض شبهاتهم و يفند افتراءاتهم من غير أن ينال أحدا منهم بعقوبة دنيوية، والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مليئان بمثل هذا من اعتراض وأسئلة تشكيكية وشبهات ضالة، ومع ذلك كانت الحجة والبرهان والدليل هم الرد الحاسم لا التسكيت والإخراس والقمع.
5- إن الفكر يواجه بالفكر لا بالقانون، والحجة تواجه بالحجة لا بالإكراه، وإن إقناع الناس واستمالتهم بالدليل الواضح والحجة الناصحة والعقل المستنير هو الذي يدوم، لا إجبارهم وإسكاتهم وإرهابهم، ونحن لانخشى من مواجهة الاعتراضات ولا الشبهات فعقيدتنا راسخة ثابتة ناصعة، وفكرنا قوي متين، وحجة الله بالغة، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه.
6- نحن دعاة إلى الله عز وجل ولسنا قضاة على الناس، ولو أنه كلما تكلم متكلم أو اعترض معترض أسكتناه بحد السلاح، وقمعناه بقوة الإكراه، لما كان لوجود الدعاة معنى، ولأمرناهم أن يستريحوا في بيوتهم ليكفيهم القانون إسكات وإفحام المعترضين والمشككين.
ثم إني أقول للناس عامة ولإخوتي الدعاة خاصة: كيف نعالج الشبهات إذا بقيت في أذهان الناس؟ وكيف تطمئن قلوبهم إذا كانوا يجدون الشبهة أو الشك ثم لايجدون من يلجؤون له في مناقشتها ودحضها والاستفسار عنها؟!
إن من لديه شك في أمر من أمور الإسلام فمن حقه أن يبدي هذا الشك وواجبنا نحن الدعاة أن نستمع له ثم نبين له الحق، وهذا أفضل بكثير من بقاء الشك في عقله والريبة في نفسه.
7- كما أن هناك فرقا شاسعا بين حرية التعبير التي أدعو وأؤمن بها, وبين حرية السب والشتم والاستهزاء، لأني تعريفي للحرية الذي أكرره دوما ( قول وفعل ماتشاء بأدب وبلاضرر ), فإذا أساء الإنسان الأدب مع الله أورسوله أوحتى مع الناس , أو استهزأ بدين الله أو المقدسات عندنا أومقدسات غيرنا , فإن صاحب هذا الفعل ينبغي أن يعاقب لأنه تجاوز الحرية إلى الإساءة والضرر, سواء كان من المسلمين أو غيرهم.
8- وأود أن أنبه هنا أن هناك فرق بين تقبل سماع الرأي الآخر واحترام قائله, وبين القبول بنفس الرأي و الإقرار به.
فيجب علينا طبقاً لمبدأ "الحرية" أن نتقبل وجود رأي فيه كفر صريح و لا يعني ذلك البته قبولنا للكفر فضلاً عن وقوعنا فيه و العياذ بالله.
وأيضاً فإن تقبل وجود من يحمل هذه الأراء لا يعني بأي وجه من الوجوه عدم مدافعتها بالفكر والحجة والمجادلة بالتي هي أحسن.
فالاعتراض على الله و رسوله كفر لا شك في ذلك, إلا أننا أمرنا بالدعوة الى الله و مقارعة الحجة بالحجة مع الكفار، كما أمرنا بكشف شبهة من له شبه من أهل الاسلام
9- بل أعتقد جازماً أن لا معنى للإيمان بالله بلا حرية، فالإيمان قبل كل شيء هو قرار و اختيار، و لا اختيار لمضطرٍ فاقدٍ للحرية ، فلا إيمان بلا حرية . كما أن هذه رسالة للعالمين بأن الاسلام دين العقل و العلم و إني مؤمن إيمان عميق بأن الاسلام سينتصر دائماً في أجواء حرية الفكر.
ان الحرية هي جوهر العقيدة الاسلامية فقد نص علمائنا "أنه لا يصح إيمان المقلد" فكيف يصح "إيمان المكره و المجبر و المضطر" .
ان الحرية مبدأ شرعي و حق مقدس من ضربه أو حاربه فقد ضرب أساس الدين و حارب جوهر الإيمان.
10- وكم يؤلمني أن الحرية الفكرية تحارب باسم الدين , مما يجعل الناس يتخوفون من حكم الاسلاميين, وحق لهم ذلك , بينما (لا اله الا الله) هي أساس الحرية , فبدونها سيعبد النسان غير الله تعالى أو سيعبد هواه (أفرأيت من اتخذ الهه هواه).
11- وألخص رأيي بأنه على الصعيد العملي أعتقد أن للأنسان الحرية في أن يعمل ما يشاء ما لم يتجاوز ما اتخذه المجتمع من أنظمة تكفل أمنه و استقراره.
أما في مجال الفكر فلا أرى للحرية فيه حدود الا الادب وعدم الإيذاء اللفظي.
أما ما عدا ذلك فللإنسان أن يعبر عما بدا له من قناعات وان خالفت قناعات المجتمع ,بل و ان خالفت الدين السائد و المذهب القائم, وواجبنا أن نسمع له ونعمل على اقناعه بالدليل والبرهان لا بالتهديد والقانون
رابعا : الحرية حق مقدس
1- الحرية في الإسلام حق محفوظ ومكفول لكل إنسان، بل إن الإسلام جاء ليحرر الناس من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد، فليس لأحد أن يحتكر على الناس آراءهم، ولا أن يجبرهم على مايكرهون، بل إن قولة الفاروق عمر ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) أصلت هذا المبدأ وذهبت مثلا في كل لسان، لأن الإنسان مولع بحريته، وحرية فكره ورأيه ومعتقده، وهذا ما أثبته له الإسلام ( فمن شاء فلؤمن ومن شاء فليكفر )وهي وان جاءت للتهديد بالعقوبة في الاخرة فقد ذكر أكثر من عالم أنها تؤصل كذلك لحرية العقيدة في الدنيا ,وجاءت ايات أخرى تؤصل حرية اختيار العقيدة تجاوزت مائتي اية منها (لست عليم بمسيطر) و ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وغيرها كثير, بل لا أظن أحدا من العلماء يجيز اجبار أي انسان على العقيدة, فهي مسألة محسومة.
2- لذلك فإني حينما أدافع عن الحرية فإني أنطلق من قاعدة إسلامية ومنطق ديني قبل أي أمر آخر، بل إن الإسلام لاينتشر ولايزدهر ولايطبق إلا في أجواء الحرية، ولاتبعدوا النظر، فقد حكمتنا دكتاتوريات كثيرة زعم بعضها أنهم يحكمون بالإسلام كصدام حسين وغيره، فهل كان للإسلام وجود في ظل تلك الدكتاتوريات؟ وهل كان له تأثير أو كان له عبق؟ وهل يمكن تطبيق الشريعة الحقة في ظل حكم ديكتاتوري أم أن الشريعة سيتم تطبيقها بشكل مشوه؟ , وهذا مفهوم قولي (الحرية قبل الشريعة) الذي اعترض عليه البعض لأنهم سمعوه مجتزءا من سياقه.
خامسا : التكفير
1- إن تكفير المسلم أمر خطير جدا، ورميه بالخروج من الدين لايكون إلا بكفر ظاهر محقق وواقع، ويجب على الناس عامة والدعاة خاصة التحقيق والتدقيق والتثبت قبل أن يطلقوا أحكام الكفر.
2- أنا أتكلم هنا من باب النصيحة لكل مسلم وليس في ما وقع لي خاصة، مع أني وجدت من يرميني بالكفر لمجرد عدم قبولي بالقتل حدا للردة، بل إن هناك من المتسرعين من يكفر الناس على أقل من هذا الخلاف!!
3- والتكفير أمر خطير جدا وتبنى عليه أحكام في الدنيا والآخرة , فلا ينبغي لأحد أن يتبرع بإطلاقه كيفما شاء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح ( من قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه )
4- التكفير يفتح الباب لاهدار الدماء , ومن ثمة يفتح الباب على مصراعيه لانتشار الارهاب, وهذا مما شوه الاسلام وجعله يختطف من قبل المجموعات الضالة التي استباحت دماء المسلمين وغير المسلمين .
يتبع
https://twitter.com/TareqAlSuwaidan/statuses/215435207883501568
بيان من الدكتور طارق #السويدان
(الحرية حق شرعي مقدس)
الحمد لله الذي يعلم السر وأخفى، يحكم بالعدل، ويقضي بالقسط، له الكمال وحده، والصلاة والسلام على قرة العيون وحبيب القلوب محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،،
فإن الله عز وجل يقول في كتابه ( و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا و إثما مبينا ) .
وقد شكك في عقيدتي و في ديني بعض من لم يدقق فيما ينقل ويشيع، وبهتني بما لم أرد قوله، فنشر مقطعا باسم ( طارق السويدان و حرية التعبير ) وهو مقطع مدته لا تتجاوز أربعين ثانية من محاضرة طويلة مدتها أكثر من ساعة ونصف ، صحيح أنّه نقل المقطع بصوتي لكنّه جانبه الصواب حينما أوهم الناس أني أقول ماقلته في سياق منفصل عمّا يرتبط به في أول المحاضرة، فلو قال إنسان : إنّ الله عز وجل يقول ( ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة ) لكان صادقا في قوله كاذبا فيما يزعم، فإنّ للآية تتمّة لا تصح إلاّ بها وهي ( لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى )
وقد شاع هذا المقطع وانتشرت تلك الشائعة، وأطلق البعض العنان لأحكامهم وآرائهم وتحليلاتهم، فكان من حقي ومن حق الناس علي أن أبين الأمر وأوضح القصد.
و إني لما رأيت ذلك أحببت أن أصدر بياناً أبين فيه رأيي الشرعي و الفكري في هذه القضية بتفصيل قريبٍ للأفهام مبتعداً قدر المستطاع عن التطويل الممل والاختصار المخل, رجاء أن يكون فيه تطميناً للمشفق وشفاءً للناقد.
اما الحاسد الحاقد -عفى الله عنه- فأمره الى الله
كما قال الأول:
كل العداوات قد ترجى إقالتها ... الا عداوة من عاداك عن حسد
أقول و بالله التوفيق:
منَ المولى عز وجل علي أن استعملني في العمل الدعوي الاسلامي مدةً تجاوزت الأربعين خريفاً، عايشت فيها كباحث مفاهيم الاسلام الكبرى و تعلمت خلالها كدارس مقاصد الشريعة العظمى، و من المفاهيم التي كانت و ماتزال تشكل تحديات عظيمة و تحمل في طياتها إشكالات عميقة داخل الفكر الاسلامي هو مفهوم "الحرية" و منزلتها داخل المنظومة الفكرية الاسلامية. و التي سأحاول جاهدًا من خلال هذا البيان تسليط الضوء على أهمية و مكانة هذا المفهوم ، كما سأبين قناعتي و ما توصلت إليه من نتائج من خلال بحث طويل في متاهات هذه القضية
وحتى أبين الأمر على حقيقته وأجليه لكل منصف وباحث عن الحقيقة فإني أقسم بياني وردي إلى نقاط عدة وعناوين رئيسة.
أولا : مقدمات هامة
1- أؤكد أنه ليس في بياني هذا تغيير لرأيي أو رجوع عما قلته سابقا، لكنه توضيح لسوء الفهم الذي وقع فيه البعض وكان سببه اجتزاء الكلام من سياقه وإخراجه عن مراده.
2- كما أؤكد أن الحوار الذي جرى ويجري حول أفكاري لم يضايقتي أبدا، بل أسعدني، لأن بداية النهضة تكون بحرية الفكر، ومقارعة الحجة بالحجة، وإعمال العقل، كما أن الحوار قد ساهم في نشر أفكاري، والحوار حولها قد ساهم في إنضاجها عندي ودفعني لزيادة البحث والتأصيل، لكن مايضايق المرء أن يتجاوز البعض أخلاق الحوار إلى التسفيه أو التفسيق بل حتى الوصول إلى التكفير والإساءات الشخصية التي يترفع عنها الفضلاء.
3- وإني حين طرحت كلامي طرحته بشكل علني فكان من حق الناس والعلماء أن يردوا أو يناقشوا بشكل علني ، ولا يحتاج الأمر نصيحة في السر فإن ماطرحته لم يكن سرا أو فعلا شخصيا، لكن كنت أتمنى أن لايرد أحد حتى يتثبت، ولا يطلق أحكاما حتى يتبين.
4- وكان من المحزن و المؤلم أن يتلقف بعض الدعاة والمشايخ غفر الله لي ولهم هذا المقطع من غير تبيّن و لا تثبّت، ومن غير أن يكلفوا أنفسهم عناء سماع المحاضرة كاملة، أوحتى الاتصال بي أو التواصل معي بأي طريق ممكن، وبعضهم تربطني به علاقات منذ عشرات السنين أو نلتقي في محافل عامة وخاصة، لكنهم تلقفوا هذا المقطع المجتزأ و بنوا عليه مابنوا من الأحكام والآراء، مع أن الواجب على الدعاة أن يثق بعضهم ببعض، وأن يحسن الجميع الظن بالآخرين، خاصة فيما يتعلق بالعقيدة والإيمان، وأن يتمثلوا قول الله عز وجل ( لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين )
5- والأغرب من ذلك أن البعض شكك في عقيدتي وفي إيماني مع معرفته بي ومع مشوار طويل في الدعوة إلى الله، علما أن عقيدتي واضحة جلية معروفة منذ أن نشرت كتابي ( مختصر العقيدة الاسلامية ) سنة 1976م.
فليتهم - وهم العقلاء وظني بهم أنهم ماحركهم إلا الغيرة على دين الله عز وجل - اتبعوا أمر الله عز وجل ( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا ) أو قول الشاعر :
تمهل ولا تعجل بلومك صاحباً لعلّ له عذراً و أنت تلوم
6- وإنّي لا أحمل في قلبي مثقال ذرّة من بغض أو حقد على كل من أخطأ في حقي أو تعجل في الحكم علي، فأصحب الهوى أمرهم إلى الله، ومن تعجل فسامحه الله، وأما العلماء فهم أهلي وإخواني والعلم رحم بين أصحابه، وإنّ البعض إن قطع هذا الرحم فإني أرجو أن أصله بعون الله تعالى :
وإن الذي بيني و بين بني أبي و بين بني عمّي لمختلف جدا
فإن يكلوا لحمي وفرت لحمهم و إن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
و إن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم وإن هم هووْا غيي هويت لهم رشدا
7- وأعلم أن لي إخوة صادقين وأحبابا مخلصين دافعوا وذبوا عني بحسن ظنهم وصدق أخوتهم، فأسأل الله أن يذب النار عن وجوهم وأن ينصرهم في موطن يحبون فيه نصرته، وأن يغفر لكل من أساء إلي بقصد أو دون قصد.
8- وإني إذ أشكو بعضا من عتب , لكني أؤكد احترامي وحبي لكافة العلماء الأجلاء والإخوة الدعاة الفضلاء، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ عبدالعزيز عبدالله آل الشيخ بعلمه ( مفتي المملكة العربية السعودية ) وفقه الله تعالى لكل خير ونفع الذي كان منصفا في جوابه على من سأله فقال: ( إن كان يقصد كذا فالحكم كذا ) وهذا جواب دقيق، وفتوى رجل حكيم، ولأني لم أقصد ما ذهب إليه السائل، فإن الحكم بالتالي لاينطبق علي.
9- كما أتقدم بشكر خاص للشيخ نايف العجمي فإنه من القلة الذين رجعوا لكلامي وتثبتوا من آرائي, فكان نقاشه رصينا وطرحه عاقلا أديبا، فإني أسعد بهكذا نقاش حتى وإن لم يوافقني الرأي ورد علي بكل ماأوتي من قوة الدليل وقناعة الرأي، لكنه التزم ماأرشدنا إليه الإسلام من أدب الاختلاف، فكان راقيا مؤدبا يستحق الشكر.
ثانيا : مبادئ متفق عليها
لا أظن أن مؤمنا – سواء كان عالما أو غير عالم - يخالف أو يشكك فيما سأطرحه من مبادئ وثوابت لدى كل المسلمين، لكن دخول الشك في نفوس البعض تجاه إخوانهم يجعلنا نؤكد على هذه النقاط :
حرمة رد القرآن والسنة ووجوب التمسك بهما.
وجوب تطبيق حكم الله تعالى في كل جوانب الحياة
الاعتراض على الله أو على رسوله فيما أوحى له به كفر صريح وردة لاتقبل النقاش.
وهذه أمور ثابتة معلومة من الدين بالضرورة, أثبتها الله سبحانه وتعالى في كتابه فقال: ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) وقال أيضا ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ), وهو القائل سبحانه ( وما كان لمؤمن ولامؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )
فمن شكك في هذا أو رد قول الله عز وجل الثابت فهو كافر بلاشك، بل مجرد الاعتراض على الله سبحانه وتعالى أو على نبيه في أمور الوحي خروج من الإسلام والايمان، لأن الإيمان يعني التصديق المطلق والإسلام يقتضي الاستسلام الكامل لحكم الله سبحانه.
لكني هنا أؤكد على أمر هام جدا، وهو أن بعض الناس يعطي فهمه لكلام الله القداسة نفسها التي يعطيها لكلام الله عز وجل، فالقرآن أمر وفهمي لبعض آيات القرآن أمر آخر، لايجوز أن أخلط هذا بهذا، وهذه إشارة أحببت أن أشير إليها مع أنها ليست في صلب موضوعنا لكنها تكشف لبسا يقع في الكثيرون.
ثالثا : حرية التعبير والاعتراض
1- أما المقطع المجتزأ المنشور والذي اتهمني فيه من نشره أني أجيز الاعتراض على الله سبحانه وتعالى وحاشا لمؤمن أن يقول ذلك، فردي على من فهمه على غير وجهه، وسمعه مجتزأ من سياقه، أني كنت أتكلم عن الدولة المسلمة التي أتمنّى أن تقوم، وعن شكلها وضوابطها ورؤيتها وطريقة قيامها وحكمها، وكانت حرية التعبير جزءا من هذه الرؤية، ولا شكّ أن حرية التعبير ومعها حرية الاعتقاد والدين مكفولة بنص القرآن و الأحاديث الشريفة وبواقع السيرة النبوية المطهرة.
2- فأنا حينما أقول إنه يجوز لليهودي أن يمارس طقوسه في دولة الإسلام لايكون معنى الجواز هنا بمعنى الإباحة الشرعية أي إنّه يجوز للمسلمين أيضاً أن يدخلوا اليهودية و أن يمارسوا طقوسها، فهذا فهم سقيم ومنطق عقيم، لأنّ الجواز هنا بمعنى أنّي أدعه و شأنه حيث إن حرية الدّين مكفولة له في الإسلام , وإن كنت لاأقره على دينه ولاأعتبره صحيحا أو صوابا.
3- وكذلك حينما قلت إنّه يجوز الاعتراض على الله عز و جل وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم, أي إنّنا في دولة الإسلام لانتعرض لمن يعترض على الله عز وجل و على نبيّه صلى الله عليه وسلم بل ندعوه ونناقشه ونقيم الحجة عليه والا كيف سنهديه الى الاسلام.
4- وهذا لا يعني أنّه يجوز لنا نحن المسلمين أن نعترض على دين الله أو ذاته أو حكمه أو على نبيّه صلى الله عليه وسلم، حاشا لمؤمن أن يقول ذلك (إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله و رسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا ) إنما كنت أقرّر مسألة الحريّة في بلاد الإسلام و ما ينبغي أن تكون عليه، وحينما قلت إنه لا توجد مشكلة لدي أن يعترض على الله من يريد أن يعترض، فقد كانت في سياق منظوري للدولة و تعاملها مع مواطنيها سواء من المسلمين و غير المسلمين، ففرق كبير بين الجواز بمعنى أنّه يباح لكلّ مسلم أن يفعل ذلك و العياذ بالله، وبين ترك الكفرة يعترضون من باب حرية التعبير طالما أنهم لايحاربون دين الله بالقوة ويمنعون نشره، فشتّان بين الكفر و نقل الكفر!! و قد كان اليهود يعترضون على الله عز وجل وعلى نبيّه صلى الله عليه وسلم ولا يحبسهم أو يقتلهم، وكان المنافقون يثيرون الشبه فينزل فيهم القرآن يدحض شبهاتهم و يفند افتراءاتهم من غير أن ينال أحدا منهم بعقوبة دنيوية، والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مليئان بمثل هذا من اعتراض وأسئلة تشكيكية وشبهات ضالة، ومع ذلك كانت الحجة والبرهان والدليل هم الرد الحاسم لا التسكيت والإخراس والقمع.
5- إن الفكر يواجه بالفكر لا بالقانون، والحجة تواجه بالحجة لا بالإكراه، وإن إقناع الناس واستمالتهم بالدليل الواضح والحجة الناصحة والعقل المستنير هو الذي يدوم، لا إجبارهم وإسكاتهم وإرهابهم، ونحن لانخشى من مواجهة الاعتراضات ولا الشبهات فعقيدتنا راسخة ثابتة ناصعة، وفكرنا قوي متين، وحجة الله بالغة، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه.
6- نحن دعاة إلى الله عز وجل ولسنا قضاة على الناس، ولو أنه كلما تكلم متكلم أو اعترض معترض أسكتناه بحد السلاح، وقمعناه بقوة الإكراه، لما كان لوجود الدعاة معنى، ولأمرناهم أن يستريحوا في بيوتهم ليكفيهم القانون إسكات وإفحام المعترضين والمشككين.
ثم إني أقول للناس عامة ولإخوتي الدعاة خاصة: كيف نعالج الشبهات إذا بقيت في أذهان الناس؟ وكيف تطمئن قلوبهم إذا كانوا يجدون الشبهة أو الشك ثم لايجدون من يلجؤون له في مناقشتها ودحضها والاستفسار عنها؟!
إن من لديه شك في أمر من أمور الإسلام فمن حقه أن يبدي هذا الشك وواجبنا نحن الدعاة أن نستمع له ثم نبين له الحق، وهذا أفضل بكثير من بقاء الشك في عقله والريبة في نفسه.
7- كما أن هناك فرقا شاسعا بين حرية التعبير التي أدعو وأؤمن بها, وبين حرية السب والشتم والاستهزاء، لأني تعريفي للحرية الذي أكرره دوما ( قول وفعل ماتشاء بأدب وبلاضرر ), فإذا أساء الإنسان الأدب مع الله أورسوله أوحتى مع الناس , أو استهزأ بدين الله أو المقدسات عندنا أومقدسات غيرنا , فإن صاحب هذا الفعل ينبغي أن يعاقب لأنه تجاوز الحرية إلى الإساءة والضرر, سواء كان من المسلمين أو غيرهم.
8- وأود أن أنبه هنا أن هناك فرق بين تقبل سماع الرأي الآخر واحترام قائله, وبين القبول بنفس الرأي و الإقرار به.
فيجب علينا طبقاً لمبدأ "الحرية" أن نتقبل وجود رأي فيه كفر صريح و لا يعني ذلك البته قبولنا للكفر فضلاً عن وقوعنا فيه و العياذ بالله.
وأيضاً فإن تقبل وجود من يحمل هذه الأراء لا يعني بأي وجه من الوجوه عدم مدافعتها بالفكر والحجة والمجادلة بالتي هي أحسن.
فالاعتراض على الله و رسوله كفر لا شك في ذلك, إلا أننا أمرنا بالدعوة الى الله و مقارعة الحجة بالحجة مع الكفار، كما أمرنا بكشف شبهة من له شبه من أهل الاسلام
9- بل أعتقد جازماً أن لا معنى للإيمان بالله بلا حرية، فالإيمان قبل كل شيء هو قرار و اختيار، و لا اختيار لمضطرٍ فاقدٍ للحرية ، فلا إيمان بلا حرية . كما أن هذه رسالة للعالمين بأن الاسلام دين العقل و العلم و إني مؤمن إيمان عميق بأن الاسلام سينتصر دائماً في أجواء حرية الفكر.
ان الحرية هي جوهر العقيدة الاسلامية فقد نص علمائنا "أنه لا يصح إيمان المقلد" فكيف يصح "إيمان المكره و المجبر و المضطر" .
ان الحرية مبدأ شرعي و حق مقدس من ضربه أو حاربه فقد ضرب أساس الدين و حارب جوهر الإيمان.
10- وكم يؤلمني أن الحرية الفكرية تحارب باسم الدين , مما يجعل الناس يتخوفون من حكم الاسلاميين, وحق لهم ذلك , بينما (لا اله الا الله) هي أساس الحرية , فبدونها سيعبد النسان غير الله تعالى أو سيعبد هواه (أفرأيت من اتخذ الهه هواه).
11- وألخص رأيي بأنه على الصعيد العملي أعتقد أن للأنسان الحرية في أن يعمل ما يشاء ما لم يتجاوز ما اتخذه المجتمع من أنظمة تكفل أمنه و استقراره.
أما في مجال الفكر فلا أرى للحرية فيه حدود الا الادب وعدم الإيذاء اللفظي.
أما ما عدا ذلك فللإنسان أن يعبر عما بدا له من قناعات وان خالفت قناعات المجتمع ,بل و ان خالفت الدين السائد و المذهب القائم, وواجبنا أن نسمع له ونعمل على اقناعه بالدليل والبرهان لا بالتهديد والقانون
رابعا : الحرية حق مقدس
1- الحرية في الإسلام حق محفوظ ومكفول لكل إنسان، بل إن الإسلام جاء ليحرر الناس من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد، فليس لأحد أن يحتكر على الناس آراءهم، ولا أن يجبرهم على مايكرهون، بل إن قولة الفاروق عمر ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) أصلت هذا المبدأ وذهبت مثلا في كل لسان، لأن الإنسان مولع بحريته، وحرية فكره ورأيه ومعتقده، وهذا ما أثبته له الإسلام ( فمن شاء فلؤمن ومن شاء فليكفر )وهي وان جاءت للتهديد بالعقوبة في الاخرة فقد ذكر أكثر من عالم أنها تؤصل كذلك لحرية العقيدة في الدنيا ,وجاءت ايات أخرى تؤصل حرية اختيار العقيدة تجاوزت مائتي اية منها (لست عليم بمسيطر) و ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وغيرها كثير, بل لا أظن أحدا من العلماء يجيز اجبار أي انسان على العقيدة, فهي مسألة محسومة.
2- لذلك فإني حينما أدافع عن الحرية فإني أنطلق من قاعدة إسلامية ومنطق ديني قبل أي أمر آخر، بل إن الإسلام لاينتشر ولايزدهر ولايطبق إلا في أجواء الحرية، ولاتبعدوا النظر، فقد حكمتنا دكتاتوريات كثيرة زعم بعضها أنهم يحكمون بالإسلام كصدام حسين وغيره، فهل كان للإسلام وجود في ظل تلك الدكتاتوريات؟ وهل كان له تأثير أو كان له عبق؟ وهل يمكن تطبيق الشريعة الحقة في ظل حكم ديكتاتوري أم أن الشريعة سيتم تطبيقها بشكل مشوه؟ , وهذا مفهوم قولي (الحرية قبل الشريعة) الذي اعترض عليه البعض لأنهم سمعوه مجتزءا من سياقه.
خامسا : التكفير
1- إن تكفير المسلم أمر خطير جدا، ورميه بالخروج من الدين لايكون إلا بكفر ظاهر محقق وواقع، ويجب على الناس عامة والدعاة خاصة التحقيق والتدقيق والتثبت قبل أن يطلقوا أحكام الكفر.
2- أنا أتكلم هنا من باب النصيحة لكل مسلم وليس في ما وقع لي خاصة، مع أني وجدت من يرميني بالكفر لمجرد عدم قبولي بالقتل حدا للردة، بل إن هناك من المتسرعين من يكفر الناس على أقل من هذا الخلاف!!
3- والتكفير أمر خطير جدا وتبنى عليه أحكام في الدنيا والآخرة , فلا ينبغي لأحد أن يتبرع بإطلاقه كيفما شاء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح ( من قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه )
4- التكفير يفتح الباب لاهدار الدماء , ومن ثمة يفتح الباب على مصراعيه لانتشار الارهاب, وهذا مما شوه الاسلام وجعله يختطف من قبل المجموعات الضالة التي استباحت دماء المسلمين وغير المسلمين .
يتبع