العقل الحر
20-06-2012, 09:28 PM
منذ أيام قليلة توفي شخص غيّر الكثير خصوصاً فيما يتعلق بشرطة لوس انجلس في الولايات المتحدة، هذا الشخص يدعى رودني كينج أمريكي من أصول أفريقية، تبدأ قصته الشهيرة عام ١٩٩١ حين كان يقود سيارته بسرعة بينما تتبعه الشرطة، ولم يتوقف حينها بل استمر بالقيادة حتى توقف وخرج من السيارة فانهال عليه أربعة من رجال الشرطة البيض بالضرب المبرح بالهراوات على رأسه ووجهه وهددوه بأنهم سوف يقتلونه بعد مناداته بوصف "الزنجي" وتم صعقه أكثر من مرة بمسدس الصعق الكهربائي ولم تعلم الشرطة أن هنالك من كان يصورهم حيث صور أحد الأشخاص مشهد الضرب كله وأرسل الشريط إلى قنوات الأخبار ليبدأ الغضب العارم الذي ألم بالولايات المتحدة وبولاية كالفورنيا.
هذا المشهد لم يكن جديداً على عناصر الشرطة في الولايات المتحدة بالأخص في ولاية مثل كالفورنيا حيث التمييز ضد السود بلغ حده، من حيث الاعتقال بسبب الشك أو استخدام القوة المفرطة معهم والضرب بشكل مبرح أو الاعتقاد بأن كل شخص أسود هو تاجر مخدرات أو سارق أو مجرم، فاكتسبت الشرطة التي كانت تتكون في الغالب من أشخاص بيض فقط سمعة سيئة واتهموا بأنهم فاشيون بسبب العنف الذي كانوا يستخدمونه ضد الأمريكيين من أصول أفريقية، وفي هذه المرة بقدر أنه لم يستغرب الكثيرون مما رأوه على شاشات التلفاز من ضرب رودني كينج إلا أن هذه المرة تأكدوا مما كانوا يسمعون عنه فيما يتعلق بعنف الشرطة وطريقة معاملتهم.
ووسط غضب الكثيرين حيال هذا الشريط الذي يصور عنف الشرطة، فإنه حين تمت محاكمتهم في ابريل من عام ١٩٩٢ اعتقد الكثيرون أن القضاء عادل، لكن لم يستمر هذا الاعتقاد طويلا حتى نطق بالحكم وهو البراءة لأفراد الشرطة الأمر الذي لم يكن يخطر على بال أحد، حيث تمت تبرئة جميع أفراد الشرطة الأمر الذي جعل ولاية كالفورنيا والولايات المتحدة كلها تستشيط غضبا، نظرا للتاريخ الطويل الذي عانى فيه السود في أمريكا من كل أنواع الاضطهاد والتمييز اللاقانونية واللا إنسانية، ففي الستينيات كانت الشرطة تجند أفراداً من البيض وتجلبهم من جنوب أمريكا، أي في الولايات التي شهدت كل القوانين العنصرية وكان الأسود يعامل فيها بازدراء فأخذت بتجنيد هؤلاء الذين لاتهمهم العنصرية وكل الممارسات العنصرية ضد السود وتعتبر بالنسبة لهم ممارسات عادية، أما هذه المرة، فقد فجر هذا الغضب أشهر أحداث شغب عرفتها أمريكا وولاية كالفورنيا حيث خرج الناس للشوارع تعبيرا عن غضبهم بعد أن تم صدور حكم البراءة لعناصر الشرطة الأربعة وتحولت المظاهرات السلمية إلى حرائق، واستولى الناس على مافي المحلات وأصبحت لوس انجلس حينها أشبه بساحة حرب من كثر الحرائق التي امتدت في كل الشوارع وامتدت حالات العنف والدمار في كل أرجاء الولاية وامتدت بشكل محدود إلى ولايات أخرى، وشيئا فشيئا فقدت الشرطة السيطرة على الوضع الذي آلت إليه شوارع لوس انجلس فاستعانت بالمارينز والجيش وقوات الأمن الوطني الذين دخلوا بدباباتهم ومدرعاتهم في محاولة منهم للسيطرة على الوضع وتهدئة الناس بعد أعمال شغب استمرت أكثر من ستة أيام قتل فيها أكثر من ٥٠ شخصاً وجرح أكثر من ٢٠٠٠ بالإضافة إلى الخسائر المالية التي تقارب المليار دولار.
هذه الحادثة الشهيرة التي لعبت فيها غطرسة الشرطة الأمريكية وفشل القضاء الأمريكي في تحقيق العدالة ما أدى إلى تدخل جورج بوش الأب حينها ومن ثم إعادة المحاكمة التي قضت بسجن اثنين من الشرطة بعد ثبوت الأدلة ضدهما وبعد أن تمت تبرئتهم قبل حدوث أحداث الشغب.
إن التغيير الذي حصل في المجتمع الأمريكي والشرطة في لوس انجلس لم يكن ليحدث لولا تدخل وسائل الإعلام، فحينها وبالرغم من أنه لم يكن هنالك انترنت كما نعرفه اليوم ولاتوجد هواتف نقالة بالتقنية التي نعيشها، إلا أن كان هنالك شخص تحرك بسرعة وجلب آلة التصوير الخاصة به ليصور ما غير تاريخ هذه الولاية وسلط الضوء على قضية من أشهر القضايا التي تتعلق بالحقوق المدنية وغطرسة الشرطة والعنصرية المتأصلة بين الحكومة البيضاء والمواطنين السود في أمريكا، فلولا تكاتف الجميع قبل وبعد أحداث الشغب سواء من الإعلام أو المواطنين العاديين بل حتى الفنانين والمطربين حينها سخروا إمكانياتهم في محاولة لإيصال صوت الأقلية السوداء في أمريكا، الأمر الذي رضخت له الحكومة الأمريكية، ثم القضاء الأمريكي ومن بعدها جهاز الشرطة التابع للوس انجلس، فهذا الحادث غير المجتمع الأمريكي بشكل جذري، وغير مسار العنصرية والعنف ضد الأقليات، هذا التغيير لم يكن ليحصل لولا تكاتف الجميع ولولا إيمان الجميع بالقضية نفسها.
بقلم / ريم يوسف الحرمي
مقال عجبني ونقلته
وشكرا ريم
هذا المشهد لم يكن جديداً على عناصر الشرطة في الولايات المتحدة بالأخص في ولاية مثل كالفورنيا حيث التمييز ضد السود بلغ حده، من حيث الاعتقال بسبب الشك أو استخدام القوة المفرطة معهم والضرب بشكل مبرح أو الاعتقاد بأن كل شخص أسود هو تاجر مخدرات أو سارق أو مجرم، فاكتسبت الشرطة التي كانت تتكون في الغالب من أشخاص بيض فقط سمعة سيئة واتهموا بأنهم فاشيون بسبب العنف الذي كانوا يستخدمونه ضد الأمريكيين من أصول أفريقية، وفي هذه المرة بقدر أنه لم يستغرب الكثيرون مما رأوه على شاشات التلفاز من ضرب رودني كينج إلا أن هذه المرة تأكدوا مما كانوا يسمعون عنه فيما يتعلق بعنف الشرطة وطريقة معاملتهم.
ووسط غضب الكثيرين حيال هذا الشريط الذي يصور عنف الشرطة، فإنه حين تمت محاكمتهم في ابريل من عام ١٩٩٢ اعتقد الكثيرون أن القضاء عادل، لكن لم يستمر هذا الاعتقاد طويلا حتى نطق بالحكم وهو البراءة لأفراد الشرطة الأمر الذي لم يكن يخطر على بال أحد، حيث تمت تبرئة جميع أفراد الشرطة الأمر الذي جعل ولاية كالفورنيا والولايات المتحدة كلها تستشيط غضبا، نظرا للتاريخ الطويل الذي عانى فيه السود في أمريكا من كل أنواع الاضطهاد والتمييز اللاقانونية واللا إنسانية، ففي الستينيات كانت الشرطة تجند أفراداً من البيض وتجلبهم من جنوب أمريكا، أي في الولايات التي شهدت كل القوانين العنصرية وكان الأسود يعامل فيها بازدراء فأخذت بتجنيد هؤلاء الذين لاتهمهم العنصرية وكل الممارسات العنصرية ضد السود وتعتبر بالنسبة لهم ممارسات عادية، أما هذه المرة، فقد فجر هذا الغضب أشهر أحداث شغب عرفتها أمريكا وولاية كالفورنيا حيث خرج الناس للشوارع تعبيرا عن غضبهم بعد أن تم صدور حكم البراءة لعناصر الشرطة الأربعة وتحولت المظاهرات السلمية إلى حرائق، واستولى الناس على مافي المحلات وأصبحت لوس انجلس حينها أشبه بساحة حرب من كثر الحرائق التي امتدت في كل الشوارع وامتدت حالات العنف والدمار في كل أرجاء الولاية وامتدت بشكل محدود إلى ولايات أخرى، وشيئا فشيئا فقدت الشرطة السيطرة على الوضع الذي آلت إليه شوارع لوس انجلس فاستعانت بالمارينز والجيش وقوات الأمن الوطني الذين دخلوا بدباباتهم ومدرعاتهم في محاولة منهم للسيطرة على الوضع وتهدئة الناس بعد أعمال شغب استمرت أكثر من ستة أيام قتل فيها أكثر من ٥٠ شخصاً وجرح أكثر من ٢٠٠٠ بالإضافة إلى الخسائر المالية التي تقارب المليار دولار.
هذه الحادثة الشهيرة التي لعبت فيها غطرسة الشرطة الأمريكية وفشل القضاء الأمريكي في تحقيق العدالة ما أدى إلى تدخل جورج بوش الأب حينها ومن ثم إعادة المحاكمة التي قضت بسجن اثنين من الشرطة بعد ثبوت الأدلة ضدهما وبعد أن تمت تبرئتهم قبل حدوث أحداث الشغب.
إن التغيير الذي حصل في المجتمع الأمريكي والشرطة في لوس انجلس لم يكن ليحدث لولا تدخل وسائل الإعلام، فحينها وبالرغم من أنه لم يكن هنالك انترنت كما نعرفه اليوم ولاتوجد هواتف نقالة بالتقنية التي نعيشها، إلا أن كان هنالك شخص تحرك بسرعة وجلب آلة التصوير الخاصة به ليصور ما غير تاريخ هذه الولاية وسلط الضوء على قضية من أشهر القضايا التي تتعلق بالحقوق المدنية وغطرسة الشرطة والعنصرية المتأصلة بين الحكومة البيضاء والمواطنين السود في أمريكا، فلولا تكاتف الجميع قبل وبعد أحداث الشغب سواء من الإعلام أو المواطنين العاديين بل حتى الفنانين والمطربين حينها سخروا إمكانياتهم في محاولة لإيصال صوت الأقلية السوداء في أمريكا، الأمر الذي رضخت له الحكومة الأمريكية، ثم القضاء الأمريكي ومن بعدها جهاز الشرطة التابع للوس انجلس، فهذا الحادث غير المجتمع الأمريكي بشكل جذري، وغير مسار العنصرية والعنف ضد الأقليات، هذا التغيير لم يكن ليحصل لولا تكاتف الجميع ولولا إيمان الجميع بالقضية نفسها.
بقلم / ريم يوسف الحرمي
مقال عجبني ونقلته
وشكرا ريم