المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما الذي يمكن أن يحدث إذا انهار الدولار



شمعة الحب
19-06-2006, 07:17 PM
ما الذي يمكن أن يحدث إذا انهار الدولار
- صمويل بريتان - 23/05/1427هـ
استناداً إلى بنك التسويات الدولية، أسعار الأسهم في هبوط وأسعار السلع سريعة التقلب، ليس لأن التطلعات والآفاق بالنسبة للشركات تنبئ عن تدهور حالها، أو بسبب مشاعر القلق والتخوف من التضخم وأسعار الفائدة والنمو، بل بسبب التوتر الشديد خوفاً من حيازة الموجودات الخطرة، خصوصاً أسهم وسندات الأسواق الناشئة. ومن جانب آخر، لا يزال البنك المركزي الأوروبي، في نشرته "مراجعة الاستقرار المالي" في حزيران (يونيو)، يعتبر أن المصادر الرئيسية للخطر والضعف تعود إلى "الاختلالات المالية العالمية"، وهو تعبير مهذب يقصد به عملياً أن التخوف إنما هو من خطر انهيار الدولار.
لذلك حين اقترح علي أحد الأصدقاء أن أبحث في عواقب انهيار الدولار على الاقتصاد العالمي لم أتوان لحظة واحدة. لاحظ أن الحديث عن عواقب انهيار الدولار أمر يختلف تماماً عن توقع حدوثه أو توقع توقيته. وبدلاً من القيام بما لا طائل تحته من الرجم بالغيب، بإمكاننا أن نسأل عن معنى هذا الحدث وما هي السياسات التي ينبغي اتباعها استجابة لذلك.
لنعتبر أن تعريف انهيار الدولار هو هبوط قيمة الدولار بنسبة لا تقل عن 20 في المائة خلال بضعة أسابيع. في البداية سيهبط الدولار مقابل اليورو بالدرجة الأولى. لكن هذا الهبوط الحاد في قيمة الدولار الخارجية سيعطي إشارة قوية إلى السلطات الآسيوية لوقف تكويم الموجودات، بل وحتى البدء في التخلص منها.
وأهم من ذلك كله الظروف التي يمكن أن يقع فيها الانهيار. وباعتباري كنت متشككاً في جدوى الحديث عن الاختلالات العالمية، بل وأكثر تشككاً في عدد من العلاجات المقترحة للتعامل معها، فلعل القارئ يجد لي العذر في أن أبدأ بتصور حميد نسبياً للوضع في حالة انهيار الدولار.
إن أقوى سبب يمكن أن يؤدي إلى انهيار الدولار هو حدوث نكسة في سوق الإسكان في الولايات المتحدة، الأمر الذي يمكن أن يوجه ضربة للإنفاق الاستهلاكي الأمريكي. وحينها سيتوقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن سياسته الحالية المتمثلة في الرفع التدريجي لأسعار الفائدة قصيرة الأجل، بل وحتى يمكن أن يعكس هذه السياسة. لذلك، التوقعات الاقتصادية المباشرة وسلوك تفاضلات أسعار الفائدة الدولية سيكونان في الجانب السلبي بالنسبة للدولار. وستهبط سوق السندات وسترتفع أسعار الفائدة طويلة الآجل من الناحية الاسمية والفعلية، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى مزيد من التراجع الاقتصادي.
ومع ذلك ليس من الضروري أن تكون نتائج ذلك سلبية تماماً بالنسبة للاقتصاد الأمريكي. والسيناريو بأكمله يبدأ بضعف الاقتصاد المحلي. وفي ظل تلك الظروف يمكن أن يكون هبوط قيمة الدولار حافزاً خارجياً يعمل على موازنة الأمور. لكنه يعني قطعاً أنه لن يكون بمقدور الاقتصاد الأمريكي مواصلة النمو كل ربع سنة بمعدل سنوي يصل إلى 3 أو 4 في المائة. ويتوقف مقدار الأثر السلبي لذلك إلى حد ما على التطورات التي تقع في بقية أنحاء العالم. ويتوقع المتفائلون، بدلاً من اتخاذ إجراءات انتقامية، أن يحدث تأثير موازن لذلك من خلال تعزيز الطلب في منطقة اليورو وفي آسيا. ويتخوف المتشائمون من احتمال اتخاذ الرئيس شيراك، إن كان لا يزال في منصبه، إجراءً انتقامياً من خلال رفع الحواجز الحمائية، وأن يحاول إجراء تخفيض منافس، أو يفرض ضرائب دون تخطيط سليم على حركة الرساميل الدولية.
وهناك تطور ربما يكون وقوعه مرجحاً أكثر من هذين التصورين المتطرفين، وهو أن هبوط قيمة الدولار يمكن أن يأتي في وقت لا يزال العالم يتمتع فيه بفورة اقتصادية على غرار توقعات صندوق النقد الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمات أخرى من هذا القبيل. وفي هذه الحالة لن يكون الأمر مأساوياً لو أخفقت أوروبا أو آسيا في اتخاذ إجراءات لتحقيق التوازن من خلال تعزيز الطلب. والواقع، إذا كان العالم يمر بفترة من زيادة الطلب، كما يوحي بذلك الضغط على أسواق النفط والسلع ووفرة الائتمان، فإن حدوث حركة تراجعية متواضعة في الولايات المتحدة ربما يكون هو الإجراء السليم.
وينتج عن ذلك أنه إذا كان لا بد من انهيار الدولار، ففي العجلة السلامة. ذلك لأن ردود الفعل الانتقامية والمنحرفة ستكون أقل احتمالاً، إذا وقع الانهيار في الوقت الذي تستمتع فيه أوروبا وآسيا بفورة اقتصادية، مما لو وقع في فترة متأخرة تمر فيها مناطق العالم الأخرى بحالة من التباطؤ، أو التراجع والكساد الاقتصادي.
لكن لا بد لي من قول المزيد لإرضاء أصحاب النظرة التشاؤمية. لنفرض أن سعر برميل النفط ارتفع إلى 100 دولار أو أكثر. في هذه الحالة ربما تضطر البنوك المركزية للتدخل لضبط الطلب، طالما كان هناك فائض مادي من الطاقة الصناعية وعلامات لا تذكر من العمالة الفائضة عن الحد. ويمكن أن تتضرر الولايات المتحدة بقدر أكبر، لأن الواردات الأمريكية من الطاقة أكبر (عند قياسها بالدولار نسبة إلى الناتج الإجمالي المحلي) من الدول الأخرى في العالم المتقدم.
وأسوأ سيناريو في هذا المقام يتجاوز حدود علم الاقتصاد التقليدي. ويمكن أن يحدث، مثلا، إذا أغلقت مضيق هرمز عند مدخل الخليج العربي. وفي هذه الحالة ستتحول طبيعة الإجراءات إلى الساحة السياسية والعسكرية. لكن يمكن أن نجد العذر للمجتمع المالي الدولي إذا كان رد فعله هو الضحك هزؤا من أي حديث للبنتاجون عن الإقدام على ضربة سريعة ونظيفة لإعادة فتح المضيق.
وفي ظل هذه الظروف سيكون هبوط الدولار آخر ما نقلق بشأنه. فكما كان الحال مع أزمات مماثلة في الماضي، فربما نتوقع انتقالاً من العملات إلى الذهب، والأراضي، والمجوهرات، والصدف الأصفر وموجودات أخرى من هذا القبيل. لكن من المرجح في هذه الحالة أن يتأثر الدولار نسبة إلى اليورو والاسترليني. فهل هناك فرصة في أن يتخذ الكونجرس إجراءات مالية ضد الاستهلاك الكبير للنفط قبل أن تضطره الأحداث التي على هذه الشاكلة إلى اتخاذ هذه الإجراءات؟