المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تغضب ولك الجنه



امـ حمد
14-07-2012, 04:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الغضب نزغة من نزغات الشيطان،يقع بسببه من السيئات والمصائب مالا يعلمه إلا الله،قال صلى الله عليه وسلم(إذا

غضب الرجل فقال أعوذ بالله من الشيطان، سكن غضبه)رواه البخاري،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إذا غضب

أحدكم فليسكت) رواه الإمام أحمد، وذلك أن الغضبان يخرج عن طوره وشعوره غالباً،فيتلفظ بكلمات قد يكون فيها كفر

والعياذ بالله أو لعن أو طلاق يهدم بيته،أو سب وشتم،يجلب له عداوة الآخرين،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا

غضب أحدكم وهو قائم فليجلس،فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع )انظر صحيح الجامع رقم 694،ومن فوائد هذا

التوجيه النبوي منع الغاضب من التصرفات الهوجاء،لأنه قد يضرب أو يؤذي بل قد يقتل،ولأجل ذلك إذا قعد كان أبعد عن

الهيجان والثوران،وإذا اضطجع صار أبعد ما يمكن عن التصرفات الطائشة والأفعال المؤذية،أن النبي صلى الله عليه

وسلم،إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا يبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد،سنن أبي داود،حفظ

وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم،عن أبي هريرة رضي الله عنه،أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم،أوصني قال

لا تغضب،فردّد ذلك مراراً،قال لا تغضب ولك الجنة حديث صحيح،رواه البخاري،إن تذكر ما أعد الله للمتقين الذين

يتجنبون أسباب الغضب ويجاهدون أنفسهم في كبته ورده،لهو من أعظم ما يعين على إطفاء نار الغضب،ومما

ورد من الأجر العظيم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم(من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه،دعاه الله عز وجل على

رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ماشاء رواه أبو داود،وغيره،وحسنّه في صحيح الجامع،قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )وكلما انفعلت النفس

واشتد الأمر كان كظم الغيظ أعلى في الرتبة،والصرعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد غضبه ويحمر وجهه،ويقشعر

شعره فيصرع غضبه )رواه الإمام أحمد،وحسنه في صحيح الجامع،ومن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم،أن نجعل

غضبنا لله ،إذا انتهكت محارم الله ، وهذا هو الغضب المحمود،فقد غضب صلى الله عليه وسلم،لما أخبروه عن

الإمام الذي يُنفر الناس من الصلاة بطول قراءته،وغضب لما رأى في بيت عائشة ستراً فيه صور ذوات أرواح،وغضب لما

كلمه أسامة في شأن المخزومية التي سرقت،وقال،أتشفع في حد من حدود الله، فكان غضبه صلى الله عليه وسلم لله،وفي


الله، أن رد الغضب من علامات المتقين،وهؤلاء الذين مدحهم الله في كتابه ، وأثنى عليهم رسوله ، صلى الله عليه

وسلم،وأعدت لهم جنات عرضها السماوات والأرض،ومن صفاتهم أنهم(ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ

والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)الغضب أمر من طبيعة النفس يتفاوت فيه الناس،وقد يكون من العسير على

المرء أن لا يغضب،لكن الصدّيقين إذا غضبوا فذّكروا بالله،ذكروا الله ووقفوا عند حدوده،وهذا مثالهم،عن ابن

عباس رضي الله عنهما،أن رجلاً استأذن على عمر رضي الله عنه فأذن له،فقال له،يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل

(العطاء الكثير )ولا تحكم بيننا بالعدل،فغضب عمر رضي الله عنه حتى همّ أن يوقع به،فقال الحر بن قيس( وكان من

جلساء عمر )يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه،صلى الله عليه وسلم( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض

عن الجاهلين ) وإن هذا من الجاهلين ، فوالله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاها عليه،وكان وقافاً عند كتاب الله

عز وجل،رواه البخاري،
ومن مساوئ الغضب،الإضرار بالنفس والآخرين،فينطلق اللسان بالشتم والسب والفحش

وتنطلق اليد بالبطش بغير حساب،وقد يصل الأمر إلى القتل،وقد يحصل أدنى من هذا فيكسر ويجرح ، فإذا هرب

المغضوب عليه عاد الغاضب على نفسه ، فربما مزق ثوبه ، أو لطم خده ، وربما سقط صريعاً أو أغمي عليه ، وكذلك قد

يكسر الأواني ويحطم المتاع،ومن أعظم الأمور السيئة التي تنتج عن الغضب،انفصام عرى الأسرة وتحطم كيانها،هو

الطلاق،فينتج عن ذلك تشريد الأولاد،والندم والخيبة،والعيش المرّ،وكله بسبب الغضب،ولو أنهم ذكروا الله ورجعوا إلى

أنفسهم،وكظموا غيظهم واستعاذوا بالله من الشيطان،ما وقع الذي وقع ولكن مخالفة الشريعة لا تنتج إلا الخسارة،وما

يحدث من الأضرار الجسدية بسبب الغضب،كما يصف الأطباء كتجلّط الدم،وارتفاع الضغط،وزيادة ضربات القلب، وتسارع

معدل التنفس،وهذا قد يؤدي إلى سكته مميتة أو مرض السكري،نسأل الله العافية،تأمل الغاضب نفسه لحظة

الغضب،

لو ينظر إلى صورته في المرآة حين غضبه لكره نفسه ومنظره،فلو رأى تغير لونه وشدة رعدته،وارتجاف

أطرافه،وتغير خلقته،وانقلاب سحنته،واحمرار وجهه،وجحوظ عينيه وخروج حركاته عن الترتيب وأنه يتصرف مثل

المجانين لأنف من نفسه،واشمأز من هيئته، فما أفرح الشيطان بشخص هذا حاله،نعوذ بالله من الشيطان.