المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مَن الذي خسر أو كسب في سوق الأسهم؟



شمعة الحب
22-06-2006, 09:38 PM
مَن الذي خسر أو كسب في سوق الأسهم؟
د. فهد محمد بن جمعة - كاتب اقتصادي 26/05/1427هـ
fahedalajmi@saudi.net.sa

نشاهد مؤشر السوق هذه الأيام يتذبذب في نطاق ضيق ما بين عشرة آلاف نقطة و12 ألف نقطة، ما يوحي بأن سوق الأسهم السعودي يحاول أن يجد له نقطة ارتكاز توازن Equilibrium بين الكمية المطلوبة والمعروضة عند الأسعار السائدة. فكلما زادت حركة التداول بين المضاربين في السوق انتقلت نقطة هذا التوازن إلى نقطة أعلى منها، وهكذا. ما يبعث روح الثقة في نفوس المستثمرين ويتقبلون معدل الخطر المرتبط بهذا الارتفاع بعد أن عصفت بهم فقاعة الأسعار وألقت بهم في العراء، ليجدوا كل ما قد جمعوه من أموال قد تناثرت أشلاؤها، فلا معين إلا الويل والخسارة الموجوعة. فلا الحسرات وإلقاء اللوم على الغير جعل من الخسارة ربحا. هكذا كانت الحال في لحظة انخفاض المؤشر إلى مستوى متدن، وندم هؤلاء المضاربون على عدم بيع أسهمهم عندما وصل المؤشر إلى أعلى مستوى له. فهل يا ترى من خسر في تلك اللحظة ومَن كسب؟ ومن يكسب الآن أو يخسر، هل هي مسألة نقاط المؤشر أم مسألة توقيت الدخول والخروج التي يكون صافيها كسبا عندما تزيد صفقات الربح وتنخفض صفقات الخسارة؟

http://www.aleqtisadiah.com/picarchive/rai.jpg
بالتأكيد الذين كسبوا عندما تدهور المؤشر هم المستثمرون الكبار الذين يضاربون بهامش أرباحهم وليس برأسمالهم الأصلي، الذي كسبوه في عام 2003 عندما كان المؤشر العام في تصاعد وارتفع بنسبة 73 في المائة، ثم كسبوه مرة ثانية في عام 2004 عندما ارتفع المؤشر بنسبة 9 في المائة، ثم كسبوه مرة ثالثة في عام 2005 عندما استمر المؤشر في ارتفاعه بنسبة 19 في المائة. فإن خسارة هؤلاء الكبار كانت نسبة هامشية مقارنة بأرباحهم المتراكمة منذ أن بدأ المؤشر في التصاعد. وعلى النقيض نرى المستثمرين الصغار قد وقعوا في فخ المضاربة حتى خسروا رؤوس أموالهم عندما أغرتهم البنوك بتسهيلات عمليات الاقتراض المتوافقة مع ما لديهم من نزعة جني المكاسب السريعة إلى أن أدلى كل واحد منهم بدلوه، وبكل ما يملكه من أموال في سوق الأسهم متمتعين بمشاهدة الألوان الخضراء وبعدم نفاد صبرهم حتى انتظروا طويلا وتحولت الألوان الخضراء إلى حمراء وتغير مسار حركة الأسهم وتبدأ علامات الندم تزيد كلما زادت الألوان الحمراء وهم ما زالوا صابرين (فصبرا حتى النصر على الخسارة)، ولكن الخسارات بدأت تتوالى وتربك السوق إلى النقطة التي لا يوجد معها مشتر لأسهمهم. وتستمر الحال إلى أن يرتد المؤشر مرة ثانية ويزيد الطلب على الشراء لكن لم يكن هناك بائعون. إنها فعلا ألم الخسارة، وفقدان الثقة، فإن كنت مشتريا والأسهم منتكسة بشكل سريع من نقطة المقاومة، فقد تكون خسران وإن بعت أسهمك عند نقطة الدعم، فقد تكون أيضا خسران ومن يعلم ذلك.
إنها بالتأكيد خسارة كبيرة متراكمة من قيمة أسهمهم وتكلفة العمولات على التداول والقروض (شكرا لهيئة سوق المال على تخفيض نسبة العمولة على التداول بنسبة 25 في المائة) ليغرقوا في ديون منهكة في تلك الأيام السود. كان هذا تاريخيا ولكن الأهم هو المستقبل متى يدخل المضارب السوق ومتى يخرج؟ إن الإجابة على تلك التساؤلات ليس بالأمر الهين، فأنت ترغب الدخول في السوق عندما تعتقد أن الأسعار قد وصلت القاع أو عند نقطة الانكسار، عندما تغير الأسعار مسارها فجأة صعودا وتتمتع بمشاهدتها تتسلق قمة السوق وفي وقت قصير، وبغير علمك تحدث انتكاسة تلك الأسعار نزولا وبأسرع من صعودها فترتبك وتفشل في البيع. إنها مخاطرة حقيقية يكون معدل خطرها مرتفعا، وفي لحظة ما تدمر كل أحلامك وتعيدك إلى ما تحت نقطة الصفر. ادخل السوق عندما تراه في حالة استقرار وتذبذب ضيق النطاق، لأن هذا يقلل من مخاطرك، ولكن في الوقت نفسه يقلل من أرباحك ولكنك تطأ على أرض الأمان. وإذا أردت الاستثمار الطويل، فإنه الأقل خطرا وأكثر أمانا فلم يكن السوق عاديا في يوم من الأيام إذا ما حللناه بكل دقة، فكل يوم يختلف عن سابقه وهكذا. فالسوق يتذبذب ويتقلب حسب العوامل الخارجية والداخلية التي تؤثر على السوق مباشرة أو غير مباشرة، فمن هو الذي يستطيع قياس تأثير جميع تلك العوامل في كل لحظة؟ إنه أمر مستحيل. وأحذرك أخي المساهم وبكل صدق من المحللين أو المروجين وسماسرة الشائعات عندما تسألهم ماذا سوف يفعل السوق غدا؟ إنهم لن يترددوا أن يعطونك إجابات إيجابية أو حيادية، والتي لا تعني شيئا، وإنما على المضارب أن يقيم بنفسه إشارات قوة وضعف اتجاه الأسعار حتى يكون لديك بعض المعلومات التي قد تساعدك في عمليات البيع والشراء. وكن ذكيا في تقييمك فلا تتفاءل عندما يرتفع المؤشر ولا تتشاءم عندما ينخفض، وإنما دائما ابحث عن نقطة التحول التي تعكس الأسعار اتجاهاتها لبعض الشركات القيادية، إما لصالحك أو ضدك، ولكن كل ما في الأمر أنها مخاطرة وإذا ما استطعت أن تخفف عدد مرات الخسارة وتزيد عدد مرات الربح، فإنك سوف تكون مضاربا حقيقيا.
إن مستوى المؤشر هذه الأيام جيد، ولكن يعتمد على متى دخل المضارب السوق، فإذا ما كان الآن فإنه سوف يحقق أرباحا جيدة أو على الأقل خسارة محدودة. إني أرى بقاء المؤشر العام عند مستوى عشرة آلاف يحقق الاستقرار في السوق ويعظم أرباح المضاربين والمستثمرين، وتذكر من الجدول المذكور أعلاه إن المؤشر كان 4437 في عام 2003، وقارن بينه وبين المؤشر الآن حتى تستنتج أن مستوى المؤشر الحالي يعادل أكثر من ضعفي المؤشر المذكور والذي يعني أن استقرار المؤشر هو الأهم.