السيلاوي
16-08-2012, 05:57 AM
الحرب إن وقعت: سيناريوهات وتداعيات ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية
جريدة الغد - منار الرشواني وحنين شولي
عمان - مع اكتشاف العالم في العام 2003، إحياء إيران لبرنامجها النووي منذ أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، اتجهت الأنظار تلقائياً إلى إسرائيل التي كانت تبنت في العام 1981 ما عرف بـ"مبدأ بيغن"، والذي يقوم على عدم السماح "تحت أي ظرف من الظروف، بتطوير عدو لأسلحة دمار شامل موجهة ضد شعب إسرائيل". وإذ تم الإعلان عن هذا المبدأ عقب تدمير إسرائيل لمفاعل "تموز" العراقي في 7 حزيران (يونيو) من ذلك العام، فقد تم التأكيد عليه في العام 2007، بتدمير "موقع الكبر" السوري في محافظة دير الزور، والذي يعتقد أنه كان موقعاً نووياً.
اليوم، وبعد ما يقرب من عقد من الزمن على هذا الاكتشاف، تبدو احتمالات ضربة عسكرية إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية ممكنة أكثر من أي وقت مضى، لاسيما مع تزايد الدعم الأميركي لهذه الخطوة، والتطورات الإقليمية المتلاحقة نتيجة للثورة السورية خصوصاً.
ففي نهاية تموز (يوليو) 2012، كان "دان سينور"، مستشار المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، ميت رومني، يؤكد خلال زيارة الأخير إلى القدس المحتلة (والتي اعتبرها رومني عاصمة إسرائيل)، أن المرشح الجمهوري "سيحترم أي قرار إسرائيلي باستخدام القوة العسكرية ضد إيران". وإذ حاول رومني عدم تأكيد أو نفي تصريحات مستشاره بشكل قاطع، إلا أنه أوضح بشكل جلي، في مقابلة لاحقة مع محطة "سي. بي. أس"، بأنه مع "حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، ونحن نقف معها".
وإذ بدت تصريحات رومني مناقضة تماماً للسياسة المعلنة لإدارة خصمه في الانتخابات القادمة، الرئيس باراك أوباما، إلا أن هذه الإدارة لم تلبث أن انضمت إلى الملوحين باستخدام القوة العسكرية ضد إيران بسبب برنامجها النووي. ففي مطلع آب (أغسطس) الحالي، وخلال زيارته إلى تل أبيب، أعلن وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، أن الجيش الأميركي يعمل على خطط بشأن ضربة عسكرية محتملة ضد إيران، مع التأكيد ايضاً على أولوية الحل الدبلوماسي.
وفيما تبدو أن هذه التصريحات، من الجانبين الجمهوري والديمقراطي، ليست أكثر من "مزايدات" متوقعة في فترة الانتخابات، للحصول على تأييد الممولين والناخبين الأميركيين اليهود والصهاينة المؤيدين لإسرائيل، إلا أن هذه الفترة، وللسبب ذاته، قد تشجع إسرائيل على توجيه ضربة لإيران، إذ لا يكون بمقدور الإدارة الأميركية الحالية والمرشح المنافس سوى تأييد إسرائيل ودعمها. وبحسب تقرير لصحيفة يديعوت أحرنوت، في 10 آب (أغسطس) الحالي، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إيهود باراك، يريدان مهاجمة مواقع نووية إيرانية قبل موعد الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، "إلا أنهما يفتقران إلى التأييد الحاسم من جانب مجلس الوزراء والجيش".
من ناحية أخرى، ربما تمثل الأزمة السورية الممتدة منذ سبعة عشر شهراً فرصة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، لمهاجمة إيران، ومنشآتها النووية خصوصاً؛ لاسيما عبر استدراجها (إيران) إلى التدخل بشكل علني لمساندة حليفها الأخير في المنطقة، نظام الرئيس بشار الأسد، عقب تدخل خارجي أميركي-غربي لمساندة الثورة السورية.
سيناريوهات المواجهة
تكاد تكون التداعيات الإقليمية والدولية الممكنة والخطيرة لأي ضربة عسكرية إسرائيلية (وأميركية) هي الحامي الأكبر للمنشآت النووية الإيرانية. ويمكن استنتاج هذه التداعيات (والتي تشمل جوانب عسكرية واقتصادية وسياسية) استناداً إلى السيناريوهات المحتملة للمواجهة، والتي يتمثل الأبرز منها في ثلاثة:
السيناريو الأول: الضربة التحذيرية
يقوم هذا السيناريو على توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لمواقع إيرانية محدودة وإنما حيوية، نووية أو سواها (موقع أو اثنين)، سواء باستخدام صواريخ بعيدة المدى أو طائرات حربية. ويتمثل الهدف هنا في إظهار الجدية بشأن عدم إمكانية التسامح مع وجود برنامج نووي إيراني، وذلك على أمل دفع طهران، بالتالي، إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات حول هذا البرنامج.
السيناريو الثاني: النموذج العراقي-السوري
يعتمد هذا السيناريو على افتراض توجيه إسرائيل ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية باستخدام طائرات عسكرية و/ أو صواريخ بعيدة المدى، فيما يكون رد الفعل الإيراني شبيهاً برد فعل العراق وسورية عند تدمير إسرائيل منشأتيهما النوويتين؛ أي "ضبط النفس"، ولاسيما عدم قيام إيران بمهاجمة دول الخليج العربية بشكل مباشر، أو إعاقة الملاحة في الخليج العربي وإغلاق مضيق هرمز. وهو ما لا يسمح بالتالي بتدخل الولايات المتحدة في الحرب، حتى وإن قامت إيران، كما هو متوقع، بقصف إسرائيل باستخدام صواريخ "شهاب" بعيدة المدى، وكذلك دفع حزب الله في لبنان، ولربما تنظيم الجهاد الإسلامي في غزة، إلى خوض حرب بالوكالة ضد إسرائيل.
السيناريو الثالث: الحرب الإقليمية
يستند هذا السيناريو على أساس توجيه ضربة إسرائيلية-أميركية مشتركة إلى المنشآت النووية الإيرانية، تهدف إلى "استئصال" البرنامج النووي الإيراني. ويفترض أن يتم ذلك عبر حملة عسكرية جوية كاسحة (مع صواريخ بعيدة المدى) يقدر خبراء أن تكون شبيهة في حجمها بعملية "الترويع والصدمة" التي أعلنت بها الولايات المتحدة الحرب على العراق في العام 2003.
وتبدو إمكانية تحقق هذه السيناريو/ الضربة المشتركة نتيجة احتمالين مختلفين:
- اتفاق إسرائيلي-أميركي مسبق، وتحضير مشترك للهجوم. وهو ما قد يبدو ممكناً في حال تيقن الولايات المتحدة خصوصاً من اقتراب إيران من اجتياز "العتبة النووية"، وشروعها في إنتاج سلاح نووي أو اكتسابها كافة مستلزمات ذلك.
- "استدراج" الولايات المتحدة إلى الحرب، ولاسيما من خلال انتقام إيراني عسكري مباشر وواسع ضد دول الجوار المتحالفة مع الولايات المتحدة، و/ أو مهاجمة القوات الأميركية في المنطقة، و/ أو إغلاق مضيق هرمز، بما يمثله من شريان العالم النفطي.
النفط: إيران ومضيق هرمز
تعد إيران خامس أكبر منتج للنفط (بحوالي 3.5 مليون برميل يومياً، أو ما يعادل 5 % من الإنتاج العالمي)، وثالث أكبر مصدر عالمياً. كما تسيطر إيران (مع سلطنة عمان) على مضيق هرمز الذي مر خلاله، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الأميركية، 17 مليون برميل نفط يومياً في العام 2011 (مقارنة بـ15.5-16 مليون برميل يومياً في العامين 2009 و2010)، وهو ما يشكل 20 % من تجارة النفط العالمية.
وبحسب تقرير صندوق النقد الدولي "آفاق الاقتصاد العالمي والتغيير في السياسات"، والمقدم إلى اجتماع "مجموعة العشرين" في كانون الثاني (يناير) 2012، فإن "توقف إمدادات النفط الإيرانية إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع عدم توفر مصادر أخرى لتعويض النقص، سوف يؤدي إلى زيادة أولية في أسعار النفط بحوالي 20-30%". أما إغلاق مضيق هرمز "فقد يؤدي إلى ارتفاع أكبر في أسعار النفط".
وفي هذا السياق، فإن دراسة "مضيق هرمز وخطر وقوع صدمة نفطية"، والمنشورة من قبل اللجنة الاقتصادية المشتركة للكونغرس الأميركي في العام 2007، كانت قد أشارت إلى أن "إغلاق مضيق هرمز من الممكن أن يؤدي إلى تراجع تدفق النفط بشكل أكبر بكثير مما نتج عن أي انقطاع سابق، سواء من حيث الحجم أو النسبة".
أذربيجان.. جبهة إسرائيل الخفية
تركز أغلب سيناريوهات ضربة عسكرية إسرائيلية لمنشآت إيران النووية على المسارات التي يفترض أن تسلكها الطائرات الحربية الإسرائيلية عبر أجواء كل من تركيا وسورية والعراق (المسار الشمالي)؛ الأردن وسورية والعراق (المسار الأوسط)؛ السعودية والعراق (المسار الجنوبي).
لكن إضافة إلى تلك المسارات "التقليدية"، يكشف الباحث الأميركي مارك بيري، في مقالته المنشورة في مجلة "فورين بوليسي" نهاية آذار الماضي، عن تنامي الاعتقاد لدى المسؤولين الأميركيين بسعي إسرائيل إلى استخدام دولة أذربيجان، التي تحد إيران من الشمال، خلال أي ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية.
وبحسب أربعة مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى (دبلوماسيون وضباط استخبارات عسكرية)، فقد منحت أذربيجان الحق لإسرائيل في استخدام قواعدها الجوية (ومدارج الطائرات) القريبة من إيران، بحيث يمكن لإسرائيل الاستفادة من ذلك في:
- اتخاذ القواعد الجوية والمدارج الأذرية نقاط انطلاق للطائرات الإسرائيلية لمهاجمة إيران مباشرة.
- اتخاذ هذه القواعد والمدارج مراكز هبوط للطائرات الإسرائيلية عقب تنفيذها الهجوم على إيران سالكة المسارات التقليدية السابقة. ويؤدي هذا إلى توفير مسافة تصل إلى 800 ميل، وبحيث تستطيع الطائرات الإسرائيلية تحميل مزيد من القنابل بدلاً من الوقود.
- اتخاذ هذه القواعد مراكز لطائرات الهليكوبتر الإسرائيلية التي قد تكون ضرورية لتنفيذ مهمات "البحث والإنقاذ" التالية لتنفيذ الضربة.
خيار إسرائيل النووي
تمتلك إسرائيل ميزة استخدام قنابل نووية "ذات قدرة تدميرية محدودة" ضد إيران، بما يسمح بإحداث التدمير المطلوب للمواقع النووية الإيرانية عالية التحصين. إلا أن الخطورة الأكبر لاستخدام هذه الأسلحة تبدو في التكلفة السياسية العالية جداً عالمياً، كون إيران لا تمتلك حتى اليوم أسلحة نووية تسمح لإسرائيل بتبرير تنفيذ ضربة "استباقية" من هذا النوع ضدها.
وتتعاظم هذه الكلفة في حال تمت الضربة الإسرائيلية باستخدام طائرات حربية تقوم باختراق المجال الجوي لكثير من دول المنطقة.
غياب تأييد الرأي العام الإسرائيلي لضرب إيران
لا تؤيد أغلبية الرأي العام الإسرائيلي توجيه ضربة لإيران، حتى بوجود دعم أميركي. الأمر الذي يمكن تفسيره بالنتائج التي يتوقعها الإسرائيليون من هكذا ضربة، سواء على صعيد إعاقة البرنامج النووي الإيراني، أو إضعاف حكام طهران، إضافة إلى الاعتقاد الكبير بانتقام يمارسه حزب الله من لبنان لهذه الضربة.
الإطار الزمني لتطور البرنامج النووي الإيراني
1957
- إيران والولايات المتحدة توقعان اتفاقية للتعاون النووي في المجالات السلمية، ضمن البرنامج الأميركي "الذرة لأجل السلام".
1967
- تشرين الثاني (نوفمبر): افتتاح "مركز طهران للأبحاث النووية" التي قدمته الولايات المتحدة، والمزود بمفاعل للأبحاث النووية بقدرة 5 ميغاواط.
1968
- 1 تموز (يوليو): إيران توقع على اتفاقية حظر الانتشار النووي، والتي صادق عليها البرلمان الإيراني في شباط (فبراير) 1970.
1974
- 15 أيار (مايو): إيران توقع على اتفاقية الضمانات الخاصة بمعاهدة حظر الانتشار النووي التي تسمح بالتحقق من التزام الأغراض السلمية في النشاطات النووية.
- تشرين الثاني (نوفمبر): شركة "كرافتويرك يونيون" الألمانية توافق على بناء مفاعلين نووين في بوشهر لتوليد الطاقة باستخدام الماء الخفيف، وبقدرة 1200 ميغاواط لكل منهما. وقد بدأ التنفيذ في آب (أغسطس) 1975.
1975
- إدارة الرئيس الأميركي جيرالد فورد تؤيد من حيث المبدأ خطة شاه إيران لتطوير برنامج متكامل للطاقة النووية.
1976
- نيسان (أبريل): الرئيس فورد يصدر مذكرة تتضمن مساعدة إيران على وضع خطة لبناء 23 مفاعلاً للطاقة، إنما مع رفض منحها قدرات مستقلة لإعادة المعالجة كما طلب الشاه، والاستعاضة عنها بمنشأة متعددة الجنسيات لهذه الغاية، وهو ما رفضته إيران وواصلت السعي إلى الحصول على برنامج نووي شامل.
1977
- آب (أغسطس): الرئيس الأميركي جيمي كارتر يعيد فتح المفاوضات حول طلب الشاه برنامجاً للطاقة النووية.
1978
- كانون الثاني (يناير): إيران والولايات المتحدة توقعان بالأحرف الاولى على اتفاقية تقبل إيران بموجبها ضمانات إضافية على تلك المتضمنة في معاهدة حظر الانتشار النووي، مقابل حصولها على وضع "الدولة الأولى بالرعاية" بشأن إعادة المعالجة.
1979
- تموز (يوليو): توقف العمل في بناء مفاعل بوشهر نتيجة عجز إيران (الثورة) عن سداد التكاليف.
1984
- كانون الأول (ديسمبر): إيران تفتتح مركز أبحاث نووية في أصفهان، بمساعدة الصين، التي ستزود المركز في العام التالي بمفاعل للتدريب.
1987
- 5 أيار (مايو): إيران تتوصل إلى اتفاقية مع الأرجنتين بقيمة 5.5 مليون دولار لتوفير قلب جديد لمفاعل طهران البحثي، وهو ما تم في العام 1989. كما قامت الأرجنتين في العام 1993 بتسليم إيران حوالي 50 باوندا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% لتشغيل المفاعل.
1990
- 9 تشرين الأول (أكتوبر): إيران تقرر إعادة بناء مفاعل بوشهر الذي دمره العراق في العام 1984.
1992
- 25 آب (أغسطس): إيران وروسيا توقعان اتفاقية للتعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
يتبع.....
جريدة الغد - منار الرشواني وحنين شولي
عمان - مع اكتشاف العالم في العام 2003، إحياء إيران لبرنامجها النووي منذ أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، اتجهت الأنظار تلقائياً إلى إسرائيل التي كانت تبنت في العام 1981 ما عرف بـ"مبدأ بيغن"، والذي يقوم على عدم السماح "تحت أي ظرف من الظروف، بتطوير عدو لأسلحة دمار شامل موجهة ضد شعب إسرائيل". وإذ تم الإعلان عن هذا المبدأ عقب تدمير إسرائيل لمفاعل "تموز" العراقي في 7 حزيران (يونيو) من ذلك العام، فقد تم التأكيد عليه في العام 2007، بتدمير "موقع الكبر" السوري في محافظة دير الزور، والذي يعتقد أنه كان موقعاً نووياً.
اليوم، وبعد ما يقرب من عقد من الزمن على هذا الاكتشاف، تبدو احتمالات ضربة عسكرية إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية ممكنة أكثر من أي وقت مضى، لاسيما مع تزايد الدعم الأميركي لهذه الخطوة، والتطورات الإقليمية المتلاحقة نتيجة للثورة السورية خصوصاً.
ففي نهاية تموز (يوليو) 2012، كان "دان سينور"، مستشار المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، ميت رومني، يؤكد خلال زيارة الأخير إلى القدس المحتلة (والتي اعتبرها رومني عاصمة إسرائيل)، أن المرشح الجمهوري "سيحترم أي قرار إسرائيلي باستخدام القوة العسكرية ضد إيران". وإذ حاول رومني عدم تأكيد أو نفي تصريحات مستشاره بشكل قاطع، إلا أنه أوضح بشكل جلي، في مقابلة لاحقة مع محطة "سي. بي. أس"، بأنه مع "حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، ونحن نقف معها".
وإذ بدت تصريحات رومني مناقضة تماماً للسياسة المعلنة لإدارة خصمه في الانتخابات القادمة، الرئيس باراك أوباما، إلا أن هذه الإدارة لم تلبث أن انضمت إلى الملوحين باستخدام القوة العسكرية ضد إيران بسبب برنامجها النووي. ففي مطلع آب (أغسطس) الحالي، وخلال زيارته إلى تل أبيب، أعلن وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، أن الجيش الأميركي يعمل على خطط بشأن ضربة عسكرية محتملة ضد إيران، مع التأكيد ايضاً على أولوية الحل الدبلوماسي.
وفيما تبدو أن هذه التصريحات، من الجانبين الجمهوري والديمقراطي، ليست أكثر من "مزايدات" متوقعة في فترة الانتخابات، للحصول على تأييد الممولين والناخبين الأميركيين اليهود والصهاينة المؤيدين لإسرائيل، إلا أن هذه الفترة، وللسبب ذاته، قد تشجع إسرائيل على توجيه ضربة لإيران، إذ لا يكون بمقدور الإدارة الأميركية الحالية والمرشح المنافس سوى تأييد إسرائيل ودعمها. وبحسب تقرير لصحيفة يديعوت أحرنوت، في 10 آب (أغسطس) الحالي، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إيهود باراك، يريدان مهاجمة مواقع نووية إيرانية قبل موعد الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، "إلا أنهما يفتقران إلى التأييد الحاسم من جانب مجلس الوزراء والجيش".
من ناحية أخرى، ربما تمثل الأزمة السورية الممتدة منذ سبعة عشر شهراً فرصة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، لمهاجمة إيران، ومنشآتها النووية خصوصاً؛ لاسيما عبر استدراجها (إيران) إلى التدخل بشكل علني لمساندة حليفها الأخير في المنطقة، نظام الرئيس بشار الأسد، عقب تدخل خارجي أميركي-غربي لمساندة الثورة السورية.
سيناريوهات المواجهة
تكاد تكون التداعيات الإقليمية والدولية الممكنة والخطيرة لأي ضربة عسكرية إسرائيلية (وأميركية) هي الحامي الأكبر للمنشآت النووية الإيرانية. ويمكن استنتاج هذه التداعيات (والتي تشمل جوانب عسكرية واقتصادية وسياسية) استناداً إلى السيناريوهات المحتملة للمواجهة، والتي يتمثل الأبرز منها في ثلاثة:
السيناريو الأول: الضربة التحذيرية
يقوم هذا السيناريو على توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لمواقع إيرانية محدودة وإنما حيوية، نووية أو سواها (موقع أو اثنين)، سواء باستخدام صواريخ بعيدة المدى أو طائرات حربية. ويتمثل الهدف هنا في إظهار الجدية بشأن عدم إمكانية التسامح مع وجود برنامج نووي إيراني، وذلك على أمل دفع طهران، بالتالي، إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات حول هذا البرنامج.
السيناريو الثاني: النموذج العراقي-السوري
يعتمد هذا السيناريو على افتراض توجيه إسرائيل ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية باستخدام طائرات عسكرية و/ أو صواريخ بعيدة المدى، فيما يكون رد الفعل الإيراني شبيهاً برد فعل العراق وسورية عند تدمير إسرائيل منشأتيهما النوويتين؛ أي "ضبط النفس"، ولاسيما عدم قيام إيران بمهاجمة دول الخليج العربية بشكل مباشر، أو إعاقة الملاحة في الخليج العربي وإغلاق مضيق هرمز. وهو ما لا يسمح بالتالي بتدخل الولايات المتحدة في الحرب، حتى وإن قامت إيران، كما هو متوقع، بقصف إسرائيل باستخدام صواريخ "شهاب" بعيدة المدى، وكذلك دفع حزب الله في لبنان، ولربما تنظيم الجهاد الإسلامي في غزة، إلى خوض حرب بالوكالة ضد إسرائيل.
السيناريو الثالث: الحرب الإقليمية
يستند هذا السيناريو على أساس توجيه ضربة إسرائيلية-أميركية مشتركة إلى المنشآت النووية الإيرانية، تهدف إلى "استئصال" البرنامج النووي الإيراني. ويفترض أن يتم ذلك عبر حملة عسكرية جوية كاسحة (مع صواريخ بعيدة المدى) يقدر خبراء أن تكون شبيهة في حجمها بعملية "الترويع والصدمة" التي أعلنت بها الولايات المتحدة الحرب على العراق في العام 2003.
وتبدو إمكانية تحقق هذه السيناريو/ الضربة المشتركة نتيجة احتمالين مختلفين:
- اتفاق إسرائيلي-أميركي مسبق، وتحضير مشترك للهجوم. وهو ما قد يبدو ممكناً في حال تيقن الولايات المتحدة خصوصاً من اقتراب إيران من اجتياز "العتبة النووية"، وشروعها في إنتاج سلاح نووي أو اكتسابها كافة مستلزمات ذلك.
- "استدراج" الولايات المتحدة إلى الحرب، ولاسيما من خلال انتقام إيراني عسكري مباشر وواسع ضد دول الجوار المتحالفة مع الولايات المتحدة، و/ أو مهاجمة القوات الأميركية في المنطقة، و/ أو إغلاق مضيق هرمز، بما يمثله من شريان العالم النفطي.
النفط: إيران ومضيق هرمز
تعد إيران خامس أكبر منتج للنفط (بحوالي 3.5 مليون برميل يومياً، أو ما يعادل 5 % من الإنتاج العالمي)، وثالث أكبر مصدر عالمياً. كما تسيطر إيران (مع سلطنة عمان) على مضيق هرمز الذي مر خلاله، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الأميركية، 17 مليون برميل نفط يومياً في العام 2011 (مقارنة بـ15.5-16 مليون برميل يومياً في العامين 2009 و2010)، وهو ما يشكل 20 % من تجارة النفط العالمية.
وبحسب تقرير صندوق النقد الدولي "آفاق الاقتصاد العالمي والتغيير في السياسات"، والمقدم إلى اجتماع "مجموعة العشرين" في كانون الثاني (يناير) 2012، فإن "توقف إمدادات النفط الإيرانية إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع عدم توفر مصادر أخرى لتعويض النقص، سوف يؤدي إلى زيادة أولية في أسعار النفط بحوالي 20-30%". أما إغلاق مضيق هرمز "فقد يؤدي إلى ارتفاع أكبر في أسعار النفط".
وفي هذا السياق، فإن دراسة "مضيق هرمز وخطر وقوع صدمة نفطية"، والمنشورة من قبل اللجنة الاقتصادية المشتركة للكونغرس الأميركي في العام 2007، كانت قد أشارت إلى أن "إغلاق مضيق هرمز من الممكن أن يؤدي إلى تراجع تدفق النفط بشكل أكبر بكثير مما نتج عن أي انقطاع سابق، سواء من حيث الحجم أو النسبة".
أذربيجان.. جبهة إسرائيل الخفية
تركز أغلب سيناريوهات ضربة عسكرية إسرائيلية لمنشآت إيران النووية على المسارات التي يفترض أن تسلكها الطائرات الحربية الإسرائيلية عبر أجواء كل من تركيا وسورية والعراق (المسار الشمالي)؛ الأردن وسورية والعراق (المسار الأوسط)؛ السعودية والعراق (المسار الجنوبي).
لكن إضافة إلى تلك المسارات "التقليدية"، يكشف الباحث الأميركي مارك بيري، في مقالته المنشورة في مجلة "فورين بوليسي" نهاية آذار الماضي، عن تنامي الاعتقاد لدى المسؤولين الأميركيين بسعي إسرائيل إلى استخدام دولة أذربيجان، التي تحد إيران من الشمال، خلال أي ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية.
وبحسب أربعة مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى (دبلوماسيون وضباط استخبارات عسكرية)، فقد منحت أذربيجان الحق لإسرائيل في استخدام قواعدها الجوية (ومدارج الطائرات) القريبة من إيران، بحيث يمكن لإسرائيل الاستفادة من ذلك في:
- اتخاذ القواعد الجوية والمدارج الأذرية نقاط انطلاق للطائرات الإسرائيلية لمهاجمة إيران مباشرة.
- اتخاذ هذه القواعد والمدارج مراكز هبوط للطائرات الإسرائيلية عقب تنفيذها الهجوم على إيران سالكة المسارات التقليدية السابقة. ويؤدي هذا إلى توفير مسافة تصل إلى 800 ميل، وبحيث تستطيع الطائرات الإسرائيلية تحميل مزيد من القنابل بدلاً من الوقود.
- اتخاذ هذه القواعد مراكز لطائرات الهليكوبتر الإسرائيلية التي قد تكون ضرورية لتنفيذ مهمات "البحث والإنقاذ" التالية لتنفيذ الضربة.
خيار إسرائيل النووي
تمتلك إسرائيل ميزة استخدام قنابل نووية "ذات قدرة تدميرية محدودة" ضد إيران، بما يسمح بإحداث التدمير المطلوب للمواقع النووية الإيرانية عالية التحصين. إلا أن الخطورة الأكبر لاستخدام هذه الأسلحة تبدو في التكلفة السياسية العالية جداً عالمياً، كون إيران لا تمتلك حتى اليوم أسلحة نووية تسمح لإسرائيل بتبرير تنفيذ ضربة "استباقية" من هذا النوع ضدها.
وتتعاظم هذه الكلفة في حال تمت الضربة الإسرائيلية باستخدام طائرات حربية تقوم باختراق المجال الجوي لكثير من دول المنطقة.
غياب تأييد الرأي العام الإسرائيلي لضرب إيران
لا تؤيد أغلبية الرأي العام الإسرائيلي توجيه ضربة لإيران، حتى بوجود دعم أميركي. الأمر الذي يمكن تفسيره بالنتائج التي يتوقعها الإسرائيليون من هكذا ضربة، سواء على صعيد إعاقة البرنامج النووي الإيراني، أو إضعاف حكام طهران، إضافة إلى الاعتقاد الكبير بانتقام يمارسه حزب الله من لبنان لهذه الضربة.
الإطار الزمني لتطور البرنامج النووي الإيراني
1957
- إيران والولايات المتحدة توقعان اتفاقية للتعاون النووي في المجالات السلمية، ضمن البرنامج الأميركي "الذرة لأجل السلام".
1967
- تشرين الثاني (نوفمبر): افتتاح "مركز طهران للأبحاث النووية" التي قدمته الولايات المتحدة، والمزود بمفاعل للأبحاث النووية بقدرة 5 ميغاواط.
1968
- 1 تموز (يوليو): إيران توقع على اتفاقية حظر الانتشار النووي، والتي صادق عليها البرلمان الإيراني في شباط (فبراير) 1970.
1974
- 15 أيار (مايو): إيران توقع على اتفاقية الضمانات الخاصة بمعاهدة حظر الانتشار النووي التي تسمح بالتحقق من التزام الأغراض السلمية في النشاطات النووية.
- تشرين الثاني (نوفمبر): شركة "كرافتويرك يونيون" الألمانية توافق على بناء مفاعلين نووين في بوشهر لتوليد الطاقة باستخدام الماء الخفيف، وبقدرة 1200 ميغاواط لكل منهما. وقد بدأ التنفيذ في آب (أغسطس) 1975.
1975
- إدارة الرئيس الأميركي جيرالد فورد تؤيد من حيث المبدأ خطة شاه إيران لتطوير برنامج متكامل للطاقة النووية.
1976
- نيسان (أبريل): الرئيس فورد يصدر مذكرة تتضمن مساعدة إيران على وضع خطة لبناء 23 مفاعلاً للطاقة، إنما مع رفض منحها قدرات مستقلة لإعادة المعالجة كما طلب الشاه، والاستعاضة عنها بمنشأة متعددة الجنسيات لهذه الغاية، وهو ما رفضته إيران وواصلت السعي إلى الحصول على برنامج نووي شامل.
1977
- آب (أغسطس): الرئيس الأميركي جيمي كارتر يعيد فتح المفاوضات حول طلب الشاه برنامجاً للطاقة النووية.
1978
- كانون الثاني (يناير): إيران والولايات المتحدة توقعان بالأحرف الاولى على اتفاقية تقبل إيران بموجبها ضمانات إضافية على تلك المتضمنة في معاهدة حظر الانتشار النووي، مقابل حصولها على وضع "الدولة الأولى بالرعاية" بشأن إعادة المعالجة.
1979
- تموز (يوليو): توقف العمل في بناء مفاعل بوشهر نتيجة عجز إيران (الثورة) عن سداد التكاليف.
1984
- كانون الأول (ديسمبر): إيران تفتتح مركز أبحاث نووية في أصفهان، بمساعدة الصين، التي ستزود المركز في العام التالي بمفاعل للتدريب.
1987
- 5 أيار (مايو): إيران تتوصل إلى اتفاقية مع الأرجنتين بقيمة 5.5 مليون دولار لتوفير قلب جديد لمفاعل طهران البحثي، وهو ما تم في العام 1989. كما قامت الأرجنتين في العام 1993 بتسليم إيران حوالي 50 باوندا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% لتشغيل المفاعل.
1990
- 9 تشرين الأول (أكتوبر): إيران تقرر إعادة بناء مفاعل بوشهر الذي دمره العراق في العام 1984.
1992
- 25 آب (أغسطس): إيران وروسيا توقعان اتفاقية للتعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
يتبع.....