شمعة الحب
28-06-2006, 08:51 PM
هل يعي كبار المضاربين متطلبات الاستمرارية؟
د. عبد العزيز الغدير - - - 02/06/1427هـ
Abdalaziz3000@hotmail.com
كاتب اقتصادي
في انهيارات أسواق الأسهم دائما ما يقال إن صغار المضاربين هم السبب والضحية،
لتعاملهم في سوق عالي المخاطرة بثقافة استثمارية ضعيفة أو منعدمة، وأقول إن ذلك وإن
صح من ناحية كونهم الضحية، إلا أنه ليس صحيحا على الإطلاق بأنهم السبب، والسبب
الجوهري تحديدا، ذلك أن أسباب الانهيارات متعددة ومتفاوتة في درجة تأثيرها، وفي ظني
ضعف وعي صغار المستثمرين ليس إلا سببا ثانويا لا يرتقي لأهمية الأسباب الأخرى.
ومن أهم الأسباب في اعتقادي ضعف وعي كبار المضاربين "صناع السوق" بمفهوم
الاستمرارية ومتطلباتها ونتائجها الإيجابية عليهم وعلى المجتمع والوطن، نعم إن
تعامل كبار المضاربين في سوق الأسهم دون وعي بهذا المفهوم وتطبيقه باحترافية عالية
هو أحد الأسباب الرئيسية في تدهور أسواق الأسهم وتقلباتها اللا منطقية، فهم برغم
قلتهم نسبة إلى صغار المستثمرين إلا إنهم الأكثر تأثيرا في السوق.
إن الإدعاء بأن صغار المستثمرين هم أحد الأسباب الرئيسية في تقلبات سوق الأسهم
وتدهورها وتصديق ذلك يجعلنا نكثف الجهود لمعالجة حاجة ثانوية غير قابلة للعلاج وترك
الأسباب الأخرى الأكثر أهمية، وبالتالي لا تتحقق النتائج المرجوة التي تناسب الجهود
المبذولة، ويبدو لي أننا نتجه لمعالجة حقيقة ثابتة وليست مشكلة قابلة للعلاج، ولعل
ما يؤكد أن ضعف وعي صغار المستثمرين حقيقة لا مشكلة ما ذكره الأستاذ عبد الحميد
العمري في أحد مقالاته في صحيفة "الاقتصادية" بأن إحدى الدراسات في الولايات
المتحدة أثبتت أنه ما لا يتجاوز 8 في المائة فقط من الأمريكيين استطاعوا تقديم
إجابة صحيحة على 75 في المائة من مجمل أسئلة اختبار الإدارة المالية الشخصية (الادخار
والاستثمار)، فإذا كان ذلك حال دولة متقدمة فما هو حال الدول النامية.
وفي اعتقادي أن السواد الأعظم دائما ما يكون الأقل تأثيرا في كل الأمور، وأن القوى
المؤثرة دائما ما تكون قليلة العدد إلا أنها ذات إمكانيات عظيمة تمكنها من توجيه
الغالبية، وهؤلاء من تسعى الجهات المنظمة لتوعيتهم بما يحقق مصالحهم بتحقيق المصلحة
العامة لا على حسابها ليتحركوا في هذا الاتجاه طوعا وعن قناعة تامة "وهذا هو الأصل
في التعامل" ومن يحيد عن ذلك "وهم الاستثناء" يطبق عليه النظام ليحميه أولا ويحمي
المجتمع من انحراف فكره وسلوكه الاستثماري.
وعليه أود أن أوجه رسالتين، الأولى للجهات المعنية بالاقتصاد عموما وسوق المال
خصوصا، بأنه عليكم تركيز الجهود لتوعية صناع السوق "كبار المضاربين والمستثمرين"
أفرادا ومؤسسات بأهمية وكيفية المحافظة على استقرار سوق المال ليجنوا الأرباح
المنطقية باستمرار مما يحقق لهم وللمجتمع والوطن المنفعة، ليكونوا تجارا حقيقيين
يحملون القيم والمفاهيم التي تمكنهم من توسيع وتنويع أعمالهم بشكل يوسع وينوع قاعدة
الاقتصاد الكلي بدلا من تدميرها، وشتان بين نتائج الحالتين.
أما الرسالة الثانية فأود أن أوجهها إلى صناع السوق أفرادا ومؤسسات فأقول لهم إذا
كانت سلوكيات صغار المستثمرين التي تنم عن حداثة تجربتهم وبالتالي ضعف وعيهم مقبولة،
فإن سلوكياتكم لاستغلال ذلك الضعف غير مقبولة البتة، فأنتم من يعرف الفرق بين
التاجر الحقيقي والدخيل، وتعرفون أن التاجر الحقيقي يربح من خلال ربح السوق، ويزداد
ربحه كلما عظم ربح السوق وإن ثبتت نسبة أرباحه، وأن الدخلاء هم من لا يدركون معنى
تحقيق أرباح خيالية وسريعة على حساب السوق، ذلك بأنهم لا يعرفون (ولا أريد أن أقول
إنه لا يعنيهم) أبعاد هذه السلوكيات عليهم وعلى مجتمعهم الذين هم جزء منه وسيصيبهم
ما يصيبه بصورة أو بأخرى.
لن أخاطب بكم الأحاسيس الوطنية فهذه في ظني لا رهان عليها وأنا على ثقة أننا جميعا
نقدم الغالي والنفيس في سبيل وطننا أرض آبائنا وأجدادنا ومرتع أبنائنا وأحفادنا، إن
شاء الله، ولكني أخاطبكم بحس اقتصادي بحت عززه ديننا الإسلامي بقول رسولنا الكريم،
صلى الله عليه وسلم: "قليل دائم خير من كثير منقطع"، وإذا كان بعض كبار المستثمرين
الأفراد يجرفهم الطمع فيفقدون السيطرة على عقولهم ليدخلوا في مجاميع تعمل على تحقيق
أرباح خيالية في أوقات قصيرة ذات أثر تدميرى على السوق والوطن، فإنني أربأ بمن يدير
المؤسسات والصناديق الاستثمارية عن ذلك، فهم من يجب أن يكونوا أكثر مهنية وعقلانية
وأن تكون أخبار الشركات ومعدلات النمو هي القائد الفعلي للأسعار.
ختاما أقول إن ضعف الوعي اختلال هيكلي ذو آثار سلبية على سوقنا، ومعالجته تستدعي
تضافر كافة الجهود من قبل المؤسسات التنظيمية والتعليمية والشركات المساهمة
والمؤسسات المالية والإعلام وحتى المستثمرين أنفسهم، وهذا ما يستدعي بناء شراكات
بين هيئة السوق المالية وهذه الجهات لتحقيق هذا الهدف النبيل الذي سننعم جميعا
بتحقيقه، وكلي ثقة بأننا وبتوفيق من الله على ذلك قادرون.
تعليقات الزوار
02/06/1427هـ ساعة 1:29 مساءً (السعودية)
ملاحظات مهمه....ليت قومي يعلمون..
د. عبد العزيز الغدير - - - 02/06/1427هـ
Abdalaziz3000@hotmail.com
كاتب اقتصادي
في انهيارات أسواق الأسهم دائما ما يقال إن صغار المضاربين هم السبب والضحية،
لتعاملهم في سوق عالي المخاطرة بثقافة استثمارية ضعيفة أو منعدمة، وأقول إن ذلك وإن
صح من ناحية كونهم الضحية، إلا أنه ليس صحيحا على الإطلاق بأنهم السبب، والسبب
الجوهري تحديدا، ذلك أن أسباب الانهيارات متعددة ومتفاوتة في درجة تأثيرها، وفي ظني
ضعف وعي صغار المستثمرين ليس إلا سببا ثانويا لا يرتقي لأهمية الأسباب الأخرى.
ومن أهم الأسباب في اعتقادي ضعف وعي كبار المضاربين "صناع السوق" بمفهوم
الاستمرارية ومتطلباتها ونتائجها الإيجابية عليهم وعلى المجتمع والوطن، نعم إن
تعامل كبار المضاربين في سوق الأسهم دون وعي بهذا المفهوم وتطبيقه باحترافية عالية
هو أحد الأسباب الرئيسية في تدهور أسواق الأسهم وتقلباتها اللا منطقية، فهم برغم
قلتهم نسبة إلى صغار المستثمرين إلا إنهم الأكثر تأثيرا في السوق.
إن الإدعاء بأن صغار المستثمرين هم أحد الأسباب الرئيسية في تقلبات سوق الأسهم
وتدهورها وتصديق ذلك يجعلنا نكثف الجهود لمعالجة حاجة ثانوية غير قابلة للعلاج وترك
الأسباب الأخرى الأكثر أهمية، وبالتالي لا تتحقق النتائج المرجوة التي تناسب الجهود
المبذولة، ويبدو لي أننا نتجه لمعالجة حقيقة ثابتة وليست مشكلة قابلة للعلاج، ولعل
ما يؤكد أن ضعف وعي صغار المستثمرين حقيقة لا مشكلة ما ذكره الأستاذ عبد الحميد
العمري في أحد مقالاته في صحيفة "الاقتصادية" بأن إحدى الدراسات في الولايات
المتحدة أثبتت أنه ما لا يتجاوز 8 في المائة فقط من الأمريكيين استطاعوا تقديم
إجابة صحيحة على 75 في المائة من مجمل أسئلة اختبار الإدارة المالية الشخصية (الادخار
والاستثمار)، فإذا كان ذلك حال دولة متقدمة فما هو حال الدول النامية.
وفي اعتقادي أن السواد الأعظم دائما ما يكون الأقل تأثيرا في كل الأمور، وأن القوى
المؤثرة دائما ما تكون قليلة العدد إلا أنها ذات إمكانيات عظيمة تمكنها من توجيه
الغالبية، وهؤلاء من تسعى الجهات المنظمة لتوعيتهم بما يحقق مصالحهم بتحقيق المصلحة
العامة لا على حسابها ليتحركوا في هذا الاتجاه طوعا وعن قناعة تامة "وهذا هو الأصل
في التعامل" ومن يحيد عن ذلك "وهم الاستثناء" يطبق عليه النظام ليحميه أولا ويحمي
المجتمع من انحراف فكره وسلوكه الاستثماري.
وعليه أود أن أوجه رسالتين، الأولى للجهات المعنية بالاقتصاد عموما وسوق المال
خصوصا، بأنه عليكم تركيز الجهود لتوعية صناع السوق "كبار المضاربين والمستثمرين"
أفرادا ومؤسسات بأهمية وكيفية المحافظة على استقرار سوق المال ليجنوا الأرباح
المنطقية باستمرار مما يحقق لهم وللمجتمع والوطن المنفعة، ليكونوا تجارا حقيقيين
يحملون القيم والمفاهيم التي تمكنهم من توسيع وتنويع أعمالهم بشكل يوسع وينوع قاعدة
الاقتصاد الكلي بدلا من تدميرها، وشتان بين نتائج الحالتين.
أما الرسالة الثانية فأود أن أوجهها إلى صناع السوق أفرادا ومؤسسات فأقول لهم إذا
كانت سلوكيات صغار المستثمرين التي تنم عن حداثة تجربتهم وبالتالي ضعف وعيهم مقبولة،
فإن سلوكياتكم لاستغلال ذلك الضعف غير مقبولة البتة، فأنتم من يعرف الفرق بين
التاجر الحقيقي والدخيل، وتعرفون أن التاجر الحقيقي يربح من خلال ربح السوق، ويزداد
ربحه كلما عظم ربح السوق وإن ثبتت نسبة أرباحه، وأن الدخلاء هم من لا يدركون معنى
تحقيق أرباح خيالية وسريعة على حساب السوق، ذلك بأنهم لا يعرفون (ولا أريد أن أقول
إنه لا يعنيهم) أبعاد هذه السلوكيات عليهم وعلى مجتمعهم الذين هم جزء منه وسيصيبهم
ما يصيبه بصورة أو بأخرى.
لن أخاطب بكم الأحاسيس الوطنية فهذه في ظني لا رهان عليها وأنا على ثقة أننا جميعا
نقدم الغالي والنفيس في سبيل وطننا أرض آبائنا وأجدادنا ومرتع أبنائنا وأحفادنا، إن
شاء الله، ولكني أخاطبكم بحس اقتصادي بحت عززه ديننا الإسلامي بقول رسولنا الكريم،
صلى الله عليه وسلم: "قليل دائم خير من كثير منقطع"، وإذا كان بعض كبار المستثمرين
الأفراد يجرفهم الطمع فيفقدون السيطرة على عقولهم ليدخلوا في مجاميع تعمل على تحقيق
أرباح خيالية في أوقات قصيرة ذات أثر تدميرى على السوق والوطن، فإنني أربأ بمن يدير
المؤسسات والصناديق الاستثمارية عن ذلك، فهم من يجب أن يكونوا أكثر مهنية وعقلانية
وأن تكون أخبار الشركات ومعدلات النمو هي القائد الفعلي للأسعار.
ختاما أقول إن ضعف الوعي اختلال هيكلي ذو آثار سلبية على سوقنا، ومعالجته تستدعي
تضافر كافة الجهود من قبل المؤسسات التنظيمية والتعليمية والشركات المساهمة
والمؤسسات المالية والإعلام وحتى المستثمرين أنفسهم، وهذا ما يستدعي بناء شراكات
بين هيئة السوق المالية وهذه الجهات لتحقيق هذا الهدف النبيل الذي سننعم جميعا
بتحقيقه، وكلي ثقة بأننا وبتوفيق من الله على ذلك قادرون.
تعليقات الزوار
02/06/1427هـ ساعة 1:29 مساءً (السعودية)
ملاحظات مهمه....ليت قومي يعلمون..