المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأعرج



خوي الدرب
21-10-2012, 10:57 AM
..

..
بعض الأحداث التي نرى أنها بسيطة وعابرة
هي من العناصر التي تتداخل لتشكيل أيام حياتنا
1


عاينتُ حدثا ؛ يبدو على أثره تشكلت سيرة حياتي مع الكائن المدعو " كلب " .
وأنا في صبابة الخامسة من العمر.
في أحد الأيام و"والدتي" رحمها الله غادية مع أحد الأزقة الترابية الخلفية لحينا؛
وهي تضع ملفعها المربّع على رأسها تتقي به حرارة بنت النهار المتوهجة
في يوم من أيام " يوليو " وقد كان النهار هادئ الجوانب رطبها.
ويدي متعلقة بثوبها وأجدُّ في الخُطى محاولة مني أن أكون بصفها .
وأكرر عليها الأسئلة . : أماه ؛ هل ستبتاعين لي الحلوى من الدكان ؟.
وهي تقول : أجل يا بني ؛ سنعرّج على الدكان .
وسأشتري لك الحلوى . فأفلت يدي من ثوبها
وأجري أمامها حتى يتعرّج الطريق .
ثم أرجع جريا كذلك وأقول أماه لم أر الدكان! .
هل هو بعيدا يا أماه ؟ فترد بصوت حاني :
لا تجهد نفسك ؛ سنصل إليه بعد قليل .
وعندما أقتربنا من الدكان ورأيته ركضت مسرعا . وسبقتها اليه .
كانت عيناني تلتهم ما على الرفوف من الاكياس الملونة .
والعلب الدائرية التي يغلب عليها اللون الأصفر.
أنظر لها وأنظر لأمي .
والرجل المسن الجالس على قطعة من قماش أظنها كانت سابقا باللون الأبيض.
كان يتوسط مدخل الدكان. وهو يتابعني ويبتسم .
وقفت أمي على مسافة من مدخل الدكان .
وحلّت صرّة كانت عاقدة عليها طرف خمارها . وأخرجت نقود معدودة .
هتفتُ أماه أنا من سيدفع أنا من سيدفع . ناولتي النقود وأعطيتها للرجل المسن
قال الرجل وابتسامته على حالها : ماذا تريد يا بطل ؟
قلت أريد حلوى .قالت أمي : أعطه أثنتين يا "أبا مصلح"
استدار وهو لا زال في مكانه ؛ وتغضنت جبهته وهو
يدسّ يده اليمنى في كيس ذا ألوان متعددة .
ناولني الحلوى . وأعاد لنا ما تبقى من المبلغ .
أخذت أمي إحداهما وصرّت عليها مع النقود وبقيت الأخرى في يدي.
استأنفنا سيرنا إلى الدار . وأمي تقول : هم المسير هم المسير.
وأنا أتذوق الحلوى وأتبعها من الخلف بخطى وئيدة ؛ لنشوتي بتذوق الحلوى .
وأولاد الحي تعج بهم الجادة الفاصلة بين الدور الطينية وصنادق الخشب .
فيما أنا على تلك الحال المنتشيئة بطعلم الحلوى.
تناهى إلى سمعي أصوات لم أحدد كنهها. أصوات سريعة متداخلة تقترب مني
بوتيرة متسارعة لم تمهلني بمعرفة الجهة التي هي قادمة منها فهي تضج في
كل الجهات . بينما كان صوت أمي بالكاد يصل إلى مسامعي .
لمحت الأطفال الذين كانوا يلعبون في الطريق يفرّون ويصرخون
بأصوات عالية وكأني بأحدهم الآن وهو يجر أخيه الصغير ويصرخ بأعلى صوته
بينما الصغير يتعثر ويسقط على الأرض .
وبعضهم قد رأيته يتسلق أحد الجدر . والصوت المفزع يضج به المكان من حولي .
وأمي تسير نحوي وتنادي عليّ .
بيد إن صوتها لم أعد أسمعه بفعل الضجيج المتنامي من حولي .
فإذا أنا بشيء لم أره من قبل!.
مايشبه كومة القش وبدأ لي أن الصوت يخرج منها.
تتدحرج وتثير الغبار بفعل حركتها اللولبية.
وبسرعة حركتها فصلت بيني وبين أمي التي قد أوشكت على الجري نحوي .
ما أن رأيتها فصلتني عن أمي إلا وتعثرتُ وسقطت على وجهي .
دخلت في دوامة من الإغماء . استعدت وعيي سريعا على يد أمي .
ورحت أجول ببصري في كل الأنحاء ؛ والذعر سيّد الحال.
فإذا بالأصوات قد خفتت والكومة اللولبية لم تعد في المكان!.
حتى شق ستار الصمت صوت أحد الأولاد وهو يقول : مات مات قتلته .
أدرت بصري فزعا ناحية الصوت الذي زادني رعبا على ذكر القتل والموت .
فإذا بالأولاد
يتراكضون ناحية ذلك الصبي ويحملون في أيديهم العصي الطويلة . نهضت بي أمي
ولكنها لم تكاد تسير بي خطوات حتى أنزلتني وقالت : سر على قدميك لا طاقة
لي على حملك .
تعلقت بثوبها بكلتا يديّ وهي تأخذ جانب الجادة . والصبيه
يلتفون حول جثّة كلب مسجى والدماء تملأ منه كل شيء وأسنانه ناصعة البياض بادية.
وأحدهم يقول : قتلته الكلاب الضالة المتوحشة .
ما أن رأيت وسمعت حتى انخرطت في بكاء للشهيق أقرب منه للبكاء المعتاد .
أكملنا باقي الطريق وأمي تحاول جاهدة اسكاتي دون جدوى .
ما أن وصلنا للبيت إلا وقد ارتفعت حرارتي وأزرقّت شفتاي
أصبت بقشعريرة في أطرافي . وصار أبي وأمي ينضحان الماء على جبهتي
وأنا أتنقل من حضن أمي لحضن أبي وظللت على هذا الحال
حتى ذهب أبي لصلاة العشاء . وجاء ومعه إمام المسجد وقد كان كفيفا؛
قرأ علي القرآن بعد أن قدّم له أبي وجبة العشاء .
كنت أقارن بين عصا الإمام وعصيّ الصبية الطوال
جلست على هذا الحال لأيام عدة . والإمام على هذا المنوال
وجبة العشاء وبعدها يقرأ علي القرآن . وكأنه اتفاق صامت .
مرّت الأيام وأنا أحمل ذلك الرعب من " الكلاب " في قلبي .
التحقت بالمدرسة وكنت اغدو وأروح مع أبناء الجيران حتى قال لي أحدهم يوما :
إن حائط النخل الذي نمر به في طريقنا إلى المدرسة . تسكنه الكلاب الضالة .
ما أن سمعت لقوله. إلا وعادت إليّ قشعريرتي السابقة. وكأنها لم تفارنقي يوما.
رفضت الرجوع من المدرسة إلى البيت إلا بمعية أحد المعلمين.
ومن يومها وأمي تصاحبني إلى المدرسة حتى أدخل من البوابة .
وتنتظرني في الظهيرة أمام باب المدرسة حتى البيت .
ظللت على هذا الحال حتى الصف الرابع . فقد ضقت ذرعا بتندر الأولاد بي .
وفي يوم صيف ؛ صحى حينا على سرقة حدثت في بيت أحد أثرياء الحي .
- الثري في عرف حيّنا هو من يمتلك بيتا كله من الطين.
لأن أغلب بيوت الحي
على هيئة بيتنا غرفة أو غرفتين من الطين سقفها من سعف النخيل
وثلاثة أرباع البيت من صفائح الخشب المعضدة "بالشينكو".
تلهب أجسادنا صيفا ؛ وتكسّر عظامنا شتاءَ.
أفاق الحي على ذلك الخبر أي خبر السرقة .
وتداول الناس على أثر الخبر : إشاعة مفادها أن دائرة التفتيش ؛
ستقوم بتجميع سكان الحي. وستعرضهم على الكلاب الشمّامة
محاولة منهم لمعرفة السارق .
ما أن سمعت الخبر : حتى أصبت بانتكاسة . ارتفعت درجة حرارتي.
وعاودني الرعاش في مفاصلي .
تسللت إلى سرداب في آخر الدار سرداب من الخشب لا يزيد ارتفاعه
عن المتر . مكوّمة به كراكيب مرعليها زمن طويل لم تمسها يد.
تضيق بالغبار والرطوبة والحشرات الزاحفة والبراغيث .
دخلته حبوا .
دفنت جسدي النحيل في الكومة .كابدت عناءَ رهيبا في ذلك السرداب .
الخوف من الكلاب ؛ يقطّع أمعائي والحشرات تنهش جسدي .
حتى عثروا عليّ قبل الغروب وأخرجوني من ذلك البرزخ.
كأن جسدي قد انتزع من قلب شجرة صبّار.
أمضيت ليلتي تنهش أظافري في جسدي المتجدر لكثرة ما امتص
من سموم الحشرات الزاحفة . فأصبحت كقربة ملئت بالهواء .
صارت أمي في كل ليلة تلف على يديّ بعض الخرق كي لا أنهش
جسدي وأنا نائم .
صارت الناس تبتعد عني لظنها أني مصاب بداء الجدري.
مضت الأيام وبدأتُ أتعافا وصارت الناس تأتلفني على مضض
الا أنه في أحد الأيام قال لي والدي :
أذهب إلى الجامع وصلّ فيه الظهر وستجد عمي " راشد "
أي عم أبي . وبعد الصلاة أيت لنا به كي يتغدا معنا .
ووصفه لي وصفا دقيقا. إلا إن أبي لم يقل لي أن عمّه ؛
ليس في كفّه الأيسرى إلا ثلاث أصابع! الأباهم ؛ السبابة ؛ الوسطى.
ولو أنه فعل ذلك لكان كافيا عن باقي الوصف الذي أخذ وقتا طويلا
وهو يردده على مسامعي.كي لا أخطئ وأتي برجل غيره .
فالمسنون البائسون في جامع حيّنا كثر.
:عم أبي رجل شارف على عقده الثامن ؛ ضعيف البصر ؛ ولا يعرف لبيتنا طريقا .
نفذت أمر والدي وذهبت إلى الجامع على استحياء
لأني أخشى أن يراني أحد أبناء أهل الدور المجاورة للجامع .
لأن لي معهم مناوشات لا تخلو من الكر والفر والسلب أحيانا.
اندسيت بين الصفوف وكأن على رأسي الطير. لا أدير وجهي في أي جهة كانت.
وكل ما أخشاه أن يعرفني أحد . فأقع في المحذور.
بدأ المصلون يتسللوم خارج الجامع.وأنا أعيد وأردد الأذكار
التي لم يسبق لي وأن رددتها بهذه الكثرة مثل ذلك اليوم.
يبدو أن الخوف المخيّم على مخيلتي.
لم يترك في رأسي شئا من وصف والدي لعمّه.
جلت ببصري وأنا مطئطئ الرأس بين من تبقى من المصلين.
لعلي أرى من بينهم ما يعيد لذاكرتي شيء مما قاله والدي من وصفه لعمّه
تسمرت عيناي على شيخ يسعل بشدة. حتى كاد وجهه أن يرتطم بأرضية
الجامع المرصوفة بالطين المسقى بالماء المالح من شدة السعال.
خشيت أن يكون هذا الشيخ هو عمّ أبي.
وهو بهذه الحال المزرية. نظرت إلى يمينه فوقعت عيني على شيخ آخر
قام بسحب ملاءة كان يطوّق بها منكبيه وربّعها كهيئة وسادة .
دار حولها وجعلها وسادة لشقه الأيمن.
في الطرف الأخر شيخان يتناجيان
بصوت جهوري لم يتضح لي من نجواهم . إلا أن حمّاد قد مات.
وكلمة الموت عندي مردافة لحال ذلك الكلب البائس ذو الأسنان الناصعة.
كادت الرعشة أن تعود بعد ذكر الموت وتخيّل حال الكلب.
إلا أني تمالكت نفسي وطردت عن رأسي تلك المنغصات. بالبحث عن مقصدي.
وجدتُ جدي في أقصى اليسار من الجامع وما نبهني إلى ذلك كلمة قد رمت بها أمي.
وأبي يصف لي عمّه حين قالت: في وجه جدّك " راشد " أثار الجدري.
ومثل أبي لم تتطرق أمي لذكر أصابع " جدي المقطوعة .
وكأنهما تحالافا على أن يصعّبا من مهمتي في البحث عن جدي " راشد "
تقدمت منه وعرفته بنفسي
فرح بي فرحا كبيرا ودعاء لي وأمسكت يده وخرجنا من الجامع .
الذي يفصله عن بيتنا أحد الأحياء ؛ وشارع رئيس .
ومع إن خطوات الرجل كانت وئيدة. إلا أني أحسست وأنا معه بالأمن من صبية الحي.
كانت كلماته وهو يمتدحني ويثني على والديّ . تخرج من جوف فمة بشكل عجيب.
إذ لفتت نظري : شفتيه وهي تغوص في جوف فمه ثم تخرج ثانية لتقذف بالكلمات.
مثل أكلي اللب حينما يستخلصونه من قشره . ولم أعلم أنها طريقة الكلام
عند من يفقد اسنانه عند الكبر. في أثناء ما نحن في الطريق .
تناهى إلى سمعي نباح كلب .
حاولت تجاهل ما أسمع إلا أن أعصابي بدأت تتوتر .
وبدأت أفقد أحساس كف جدي من يدي وذاكرتي تستثير
غبار ذلك اليوم والكومة اللولبية تقرع أجراس مخيلتي .
والكلب المسجى على جانب الطريق يتراءى ليّ وكأنه واقع معاش .
بدأت أضغط على يد الجد وأحث الخطى
والجد يلهث جاهدا لمجاراتي إلا أني أتباطأ خطواته وهو يقول :لا تستعجلني يا بني.
بيد أن النباح بدأ يكبر ويكبر ويقترب مننا.
والجد لا يعنيه ألا أن أبطئ في السير .
صار ثوبي كأنه يتخفف من جسدي
وماهي إلا لحظات و أفلتُ يدي من يد جدي وركبت الريح .
..

..


يتبع بحول الله

عقار
21-10-2012, 11:06 AM
سرد جميل

خوي الدرب
21-10-2012, 11:13 AM
سرد جميل
وحضورك كان أجمل أخي الفاضل

غموضي محيرهم
21-10-2012, 11:29 AM
حلو الموضوع وانتظرك تكمل اخوي

اجرام
21-10-2012, 11:44 AM
جميل وننتظر

بصمة قطرية
21-10-2012, 12:06 PM
إسلوب جداً رائع و مشوق
متشوقه لمعرفة بقية القصة ،،

intesar
21-10-2012, 12:28 PM
البقية أخي..
تشكر..

qrt_trading
21-10-2012, 10:35 PM
شوقتنا لباقي القصه تسلم على السرد الأكثر من رائع.

خوي الدرب
22-10-2012, 07:11 AM
حلو الموضوع وانتظرك تكمل اخوي
هلابك
وشكرا لانتظارك

خوي الدرب
22-10-2012, 07:12 AM
جميل وننتظر
جمّل الله حالك
وشكرا لانتظارك

خوي الدرب
22-10-2012, 07:13 AM
إسلوب جداً رائع و مشوق
متشوقه لمعرفة بقية القصة ،،
مرحبا بك
وشكرا لإطرائك

خوي الدرب
22-10-2012, 07:14 AM
البقية أخي..
تشكر..
إن شاء الله
والشكر لك موصول قبلا

خوي الدرب
22-10-2012, 08:22 AM
شوقتنا لباقي القصه تسلم على السرد الأكثر من رائع.
وتشكر أخي الفاضل على إطرائك

خوي الدرب
22-10-2012, 08:25 AM
..


..



وبالرغم من عرجتي التي تجعل من حركة جريي ؛
كمن يركض الهرولة على سبخة طمرت بالماء ؛
ألا أني وصلت للبيت في دقائق .
سألني أبي عن عمّه؟. قلت لم أجده في المسجد .
حدجني بنظرة وأعاد عليّ السؤال بصيغة التعجب!
فكررت ما أسلفت بحزم.
نظر إلى وجهي مليا وأنشأ سائلا ؛ هل داهمك أمر في الطريق؟.
وجهك يوحي بأن أمر قد حدث .
انكرت حدوث شيء غير معتاد .
وتحججت بصهد القائلة .
إلا أني لم أر في وجهه ما يوحي لي بأنه قد أخذ قولي
على محمل التصديق .
فقد هز منكبية وقلب شفتيه وكانت الريبة بادية على وجهه .
وضع الغداء . صحن من الأرز الأبيض وفنجان من السمن البقري.
بعد صلاة العصر رأيت أبي وعمّه يدخلان من باب بيتنا . فكرت في الأختباء ثانية
وقد كان ذلك السرداب حاضرا ولكن ؛ كيف لي ذلك ؟ وأبي وعمه إلآن يقفان أمامي .
: قال أبي لِمَ كذبت عليّ ؟
ولم تخبرني أنك تركت جدك في الشارع وحيدا ؟
أحتدت أوداجي استحضارا للبكاء . بيد أني لم أبك . تمتمت ."الكلاب" .
ما أن عرف أبي إن الأمر فيه "كلاب" ؛ حتى هدأت نفسه وتفهم وضعي .
أمضيت ليلتي يأكلني الخجل كل ما نهضت لحاجة في طريقها أمر بجدي .
***
كبر والدي وبدأ نظره يضعف بوتيرة متسارعة.
ولم تعد جهة عمله تسمح له بقيادة السيارة .
فوالدي أمضى في عمله ما يربوا على ثمانية عشرة سنة ؛
وهو سائق لإحدى الحافلات التي تقل الموظفين من مقر شركة النفط
في الدوحة إلى مدينة " دخان " النفطية والعكس .
قد كان لوالدي سابق خبرة في هذا المجال إذ تعلم قيادة السيارات
في شركة " أرامكو " في مدينة الظهران عمل بتلك الشركة ردح من الزمن
قبل أن يعود إلى أرض الوطن .
قال بعض الأصدقاء لوالدي إن في البحرين طبيب هندي يعالج قصر النظر.
ونصحه الأصدقاء أن يتوجه إلى هذا الطبيب.
سافر إلى البحرين ؛ وقابل الطبيب الهندي في المنامة .
أجرى له الطبيب عملية في عينه اليمنى ألا أنه رجع لنا لا يرى
ألا بنصف اليسرى. وللقارئ الكريم أن يتصور مصاب أسرة
بسيطة حل بعائلها الوحيد مكروه حين أذ.
أحالت جهة العمل والدي إلى شبه التقاعد مع أنه لم يكُ هنالك ما يعرف بالتقاعد.
ظلت جهة العمل تصرف له نصف المرتب الذي كان يتقاضاه.
إكراما لخدمته التي نافت على الثمانية عشرة سنة. وهو سائق لديها.
في الخامس من كل شهر أو السابع وفي بعض الأعياد في أول الشهر
بعد ما يتردد عدة مرّات على مقر الشركة .
يصرف له مظروفا بني اللون به دريهمات .
قد تقل وقد تزيد ألا أن الهامش ضئيلا في الحالتين .
بالجملة لا تكفي ألا لشوال من الأرز وصفيحة من سمن البقر المستورد؛
وصرة من البن ومثلها من الهيل ؛ وكيس من طحين البر.
وما يتفضل قد يكون كافيا لشراء ثوبا أو ثوبين أو بعض الحاجيات البسيطة.
أصيب والدي بالكمد والاكتئاب لكثرة ما كان يفكّر في حال بناته الخمس.
ضاقت اليد وعزت المطالب وشاخت الأماني .
وأبي لن يحتمل أن يرى بناته يلحق بهن العوز فهو مازال يلبي لهن حاجاتهن
بالميسور
مهما كلّفه الأمر من ضنك فأبي يعتقد أن بناته هن سبيله إلى " الجنة " ويجب عليه
إكرام مثواهن .
ذات ليلة وملأة الحزن والأسف بادية على محيا أبي؛ فاتحني بما يغض مضجعه .


..

..

يتبع بحول الله

ghanim911
22-10-2012, 08:53 AM
شوقتنا ياحبيب وشلونك عساك طيب ...
متااااااااااااابع بشغف

بوراشد82
22-10-2012, 03:56 PM
متابع من قلب

Store
22-10-2012, 04:02 PM
إسلوب جداً رائع

ahmaaaddd
22-10-2012, 06:05 PM
اسلوب أكثر من رائع

ها وتحمل تطول علينا اخوي خوي الدرب الله يحفظك

حمد بن خالد
23-10-2012, 09:17 AM
ماشاءالله

سرد جميل ومشوق


وفي انتظار البقية

:)